الرئيسية / محليات / عائلة مروان محفوظ أقامت قداسا لراحة نفسه في أوتاوا تابت: فنان ثابت في الكرمة الحقيقية

عائلة مروان محفوظ أقامت قداسا لراحة نفسه في أوتاوا تابت: فنان ثابت في الكرمة الحقيقية

مجلة وفاء wafaamagazine

أقامت عائلة الراحل الفنان مروان محفوظ قداسا وجنازا لراحة نفسه في كنيسة مار شربل المارونية في أوتاوا – كندا، ترأسه راعي أبرشية الموارنة المطران بول مروان تابت وعاونه لفيف من الكهنة، وحضره سفير لبنان في كندا فادي زيادة، عائلة الفقيد وممثلون للجمعيات والاحزاب اللبنانية ومحبي الراحل.

روبير محفوظ
وألقى نجل الراحل روبير محفوظ كلمة باسم العائلة عزى فيها “اللبنانيين بمصابهم من جراء الكارثة التي حلت عليهم وعلى كل لبنانيي المهجر”، آملا “الشفاء العاجل للجرحى والمصابين”.

ثم تحدث عن “مروان الوالد المتواضع المحب للثقافة والمطالعة”، وقال: “مروان محفوظ عرفتموه كفنان من خلال أعماله. أما أنا فسأتكلم عنه كأب سهر على تربيتنا وعاشرناه كصديق. لقد علمنا العطاء، فكان يساعد جميع من يقصده بصمت ومن دون ضجيج. وعندما كان يخبرنا عن عمل خير، كان هدفه ان يعلمنا العطاء والكرم. لقد علمنا التواضع، وكان دائما يقول السنبلة الفارغة تبقى دائما مرتفعة، بينما المثمرة هي التي تنحني. لقد احب الناس وكان قريبا، وعلمنا حب الثقافة والمطالعة، وأحب فنه وعلمنا حب الوطن. وحقق الله أمنيته بأن يدفن في وطنه، فكان له ما أراد، وقد رسم آخر صورة له بنفسه إذ أقام آخر حفل له على مسرح الاوبر افي بدمشق قبل ان يغادر هذه الدنيا الى دار الخلود”.

زيادة
وتحدث زيادة فعزى “أهل الفقيد وأهالي شهداء الكارثة التي حلت بلبنان”، متمنيا “الشفاء العاجل للجرحى”، آملا في “عودة المفقودين بسلام”، وقال: “كانت الطريق طويلة والحمل ثقيل على السيارة التي تحمل نعش الراحل من دمشق إلى مثواه الأخير في مسقط راسه المريجات. الحمل ثقيل لان النعش يحمل كبيرا من لبنان ولانه مليء بذكريات الزمن الجميل كأن القدر شاء أن يمر الموكب بجانب قلعة بعلبك ليلقي النظرة الأخيرة على من غنى وصدح بصوته الذهبي على مسارحها وادراجها إلى جانب السيدة فيروز والراحلين صباح ووديع ونصري”.

أضاف: “تعرفت على الراحل عن قرب السنة الماضية وطلبت منه أغنية، فغنى إحدى اغاني الراحل وديع الصافي. ولو طلبنا من مروان محفوظ اليوم ان يرنم لنا ترنيمة – وبالاذن من الكنيسة – لكان رنم لبيروت من قلبي سلام لبيروت”.

تابت
وألقى تابت عظة عزى فيها “ذوي شهداء مجزرة المرفأ”، متمنيا “الشفاء العاجل للمصابين وسلامة المفقودين”، متوقفا عند “مزايا الراحل الانسانية”، واصفا اياه ب”الفنان الثابت في الكرمة الحقيقية يسوع المسيح”، وقال: “نلتقي اليوم على أثر هول كارثة الأمس في لبنان والدمعة تبكي على الدمعة، نلتقي اليوم محزونين على حزن أهلنا وإخوتنا وعيالنا وأقربائنا ومن نعرفهم أم لا، والدمعة تبكي مع الدمعة. كلنا نتألم والسؤال هو: من أجل من؟ ومن أجل ماذا؟ لكن يبقى الرجاء، فرجاؤنا المسيحي لا يخِيب، نصلي معا اليوم في وداع أحد الأحباء مروان محفوظ”.

أضاف: “يصير العمر نعمة مباركة إذا ما اقترن بالأعمال الصالحة والوفاء ومحبة الآخر. الحياة في الأساس هي فعل محبة الله لنا، وحضوره في حياتنا يجعل العمر يزهر بركات تعكس ضياء وجهه المزروع فينا. يقول كاتب المزمور 112: “ذكر الصديق يكون مؤبدا” بعد ان يتوقف الزمن ويعبر بنا قطار العمر الى الأبدية. ماذا يبقى منا وما الذي يدوم إلى الأبد؟ تبقى أعمالنا الخيرة والمرضية أمام الله الذي يرى وأمام الناس”.

وتابع: “في هذه المناسبة، أتأمل معكم حول نقطتين:

1- الحياة غفوة في المجهول والموت يقظة الى المطلق: في هذه الحياة، نحن لا نعيش إلا اللحظة الحاضرة التي تمر سريعا. لا نستطيع تغيير الماضي الذي عبر، ونجهل المستقبل الذي يبقى في علم الله، ولا نستطيع التحكم به، وتبقى معرفتنا ناقصة. أما عندما نموت وندخل في عالم الله وهو صانع العوالم والأزمنة، فنتخطى الزمان والمكان، تصبح معرفتنا كاملة ومطلقة، لأن الله يشركنا في الألوهة. يضع الموت إذن، بشكل جذري، على بساط البحث كل المواقف التي تبدو كأنها طبيعية، تلك المواقف التي اعتاد كل واحد منا أن يتخذها في حياته اليومية فلا يمكن بعدها أن نتجاهله بل أن نتعلم كيف نستعد له في مسيرة نمونا الانساني. لا يمكن أن يمحى سر الحياة والموت من حياتنا، بل علينا أن نعيشه في الملء. اقتراب الموت أو مجرد التفكير به في العمق، قد يحول الكائن البشري الى ما كان مدعوا له منذ الأزل، أن يحقق إنسانيته. إن في الانسان جزءً من الأزل، ينقله الموت من هذا العالم ليزرعه في عالم آخر، في الحياة الأبدية.

2- السماء، الحياة الأبدية حب خلاق: يتكلم يسوع عن السماوات والكنز المدخر في السماوات (متى 5/12)، ذلك لأنه يفكر في الآب السماوي الذي يعلم والذي “يرى في الخفية” (متى 6/16). وإن السماء هي حضور الآب غير المنظور والساهر الذي يصبح حقيقة حية بمجيء يسوع ليعلم وليشهد بما رأى (يوحنا 3/11). أما نحن فموطننا السماوات ومنها ننتظر مجيء المخلص. سماؤنا المسيحية ليست مكانا بل هي حالة، يقدمها لنا يسوع على أنها وليمة يدعو اليها جميع البشر… أفضل طريقة للاحتفال.. الى حالة عيد حيث نرى الله وجها لوجه، فتكون الحياة الأبدية التي تتخطى المعرفة الى كمال المحبة. “فما أحب أن يصل الانسان الى نهاية مسيرته فوق هذه الارض ليطل منها على الأبدية في الثمانين أو التسعين بعد أن ملأ سجله بصالح الأعمال وراحة الضمير، هذا هو حال فقيدنا الاستاذ مروان”.

وأردف: “آمن وجاهد ليثبت في الكرمة الحقيقية يسوع المسيح، فيثمر في المواهب التي منحه الله إياها وليكون وفيا لأصوله المسيحية وأصوله العائلية في انفتاح كامل على جميع الناس. مروان أو نطوان محفوظ هو ابن بيت عريق من المريجات. تربى على يد والدة فاضلة علمته الاتكال على الله والثبات فيه وعلى يد والد يحب الناس ويخدمهم ويشاركهم همومهم. درس الموسيقى وامتهن الفن فلمع. حاول واستطاع أن يبقى وفيا للتراث ومارس من خلال صوته فعل إيمان عميق بالإنسان وبلبنان، وحقق انفتاحا إنسانيا واجتماعيا على كل الناس والفئات. تعاهد مع شريكة العمر ليلى على عيش الإيمان وتربية عائلة مسيحية ملتزمة من خلال روبير وشادي. عاش على قول المسيح “لا تدينو لئلا تدانوا”، لا يتكلم ولا يتدخل في ما لا شأن له به ولا يحكم على احد، مكتفيا بما لديه. لا يهمه ما لدى الآخرين. احب يسوع المعلم وردد اسمه حتى النفس الاخير. كان محبا للعطاء والمساعدة من دون ضجيج ولا حب ظهور، عملا بقول المعلم “ما تفعله يمينك لا تعلم به شمالك”. عشق العذراء مريم، وخصوصا “سيدة ايليج” التي تعرف عليها في سنواته الاخيرة فتكررت زياراته لها. وأنشد لها: يا عدرا غطينا بشالك”.

وقال: “كان مولعا بتاريخ كنيستنا وجهاد آبائنا في جبالنا الشامخة، فأغنى مكتبته بهذا النوع من الكتب. كان يحب الكنيسة ويعطيها بصمت ومن دون أن يعرف أحد وهو المرتل: “تبقي طلي ع الديمان زوري البطرك والرهبان”. كانت صلاته دائما في الخفاء، وصدقاته في الخفاء وتضحياته في الخفاء لانه لم يكن يهتم إلا لأجر الرب فقط رحمة لروحه”.

أضاف: “نختم برسالة يوحنا الاولى التي تلخص سر حياتنا بعد هذه الحياة: “أيها الأحباء، نحن من الآن أولاد الله، ولم يتبين بعد بوضوح ماذا سنكون، غير أننا نعلم أنا، إذا ما ظهر، سنكون أمثاله، لأنا سنعاينه كما هو” (1 يوحنا 3/2). لا نستطيع أن نعرِف الله إلا بأنه “الكامل”: إنه الحب. بما أنه خلق الانسان لكي يحبه ويبادله الانسان الحب، لا يمكن أن يعيده الى العدم بعد إقامته “القصيرة” على الارض حيث سنكون مغمورين بحنان أولئك الذين أحببناهم وساعدناهم، وسنكون مغمورين أيضا بحب الرب الذي خلقنا عن حب ومن أجل الحب. وفيما نحتفل نحن بالصلاة لأجل أخينا مروان في دخوله مجد القيامة ونحن قياميون، يرافقنا هو من سمائه ويسأل الله أن يبارك عائلته وأحباءه كي تبقى خميرة صالحة تربي على الإيمان والقيم المسيحية والإنسانية والوفاء للبنان، الوطن الرسالة. إننا نتقدم بتعازينا الحارة والقلبية، باسمكم جميعا، من عائلته وخصوصا روبير وشادي، وكلنا رجاء أننا جميعا سنلتقي بمن نحب في الأخدار السماوية”.