الرئيسية / سياسة / غموض واسع يلف تحرك الحريري وجنبلاط يهاجمه

غموض واسع يلف تحرك الحريري وجنبلاط يهاجمه

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت صحيفة ” النهار “

 ‎في واقع غير مسبوق يشهده لبنان المأزوم الذي يعاني من اكتساح بالغ الخطورة والاتساع ‏لبلداته وقراه بوباء كورونا بما ينذر باوخم الاخطار التي انعكست على العودة الناقصة ‏والفوضوية للمدارس امس، وفيما يرزح تحت وطأة أسوأ انهياراته المالية والاقتصادية ‏والاجتماعية، يتوزع المشهد المصيري في الساعات ال48 المقبلة على عين ترصد دينامية ‏جديدة في المسعى الحريري المتقدم في ملف تشكيل الحكومة، والعين الثانية ترصد اول ‏اجتماع افتتاحي للمفاوضات اللبنانية الإسرائيلية غير المباشرة في الناقورة غدا لترسيم ‏الحدود البحرية والبرية الجنوبية‎.‎
‎ ‎
واذا كان للمواقف العلنية التي تجمعت في اليوم الأول من إدارة الرئيس سعد الحريري ‏محركات اتصالاته بزخم لافت حيال مبادرته المتصلة بتشكيل حكومة تنفيذ المبادرة ‏الفرنسية وبرنامج قصر الصنوبر الإصلاحي، فان الحصيلة المبدئية التي انتهت اليها زيارته ‏لكل من قصر بعبدا وعين التينة تبدو واعدة. ولكن ذلك لن يسقط حتما قاعدة الشيطان ‏الذي يكمن في التفاصيل بما يوجب استمرار الحذر وتجنب اسقاط عوامل العرقلة للمسعى ‏الحريري لدى فتح ملف التأليف التفصيلي وسط كتمان شديد احيطت به الزيارتان لجهة ‏التعتيم على تناول الجانب الإجرائي المتعلق بآلية التأليف او الجانب الشخصي الذي يصعب ‏عزله عن تلقي كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ‏زيارتي الرئيس الحريري بعد فترة جفاء او قطيعة، خرج الأخير من لقاءي بعبدا وعين التينة ‏بتأكيدات جازمة حيال التزام المبادرة الفرنسية وبرنامج إصلاحاتها وهما الموضوعان اللذان ‏أدرجهما الحريري في رأس قائمة أولوياته في اطلاق جولة الاتصالات واللقاءات التي ‏باشرها شخصيا وسيكملها وفد من كتلة المستقبل اليوم مع سائر القوى التي شاركت في ‏لقاءي قصر الصنوبر مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. وبدا واضحا ان الحريري تعمد ‏في اليوم الأول من تحركه ان يركز الأولويات في لقائيه مع الرئيسين عون وبري على نقطة ‏الارتكاز التي جعلته يقوم بسابقة سياسية تمثلت بإطلاقه مشاورات ما قبل الاستشارات ‏النيابية الملزمة التي سيجريها الرئيس عون الخميس المقبل ما لم يطرأ ما يملي إرجاءها ‏الى موعد آخر‎ .‎


وهذه النقطة تتصل بربط مجمل مبادرته وتحركه ارتباطا لا فكاك منه أولا وقبل الدخول في ‏تفاصيل عملية تشكيل الحكومة باستعداد القوى التي شاركت في لقائي قصر الصنوبر مع ‏الرئيس الفرنسي على المضي في تنفيذ المبادرة الفرنسية كأساس لإمكان تكليف الحريري ‏تشكيل الحكومة. ولذا ستستكمل في الساعات المقبلة هذه المبادرة بجولة واسعة يقوم بها ‏وفد من كتلة المستقبل يضم النواب بهية الحريري وهادي حبيش وسمير الجسر على رؤساء ‏الكتل الأساسية التي شاركت في لقاء قصر الصنوبر، وسيبدأ الوفد جولته اليوم بزيارة ‏بنشعي للقاء رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ويزور لاحقا حزب الطاشناق ثم رئيس حزب ‏القوات اللبنانية سمير جعجع على ان تستكمل الجولة على القيادات الأخرى غدا. وفي ما ‏يتصل بمسألة تأليف الحكومة، فترصد الأوساط المعنية معطيات حول مسألة أساسية هي ‏تسمية الوزراء الاختصاصيين وهل ستوافق القوى المعنية ولا سيما الثنائي الشيعي والتيار ‏الوطني الحرعلى طرح الحريري بحكومة اختصاصيين مستقلين عن الأحزاب كليا ام سيقبل ‏الحريري على تسمية القوى وزراء اختصاصيين غير حزبيين كما يقترح الثنائي الشيعي . ‏ويبدو ان هذه ستكون المعضلة الكبيرة التي سيتوقف عليها مصير تحرك الحريري الذي ‏ابلغ الى الرئيس عون انه سيزوره ثانية قبل موعد الاستشارات الخميس بما يوحي انه يتوقع ‏بلورة نتائج تحركه قبل الموعد‎.‎
‎ ‎
الحريري
وكان عون ابلغ الحريري خلال لقائهما في بعبدا وجوب تشكيل حكومة جديدة بالسرعة ‏الممكنة لان الأوضاع لم تعد تحتمل مزيدا من التردي وشدد على ضرورة التمسك بالمبادرة ‏الفرنسية. اما الحريري فاطلق مزيدا من المواقف البارزة والمتشددة حيال التزام المبادرة ‏الفرنسية فوصفها بانها “الفرصة الوحيدة والأخيرة الباقية لوقف انهيار البلد وإعادة اعمار ‏بيروت”. وحذر من “ان لا وقت لدينا لإضاعته في المهاترات السياسية واذا أراد احد تغيير ‏مفهوم المبادرة فليتحمل المسؤولية”. وكرر ان عدم وجود أحزاب في الحكومة “هو لأشهر ‏معدودة فقط وأننا كأحزاب لن نموت”. وشدد على ان الإصلاحات وجدولها الزمني محددة ‏ومفصلة في ورقة قصر الصنوبر التي هي بمثابة بيان وزاري للحكومة الجديدة‎”.‎
وبعد زيارته عين التينة مساء وصف الحريري اللقاء مع بري بانه “كان إيجابيا وكان الرئيس ‏بري واضحا بانه موافق على وإيجابي جدا بالنسبة الإصلاحات التي تتضمنها الورقة ‏الاقتصادية وهذا امر مطمئن‎ “.‎
‎ ‎
جنبلاط
ولكن تطورا سلبيا برز ليلا مع حملة حادة شنها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد ‏جنبلاط على الحريري معلنا انه رفض استقبال وفد كتلة المستقبل وانه لن يسمي أحدا ‏لرئاسة الحكومة “وليس هكذا يعامل وليد جنبلاط “. وإذ اعتبر في حديث الى محطة ‏‏”الجديد” انه يتعرض للالغاء طلب من السلطة المكونة من حزب الله وحركة امل وتيار ‏المستقبل “ان يعتبروا ان هناك مكونا أساسيا في البلاد اسمه المكون العربي الدرزي” قال ‏ان “المواصفات تتغير والحريري يقول انه يريد حكومة اختصاصيين دون سياسيين لكن ‏نسأل اليس هو سياسي؟ الحريري سمى نفسه وليس هناك حاجة ان نذهب الى بعبدا ومن ‏الممكن ان يكون هناك صفقة مع جبران باسيل والثنائي الشيعي “. واعترف انه قال للرئيس ‏ماكرون بانه “من الأفضل ان يكون شخص ثان بدلا من الحريري ووقتها كان الاسم المطروح ‏نواف سلام لان اسم الحريري قد يثير غضب الشارع لكن الحريري أخذها شخصية ” واتهم ‏جنبلاط الحريري بانه سلم الدولة في السنوات الثلاث الأخيرة للثنائي الشيعي والتيار ‏الوطني الحر‎ .‎
‎ ‎
المفاوضات
اما الاستحقاق الاخر البارز فيتمثل بإلاستعدادات لانطلاق الجولة الافتتاحية لمفاوضات ‏ترسيم الحدود البحرية في مقر قادة اليونيفيل غدا في الناقورة، اذ أعلنت رئاسة الجمهورية ‏امس تشكيل الوفد المفاوض والذي اقتصر على وفد عسكري تقني برئاسة العميد الركن ‏الطيار بسام ياسين وعضوية العقيد الركن البحري مازن بصبوص وعضو هيئة إدارة قطاع ‏البترول وسام شباط والخبير نجيب مسيحي . ولعل من غرائب الواقع السلطوي الحالي ان ‏اعلان تأليف الوفد لم يمر بسلام داخل السلطة نفسها بل فجر معركة تنازع على الصلاحيات ‏عندما بادر رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب عبر الأمانة العامة لمجلس الوزراء ‏الى توجيه كتاب رسمي الى رئاسة الجمهورية يعترض فيه على ما اعتبره مخالفة دستورية ‏للمادة 52 من الدستور التي تنص على تولي رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد ‏المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة محذرا من أن أي منحى مغاير ‏يشكل مخالفة واضحة وصريحة لنص دستوري مع ما يترتب على ذلك من نتائج‎ .‎
‎ ‎
وفي هذا السياق أعلنت وزارة الخارجية الأميركية توجه مساعد وزير الخارجية الأميركي ‏لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر الى لبنان حيث سيشارك في الجلسة الافتتاحية ‏للمفاوضات حول الحدود البحرية بين الحكومتين اللبنانية والإسرائيلية التي يستضيفها ‏منسق الأمم المتحدة الخاص في لبنان يان كوبيتش . وأعلنت الوزارة ان السفير جون ‏ديروشر سينضم الى شينكر وهو سيكون الوسيط الأميركي في هذه المفاوضات‎.‎