مجلة وفاء wafaamagazine
رأى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، في رسالة الجمعة، “أن البلد في حالة كارثية يرثى لها، ماليا ونقديا واقتصاديا ومعيشيا، وكل ذلك يعود لأسباب تتعلق بنتائج سياسة البلد التاريخية، والموقف اليوم عند الحكومة، التي يفترض عليها أن تتخذ قرارات مصيرية، خصوصا في ما يتعلق بأزمات الناس وجوعها وعدم قدرتها على الصبر أكثر من ذلك، ويجب أن تلتف لموضوع ودائع الناس التي تسيطر عليها المصارف وتتعامل معها بطريقة اقطاعية مخالفة للأخلاق والقانون ومن دون أي محاذير”.
وأكد قبلان “أن حماية البلد تكون بحماية الشعب، كما أن التعبئة العامة لحماية الناس من الوباء المستجد تفترض تعبئة عامة اجتماعية ومعيشية وإنقاذية، وليس انتظار الانفجار الشعبي الذي بدأ يثير مخاوفنا وقلقنا. إن أي إصلاح اقتصادي مالي أو نقدي، أو اجتماعي، لا بد أن يبدأ بالإصلاح السياسي، خصوصا في موضوع التعيينات بعيدا من المحاصصة ولعبة الأقنعة لأن البلد في القعر، ويحتاج إلى إنقاذ من جذوره بما في ذلك مواجهة المصارف التي تتعامل كمحتل وغاصب لثروات الناس”.
واعتبر “أن اللحظات التي نعيشها حاسمة لتحديد أي سلطة، وأي شعب، وأي علاقة بين الاثنين، كما أن قدرة الحكومة السريعة والضرورية على اتخاذ قرارات مصيرية بحماية الشعب هي أكثر إلحاحا وتأثيرا بطبيعة ومصير البلد. إننا نرفض بعد اليوم أي عذر يتعلق بحماية الأسواق من حيتانها والغلاء الهستيري للسلع، والتفلت المتعمد للتجار الذين يلعبون بأموال الناس، وسكوت السلطة المثير عن حالة التخريب الاقتصادي التي يمارسها التجار”.
ورأى أن “ما نعيشه اليوم هو محنة هائلة، وكارثة مدوية والضمير الأخلاقي قبل كل شيء، أصبح ضرورة ماسة جدا لإنقاذ البلد، والعودة إلى الله ممر إلزامي كي ننزع الصفة الوحشية عن عقولنا وقلوبنا، والتي عبرت عنها أكثر الكيانات المالية والتجارية، بل وكثير من القوى السياسية، بعدما انكشفت سياسة العالم عن فساد أكثر سياسي أهل الأرض، ووحشية تجارها، وقذارة حضارتها المادية. وهذا يفرض علينا كلبنانيين سلطة وقوى وكيانات أن نعود إلى الله، ونعمل ضمن هذا الهدي العظيم لأن الوسيلة الوحيدة لإخراج الإنسان من ظلمة الأنانية إلى نور الحق، والتعاون والتضامن، وإلى تعديل قرارات السلطة بما يناسب حق الشعب بإجراءات آمنة وإنقاذية تتناسب مع هول الكارثة التي يعاني منها شعبنا وناسنا وبلدنا ومصيرنا”.
وذكر بعهد أمير المؤمنين لمالك الأشتر لما ولاه على مصر قائلا: “وإياك والاستئثار بما الناس فيه أسوة، والتغابي عما تعنى به مما قد وضح للعيون، فإنه مأخوذ منك لغيرك، وعما قليل تنكشف عنك أغطية الأمور، وينتصف منك للمظلوم”. نعم الأغطية تكشفت، وانتصاف الناس من كل ظالم في هذا البلد قاب قوسين أو أدنى، فارحموا أنفسكم وارحموا الناس أيها المسؤولون وكونوا معهم في هذه المحنة الكأداء وإلى جانبهم وفي مواجهتها من خلال وقفة استثنائية ووطنية وتاريخية لعلها تبلسم بعض جراحاتهم وتكفر عما اقترفت أيديكم الآثمة والفاسدة والناهبة”.