مجلة وفاء wafaamagazine
تزايدت في الآونة الأخيرة حدة التوترات الحدودية بين إثيوبيا والسودان، لدرجة أثارت المخاوف من تطورها إلى نزاع واسع، خصوصا في ظل التعثر الملازم للمفاوضات الثلاثية حول سد النهضة الإثيوبي. وتشتبك القوات السودانية بين الفينة والأخرى مع ميليشيات إثيوبية في منطقة الفشقة الحدودية شرقي البلاد، لكن اللافت هذه المرة هو نوعية الهجمات ووتيرتها.
وأعلن الجيش السوداني التصدي لهجوم شنته “بعض مكونات الجيش الأثيوبي” على معسكر الأنفال الواقع بمنطقة الفشقة الحدودية يوم الأحد. وأكد الجيش في بيان تكبيد القوات المهاجمة “خسائر كبيرة وردها على أعقابها”.
“لا سيطرة عليها”
وقال النشاط الحقوقي والمحلل السياسي، عدلان إبراهيم، إن التوترات الحدودية بين السودان وأثيوبيا ناجمة عن “تعديات العصابات المسلحة القبلية الإثيوبية المسماة بالشِفتة التي تعتدي على المزارعين السودانيين في منطقة الفشقة فتنهب محاصيلهم وممتلكاتهم”.
ورجح عدلان حصول هذه المجموعات الإجرامية على دعم من بعض مكونات الجيش الإثيوبي واضاف لموقع الحرة: “للأسف يسند هذه العصابات وحدات من الجيش الأثيوبي في إقليم الأمهرا ذي الحكم الإقليمي، و الحكومة المركزية في أديس أبابا ليست لها سيطرة كاملة عليها.. لا أستبعد نشاطا استخباريا يهدف إلى توتير العلاقة بين إثيوبيا والسودان”.
وكانت المنطقة الحدودية بين السودان وإثيوبيا مسرحا لهجمات مماثلة، إحداها كانت في ايار الماضي، وأسفرت حينها عن مقتل ضابط سوداني وإصابة آخرين.
وبعد التنديد الشديد بالهجمات، قام رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان بزيارة القوات المرابطة على الحدود مع أثيوبيا، فيما استـُدعي السفير الإثيوبي في الخرطوم للاحتجاج.
ظلال سالبة
وربط المحلل السياسي حسن بركية بين زيادة وتيرة الهجمات على الحدود مع إثيوبيا، والفشل الملازم لمفاوضات سد النهضة، خصوصا بعد تبدل موقف الخرطوم الذي كان يعتبر داعما لأديس أبابا، وأصبح الآن أقرب إلى القاهرة.
وقال بركية، إن “تدهور العلاقات المصرية الإثيوبية والوصول إلى طريق مسدود فيما يتعلق بسد النهضة والصراع الدائر حول المياه والسد يُلقي بظلال سالبة على العلاقات السودانية المصرية والسودانية الإثيوبية، كل طرف، أعني مصر وأثيوبيا، يبدي حرصا كبيرا علي كسب السودان إلي جانبه في المعركة”.
وتعهدت القوات المسلحة السودانية في بيانها الأخير بعد هجوم الفشقة “بالدفاع عن أراضيها بكافة الوسائل المشروعة”.
فهل يتطور الأمر إلى نزاع شامل بين أديس والخرطوم؟
يرى الناشط الحقوقي عدلان إبراهيم أن الجيش السوداني يقوم بواجبه في التصدي لتلك الهجمات، “لكن لا الحكومة الأثيوبية ولا الحكومة السودانية لهما أي مصلحة في الحرب، ولن تقوم حرب بين البلدين بسبب تعديات تلك المليشيا”.
ويحذر الناشط السياسي أيمن تابر، من أن “تستغل مصر الخلاف الحالي بين أديس أبابا والخرطوم لتأجيج الوضع لصالح موقفها في مفاوضات سد النهضة”. لكنه يضيف لموقع الحرة “أعتقد أن السودان فطن تماما لكل الأمور، ويتعامل مع إثيوبيا بهدوء وحكمة”.
واتفق المحلل السياسي حسن بركية مع مواقف المحللين السابقين وقال “لا أعتقد أن المناوشات الحالية في الحدود السودانية الإثيوبية يمكن أن تتطور إلى مواجهة شاملة.. والسودان لا يريد تعميق الصراعات ويعمل على التهدئة”.
لكن “يقع على عاتق الحكومتين الإثيوبية والسودانية التنسيق لإنهاء نشاط المليشيات الإجرامية”، يضيف عدلان. وكانت إثيوبيا قد سارعت إلى التأكيد على أن التوترات الحدودية مع السودان لا تحمل أي صبغة عدائية أو توجها رسميا ضد الخرطوم.
والمناطق الحدودية بين السودان وإثيوبيا متداخلة وقد اتفق البلدان على ضرورة ترسيمها، لكن الأمر لم ينجز بعد.
الحرة
