مجلة وفاء wafamagazine
بهدف توحيد الارقام المالية التي بدت متفاوتة تفاوتا صارخا ما بين الحكومة من جهة والمصرف المركزي وجمعية المصارف من جهة أخرى، والتي اثرت على نحو سلبي على المسار التفاوضي بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، أدارت اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة المال والموازنة والتي تضم النواب: ابراهيم كنعان، علي فياض، نقولا نحاس، ياسين جابر ، والان عون، جلسات متعددة وطويلة انضم اليها عدد كبير من النواب من كتل مختلفة وشارك فيها وزير المال غازي وزني وممثلون عن المصرف المركزي وهيئة الرقابة على المصارف وجمعية المصارف؛
النتيجة التي انتهت اليها اجتماعات فرعية المال هي من الناحية الفعلية تبني الارقام المالية للمصرف المركزي وجمعية المصارف ولجنة الرقابة على المصارف، وفي الواقع ان الدفعة المعنوية القوية التي تزودت بها اللجنة الفرعية نتجت عن موقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري من بعبدا عندما أعلن ان لبنان سيفاوض بارقام موحدة وأن توحيد الأرقام سيجري باشراف المجلس النيابي، لذلك بدا هذا الموقف بمثابة التفويض المشترك من بعبدا وعين التينة لاعتماد الارقام التي ستخرج بها اللجنة الفرعية، وقد فرض هذا الامر نفسه على كل مسار هذه القضية وصولاً إلى قيام رئيس الحكومة حسان دياب بتشكيل لجنة عاجلة بهدف مراجعة الارقام، لكن على ما يبدو أن اللجنة الفرعية سترفع تقريرها غداً إلى الرئيس بري في اجتماع رسمي للجنة المال بهدف إصدار التقرير.
واذا كان من الصعب على الحكومة ان تعاود مجددا الاعتراض على مضمون هذا التقرير خاصة وان اعداده جرى بمشاركة الجميع بمن فيهم وزير المال فما هي خلاصة هذا التقرير؟
لقد توصل تقرير اللجنة الفرعية من حيث النتيجة النهائية إلى ان تقدير الخسائر الذي ورد في خطة الانقاذ الحكومية والذي بلغ 241 الف مليار، ليس دقيقا، فالخسائر تقدر تقريبا ب81 الف مليار بعد اعادة احتسابها وفق منهجية مختلفة طالب المصرف المركزي والمصارف التجارية باعتمادها وبعد اعادة تقويم الموجودات والارقام الحقيقية بالاستناد إلى ما تحتويه سجلات المصرف المركزي ولجنة الرقابة على المصارف. وعلى هذا الأساس، تراجعت الخسائر وفق تقديرات البنك المركزي من 66 الف مليار، بحسب ما ورد في خطة الحكومة إلى 6.9 ألف مليار كفائض في حسابات البنك. كذلك تراجع تقدير الديون المتعثرة من أكثر من 30 الف مليار إلى 14.6 الف مليار. وجرى ايضا اعادة تقويم لشهادات الايداع ولسندات الخزينة بالاستناد إلى التحول في سعر الصرف.
في الواقع ، فان هذه الارقام التي حسمت بصورة شبه نهائية بقيت عالقة عند نقطة واحدة ينتظر ان تحسم في غضون الايام المقبلة، وهي تتصل بتقدير قيمة حجم الناتج المحلي الذي قدرته الحكومة في خطتها بـ 26 مليار دولار والذي كان مقدرا في العام 2019 بـ51 مليار دولار، في حين ان جمعية المصارف قدرت الناتج بقرابة الـ40 مليار دولار. أما الارقام التقريبية التي تتوقعها لجنة المال فهي تتراوح بين 33 مليار دولار و36 مليار دولار. وكانت اللجنة الفرعية كلفت مديرية الاحصاء المركزي التابعة لمجلس الوزراء ان تحسم هذا الخلاف وان تقوم بدراسة عاجلة للموضوع وهو كان متوقعا ان ينجز اليوم، الا أن هذا الامر لم يحصل، علما ان مديرية الاحصاء تشكو من جهتها من عدم قيام الوزارات بتزويدها بالبيانات المطلوبة منذ العام 2019 من اجل انجاز هذه المسألة.
وليس بعيدا فقد اجرى النائب نحاس اتصالا بممثلين عن صندوق النقد لتزويده بتقديراتهم لحجم الناتج وقد وعدوا بالاستجابة لهذا الامر في اسرع وقت ممكن. تحديد حجم الناتج المحلي يعتبر امراً اساسيا في حسم الخلاف بصورة نهائية لان صندوق النقد اشترط على الحكومة كشرط مبدئي لا تراجع عنه للتعاون ونيل المساعدات منه، تخفيض نسبة الدين إلى الناتج من 170 في المئة كما هو قائم الان إلى 80 في المئة، علما ان الحكومة طالبت من جهتها الصندوق بان يكتفي بنسبة 102 في المئة عملاً بالمعايير الاوروبية المعدلة بعد وباءcovid19 .
مع بلوغ توحيد شقة الخلاف حول الارقام المالية هذا المستوى، تكون النتائج الايجابية قد بدأت تسلك طريقها باتجاه تحسين الموقف التفاوضي مع صندوق النقد، الذي لا يزال لغاية اللجظة يتمسك بالارقام التي وردت في خطة الحكومة والذي لا يعرف كيف ستكون ردة فعله على هذا التحول، لكن ما يبقى قائما وهو الاكثر خطورة وحساسية هو كيفية ترجمة هذه الارقام على مستوى توزيع أعباء الحل على الاطراف الثلاثة: الدولة – المصرف المركزي- المصارف التجارية.
لقد حسمت فرعية المال والموازنة بتأييد واسع من النواب المشاركين بضرورة عدم اجراء اي هيركات على سندات الخزينة بالليرة اللبنانية فيما بقيت نسبة الهيركات على اليوروبوندز محل نقاش، وبالتالي فان السؤال الكبير الذي يقلق الجميع هو كيف سيتم تحييد المودعين عن دفع اي ثمن في سياق المعالجة.
lebanon 24