مجلة وفاء wafaamagazine
شكّلت الدعوة الرئاسية الى حوار بعبدا في 25 حزيران الجاري، مادة تداول ونقاش في الوسط السياسي، واللافت للانتباه في هذا السياق هو انّ التفاعل السياسي «والمدني» مع هذه الدعوة كان متناقضاً، وعكس استطلاع «الجمهورية» الآتي:
– اولاً، الفريق السياسي لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ادرج الدعوة الرئاسية في خانة الاهمية الكبرى في هذا الظرف بالذات، لا بل الضرورة القصوى التي توجب تلاقي كل الإرادات، وتشارك جميع الاطراف من دون استثناء في عملية انقاذ البلد.
وقال عضو «تكتل لبنان القوي» النائب آلان عون لـ«الجمهورية»: «من الضروري لا بل من واجب القوى السياسية ان تجتمع لبناء شبكة امان وطنية للبلد، ومنع انحداره نحو منزلقات خطيرة يدفع ثمنها الوطن وتهدّد الجميع من دون استثناء». أضاف: «من هذه الخلفية جاءت دعوة رئيس الجمهورية الى اللقاء الحواري، فالأحداث الاخيرة شكّلت انذاراً خطيراً، يفرض على كل القوى تنحية تناقضاتها ومناكفاتها والمشكلات السياسية جانباً. وان تقف امام مسؤولياتها. فما حصل كاد يُدخل البلد في اجواء فتنة تهدّد كيانه».
وتابع: «لا بدّ من الانصراف الفوري الى التحصين الداخلي. وفي رأيي انّ اللقاء الحواري فرصة لكي يتشارك الجميع في منع الانزلاق نحو الفتنة لا سمح الله، وفي الدخول في معركة انقاذ لبنان من ازمته الخانقة».
وهذه الدعوة كما بات معلوماً، مؤيّدة من قِبل الثنائي الشيعي، اي «حزب الله» ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي اخذ على عاتقه توجيه الدعوات مباشرة الى رؤساء الكتل النيابية، وهو لهذه الغاية اتصل بكل من الرئيس سعد الحريري (الذي تردّد انّ المدير العام اللواء عباس ابراهيم زاره امس الاول، في مسعى لاقناعه بالمشاركة في حوار بعبدا) والرئيس نجيب ميقاتي ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وغيرهم. وموضوع حوار بعبدا قد يكون محل بحث بين الرئيس بري ورئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية، الذي يزور عين التينة اليوم، كما يزور بيت الوسط للقاء الرئيس الحريري.
وكان الحريري قد استقبل في بيت الوسط مساء امس، النائب السابق وليد جنبلاط على رأس وفد الحزب ونوابه. وقالت مصادر المجتمعين لـ»الجمهورية»، انّ «اللقاء يندرج في سياق التنسيق بين تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي. وجرى التطرّق الى الامور العامة والأزمة التي تعصف في البلد والأداء الحكومي القاصر عن المعالجة. وكانت المواقف متطابقة لناحية انعدام الحلول مع الذهنية القائمة».
وعلمت «الجمهورية»، انّ جنبلاط سيوفد النائبين اكرم شهيب ونعمة طعمة الى معراب اليوم للقاء رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.
حوار ناقص
– ثانياً، قوى المعارضة تحدثت عن حوار ناقص اشبه بجلسة الحوار التي عُقدت في بعبدا حول الخطة الاقتصادية للحكومة، وذلك ربطاً بتوجّه بعض الاطراف المدعوة الى مقاطعته. بما يخفف ثقلة ويلغي فعاليته، وينزل درجته من حوار شامل الى حوار بمن حضر.
وقالت مصادر قيادية «وسطية» في المعارضة لـ«الجمهورية»: «من حيث المبدأ، الحوار مطلوب امام تحدّيات الداخل والخارج، ومع دخول «قانون قيصر» حيّز التطبيق. على الاقل لوضع الاجراءات الوقائية الضرورية».
اضافت: «لكن الحوار مع هذه السلطة، لن يؤدي الى اي نتيجة ولن يغيّر شيئاً، والدعوة الى هذا الحوار الآن، تبدو كأنّها لزوم ما لا يلزم، لأنّ السلطة في عالم آخر، ولن تقوم بشيء، والآلية التنفيذية معطّلة بالكامل، تغطي هذا التعطيل بكثرة الكلام. وادق توصيف للحكومة تبلّغناه صراحة من احد كبار المسؤولين حيث قال لنا حرفياً «مع الاسف، الحكومة اصبحت جثة سياسية على الارض، لا نستطيع ان نُحييها ولا نستطيع ان ندفنها».
واعربت المصادر عن بالغ قلقها «من تدهور الاوضاع اكثر، ومن انتقال البلد الى سيناريوهات أسوأ، يصبح الهمّ الأول فيها ليس البحث عن العلاجات، بل عن كيفية احتواء هذا «الأسوأ» وما قد يحصل فيه من تطورات وتداعيات دراماتيكية»، واخشى الّا نتمكن من احتوائها».
رؤساء الحكومات
ورجّحت معلومات لـ«الجمهورية»، بأنّ رؤساء الحكومات السابقين سعد الحريري، نجيب ميقاتي، تمام سلام وفؤاد السنيورة، قد لا يشاركون في حوار بعبدا، وعزّز ذلك مضمون البيان العنيف الصادر عنهم بعد اجتماعهم امس، ضد الحكومة وما سمّوه «العهد القوي».
وقالت مصادر رؤساء الحكومات لـ«الجمهورية»، انّهم اتفقوا في ما بينهم، على ان يشاركوا جميعاً معا في جلسة الحوار، او لا يشاركوا جميعاً معاً في جلسة الحوار. فالرئيس بري وجّه الدعوة الى الرؤساء الحريري وميقاتي وسلام، والقرار النهائي سيُتخذ بعد وصول الدعوات الرسمية من القصر الجمهوري، وسيتمّ الاعلان عن هذا القرار بشكل رسمي خلال اجتماع يعقده رؤساء الحكومات السابقون مطلع الاسبوع المقبل.
وقال عضو كتلة تيار المستقبل النائب محمد الحجّار لـ«الجمهورية»: الناس تريد أفعالاً ولا تريد أقوالاً، والتجارب الحوارية السابقة ليست مشجعة، حيث كان يصدر عنها مجرّد كلام، واما على الارض فلا توجد أي أفعال. المطلوب قرارات جدية وخطوات إنقاذية فورية على الارض تلبّي مصلحة لبنان واللبنانيين.
– ثالثاً، قوى الحراك المدني، تعتبر انّ الحوار الذي تدعو اليه السلطة هو مَضيعة للوقت، وتغطية لدورها في دفع البلد الى هذه الازمة. وقالت مصادر حراكية لـ»الجمهورية» انها تشكّك بانعقاد طاولة الحوار، ربطاً بما قد يطرأ من تطورات خلال الايام الفاصلة عن 25 حزيران، من دون ان تستبعد تحرّكاً عنيفاً وغير مسبوق في الشارع غضباً من تردي أوضاع الناس.
– رابعاً، الحاضنة السياسية للحكومة تؤكد المشاركة في حوار بعبدا (فرنجية ليس من ضمن المؤكدين على الحضور حتى الآن)، وبحسب معلومات «الجمهورية» فإنّ بعض هذه الحاضنة يشكّك بإمكان بلوغ هذا الحوار الى نتائج نوعية تشكل إجماعاً حولها، فأقصى المتوقّع هو جولة تضاف الى الحوارات السابقة حول الازمة، التي لم تكن سوى تكرار لمواقف نعرفها وتستعاد يومياً في التغريدات وعلى الشاشات وفي التصريحات التي تملأ صفحات الجرائد، وبالتالي لم تتوصل الى اي نتيجة.
وحول الحوار، قال النائب السابق فارس سعيد لـ»الجمهورية» إنّه «انتهى قبل ان يبدأ»، مشيراً إلى أنّ «السيد حسن نصرالله وضع خارطة طريق أمس، ولم نسمع أحداً من مدعوّي بعبدا وقف بوجهه وغَالطه، فهذا يعني أنّ هؤلاء ذاهبون إلى بعبدا لتنفيذ الأجندة التي طرحها نصرالله: البطاطا بدل النفط، إيران بدل السعودية، الصين بدل أميركا»
الجمهورية