الأخبار
الرئيسية / سياسة / باسيل واتفاق معراب: الضربة القاضية

باسيل واتفاق معراب: الضربة القاضية

الاثنين 08 تموز 2019

مجلة وفاء wafaamagazine

 لم يعد واضحاً الهدف من زيارات رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل للمناطق، اذ ان اعلانه انها زيارات انفتاح وتلاقٍ، لا تترجمها الاقوال وردات الفعل من أهالي تلك المناطق. والاشكالات التي تولدها تلك الزيارات كشفت ان السياسة التي يعتمدها، والتي تمثل العهد تالياً، باتت غامضة في اهدافها ومراميها، اذ ان العهد مسؤول عن الجمع والتلاقي فيما تؤدي تلك الزيارات الى مزيد من التفرقة والانقسام وتضع البلاد مجدداً أمام حروب أهلية ولو صغيرة ومتنقلة. بالأمس أعاد باسيل التذكير بالحواجز وباغتيال الرئيس رشيد كرامي كأنه قصد الفيحاء للتحريض على حزب “القوات اللبنانية” ليس أكثر، وذلك في رد على الرفض التي قوبلت به الزيارة والمقاطعة التي بدت واضحة من الفاعليات الطرابلسية. واذ اكتفى بزيارة مقتضبة هادن فيها أهل المدينة، ركز هجومه على مطارح أخرى وتحديداً “القوات”. 

واذا كانت المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد تتطلب مزيداً من الحكمة والتهدئة والحنكة في معالجة الامور، الا ان التطورات تشي بمزيد من التدهور سياسياً حيث الخلاف المسيحي – المسيحي على أشده، وهو يبلغ مرحلة متقدمة تؤكد سقوط اتفاق معراب على رغم التأكيد العلني، وتحديداً من جانب “القوات”، عدم التفريط به. والعلاقة بين “التيار الوطني الحر” والحزب التقدمي الاشتراكي في أسوأ حال الأمر الذي ولد توتراً في منطقة الجبل. والتباعد العوني – السني بلغ ذروته ولم تنفع محاولات الرئيس سعد الحريري لرأب الصدع. والاستياء في الاوساط الشيعية واضح لدى “أمل” وتعبر عنه وسائل التواصل الاجتماعي للجمهور الاخر على رغم محاولة قيادة “حزب الله” كتمه وضبطه في اوساط مناصريه.

هذه التوترات المتنقلة عطلت وتعطل عمل الحكومة التي سيحاول مجدداً الرئيس الحريري العمل على عقد جلسة لها هذا الاسبوع على رغم صعوبة الأمر. لكن ثمة تخوفاً من تفجر الحكومة من داخل اذا ما استمر التباعد والانقسام في صفوفها. ويعمل الرئيس نبيه بري على مصالحة درزية – درزية اولا لتذليل العقبات أمام جلسة مجلس الوزراء واعادة بث الروح في الحكومة المشلولة. وعلمت “النهار” ان الرئيس الحريري الذي عاد ليلاً يجري اتصالات في السر والعلن لإزالة العوائق من أمام مجلس الوزراء. وقد اتصل بالرئيس ميشال عون للتشاور في عقد جلسة الخميس المقبل في قصر بعبدا. 

والتعقيدات لا تقتصر على السياسة الداخلية، اذ يبدو الوضع الاقتصادي أشد تعقيداً في ظل تحذيرات دولية متصاعدة كان آخرها تحذير بعثة صندوق النقد الدولي مصرف لبنان من مغبة شرائه سندات الخزينة الجديدة بفوائد مخفوضة، ما سيجعل الدولة أمام أزمة تمويل، اضافة الى تصنيفات سلبية متوقعة للاقتصاد اللبناني. وأكّدت مصادر لـ”النهار” ان مصارف بدأت تبحث في رفع اضافي للفوائد لجذب رساميل جديدة على رغم الفشل الذي واجه الخطوة حتى اليوم والذي انعكس سلبا على كل القطاعات الانتاجية وجعل الاقتصاد في مزيد من التردي. 

وقد فاقمت زيارة باسيل لطرابلس الأجواء المتوترة سياسياً وحكومياً بعدما تمادى مرة أخرى في خطاب الاستفزاز الجوال الذي يعتمده ولا يبدو في وارد الاتعاظ من تداعياته البالغة السلبية عليه وعلى العهد وعلى التيار الذي يقوده. 

فالزيارة جاءت مدججة بالسلاح وبدا عدد الامنيين المرافقين له موازياً لعدد مستقبليه وقد أجلس عدد كبير منهم على المقاعد الفارغة في تجاوز واضح للقانون، وأقفلت الطرق ومنع الطرابلسيون من بلوغ مقصدهم بسبب الانتشار الكثيف للجيش وقوى الأمن من البترون الى طرابلس، الامر الذي أثار امتعاضاً لدى الناس. ولم يكن الحضور في معرض رشيد كرامي الدولي كبيراً ولم تشمل زيارة باسيل أي مسؤول أو زعامة، وقد احيط تجمع لمعتصمين ضد الزيارة بحصار لمنع وصوله الى مكان اللقاء. 

لكن الحدث تمثل ليس في الزيارة بل في مضمونها وفي كلامه الذي أعاد التذكير باغتيال الرئيس رشيد كرامي وبحاجز البربارة وغيره، قائلاً: “اننا لم نصعد الى الجبل من أجل المعارك ولم نشارك في أي حرب كما كنا دوماً مع الجيش وضد الميليشيات ولم ننصب حواجز على الطرق ولسنا نحن من اغتال رئيس الحكومة من طرابلس”. 

وآثار كلام باسيل ردوداً عدة رافضة للغة الاستفزاز والتحريض وأصدر حزب “القوات اللبنانية” بياناً وصف فيه هذا الكلام بانه “فتنوي وأرعن ويصر فيه على استعادة أحداث الحرب اللبنانية من منظار صاحبه الأسود ليفاقم الوضع في لبنان تشنجاً بعدما كان ارتكب الفعل ذاته في الجبل الاسبوع الماضي مما أدى الى سقوط قتيلين”. 

وأسف رئيس حزب “القوات” سمير جعجع للأجواء “التي لا توحي باجتماع للحكومة في الأيام المقبلة”، معتبراً أنها “جريمة بحق الوطن، اذ في الوضع الذي نعيش فيه وفي ظل صعوبات معيشية تزداد يومياً، نحتاج إلى اجتماعات مكثفة وسريعة”. 

وشدد على أن “باسيل يردنا 50 عاماً إلى الوراء، يطرح الأمور بقلب أسود، ويشنج الأجواء من جديد”. ورأى أنه “لإزالة التشنج والعودة إلى حياة سياسية طبيعية، على باسيل ان يوقف خطاباته المتشنجة وعدم مهاجمة الآخرين وإثارة مواضيع كانت حساسة أيام الحرب، والبعض منها سبب حربا بين اللبنانيين”. 

ورد عليه نائب رئيس “التيار” النائب نقولا صحناوي بتغريدة جاء فيها: “بئس الزمان الذي يجول فيه رئيس أكبر تكتل نيابي في المناطق اللبنانية ويمد يده للجميع ويكون الى جانب المواطنين وهمومهم، فيقابله بعض أمراء الحروب والطوائف بالشتائم والحواجز ومحاولات الاغتيال… وبعودته سالماً، يكمن له اخوه الضال بأحجار الكره ليرجمه بها”. 

المصدر : النهار