مجلة وفاء wafaamagazine
استقبل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، الرئيس فؤاد السنيورة الذي عقد خلوة مع المفتي دريان قبيل انضمامه الى جلسة المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى.
بعد اللقاء، قال الرئيس السنيورة: “أنا سعيد هذا الصباح ان أكون في هذه الدار الكريمة لحضور جلسة المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى. وكما تعلمون أن جميع رؤساء الحكومة السابقين هم أعضاء حكميين في المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، وبالتالي هذه مناسبة للقاء ولا سيما انه قد مضى قرابة شهرين لم ينعقد المجلس الشرعي بسبب العطلة الصيفية وأيضا بسبب الأوضاع والأحداث التي سادت خلال الأسابيع الماضية، وبالتالي هذه مناسبة للتداول مع سماحته ومع أعضاء المجلس الشرعي في هذه القضايا التي تعصف بلبنان في هذه المرحلة الصعبة. ولا شك، الجميع يدرك أن لبنان يمر بظروف بالغة العسر والصعوبة، ربما لم يعرف مثيلا لها في تاريخه الحديث من انهيار اقتصادي ومالي ونقدي يطال معظم القطاعات الاقتصادية، ولارتفاع هائل بنسبة الفقر والفقراء، والى كارثة نزلت بمدينة بيروت نتيجة التفجير المريب الذي حدث في الرابع من آب الماضي في بيروت، والى وباء كورونا الشديد الهول الذي يجتاح لبنان، والعزلة التي أصبح يعاني منها لبنان عن أشقائه العرب وعن العالم، وبالتالي حاجته الماسة اليوم الى حكومة قادرة وفاعلة لإيقاف الانهيار والبدء باستعادة الثقة والتصدي للازمات الكبرى التي أوصلت اللبنانيين إلى الهلاك في البر والبحر. لذلك، فإني أنتهز هذه المناسبة لكي أدعو وأتمنى على جميع المعنيين في لبنان على التمسك بوثيقة الوفاق الوطني والدستور نصا وروحا والكف عن العبث بهذا النص المرجعي الجامع وذلك بفرض أعراف تخل بنص الدستور أو تدعو لعقد سياسي جديد أو نظام جديد يراد التفاوض عليه”.
أضاف: “في الواقع، ليست هناك أزمة في النظام السياسي اللبناني وإنما هناك حالات متفاقمة من ممارسات الاستئثار والاستعصاء والتجاهل الفاقع لاستقرار لبنان وعيشه المشترك لحاجة اللبنانيين الماسة الآن من أجل إعادة الاستقرار، ويكون ذلك من خلال حكومة إنقاذ مصغرة ذات مهمة محددة تتألف من عدد من المتخصصين الأكفاء غير الحزبيين ولا يكونون أسرى العصبيات الطائفية أو المذهبية ولا أسرى الإلتزامات السياسية من هنا أو هناك. الكل يعلم أن البلاد في وضع الفشل والبؤس والإفلاس الذي بلغته لا تتحمل ممارسات غير وطنية وغير مسؤولة، لذلك لا بد من الإقلاع عن التشبث بالحقوق المزعومة للطوائف والمذاهب والالتفات إلى معالجة قضايا الوطن الملحة وتلبية مصالح وحقوق المواطنين في حاضرهم ومستقبلهم، وبالتالي ومرة جديدة فإني أتمنى على جميع الفاعليات السياسية وكل الوطنيين اللبنانيين إلى الثبات على الموقف من التزام الدستور صونا للحياة السياسية الديمقراطية والحرة والكريمة، وحفظا للعيش المشترك بين اللبنانيين وبالتالي عدم التنازل عن الحقوق الوطنية أو لا سمح الله تفشل الحكومة العتيدة وتسقط معها فرص الإنقاذ التي لا تزال متاحة حتى الآن”.
وختم: “قبل أن أنهي كلامي، أود أن أتوجه إلى غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي بتحية تقدير على مواقفه الواضحة والشجاعة إلى جانب الدستور اللبناني دفاعا عن العيش الوطني المشترك بين اللبنانيين وأيضا على موقفه في موضوع تحييد البلاد عن النزاعات والمحاور الإقليمية والدولية والانتصار لحقوق ومصالح الوطن والمواطنين”.
سئل: ما رأيكم بالسجال الحاصل بين بكركي والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى؟
أجاب: “أنا أتمنى على الجميع الابتعاد عن كل هذه السجالات، ولا يعني ذلك أن ما قاله غبطة البطريرك كان مخالفا للمبادئ الأساسية التي يقوم عليها لبنان، بل أنا أتمنى على الجميع أن يكونوا قدوة لكل اللبنانيين في التبصر في الأوضاع الصعبة التي يمر بها لبنان، وبالتالي العمل سوية للخروج من هذه المآزق بالدعوة الى الوحدة الوطنية بين اللبنانيين، وإعلاء شأن المصالح الحقيقية للبنانيين من أجل إقدار لبنان على الخروج من هذه المشكلات الصعبة التي أصبح لبنان في خضمها، وبالتالي الحرص على عدم الانزلاق والوقوف ضد استدراج لبنان الى مشكلات جديدة هو بغنى عنها”.
ردا على سؤال عن كلمة “جهنم” التي استخدمها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، قال: “”أنا أعتقد أن استعمال هذه العبارة لم يكن موفقا، ولكن من ناحية ثانية قد أراد فخامة الرئيس أن يدلل على مسألة أساسية وهي الوضع الشديد الصعوبة الذي يمر به لبنان. تفتح للبنان الآن فرصة من خلال المبادرة الفرنسية، والتي أنا أعتقد أنه يجب التقاط هذه الفرصة، وبالتالي العمل من اجل ان يتم تأليف حكومة انقاذ. يجب أن لا ننسى أولئك اللبنانيين الذين تظاهروا ابتداء من 17 تشرين الأول الماضي، والذين طالبوا بحكومة حيادية، ومن غير الحزبيين، وحكومة يكون همها إنقاذ لبنان، وبالتالي فإني أعتقد ان الطريقة الوحيدة لاستعادة ثقة اللبنانيين بالدولة اللبنانية، وأيضا بالطبقة السياسية في لبنان، هو هذا الممر في ان تكون هناك حكومة حيادية غير حزبية، تكون مصغرة وبالتالي يجري بها فعليا إعطاء الحقائب الوزارية لوجوه جديدة تتمتع بالكفاءة والجدارة والنزاهة لتولي كل الحقائب الوزارية”.
وتابع السنيورة: “الدستور اللبناني شديد الوضوح: ليس هناك من حقيبة وزارية في لبنان محصورة أو محتكرة من قبل طائفة معينة أو مذهب معين، كما انه وفي الوقت نفسه ليس هناك ما يحول دون ان يتمكن أي لبناني يصبح وزيرا، من أن يتولى أي حقيبة من الحقائب. ليس هناك حقائب حصرا لطوائف أو حقائب ممنوعة على ممثلي طوائف صغيرة أو كبيرة. الأمر واضح وبالتالي ليس من المفيد إقحام لبنان بمشكلات جديدة هو بغنى عنها، وذلك من أجل صرف الأنظار عن المشكلات الأساسية التي يعاني منها لبنان، محاولات تحويل الانتباه الى مشكلات جديدة مستجدة او طروحات ليست دستورية ولم يتم فيها أي عرف مستقر ولم يتم الموافقة عليها في اتفاق الطائف. اتفاق الطائف واضح ويمكن سؤال من كانوا حاضرين وبالإمكان الاطلاع على النص بإمكان أي احد ان يطلع عليه، هذا الامر أصبح واضحا، وبالتالي من غير المفيد ان يصار الى إدخال اللبنانيين في أتون هذه المشكلات من جديد”.
وردا على سؤال قال: لكل واحد رأيه. وأنا اعتقد أن هناك فرصة متاحة الآن، هناك مبادرة فرنسية التي هي فعليا أن هناك حكومة انقاذ مصغرة ومن غير الحزبيين وبالتالي ان يصار الى تولي هذه الحقائب من أناس يتمتعون بالكفاءة وبالتجرد وبالنزاهة التي يستطيعون بها أن يدخلوا لبنان مرة جديدة في الاتجاه الذي يؤدي به الى الخروج من هذه المآزق المتجمعة وان يتم التداول في هذه الحقائب والتي تعتبر خطوة على طريق الاصلاح”.
وعن موقف الثنائي الشيعي الثابت، قال: “ما هو أهم وما يرضي الجميع، هو العودة الى الدستور والقانون. هما الأساس الذي يجب ان يعتمدا وبالتالي الوصول الى ما يرضي الجميع. أما عندما يكون هناك أحد يريد شيئا خلافا للدستور، وبالتالي يتهم الآخرين من هنا وهناك بأنهم هم الذين يعطلون، بالطبع هذا ليس مفيدا. الدستور هو الذي يحكم العلاقة بين اللبنانيين، والعودة مثل الشخص الذي يقود سيارة ويتجه الى المفرق الخطأ، وبالتالي أفضل طريقة للخلاص من المشكلة هو العودة الى الاوتوستراد والاوتوستراد هو الدستور واتفاق الطائف والقانون. هذا الذي ينقذ لبنان، وهذا هو الطريق الوحيد المتاح، وهو الطريق الذي ينقذنا من الانهيارات لا سمح الله”.
الوكالة الوطنية للاعلام