الأخبار
الرئيسية / منوعات / علي كرشت : الثّورة ما لها وما عليها

علي كرشت : الثّورة ما لها وما عليها

مجلة وفاء wafaamagazine

علي كرشت

• عادةُ الثّورات الإطاحة بالنّظام السّياسيّ الحاليّ ليحلّ مكانه نظام سياسيٌّ جديد، والأمثلة في التّاريخ -القديم والحديث- كثيرة نذكر منها شاهدَين:
• ماوتسي تونچ سنة ١٩٤٩ أنهى بثورته الشّيوعيّة الحرب الأهليّة في الصّين، وأنشأ جمهوريّة الصّين الشّعبيّة، والتي ما زالت قائمةً حتّى اليوم..
• الإمام الخمينيّ سنة ١٩٧٩ أنهى بثورته الإسلاميّة نظام الشاهنشاهيّة في إيران، وأنشأ الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، والتي ما زالت قائمةً حتّى اليوم..
• ما يحصل في بيروت من تحرّكات شعبية، وحالة عصيان وتمرّد، واستسهالٍ مفرط لتخريب الممتلكات العامّة والخاصّة، وضغطٍ مستمر لإسقاط الحكومة ورئيس الجمهوريّة، ودعوة متكرّرة لانتخابات نيابيّة مبكرة .. كلّ ذلك ليس من الثورة بشيء، لأنه لا ينتج بديلًا لصيغة النّظام السّائدة؛
• فإسقاط الحكومة سيأتي بحكومة أخرى (لا فرق إن وضعت ضمّة أو فتحةً فوق الهمزة) وكذلك استبدال رئيس الجمهوريّة، والانتخابات النيابيّة المبكرة في ظل القانون الانتخابي ذاته، سيولّد مجلسًا نسخة طبق الأصل عن سابقه وإن تغيّرت بعض الوجوه والحصص ..
• الثّورة الحقيقيّة هي بتغيير صيغة النّظام بكاملها وإنشاء عقدٍ سياسيٍّ اجتماعيّ جديد، وهذا ما لم تقاربه الجماهير المتمرّدة في الشّوارع والأزقّة، وبالتالي سيتمّ وأد طموحاتها وموت مطالبها طوعيًّا، لأنّها آنية ظرفيّة لا تحمل أوكسجين البقاء والحياة، ففي كثيرٍ منها هي مرتهنة لأحزاب السّلطة العميقة ذاتها سرعان ما تتبدّد عندما يشكّلون حكومةً تجمعهم على تناقضاتهم.. ولأنّها في كثيرٍ منها، مرتهنةٌ لدولٍ خارجيّة تنفّذ أجنداتها وتطلق شعاراتٍ مستحيلةَ المنال ..
• حاول حسّان دياب القيام بثورةٍ بيضاء من داخل المؤسّسات، لكنّه اصطدم بمنظومة فسادٍ متجذّرة ومتمكّنة من مفاصل النّظام، وقد اشتدّ عودها وقسا عظمها فأحكمت قبضتها على الدولة ومرافقها، تلك القبضة كانت القاضيّة على حكومته بعد أشهر قليلة من شرف المحاولة..
• خلاصة القول الثّورة، بالمعنى التقليديّ للكلمة، لا تناسب تركيبة هذا البلد الهجين، حتى ولو فُرضت تحت الفصل الأمميّ السابع.. فعلى سبيل الإشارة والتّأكيد، ليس من البساطة بمكان أن يستبدل أكبر حزب في لبنان كلمة ثورة من شعاره بكلمة مقاومة .. أمّا البديل المتاح -قبل أو بعد الفوضى المرتقبة- فهو حوارٌ وطنيّ (محلّيّ – دوليّ) حول صيغة النّظام الجديد والعقد السياسيّ الجديد الذي يناسب طبيعة وطن الطّوائف في مئويّته الأولى، والعتبة الأساسيّة فيه:
– إلغاء الطائفيّة السياسيّة واعتماد الدولة المدنيّة.
– إقرار قانون انتخابات جديد يعتمد لبنان دائرة انتخابيّة واحدة خارج القيد الطائفيّ.
– إنشاء مجلسٍ للشّيوخ يراعي التّوازنات الطائفية

عقد سياسيّ جديد
لا للفوضى لا للفتنة لا للحرب الأهليّة