
مجلة وفاء wafaamagazine
لليوم الثاني على التوالي، تتواصل المواجهات المسلحة في مدينة السويداء السورية، حيث لم تُفلح المساعي والاتصالات الجارية في التوصل إلى اتفاق بعد انهيار الاتفاق الذي أعلنت عنه حكومة دمشق، في وقت سابق، فيما أعلن الموفد الأميركي إلى سوريا أن الحلّ يجب أن «يُراعي» الدروز والقبائل والحكومة السورية وإسرائيل.وفي التفاصيل، ادعت وزارة الداخلية السورية أنّ «قوى الأمن الداخلي تمكنت، بالتعاون مع وحدات من وزارة الدفاع، من طرد المجموعات الخارجة عن القانون من مركز مدينة السويداء، وتأمين المدنيين، وإعادة مظاهر الاستقرار إلى المدينة».
وأضافت الوزارة، في بيان، أنه «في أعقاب هذه العملية، عُقد اجتماع موسّع ضمّ قائد الأمن الداخلي في السويداء، أحمد الدالاتي، وعدداً من رجال الدين ووجهاء المدينة، حيث تم التوافق على تثبيت نقاط أمنية داخل المدينة، وسحب الآليات العسكرية ووحدات قوات الدفاع، استجابةً لرغبة الأهالي وتعزيزاً لحالة التهدئة».غير أن الوزارة زعمت أن «هذه التفاهمات سرعان ما تعرضت للخرق، حيث عادت المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون لشنّ اعتداءات غادرة استهدفت عناصر الشرطة والأمن، في محاولة لإرباك المشهد الأمني ونسف ما تم التوصل إليه من تفاهمات محلية».
بدوره، اعتبر شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين في سوريا، الشيخ يوسف جربوع، أن «السويداء اليوم في مأزق، وما جرى خلال الـ 48 ساعة الماضية لم نكن نتوقعه في يوم من الأيام»، مؤكداً أن المحافظة تعتبر «قدوةً ومثالاً على مستوى المنطقة بوطنيتها والتزامها والتزام أبنائها بالعادات والتقاليد والأعراف والأخلاق الدينية والاجتماعية، لكن الذي حدث اليوم نسف الكثير من هذه الأعراف والتقاليد».ودعا الشيخ جربوع، خلال اجتماع مع قادة الأمن الداخلي، إلى «إعادة الثقة ومنع التعديات والتجاوزات غير المقبولة»، مشدداً على أنّ «من واجب الدولة حماية مواطنيها من كل التعديات التي تؤثر على الجميع».وأشاد بكلام قادة الأمن الداخلي، واصفاً إياه بـ«لخطوة الأولى» نحو بناء الثقة، قائلاً: «نحن نبني على كلامكم وعلى الشيء الذي قدمتموه، ونحن مع دولتنا ومع سوريتنا وانتمائنا لوطننا ولا نقبل أي توجه للخارج».
وفي السياق، أشارت وزارة الداخلية في بيانها إلى «تطور خطير»، قالت إنه تمثّل بتنفيذ «طيران الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية دعماً لتلك المجموعات، استهدفت مواقع انتشار القوات الأمنية والعسكرية، ما أسفر عن استشهاد عدد من عناصر قوى الأمن الداخلي والجيش السوري»، لافتة إلى أن «الاشتباكات لا تزال مستمرة في بعض أحياء المدينة، في ظل جهود حثيثة تبذلها الحكومة بالتنسيق مع وجهاء وأعيان السويداء، لاستعادة السيطرة الكاملة وفرض الأمن والاستقرار بشكل دائم».
من جانبها، أدانت وزارة الخارجية السورية «العدوان الإسرائيلي الغادر الذي نُفذ صباح اليوم عبر غارات جوية وهجمات منسقة باستخدام طائرات مسيّرة وطائرات حربية، استهدفت مناطق داخل الأراضي السورية».وأكدت الوزارة، في بيان، أن «هذا العمل الإجرامي يُعد انتهاكاً صارخاً» للسيادة السورية، و«مثالاً مرفوضاً على العدوان المستمر والتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لدول ذات سيادة».واعتبرت أن العدوان جاء في «توقيت مدروس وسياق مشبوه، يستهدف زعزعة الاستقرار الوطني، وضرب الوحدة السورية في لحظة مصيرية تسعى فيها الدولة لترسيخ الأمن والنهوض من آثار الحرب».
وأكد بيان الخارجية حرص الدولة على «حماية جميع أبنائها دون استثناء، وفي مقدمتهم أهلنا من أبناء الطائفة الدرزية، الذين يشكلون جزءاً أصيلاً من الهوية الوطنية والنسيج السوري الواحد»، داعياً الأهالي في محافظة السويداء إلى «الوقوف صفاً واحداً خلف دولتهم وجيشهم الوطني، ورفض الانجرار خلف أي مشاريع مشبوهة أو دعوات فوضوية».وكانت الرئاسة السورية قد شددت، في وقت سابق، على ضرورة «التزام كافة الجهات العامة والخاصة المدنية والعسكرية بمنع أي شكل من أشكال التجاوز أو الانتهاك تحت أي مبرر كان»، معلنةً، في بيان لها، تكليف «الجهات الرقابية والتنفيذية المختصة باتخاذ الإجراءات القانونية الفورية بحق كل من يُثبت تجاوزه أو إساءته مهما كانت رتبته أو موقعه».
إلى ذلك، رأى المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم برّاك، أن «الاشتباكات الأخيرة في السويداء تثير القلق لدى الجميع»، مشيراً إلى أن بلاده تسعى إلى حل «يراعي الدروز والقبائل والحكومة وإسرائيل».
وقال برّاك، في منشور عبر «أكس»: «نحن منخرطون بنشاط مع جميع الأطراف في سوريا للانتقال نحو التهدئة ومواصلة المناقشات البناءة»، معتبراً أن «التضليل والتشويش وضعف التواصل تمثل التحدي الأكبر لضمان دمج سلمي ومدروس لمصالح كل طرف».
في المقابل، سجّل المرصد السوري لحقوق الإنسان مجموعة انتهاكات تعرض لها أهالي السويداء من قبل القوات الأمنية الحكومية التي تزعم حماية الأهالي وضبط الأمن.ووفق المرصد، «أقدم عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية على تنفيذ إعدامات ميدانية طالت 12 مدنياً دزرياً، عقب اقتحام مضافة آل رضوان في مدينة السويداء».وأفاد المرصد أيضاً أن مجموعة مسلحة قال إنها تابعة للقوات الحكومية «أعدمت 4 مدنيين دروزاً، بينهم امرأة في مضافة آل مظلومة بقرية الثعلة» في ريف السويداء.كما أطلقت «مجموعة مسلّحة تابعة لدوريات الأمن العام، النار، بشكل مباشر، على ثلاثة أشقاء بالقرب من دوّار الباشا شمال مدينة السويداء، أثناء وجودهم برفقة والدتهم، التي شاهدت لحظة إعدامهم ميدانياً»، وفق المرصد.