الرئيسية / محليات / الراعي: ثمة من يطالب بتغيير النظام فيما المطلوب الكف عن خرقه وانتهاكه

الراعي: ثمة من يطالب بتغيير النظام فيما المطلوب الكف عن خرقه وانتهاكه

مجلة وفاء wafaamagazine

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس عيد العنصرة وعيد تيلي لوميار- نور سات في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، بمشاركة السفير البابوي المونسينيور جوزيف سبيتاري ولفيف من المطارنة والكهنة، في حضور النائب نعمة افرام وأسرة تيلي لوميار- نور سات، برئاسة رئيس مجلس الإدارة جاك كلاسي.

بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان: “إن تحبوني، تحفظوا وصاياي. وأنا أسأل الآب فيعطيكم برقليطا آخر، روح الحق” قال فيها:
“حقق الرب يسوع وعده في عشائه الفصحي الأخير قبل آلامه وموته. فأرسل الروح القدس على التلاميذ المجتمعين في العلية مع مريم، في اليوم الخمسين بعد قيامته. وقد ربط إرسال الروح بمحبته وحفظ وصاياه، لأنهما علامة القلوب النقية المنفتحة على سر الله، والوفية لحبه. فالاب خلقنا، والابن افتدانا، والروح القدس تمم فينا سر الفداء، ونقل إلينا الحياة الالهية. ولهذا قال الرب يسوع: “إن تحبوني، تحفظوا وصاياي. وأنا أسأل الآب فيعطيكم برقليطا آخر مؤيدا يكون معكم الى الابد”(يو14: 15-16)”.

أضاف: “يسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية، في عيد العنصرة، حلول الروح القدس على الكنيسة الناشئة. وهو حدث مسموع ومنظور رواه القديس لوقا الانجيلي في كتاب أعمال الرسل (فصل 2). واليوم تحتفل تيلي لوميار وفضائيتها نورسات بعيدها. وتحيي محطة تيلي لوميار يوبيلها اللؤلؤي، لمرور ثلاثين سنة على تأسيسها. إنها ما زالت تزرع منذ هذه السنوات كلمة الله في حقل هذا العالم. وحده الله يعرف كميات القلوب التي تسقط فيها الكلمة الإلهية، والخير الذي تصنعه في نفوس المؤمنين. إنها بالحقيقة عطية ثمينة من الله، يحافظ عليها ويضحي بسخاء لاستمراريتها وتطويرها محسنون مؤمنون برسالتها.
وفي هذا العيد تطلق تلي لوميار فضائيتها بالانكليزية Noursat English. وسنحتفل بعد هذا القداس الالهي بإطلاقها، وتقليد عزيزنا السيد جاك الكلاسي، رئيس مجموعة تيلي لوميار ومجلس إدارة نورسات مع سيادة السفير البابوي، وساما أنعم به عليه قداسة البابا فرنسيس”.

وتابع: “إننا نهنئ تيلي لوميار – نورسات بالعيد واليوبيل، وبإطلاق الفضائية بالانكليزية. وأحيي شاكرا سيادة أخينا المطران بولس مطر، الرئيس السابق للجنة الاسقفية لوسائل الاعلام، وطالب هذا الوسام البابوي، وخلفه في رئاسة اللجنة، سيادة أخينا المطران أنطوان نبيل العنداري، رئيس مجلس إدارة تيلي لوميار.
وأوجه عاطفة شكر وتقدير لإدارة ومساهمي شركة “تيلي لوميار”، وبخاصة حاملي مسؤولية هذا التلفزيون بسخاء أيديهم وقلوبهم وكبير إيمانهم وهم أعزاؤنا: جاك فخر الكلاسي، والنائب نعمة جورج فرام، وجورج ميلاد الغزال، ورلى ألبير نصار، وشقيقتها سناء، وسركيس سركيس، وكريم عبدالله. إننا نشكرهم على السلفات المالية التي يقدمونها لشركة تيلي لوميار، وعلى تنازلهم سنويا عن الديون المستحقة لهم. كافأهم الله وعائلاتهم بفيض من نعمه وبركاته، وعوض عليهم أضعاف ما يسخون به. ونحيي بكل محبة عزيزنا الأخ نور الذي يساندها منذ التأسيس بصلاته وتوجيهاته وحياته التقشفية. نتمنى له الصحة التامة والعمر الطويل” .

ووجه الراعي “تحية شكر وتشجيع لكل الذين يدعمون تيلي لوميار- نورسات بصلواتهم ومساهماتهم، لكي باستمرار تعلن كلمة الله الخلاصية لجميع الشعوب، وتعلم الصلاة وتقودها، وتنقل الحفلات الليتورجية وتسهل المشاركة فيها روحيا، وتعرف على تراث الكنائس وغنى ليتورجياتها، وتساند الحركة المسكونية والصلاة من أجل وحدة المسيحيين، وتعزز الحوار الديني، وتنقل ثقافة الديانتين المسيحية والإسلام والعيش معا، حيث لبنان يجسده في دستوره وميثاقه الوطني، وفي حياته اليومية المشتركة في المجتمع ومكان العمل والمدرسة والجامعة، وفي المؤسسات الدستورية والإدارات العامة” .

وأردف: “إن تحبوني، تحفظوا وصاياي. وأنا أسأل الآب فيعطيكم برقليطا آخر، روح الحق” (يو14: 15-17). الروح القدس هو عطية الله ومحبته المسكوبة في القلوب، التي تحبه وتحفظ وصاياه بالاعمال الصالحة، والاصغاء الدائم لما يقوله في كلام الانجيل، وفي تعليم الكنيسة وحاجات الإنسان والمجتمع الذي نعيش فيه.
هذا الروح يعلم الحقيقة ويقود إليها. يؤيد مواقف وأعمال السائرين بنورها، والمدافعين عنها والناشرين لها في مجتمعاتهم. وهو الروح المعزي في ساعات الضيق والمحنة والالم والظلم. إنه “مقيمٌ عندنا وهو فينا” (يو17:14). يعمل في داخل كل مؤمن ومؤمنة بواسطة مواهبه السبع: فبمواهب الحكمة والمعرفة والفهم ينير عقلنا والإيمان؛ وبموهبتي المشورة والقوة يشدد الارادة ويثبت الرجاء؛ وبموهبتي التقوى ومخافة الله يملأ القلب بالمحبة والتقوى في السير والعمل تحت نظر الله.
الروح يجمع في التنوع. في حدث حلوله على التلاميذ والكنيسة الناشئة يوم العنصرة، “كان في أورشليم يهودٌ ورجالٌ أتقياء أتوا من كل أمة تحت السماء. ولما تجمهروا عند سماع دوي الصوت، أخذتهم الحيرة لأن كل واحد منهم كان يسمع التلاميذ يتكلمون بلغته التي ولد فيها” (أع 2: 5-6). تكلموا لغة المحبة لغة الروح.
لا يسعنا هنا إلا أن نقارن بين العنصرة وبرج بابل. يخبر سفر التكوين أن ذات يوم قرر أهل الأرض، وكانت لغتهم واحدة، أن “يبنوا لهم مدينة وبرجا رأسه في السماء، من دون الله؛ وأن يقيموا لهم اسما، فلا يتشتتون على وجه الأرض كلها” (تك 11: 1-4). وسرعان ما دب الخلاف بينهم، فتبلبلوا ولم يفهم بعضهم لغة بعض. فسميت مدينتهم “بابل”، كأمثولة بأن من دون الله ولغة المحبة يحل بين الناس الخلاف وتتبلبل ألسنتهم” .

وقال: “هنا تكمن مشكلة المجتمعات والدول عامة، ومشكلة مجتمعنا اللبناني ودولتنا خاصة. لقد فقدنا لغة المحبة التي تجمع، وهي اللغة التي كلم بها التلاميذ الشعوب المتنوعي اللغات يوم العنصرة. إنها لغة يفهمها جميع الشعوب على اختلاف لغاتهم وثقافاتهم وأعراقهم وألوانهم. وهي اللغة التي تستطيع أن تجمع بين ألد الأعداء.
لقد وجد لبنان ليكون وطنا للجميع، لا لدين دون سواه، أو لطائفة دون غيرها. أراده المؤسسون منذ مئة سنة جماعة حياة في دولة تحمي بدستورها وميثاقها الوطني وصيغتها هذه الجماعة المتنوعة. فلا بد من تضافر القوى للمحافظة عليها ولترقيها وتطويرها، في بيئة مشرقية تتمسك بالأحادية، وتجاه بيئة غربية معنية بالانصهار غير المبالي بتنوع الثقافات والهويات.
ولأن الدولة عندنا هي جماعة حياة، فقد اعتمدت النظام الديموقراطي المؤيد لجميع الحريات العامة، وفي طليعتها حرية المعتقد، ولغة الحوار الصادق الباحث عن الحقيقة الجامعة، وعن أفضل السبل إلى الخير العام”.

وتابع: “نلاحظ أن ثمة من يطالب بتغيير النظام، فيما المطلوب أولا التغيير في السلوك، والكف عن خرق النظام، وانتهاكه بالأنظمة الموازية. والمطلوب التقيد بالدستور روحا ونصا، وانتزاع الولاءات المتعددة التي ترهقه. ومطلوب المحافظة على جمال صيغة العيش معا والولاء للوطن والتعاون في إدارة شؤونه، ورفع الحمولات الزائدة على هذه الصيغة، والتعاون في خدمة المؤسسات العامة وتحريرها من المحاصصات القاتلة. وعندها يعود لبنان دولة نموذجية في هذا الشرق. فلا نحملنه ممارساتنا وأخطاءنا، ولا خروجنا عن الدستور والميثاق والصيغة والقانون، ولا نحملنه خصوصا رهاناتنا على الغرباء، كل الغرباء”.

وختم الراعي: “إننا في عيد العنصرة نلتمس حلول الروح القدس علينا جميعا، هاتفين مع الكنيسة عروسته: “تعال” (رؤ17:22)، لنستنير بنور الحقيقة، ونرتوي من ماء الحياة. فنرفع على الدوام نشيد المجد والتسبيح للثالوث القدوس، الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، الآن وإلى الأبد، آمين”.