مجلة وفاء wafaamagazine
إستفاض “دولة” الرئيس حسّان دياب في تعداد ما يعتبره “إنجازات ماراتونية”، فيما الواقع على الأرض مغاير لهذه الإستفاضة، التي لم تقنع اللبنانيين أولًا، ولا صندوق النقد الدولي ثانيًا، ولا الدول الشقيقة والصديقة ثالثًا، ولا قسمًا من الوزراء رابعًا.
وما إعتبره “إنجازات” لم تتحقق في الحكومات السابقة وضعه آخرون في خانة “فقاقيع الصابون”، أو بالأحرى إنجازات ورقية، فيما المطلوب إنجاز واحد فقط لا غير يريح اللبنانيين ويهدىء من روعهم، ويبعد عنهم شبح القلق والخوف المستدامين، وبالتالي لا يمكن إيجاد علاج لهما بالكلام فقط، على رغم العسل “المشطشط” منه، لأن في مقابل ما يراه دياب إنجازات هناك ألف سبب وسبب للقلق والخوف، لأن المواطن اللبناني لم ير من هذه الحكومة حتى اليوم سوى كثرة الكلام، وأيضًا الكثير من “التمنين” بأن الفضل في السيطرة على الـ”كورونا” كان بفضل الحكومة.
أمام ما يُسمّى “إنجازات” هناك الكثير من النواقص والخطوات، التي كان يجب أن تقدم عليها الحكومة ولم تفعل، لأنها بكل بساطة غير قادرة، وهناك فرق شاسع بين الرغبة والقدرة. ومن بين الخطوات التي كان على الحكومة أن تنجزها ولم تنجز نعدّد الآتي:
– كان في إمكان الحكومة أن تسير بالتشكيلات القضائية كما هي، وكما جاءتها من مجلس القضاء الأعلى، الذي وضعها وفق معايير مهنية وأخلاقية، وليس وفق ما يناسب الأفرقاء السياسيين، الذين أنهكوا القضاء على مدى سنوات نتيجة تدخلاتهم المستمرة والفاقعة. فلو فعلت الحكومة منذ أن وصلتها هذه التشكيلات لكانت سجلت في خانتها نقطة إيجابية لا غبار عليها، ولكانت حظيت بتصفيق الجميع. أما أنها لم تفعل فكل ما يقال عنها من هذا القبيل يبقى قليلًا ومقصّرًا.
– بدلا من أن يصبّ رئيس الحكومة جام غضبه على حاكم مصرف لبنان رياض سلامه، الذي ردّ عليه بالأرقام والوقائع وبالعلم اليقين، كان الأجدى بالحكومة أن تعيّن نوابًا للحاكم وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف، وعدم الدخول في “بازار” المحصصات والمحسوبيات. فالحاكم لا يزال حاكمًا، ونوابه القدماء لا يزالون في مكانهم، فيما الحكومة تتلهى بما لن يؤدي إلى أي نتيجة مرتجاة.
– كان يمكن للحكومة أن تتخذ تدابير، ولو مؤقتة، للجم تصاعد الدولار الصاروخي، بدلًا من أن تترك المواطنين عرضة لجشع تجار الدولار.
– لم تتخذ الحكومة أي خطوة إجرائية للجم اسعار السلع الإستهلاكية، التي وصلت إلى أربعة اضعف، فيما القيمة الشرائية لليرة في تدهور مستمر.
– لم تكّلف الحكومة نفسها للتدخل لمنع سرقة اللبنانيين عن طريق فتح المجال لتجار موتورات الكهرباء، إذ أن التيار الكهربائي لا يصل إلى المنازل سوى ساعات محدودة.
– لم تقدم الحكومة على أي خطوة لمنع تهريب المازوت والطحين إلى سوريا عبر المعابر غير الشرعية، إذا سلمّنا جدلًا أن موضوع مراقبة هذه المعابر وضبطها أكبر منها، وهي في هذا المجال كجحا مع خالته.
– لم تفعل الحكومة أي شيء بالنسبة إلى موضوع الكهرباء الذي يستنزف الخزينة اللبنانية والمكلف اللبناني، ولا يزال موضوع تعيين هيئة ناظمة للطاقة، وكذلك تعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان في مهب الريح والتجاذبات السياسية، التي دخلتها الحكومة من بابها العريض.
وبما يشبه الإعتراف بعجز حكومته، بعدما إستفاض في ضخ الحياة في شراينها الجافة، قال دياب: “لا تستقيم علاقة الثقة بين المواطن والدولة إذا كانت الدولة تأخذ ولا تعطي. الدولة تأخذ الرسوم والضرائب، لكن، ماذا قدمت للناس؟ كهرباء مظلمة! مياه ملوثة! شوارع غير نظيفة! استشفاء غير مجاني! فساد في الإدارة! فساد في السياسة! هدر في المالية العامة! مشاريع فاشلة! سمسرات فاجرة! طرقات غير سوية! غلاء فاحش! تلاعب مجرم بسعر الليرة!”
لو إنصرف رئيس الحكومة إلى معالجة نصف المشاكل التي عدّدها لكانت حال اللبنانيين اليوم أفضل بكثير. أما أنه إكتفى فقط بالتعداد “والنق” فإن لسان جميع اللبنانيين يقول لحكومة “مواجهة التحديات”: “لم نرَ أسوأ من هذه الأيام”.