مجلة وفاء wafaamagazine
قدّم الأمين العام لحزب الله مطالعة تاريخية سياسية تناول فيها جوانب مهمة من الصراع مع العدو، ولا سيّما محطة التحرير، وكذلك الوضع في سوريا وفي لبنان على مستوى الصراع مع العدو والوضع الداخلي، مؤكّداً على ثوابت المقاومة ومعلناً أنه يجب أن يكون تحويل كل الصواريخ إلى دقيقة هدفاً للمقاومة
قدّم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، مساء أمس، إطلالة حول تحرير الجنوب في الذكرى العشرين لانسحاب جيش العدو الإسرائيلي من لبنان، مطلقاً سلسلة مواقف مهمة على صعيد الصراع مع العدو، وملامساً الملفات الداخلية اللبنانية.
وأكّد نصر الله في بداية مقابلة بثت أمس على إذاعة «النور» أن «الروح التي انتصرت على العدو ما زالت موجودة وثقتنا كبيرة جداً بالمقاومين وببيئة المقاومة. ورغم كل محاولات سلخ المقاومة عن بيئتها، سيبقى الجانب الروحي في صلب ماهيّتها». وتحدّث كيف أن بني غانتس، وزير الحرب الإسرائيلي اليوم، لديه تجربة كبيرة من الخيبة في جنوب لبنان خلال فترة الاحتلال، فهو من أقفل البوابة في 24 أيار عام 2000.
وشرح بعضاً من ظروف الاجتياح الإسرائيلي وأهدافه في لبنان، ولا سيّما إيصال بشير الجميل إلى الحكم وتوقيع اتفاق سلام مع العدو، مؤّكّداً أن المطلوب وقتها كان أيضاً إخراج الفلسطينيين إلى الأردن ودفعهم للصدام مع الملك الهاشمي وإسقاطه، ليكون الأردن وطناً بديلاً.
وتوجّه إلى الأردنيين بالقول إن «إسرائيل كانت تتآمر على الأردن عام 1982، واليوم تتآمر عبر صفقة القرن، وما زال مشروع الوطن البديل للفلسطينيين في الأردن قائماً».
وأكد أن الكيان الإسرائيلي «إلى زوال لأن هذا الكيان طارئ ومصطنع، ونحن نرى أن لا إمكانية لبقاء غدة سرطانية تقوم على أساس عنصري وإرهابي في المنطقة، والموضوع موضوع وقت»، مؤكداً أن «مشهد الإسرائيليين يحزمون حقائبهم ويغادرون هو قطعي».
وذكّر بأن الانسحاب الإسرائيلي عام 1985 نحو الشريط الحدودي المحتل لم يكن منّة من إسرائيل، بل بفعل ضربات المقاومة وأن «فكرة الإسرائيلي كانت أن ينسحب هو إلى الحدود الفلسطينية وأن يبقي جيش لحد ليقاتل المقاومة، وبذلك يحوّل الحرب الى أهلية، لكن انهيار جيش لحد كان مفاجئاً لجيش العدو».
وعاد نصر الله إلى أداء المقاومة بفصائلها المتعدّدة بعد التحرير، والذي جنّب لبنان حرباً أهلية طائفية خطّط الإسرائيلي لإشعالها، مؤكداً أن البيئة الاستراتيجية اليوم ليست لمصلحة العدو، إنما هناك حالة من التوازن، وأن القادة الذين صنعوا انتصار 2000 أغلبهم لا يزالون على قيد الحياة، و«المقاومة والعدو يملكان القدرة على المبادرة، لكن نتيجة التوازن بينهما يحسبان كل الحسابات».
وتوجّه نصر الله إلى العدو بالقول إن «كل الحدود هي دائرة الأمان عندما تعتدي علينا»، مؤكداً أن إسرائيل تبحث عن وسائل لتعمل من دون بصمة، كما فعلت في الضاحية الجنوبية بمسألة المسيّرات. وقال إن ما يحمي لبنان اليوم هو الردع ، وهذا ما هو واضح في سلوك العدو».
إسرائيل تتآمر على الأردن عبر صفقة القرن وما زال مشروع الوطن البديل للفلسطينيين قائماً
وحول الملفّ السوري، أكد أن العدوّ كان يأمل إسقاط النظام السوري وتمزيق الجيش السوري وعودة حزب الله مهزوماً إلى لبنان. لكن أمام العجز وفشل إسقاط سوريا، ذهب العدو الى المعركة بين الحروب في سوريا، وهو دليل على عدم أمله بالانتصار في سوريا، والرهان على الجماعات المسلحة في سوريا بالنسبة إلى العدو سقط، لذلك لجأ الى قصف هنا وهناك ووسائل نقل بين الحدود.
وأكّد أن الإسرائيلي لم يُخطئ في الضربة الأخيرة على الحدود اللبنانية ــــ السورية، «هو لم يكن يهدف إلى قتل شبابنا، لذلك أرسل إنذاراً قبل أن يضرب وهذا جزء من قواعد الاشتباك، لذلك هو حريص على أن لا يقتل. فالمعادلة اليوم أننا نردّ على العدو إذا قتل أيّاً منا في أي مكان».
وأشار إلى أن سوريا اليوم تختار المعركة، وهي لديها طاقة للتحمل والصبر له سقف عند القيادة السورية، ولكن قد يذهب العدو إلى أن يرتكب حماقة تُفقد صبر السوري وتؤدي الى الحرب الإقليمية.
أما حول المسيّرات، فأكد أن هذا الشكل من الاعتداء انتهى، والعدو لم يرتكب مثل هذا الاعتداء مجدداً، و«المعادلة التي أطلقتها المقاومة لا تزال قائمة بإسقاط المسيّرات الإسرائيلية في أي مكان من الأراضي اللبنانية».
وفي ما خصّ القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان «اليونيفيل»، قال متوجّهاً إلى الدول الغربية وإسرائيل، إن «أحببتم تقليل عديد الجنود قلّلوه. إن بقاء العدد أو زيادته هو مطلب إسرائيلي، وهذا لا يعني أننا ضد بقاء اليونيفيل، لكن التغيير في المهمة يمسّ بالسيادة اللبنانية، الزمن الذي يُستضعف فيه لبنان انتهى». أضاف نصر الله: «إذا أرادوا رحيل اليونيفيل، فلترحل، وإذا أرادت البقاء، فلا مشكلة لدينا».
ورداً على سؤال الزميلة بثينة علّيق حول الصواريخ الدقيقة التي سبق له أن صرّح بأن المقاومة لن تتوقّف عن صنعها وتزيد منها كلّما اشتكى الأميركون أكثر، وعمّا إذا كانت ستتحول بمعظمها إلى دقيقة، قال نصر الله إنه «يجب أن يكون هذا هدف المقاومة».
وحول التطورات الأخيرة في لبنان والنقاش الداخلي، استحضر نصر الله تجربة السيد موسى الصدر وما قاله في جلسة داخلية، إن «الطبقة السياسية من أجل أن تحمي امتيازاتها ليس لديها مشكلة في الحرب الداخلية، وأغلب السياسيين ليس لديهم قلب»، مؤكداً أن «عدم ذهابنا إلى حرب داخلية ليس فوبيا كما يقال، إنما نابع من إيماننا والتزامنا. نحن لا نريد حرباً أهلية في لبنان، ولا نريد أن نحكم لبنان».
لكنّه أكد أننا «لسنا مع العزل، بل مع الشراكة في الحكومة اللبنانية، وعندما نذهب الى أي مواجهة، أدوات التغيير يجب أن تراعي تركيبة البلد وخلافاته. فميزة المقاومة أنها واقعية، وهناك حدود اسمها أنه يجب أن يكون العمل السياسي ذا أسقف واضحة؛ منها عدم الذهاب الى حرب أهلية وتقسيم البلد طائفياً».
وفيما أكد أن البيئة الشيعية كانت صلبة جداً في احتضان المقاومة، وأن هدف العدو هو تأليب البيئة الشيعية ضده، شدّد على أن «هناك أسقفاً واضحة لأي تغيير داخلي؛ أبرزها عدم التقسيم وعدم إعطاء فرصة للعدو»، قائلاً: «المقاومة هي المستهدفة، اسمحوا لي بأن أحارب الفساد على طريقتي وأستطيع أن أتجاوز الخط الأحمر دون أن أذهب الى إعطائهم هذه الفرصة».
وطالب القضاء اللبناني، إن كان لديه أيّ ملف على أحد من حزب الله، بأن يذهب به إلى القضاء، «كان من كان: وزيراً، نائباً أو رئيس بلدية»، قائلاً إن «الانتخابات النيابية محطة ليحاسب الناس الفاسدين في الانتخابات، والنظام يحتاج الى تطوير وإصلاح، والحل يجب أن يبدأ من الناس، فعندما يطالبون بالتغيير عليهم المشاركة الشاملة».
وختم بالقول إن «من ينتظر عملاً ثورياً تغييرياً، فهذا أمر غير متاح في لبنان، لذلك معركة مكافحة الفساد تحتاج الى وقت، ومحاربة الفساد أصعب من محاربة إسرائيل، وهناك من هو مستعجل علينا لكي نقع في اللغم».
الأخبار