الرئيسية / سياسة / الخطة الحكومية “أدّت وظيفتها”: التشخيص لنا ‏والقرار لصندوق النقد ‎ ‎ ‎ ‎

الخطة الحكومية “أدّت وظيفتها”: التشخيص لنا ‏والقرار لصندوق النقد ‎ ‎ ‎ ‎

مجلة وفاء wafaamagazine 

 بعد غد سيعقد اجتماع بعبدا بمن حضر. وبالرغم من التوتر الذي ساد خط رئاسة الجمهورية ــ ‏كتلة المستقبل، إلا أنه لن يكون له تأثيره على مسار الاجتماع. في الأساس لا وظيفة تقنية ‏لهذا اللقاء أو تأثير على مسار الخطة الحكومية. أدّت الحكومة قسطها، وبات القرار بيد ‏صندوق النقد‎!‎
‎ ‎
تحوّل الاجتماع التشاوري الذي دعا إليه رئيس الجمهورية يوم الأربعاء إلى مادة للهو ‏السياسي. لم تعد الخطة الاقتصادية التي أقرّتها الحكومة هي الحدث. “المعارضة” أخذت ‏النقاش إلى مكان آخر. كل من أركانها تدلل، ساعياً إلى إفراغ الاجتماع من مضمونه. الأساس ‏أنه إن كان رئيس الجمهورية يريد أن يعطي مشروع الحكومة الغطاء السياسي، فإن في ‏المقابل من حسم أمره بمواجهة الحكومة والعهد معاً. وتحت هذا العنوان، لن تُترك فرصة ‏من نوع الاجتماع التشاوري من دون استغلالها في الصراع السياسي الذي يحتدم يوماً بعد ‏آخر. لكن المشكلة أن ضحالة السياسة سمحت بأن يتحول اجتماع شكلي إلى حدث أول في ‏بلاد تغرق في مآسيها‎.‎
‎ ‎
تُقرأ مبادرة رئيس الجمهورية على أنها لزوم ما لا يلزم، بعد إقرار الخطة. ربما كانت مفيدة ‏أكثر قبل إقرارها. هذا رأي كتلة المستقبل، أو حجتها لعدم الحضور. على الأقل كان رئيس ‏الجمهورية، كما رئيس الحكومة، قد تخفّفا من ثقل قرار الارتهان لصندوق النقد الدولي، ‏بحجة أن الأغلبية تريد هذه الخطوة. كان ذلك سيقلل من حدة الاستدارة التي وصلت في ‏النهاية إلى توقيع رئيس الحكومة ووزير المالية طلب برنامج إنقاذي من الصندوق‎.‎


عدم مشاركة المستقبل في اللقاء ليس مفاجئاً. المفاجأة ستكون في مشاركته. الحريري، أو ‏من ينوب عنه، سيكون شاهد زور على خطة أُقرّت، فكان الانسحاب. لكن المشكلة في ‏انتقاد فكرة الاجتماع بذاتها. اجتماع رؤساء الكتل النيابية تكرر مراراً أيام كان الحريري في ‏رئاسة الحكومة، ولم يُسمع منه اعتراض أو انزعاج. الظروف تغيّرت. اليوم، والحريري خارج ‏السلطة، صار اجتماع كهذا في خانة الاعتداء على صلاحيات رئاسة الحكومة وعلى النظام ‏البرلماني برمّته. تلك الفكرة نفسها التي يغزل عليها المستقبل في هذه المرحلة. كانت ‏البداية الأوضح في بيان رؤساء الحكومة السابقين. وها هي كتلة المستقبل “تلفت الانتباه ‏الى ممارسات وفتاوى سياسية وقانونية تتجاوز حدود الدستور، لتكرّس مفهوم النظام ‏الرئاسي على حساب النظام الديموقراطي البرلماني‎”.‎


ذلك استدعى رداً من رئاسة الجمهورية ثم رداً على الرد من المستقبل. الأول أعاد تأكيد أن ‏الهدف من الدعوة هو الاطلاع والتشاور في مسألة تهمّ جميع اللبنانيين، بعيداً عن “تضليل ‏المستقبل” و”منطقه الأعوج”، كما وصفت الرئاسة بيان المستقبل. الكتلة رأت أن ردّ رئاسة ‏الجمهورية يقدم مادة إضافية للشكوك التي تحيط بالدعوة إلى الاجتماع‎.‎
‎‎ ‎
حفلة الردود تلك لم تُلغ حقيقة أن الخطة الحكومية قد سلكت طريقها من دون أي اعتراض ‏جدي من مختلف الكتل، إن كانت في الحكم أو في المعارضة. حتى اعتراض الحريري ‏محدود، ويقع في إطار رفض المنظومة المصرفية لقرار إعادة هيكلتها. تدرك أن الخسائر ‏المحققة في القطاع تفرض إعادة هيكلته، كي لا يكون الإفلاس مصيره الحتمي، لكنها ‏تسعى لكي يكون الحمل على غيرها‎.‎


صندوق النقد لا يهمه من يتحمّل الكلفة. من يعمل مع الصندوق يدرك أن أولويته ليست ‏الاقتراحات للخروج من الأزمة بل تشخيصها وتشخيص مسبباتها، وفق رأيه، لا وفق مصلحة ‏لبنان. مرحلة التنفيذ تلك قد تعدّل داخلياً وخارجياً، لكن التشخيص هو محور الاهتمام. ‏بحسب مصادر مطلعة، فإن ردود الفعل الدولية على الخطة كانت إيجابية. مسؤولون في ‏صندوق النقد رحّبوا بجرأتها، والترحيب شمل أيضاً البنك الدولي ومصارف أميركية. الحديث ‏هنا يطال تحديد خسائر مصرف لبنان وخسائر المصارف، ومكامن الخلل في المالية العامة، ‏وخسائر تحديد سعر الصرف والهندسيات المالية‎…‎


من هذا المنطلق، ليس مهماً اعتراض جمعية المصارف، وليس مهماً اعتراض المستقبل ‏على إعادة هيكلة مصرف لبنان والقطاع المصرفي. الأولوية للتشخيص، الذي يبدو أن ‏الحكومة “نجحت في تحديده”، في نظر عاملين مع صندوق النقد‎.‎


لكن ماذا بعد؟ من المبكر الحصول على رأي الصندوق بالإجراءات المقترحة، وإن تتضمن ‏الخطة الكثير من مطالبه. لكن إلى ذلك الحين المطلوب من قبل الصندوق إجماع سياسي ‏يضمن التزام لبنان، بصرف النظر عمّن يحكم اليوم أو غداً، بإملاءاته‎.‎


بهذا المعنى، وبصرف النظر عن اجتماع بعبدا أو رأي الأفرقاء السياسيين بالخطة، فقد أدت ‏الغاية منها، وصار للسلطة تشخيصها للواقع، الذي على أساسه ستبدأ التنفيذ. وهنا ليس ‏ضرورياً ما تتضمنه الخطة من اقتراحات. الصندوق سيأخذ منها ما يناسبه ثم يفرض ما يشاء ‏فوقها. ذلك كان سبباً في عدم إقرار تحرير سعر الصرف على سبيل المثال. لماذا تفويت ‏الإجماع على الخطة، إن كان التحرير سيكون حتمياً، إن بقرار حكومي أو بقرار دولي؟


على صعيد آخر، يجري البحث في إمكان تعيين محافظ لبلدية بيروت، خلفاً لزياد شبيب الذي ‏انتهت فترة انتدابه من القضاء الإداري، إضافة إلى تعيين رئيس مجلس الخدمة المدنية. ‏ويجري إعداد طبخة التعيين وفق المعتاد: محاصصة سياسية – طائفية. رئيس الجمهورية ‏يريد التجديد لشبيب، على قاعدة نقله من ملاك القضاء إلى الملاك الإداري. هذا التوجه ‏يعارضه رئيس الحكومة حسان دياب، ووزير الداخلية محمد فهمي. دياب يقترح تعيين ‏مستشارته بترا خوري خلفاً لشبيب. وفي رئاسة مجلس الخدمة المدنية، يريد عون تعيين ‏أحمد عويدات. وبحسب معلومات “الأخبار”، لن يقبل دياب تعيين عويدات إذا لم تُعيّن ‏خوري محافظة لبيروت‎.‎


متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة أُدخل، كالعادة، على ‏خط التعيين في المحافظة. وسيرعى اليوم اجتماعاً يضم النواب الأرثوذكس وبعض ‏الشخصيات السياسية للبحث في التعيينات. وبحسب مصادر مطلعة، فإن هدف الاجتماع ‏الرئيسي يتمحور حول اتخاذ قرار حاسم بشأن التمديد لشبيب أو عدمه، خصوصاً أن المطران ‏‏”يرفض الحملة التي تستهدف شبيب، والتي يقوم بها بعض أعضاء بلدية بيروت لأسباب ‏شخصية، من بينها الخلاف الناشب بينه وبين رئيس البلدية جمال عيتاني حول الصلاحيات”. ‏في اللقاء الأخير بين عودة وفهمي، عبّر الأخير عن رفض الحكومة التمديد لأي موظف. لم ‏يُبدِ المطران أي اعتراض، رافضاً في الوقت نفسه ما يصفه المقرّبون منه “التعدي على ‏صلاحيات أبناء الطائفة وفرض مرشحين عليها”. وسأل عودة وزير الداخلية عمّا إذا كان ‏يملك أيّ ملف فساد يدين شبيب، فنفى فهمي الأمر. فقال عودة، وفقاً للمصادر: “إذا كان ‏المحافظ مخالفاً ينبغي مقاضاته ومحاسبته وصولاً الى إدخاله السجن عوضاً عن الاكتفاء ‏بتغييره أو تعيينه في موقع آخر‎”.‎


من جهة أخرى، نفذ متظاهرون اعتصاماً أمام وزارة الداخلية قبل يومين، للمطالبة بتغيير ‏شبيب ورفض “التمديد له”، متّهمين إياه بالتورط في ملفات فساد أبرزها “منح صاحب ‏منتجع الإيدين باي رخصة بناء غير مستوفية للشروط‎”.‎

 

 

 

الأخبار