مجلة وفاء wafaamagazine
أَم مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، المصلين صبيحة عيد الفطر، في الجامع المنصوري الكبير، في طرابلس، مع اتباع التباعد الاجتماعي بين المصلين، في حضور رئيس بلدية طرابلس رياض يمق وهيئات محلية.
وقال الشعار في الخطبة: “رحلة إيمانية معدودة الأيام والساعات محدودة الزمن أسرع من البرق عطاؤها كبير، ونتائجها عظيمة لا تقارن بالتعب ولا بالسهر والإمساك، وهذه من صفات هذه الشريعة السمحة. الثواب الكبير على العمل القليل، فقيام ليلة القدر خير من عبادة ألف شهر، ومن قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن تقرب فيه بخصلة من الخير، كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، والصبر فيه ثوابه الجنة”.
وأضاف: “هذه الرحلة الإيمانية العظيمة لو علم الناس ما فيها من ثواب وأجر ومغفرة وعتق من النار، لتمنوا أن تكون السنة كلها رمضان، هذه الرحلة سيبقى خيرها معنا حصنا لنا وزادا وبركة، وسيبقى نورها يضيىء أمامنا الطريق حتى نلقاه وهو راض عنا. هذا الشهر الكريم انقضت أيامه وساعاته وسيبقى نورا وهداية ورحمة لنا ولمجتمعنا وأمتنا، اكتسبنا فيه من الأخلاق والقيم والصبر والقدرة على مقاومة الصعاب ما من شأنه أن يجعلنا أمة مباركة تعتز بدينها وقيمها وأخلاقها”.
وتابع: “صحيح أن رمضان صحبته ظروف قاسية غلاء ووباء وانفجارات تكررت، ولكن خيراته وبركاته وعطاياه كانت دواء وشفاء وغذاء وراحة وبلسما، وهنا لا بد لي من أن أخص بالتحية والذكر والدعاء دولة الإمارات العربية المتحدة التي قدمت ثلاثين الف حصة غذائية وكذلك المملكة العربية السعودية التي قدمت ما يقارب هذا العدد، 26 الف حصة غذائية، ثم دولة الكويت الشقيقة وكل ذلك كان عبر سفرائها الأفاضل مع بعض المساعدات المالية وكله كان عبر دار الفتوى في بيروت وطرابلس. صحيح أن الحاجة كبيرة في الشمال ولكن المسؤولية الأولى والأخيرة تقع على كاهل الدولة، نعم المسؤولية الأساسية تتحملها الدولة، فالضمان الصحي العام ينبغي أن تؤمنه الدولة لأبنائها، والتعليم المجاني حتى نهاية المرحلة الجامعية يجب على الدولة أم تؤمنه لكل ابنائها عبر المدارس والجامعات، والنقل المشترك المحلي وعبر المحافظات ومدن الدولة مهمة الدولة”.
وقال: “لا أنكر دور الجمعيات الأهلية والخيرية والدولية التي تشتد الحاجة إليها عند الأزمات، والشعب ينبغي أن يعي هذه الحقائق وأن يحسن المطالبة بحقوقه المدنية والإنسانية والمواطنية، كما عليه أن يتبرأ من كل أنواع التخريب والتكسير والاعتداء على المؤسسات العامة أو الخاصة وقطع الطرقات. إن الاعتداء على مطلق مؤسسة مصرفية أو تعليمية أو تجارية لا يتفق مع قيمنا الدينية ولا الوطنية ولا الإنسانية. ايها الثوار لا تكونوا صورة سلبية عن مدينتكم طرابلس، أخرجوا من صفوفكم عناصر الطابور الخامس الذين جاؤوا لتشويه سمعة المدينة وأبنائها. وهنا أريد أن أتوجه بتحية إلى الجيش، قائدا وضباطا وعديدا، وتحية إلى قوى الأمن الداخلي وسائر الأجهزة، وكلنا يعلم سهركم وحراستكم لأمن المدينة وأبنائها، وإذا قلت لكم أننا بحاجة إلى حزم أكثر فالأمن يحرس المتظاهرين وليس غير ذلك، عنيت المخربين أو المعتدين على الأملاك الخاصة والمؤسسات، غير مقبول ما حدث من تخريب وتكسير وعلى مرأى ومسمع رجالاتكم”.
وأضاف: “القانون يحمي المتظاهرين ونحن معهم والقانون يمنع التخريب والتكسير والإحراق ونحن نطالبكم بأن تحزموا أموركم، ولا يجوز أن يعود التسيب إلى المدينة وشوارعها ولا أن تستباح الحرمات ولا بيوت المسؤولين، الحكمة مطلوبة ونعلم حرصكم وممارستكم لها، لكن كما قال النبي: فسددوا وقاربوا”.
وختم الشعار: “إذا كانت الأيام شديدة وقاسية وصعبة فلا يجوز أن نعدم الابتسامة والوعي والوقوف إلى جانب أهل بلدنا، والموضوع صعب وشاق ومسؤوليته عند الدولة أولا وقبل كل شيء، لكن الكلمة الطيبة صدقة وابتسامتك في وجه أخيك صدقة، وحذار نهر اليتيم وصده، فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر، وصدقة الفطر تعين وتسد والزكاة تكفي وتشفي ويبقى فائض عن الحاجة، ولو أتقن كل من وجبت عليه الزكاة إخراجها وأداءها وسدادها لسدت أبواب الحاجة عند الكثير من أهل بلدنا، أنفقوا ولا تخافوا، وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه، واعلموا أن الصدقة تطفىء غضب الرب كما تطفىء الماء النار”.