الرئيسية / فنون / هكذا اقتحم بهاء الحريري المشهد الإعلامي

هكذا اقتحم بهاء الحريري المشهد الإعلامي

مجلة وفاء wafaamagazine

الصراع بين الشقيقين تظهّر أخيراً في موقع وإذاعة يشكّلان رافعة لمشروع بهاء الحريري السياسي. التمويل بالدولار، ويجري استقطاب إعلاميين لتقديم برامج سياسية ذات وجهة محددة

في عزّ التظاهرات التي انطلقت في 17 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أبصر موقع إلكتروني النور بين ليلة وضحاها، حاملاً اسم «بيروت سيتي» (تبعته إذاعة «صوت بيروت انترناشونال» التي تبثّ برامجها عبر شبكة الإنترنت فقط). حينها، كان الموقع متخصّصاً في نشر الأخبار السياسية والتغطيات المصوّرة للحراك الشعبي في مختلف المناطق اللبنانية. بالطبع، ما لفت الانتباه هو سياسة «بيروت سيتي» التحريرية التي تعتمد على أخبار تهاجم المقاومة وإيران وتدافع عن السعودية وحلفائها، إضافة إلى تلميع صورة بهاء رفيق الحريري عبر نشر أيّ تصريح يدلي به، ودعم التظاهرات بشكل قوي تحت غطاء «الثورة». كانت أخبار الموقع يتمّ دعمها عبر خطة إعلانية ترويجية واسعة على صفحات السوشال ميديا (فايسبوك وتويتر…). ظلّ «بيروت سيتي» يعمل ضمن خطّته الإخبارية، لكن برزت على الساحة أيضاً منصّة (إذاعة) «صوت بيروت انترناشونال» التي وضعت نفسها تحت المجهر، بعدما بدأ التعاقد مع عدد من المقدّمين المعروفين على رأسهم طوني خليفة.

فقد أطلّ الأخير الجمعة الماضي في أولى حلقات برنامجه «سؤال محرج» (إنتاج طوني خليفة) الذي استضاف نائبة رئيس التيار الوطني الحرّ مي خريش. البرنامج كناية عن «توك شو» بأسئلة فيها القليل من الجرأة والبهارات، ويرتكز إلى المفاضلة بين الدول والشخصيات السياسية. كادت حلقة الانطلاقة أن تكون عادية لولا سؤال طرحه خليفة على ضيفته بعدما عرض علمَي إيران والمملكة العربية السعودية. من تفضّل خريش؟ بعد أخذ وردّ، كان جوابها «أختار إيران لأني أحب حياكة السجاد التي تعلّم الناس الصبر» على حدّ تعبير الضيفة. وتابعت أن اختيارها إيران يأتي من منطلق أنّ ثمة هامشاً أوسع من الحرية هناك مما هو متوافر في المملكة. جواب تحوّل إلى مادة مثيرة للجدل على الصفحات الافتراضية، وتعرّضت خريش على أثره لهجوم، ما دفعها لاحقاً إلى التغريد بأن رأيها بالسعودية وإيران شخصي لا علاقة للتيار به. هكذا، عاد الحديث عن الجهة السياسية التي تقف خلف موقعَي «بيروت سيتي» و«صوت بيروت انترناشونال»، فهل هما توأم لجهة سياسية واحدة؟ ومن يدعمهما مادياً، خاصة أن وسائل الإعلام اللبنانية تعيش أصعب أيامها وسط مشاكل مالية تعانيها القنوات والصحف، وأدّت إلى إقفال عدد كبير من تلك المؤسّسات أو دفع نصف راتب للموظفين منذ بداية العام الحالي. في جولة سريعة على صفحة «صوت بيروت» الرسمية، يتّضح أنها إذاعة تأسّست على الإنترنت عام 2005. وبحسب التعريف الذي تذكره على صفحتها الإلكترونية، أنه بعد «اندلاع ثورة 17 تشرين، دخل راديو «صوت بيروت انترناشونال» مرحلة جديدة من التغطية الإخبارية المباشرة بالصوت والصورة على صفحة فيسبوك الخاصة بالإذاعة وبالتعاون مع صفحة «بيروت سيتي»».
في هذا السياق، تلفت بعض المصادر لـ «الأخبار» إلى أن الموقعَين الإعلاميين يموّلهما بهاء الحريري الذي يتلقى الدعم المادي من أطراف سعودية ودول خليجية وغربية، ويديرهما جيري ماهر (مستشار بهاء الحريري) بشكل مباشر لناحية المضمون التحريري والرسائل السياسية. وتوضح المصادر أن الموقعَين لا يملكان مكتبين ثابتين في بيروت، بل يتمّ التعاقد مع الإعلاميين من دون عقد عمل قانوني، كي لا يدخل الحريري في متاهة الضمان الاجتماعي مع الموظفين ودفع حقوقهم في حال تمّ الاستغناء عنهم. هكذا، يعمل الصحافيون على شكل «فري لانسر» بفريق كامل من المصوّرين والمنتجين والمراسلين في مختلف المناطق اللبنانية.
الموقعان يديرهما جيري ماهر بشكل مباشر لناحية المضمون التحريري

وتشير المصادر نفسها إلى أن غالبية الصحافيين الذين يعملون في «بيروت سيتي» و«صوت بيروت انترناشونال» كانوا موظفين في وسائل الإعلام التي كانت تابعة لسعد الحريري وتحديداً تلفزيون «المستقبل» الذي أغلق أبوابه قبل عامين تقريباً. وكان أولئك الإعلاميون من مؤيّدي سعد، ولكنهم عدلوا عن رأيهم بعدما أخلّ رئيس الحكومة السابق بدفع أتعابهم بعد إقفال الشاشة التي أسّسها الراحل رفيق الحريري في تسعينيات القرن الماضي. وتؤكّد المصادر أن بهاء يحاول أن يخوض تجربة إعلامية تشكّل رافعة في مشروعه السياسي المدعوم من الخارج، مستفيداً من تجربة شقيقه سعد الذي فشل في الحفاظ على مؤسساته الإعلامية التي وقعت في أزمة مالية وأغلقت أبوابها بدءاً من صحيفة «المستقبل» وصولاً إلى التلفزيون. أمر أفقد سعد جناحيه الإعلاميَّين اللذين أسّسهما والده رفيق وكان يتكّل عليهما في الترويج لمشاريعه.
وتشير المصادر إلى أن بهاء قرّر دخول الساحة السياسية اللبنانية عبر واجهة الإعلام («نيو ميديا») وتمرير مشروعه السياسي من دون تكبّد كلفة مالية ضخمة كإطلاق قناة تلفزيونية، مشيراً إلى أن مشروع الحريري الإعلامي سيتوسّع قريباً عبر وسائل إعلامية أخرى لم تتضح صورتها بعد. كما تم تخصيص ميزانية مالية لافتة للموقعين، ويتمّ دفع المستحقات بالدولار الأميركي (fresh money). على الضفة نفسها، تلفت المصادر إلى أن «صوت بيروت» ستوسع قريباً من دائرة الإعلاميين الذين سيقدمون حوارات فيها، إذ يجري التفاوض مع ماريو عبود مذيع أخبار قناة lbci، لتولّي مهام برنامج سياسي. باختصار، في ظلّ الأزمات المالية التي تتخبط بها وسائل الإعلام، يأتي موقعا «صوت بيروت انترناشونال» و«بيروت سيتي» ليظهّرا الصراع السياسي بين الحريريَّين بهاء وسعد.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الاخبار