الأخبار
الرئيسية / آخر الأخبار / “الهيركات” بالضربة القاضية والمعارضة ‏نحو”الإنعاش‎”‎

“الهيركات” بالضربة القاضية والمعارضة ‏نحو”الإنعاش‎”‎

مجلة وفاء wafaamagazine 

تحت عنوان “الهيركات” بالضربة القاضية والمعارضة نحو “الإنعاش” كتبت صحيفة “النهار” : ‎لم يكن اللبنانيون يحتاجون الى مناسبة او محطة وطنية او ذكرى لكي تتاح لهم المقارنات ‏بين ظروفهم القاهرة والشديدة القتامة راهنا والظروف التي رافقت وواكبت تلك ‏المحطات. ومع ذلك لا يمكن الانكار ان مرور الذكرى الـ 45 لتاريخ 13 نيسان 1975 امس ‏مرورا كاد يكون هامشيا لم يكن تفصيلا عابرا، اذ ان هذه الذكرى التاريخية لاندلاع شرارة ‏الحرب في لبنان بدت للمرة الأولى بهذه المقدار كأنها في المرتبة الخلفية لاهتمامات ‏اللبنانيين نظرا الى تفاقم الأوضاع المالية والاقتصادية والمعيشية في البلاد على نحو ينذر ‏باوخم العواقب وسط إجراءات التعبئة العامة والحجز المنزلي الذي تفرضه عاصفة الاجتياح ‏الوبائي لفيروس كورونا.


واذا كانت موجبات التعبئة والحجز المنزلي الإلزامي تبدو مرشحة ‏للاستمرار فترة إضافية غير قصيرة خلافا للانطباعات المتسرعة التي تحتاج الى تصويب ‏سريع لدى الذين يبنون تفاؤلهم على انخفاض عدد الإصابات بكورونا في حصيلة يوم ‏الاثنين، فان وقائع الازمة المالية والاقتصادية لا تقل تأزما واثارة للشكوك والحسابات ‏المتسرعة أيضا خصوصا متى انكشف الوضع الحكومي عن تخبط وارتجال وتضارب في ‏المصالح والحسابات بين القوى نفسها التي يضمها التحالف الحكومي. وبدا واضحا تبعا ‏للتطورات المتصلة بالخطة الحكومية الجاري استكمال نقاشها في جلسات متعاقبة لمجلس ‏الوزراء تعقد في السرايا برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب وستكون من ضمنها الجلسة ‏التي ستعقد بعد ظهر اليوم ان الحكومة وصلت الى الاصطدام بطريق مسدود حيال هذه ‏الخطة او اقله حيال نقاط حيوية فيها بسبب تفجر الملف الملتهب والمشتعل المتعلق بما ‏سرب عن الاقتطاعات المقترحة من ودائع اللبنانيين في المصارف أي اعتماد عمليات ‏الـ”هيركات”.


وتشير المعطيات التي اتضحت عقب موجة الرفض الواسعة التي شهدتها ‏الأيام الأخيرة لاعتماد عمليات “هيركات” او أي مس بالودائع في المصارف ان الحكومة لن ‏يكون في قدرتها المضي قدما في نقاش الخطة الموصوفة بانها انقاذية ما لم تلجأ الى ‏واحدة من خطوتين:
اما الإعلان بمنتهى الوضوح والشفافية اليوم عقب الجلسة وعلى لسان ‏رئيس الحكومة ما يبدد نهائيا وفي شكل حاسم كل الشكوك التي أثارها التسريب المقصود ‏الذي حصل لاقتراحات اعتماد الاقتطاعات من الودائع بما يهدئ موجات الرفض والحملات ‏الحادة التي شنت على الحكومة، واما تصويب هذا الخطأ السياسي والمالي والإعلامي ‏الفادح الذي ارتكبته الحكومة او جهات محددة فيها من خلال تصويب جدي وجوهري للخطة ‏يعيد النقاش الى محاور بديلة ومجدية وإسقاط أي بحث من شأنه الإيحاء بان تعويض ‏الإفلاس والانهيار سيأتي من طريق التضحية تكرارا بحقوق اللبنانيين البديهية. والحال ان ‏تراجع الحكومة او اضطرارها الى إعادة تصويب النقاش الحكومي الداخلي والنقاش العام ‏حول خطتها المالية لم يعد امرا احتماليا وانما تمليه أولا موجات الرفض السياسية والشعبية ‏الواسعة لمسألة الاقتطاعات المالية من الودائع.


وثانيا لان الحكومة باتت تواجه وضعا ‏داخليا شديد الهشاشة والاهتزاز عقب غسل معظم القوى يديها من تبعة الخطة وإعلان ‏ابرزها مواقف رافضة لها. وثالثا لان المفاعيل السياسية لهذه الخطة وخصوصا في ‏موضوع الـ”هيركات” أدت الى نشوء معالم إعادة التماسك والتنسيق وإنعاش تحالف ثلاثي ‏للمعارضة أطرافه الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ‏ورئيس حزب “القوات اللبنانية ” سمير جعجع. وتفيد المعطيات المتصلة بالموضوع الأخير ‏ان اتصالات وجهودا تجري لاحياء التحالف المعارض وتذليل عقبات سابقة باعدت بين ‏الأركان الثلاثة او بين بعضهم وتحديدا الرئيس الحريري وجعجع، وان الفترة المقبلة ستشهد ‏تسخينا لهذه الجهود نظرا الى الضغوط الكبيرة التي تملي إعادة ابراز وجود معارضة ‏متماسكة. ولا يقتصر الامر على الابعاد الداخلية اذ ان أي رهان على مساعدات خارجية او ‏دعم خارجي للبنان لن يكون مجديا ما لم تقم معارضة برفع الصوت الذي يحدث توازنا ‏سياسيا ويجعل الخارج يقدم الدعم لئلا تصبح صورة السلطة الأحادية اللون مختصرة للوضع ‏امام المجتمع الدولي.

وقد جاء موقف لـ”حزب الله ” امس على لسان نائبه علي عمار ‏ليشكل مؤشرا جديدا من المؤشرات المثيرة للتوجس حيال امكان خضوع الحكومة لضغوط ‏الحزب في الملف المالي والاقتصادي، اذ شن عمار هجوما شرسا على القطاع المصرفي ‏وحاكم مصرف لبنان بلغ حدود شيطنته تحت ستار دفاعه عن ودائع الناس. وجاء ذلك في ‏معرض مطالبة عمار الدولة بضرورة “وضع يدها على من استساغ ان ينال من ودائع الناس ‏عبر جمعية المصارف او غيرها خصوصا اذا ما أضفنا اليها دورا شيطانيا لما يسمونه حاكما ‏للمال في لبنان‎”.‎
‎ ‎
في كل حال وبعدما سقطت الـ”هيركات” بالضربة السياسية القاضية جاءتها ضربة أخيرة ‏نزعت عنها أي مظلة من خلال موقف رافض لرئيس الجمهورية ميشال عون اعلن عنه ‏عشية جلسة مجلس الوزراء اليوم. وفي هذا السياق أكدت مصادر مطلعة على موقف ‏الرئيس عون “انه ليس في وارد القبول بمسألة الهيركات وانه ابلغ المعنيين موقفه الرافض ‏منذ فترة لكنه لا يدخل في الجدل القائم حول هذه المسألة او في الحملات التي تستهدف ‏الحكومة لانه لا يتخذ مواقف شعبوية خصوصا ان موضوع الهيركات لم تطرحه الحكومة ‏ولم تقدم أي اقتراح في شأنه والهيركات ليست واردة عند الرئيس عون في المطلق‎ “.‎
‎ ‎
في كل حال، يشكل هذا اليوم يوما اختباريا دقيقا لقرارات حكومية تبدأ بالملف المالي ‏والاقتصادي وخطواته المقبلة ويستكمل بالقرار الذي سيتخذ حول مصير الرحلات الجوية ‏لاعادة اعداد من اللبنانيين الموجودين او المقيمين في الخارج بعد انتهاء المرحلة الأولى من ‏هذه الرحلات امس. وقد اكتملت المرحلة الأولى المقررة من الرحلات التي نظمتها شركة ‏طيران الشرق الأوسط بأربع رحلات نظمت امس من باريس ولندن وجدة وليبرفيل.

وبلغ ‏عدد اللبنانيين الذين أعيدوا عبر هذه المرحلة الأولى من الرحلات نحو 1845 لبنانيا، ذكر ان ‏مجموع المصابين منهم بحالات كورونا بلغ 25 مصابا فقط. وينتظر ان يبحث مجلس الوزراء ‏في تقويم نتائج هذه المرحلة واتخاذ القرار الملائم حيال ما اذا كانت الرحلات ستستمر في ‏مرحلة ثانية ام ستعلق او ستتوقف. وافادت معلومات ان القرارسيتوقف على موقف وزير ‏الصحة حمد حسن في ظل معطيات الوزارة عن حال الانتشار الوبائي في لبنان ولم يستبعد ‏بعض المصادر ان يتخذ قرار بتعليق الرحلات الجوية لفترة أسبوعين الا ان أي معطيات ‏مؤكدة لم تثبت بعد‎.‎
‎ ‎
وكان التقرير اليومي لوزارة الصحة سجل امس إصابتين فقط رفعتا مجمل عدد حالات ‏الاصابات المثبتة الى 632 إصابة فيما ارتفعت حالات الشفاء الى 80 حالة ولم تسجل أي ‏حالة وفاة. وعزت وزارة الصحة العدد المنخفض للإصابات امس الى ان اقفال معظم ‏المختبرات نهار الاحد علما ان مجموع الفحوص التي أجريت في اليوم السابق بلغ 240 ‏فحص. وحذرت الوزارة من انه يجب الانتباه الى ان الامر لم ينته بعد وواجب الجميع التزام ‏الإجراءات التي حددتها الوزارة والتي تندرج ضمن التعبئة العامة. وفي غضون ذلك خضعت ‏مدينة بشري طوعا للحجر والعزل الشاملين لليوم الثالث فيما اعلن مستشفى بشري ‏الحكومي نتائج 123 فحصا إضافيا بحيث بلغ مجموع الإصابات الإجمالي في قضاء بشري 64 ‏إصابة‎.‎