مجلة وفاء wafaamagazine
أطلق رئيس الحكومة حسان دياب أمس، مواقف غير مسبوقة ردّ فيها على الحملات الإعلامية التي تستهدف حكومته وتحمّلها مسؤولية الانهيار الحاصل. وفي تصويب دقيق، وجّه دياب إصبع المشكلة نحو السياسات المالية ولا سيّما سياسة مصرف لبنان، متوعّداً الجميع بأن «الدولة ستضرب بيد من حديد».
بدأ دياب كلامه بالقول إن «البعض يحاسب الحكومة وكأنها في الحكم منذ 73 شهراً بعد 73 يوماً من نيلها الثقة. لقد تسلّمنا الحكومة وفي البلد ما يكفي من الملفات المعقّدة في ظلّ ضعف الثقة، داخلياً وخارجياً، بالدولة اللبنانية. ثم جاء وباء كورونا… وأربك هذا الوباء الحكومة، وتبدّلت أجندة العمل، لأن حياة الناس أولويتنا. لكن ذلك لم يمنعنا من الاستمرار في مواجهة وباء الواقع المالي أيضاً».
وتابع إن «هناك من يصرّ على تعميق الأزمة المالية، فتدهور سعر صرف الليرة اللبنانية يتسارع بشكل مريب، وعلى الرغم من السلطة المحدودة للحكومة في التعامل مع هذا التدهور، على اعتبار أن السياسة النقدية منوطة بمصرف لبنان استناداً إلى قانون النقد والتسليف، إلا أننا نبذل جهوداً كبيرة لكبح جماح هذا التدهور».
ولم يوارب دياب في توصيفه مسؤولية سلامة، مؤكّداً أن «ثمة معضلة تتمثّل بغموض مريب في أداء حاكم مصرف لبنان إزاء تدهور سعر الليرة. يبدو دور مصرف لبنان إمّا عاجزاً أو معطّلاً بقرار أو محرّضاً على هذا التدهور الدراماتيكي في سعر العملة الوطنية».
من هنا، انطلق دياب ليقول إنه «لم يعد ممكناً الاستمرار في سياسة المعالجة في الكواليس. يجب أن يكون هناك وضوح ومصارحة مع اللبنانيين. يجب تغيير نمط التعامل مع الناس. لا يجوز أن تبقى هناك معلومات مكتومة عنهم، بينما يدفعون ثمن تداعيات هذه السياسة». ودعا بشكل مباشر «ليخرج حاكم مصرف لبنان وليعلن للبنانيين الحقائق بصراحة. ولماذا يحصل ما يحصل. وما هو أفق المعالجة. وما هو سقف ارتفاع الدولار، فاللبنانيون يعيشون في قلق…».
وسأل: «هل ما زال بإمكان حاكم المصرف الاستمرار بتطمينهم على سعر صرف الليرة اللبنانية، كما فعل قبل أشهر، ثم فجأة تبخّرت هذه التطمينات؟»، ثم ليجيب نفسه: «هناك فجوات كبرى في مصرف لبنان. فجوة في الاستراتيجيات، وفجوة في الصراحة والوضوح، وفجوة في السياسة النقدية، وفجوة في الحسابات».
وكشف دياب عن بعض الأرقام، فـ«الخسائر المتراكمة في مصرف لبنان، تتسارع وتيرتها، وقد ارتفعت 7 مليارات دولار منذ بداية هذا العام ولغاية منتصف شهر نيسان الحالي، من بينها 3 مليارات في الأسابيع الأربعة الأخيرة»، مشيداً بـ«القرار التاريخي الذي اتخذناه مع فخامة رئيس الجمهورية، بتكليف شركة دولية حيادية التدقيق الحسابي في مصرف لبنان».
وأضاف أن «السيولة في المصارف اللبنانية بدأت تنضب، ولذلك فإن المطلوب هو اتخاذ مبادرة والتصرف سريعاً. فالأرقام تكشف خروج 5.7 مليارات دولار من الودائع من المصارف اللبنانية خلال كانون الثاني وشباط من هذه السنة، ولا ندقّق في حجم الأموال التي خرجت، من مصرف لبنان والقطاع المصرفي، منذ أول آذار حتى اليوم».
وأعلن أنه تتم مناقشة «مشروع قانون يُلزم جميع مساهمي المصارف من الأشخاص الطبيعيين والمعنويين وأصحاب الحقوق الاقتصادية الحائزين بصورة مباشرة أو غير مباشرة على ما لا يقلّ عن 5% من رأسمال أي مصرف عامل في لبنان وجميع الأشخاص الذين يشغلون مناصب في الإدارات العليا للمصارف، والأشخاص الذين تبوأوا مراكز سياسيّة أو إداريّة أو قضائيّة أو عسكريّة في الدولة اللبنانية أو في الإدارات العامة أو المصالح العامة التابعة للدولة اللبنانية، إعادة جميع الأموال المحوّلة من قبلهم أو بناءً لطلبهم إلى الخارج بعد تاريخ 17/10/ 2019 والتي تفوق مبلغ 50 ألف دولار، والتي تم تحويلها بواسطة هذه المصارف، تحت طائلة بطلان عمليات التحويل، والملاحقة الجزائية بجرائم تهريب الأموال والإثراء غير المشروع». وأكد أن «الإسراع بإقرار الخطة المالية بات ضرورة ملحّة في القريب العاجل، فكلما تأخّرنا في اعتماد هذه الخطة، كلما زادت صعوبة تحقيق الإنقاذ المالي. هذه الخطة، التي ناقشناها مع ممثّلي مختلف القطاعات التي تمثّل معظم شرائح المجتمع اللبناني».
وتوجّه دياب إلى «اللبنانيين الذين يطالبوننا بالتغيير، وبالمحاسبة الثورية، وبمصادرة أموال البعض لمصلحة الدولة، وزجّ البعض الآخر بالسجون»، مشيراً إلى أن «هذه الحكومة ليست محكمة ثورة، والتغيير يحصل فعلياً من داخل آليات النظام القائم، والمحاسبة قائمة تحت سقف القانون، والمرتكبون سيدخلون إلى السجن حتماً، بهمّة القضاء اللبناني، الذي نعوّل عليه ليكون عند مستوى تطلّعات اللبنانيين، بتحقيق العدالة ومحاسبة المرتكبين».
وبعد حديثه عن مواجهة وباء كورونا، وجّه دياب رسالة بلهجة عالية إلى «الذين يعتقدون أننا سنتفرّج عليهم وهم يحفرون الكمائن، ويخطّطون للانقلاب عبر سلب الناس أموالهم مرة ثانية برفع سعر صرف الدولار الأميركي»، قائلاً: «فليسمعوني جيداً: لن نسمح ولن نتهاون في قمع كل عبث بالاستقرار المالي، لأن هؤلاء العابثين يريدون انهيار البلد، وهزّ استقراره، لحماية أنفسهم ومصالحهم على حساب مصلحة لبنان واللبنانيين، الدولة ستضرب بحزم، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون».
الأخبار