مجلة وفاء wafaamagazine
يتقاسم سلامة والقوى السياسية الأدوار: هو يتكفّل بحجب المعلومات، وهي بالغطاء القانوني لسرّيتها
نقولا ناصيف
بإزاء ما يشاع أن الحكومة الجديدة ــــ إذا تألفت يوماً ــــ وإصلاحاتها يأتيان بالعملات الصعبة الى الداخل، ثمة رأي مغاير يفصح عنه بعض مَن أصغى الى المحاورين الدوليين والسفراء المؤثّرين: من دون تدقيق جنائي في حسابات مصرف لبنان لا تتوقعوا دولاراً واحداً
تتناقض استنتاجات المسؤولين حيال ما يسمعونه من الموفدين الدوليين أو من سفراء الدول المؤثرة عن المطلوب من لبنان كي يخرج من أزمته النقدية الخانقة، ويستقبل المساعدات والعملات الصعبة. بينهم مَن سمعهم يتحدّثون عن أولوية تأليف الحكومة، ومن ثم مباشرتها الإصلاحات البنيوية، وبينهم مَن قيل لهم إن الأولوية في التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان كمفتاح رئيسي ليس للإصلاح فحسب، بل لوضع حدّ لتفشّي فساد السلطات السياسية الذي أضحى لا يطاق.
تقاطع وحيد بين الأولويتين المتفرقتين، هو إخراج الحكومة والإصلاح الاقتصادي من أيدي القوى السياسية التي تمسك بإحكام بالسلطات ومقدرات البلاد. ذاك مغزى الكلام الغربي الملحّ على استعجال تأليف حكومة اختصاصيين مستقلين لا مكان فيها للكتل وأحزابها واللصيقين بهما، كما على «تنظيف» مصرف لبنان من الأدران المعشّشة فيه التي هي صورة مكمّلة للطبقة السياسية انطلاقاً من الافتراض أن تنظيفه يكشف الدور الرئيسي لها في انهيار البلاد وتورّطها في وصولها الى حافة الانهيار.
مع أن الأولويتين متفرّقتان، إلا أنهما صورتان متكاملتان لمشكلة واحدة لدى الغرب، لا حلّ لها إلا بكف يد الضالعين في ما وصل إليه لبنان عن الاستمرار في أدوارهم ووظائفهم. من غير المنطقي في حسبانه أن الذي أغرق الاقتصاد والعملة الوطنية الى القعر، يسعه إخراجهما منه، ولا وضع الإصلاح بين يديه. في ما يؤكده بعض المسؤولين، أن محاوريهم الغربيين جميعاً تقريباً، بدءاً بصندوق النقد الدولي، مروراً بالفرنسيين والأميركيين والأوروبيين بما في ذلك ما تنص عليه مبادرة الرئيس الفرنسي، يبلغون إليهم أنهم يأخذون في الاعتبار وجود تفسيرين ووجهتَي نظر متنافرتين بإزاء التدقيق الجنائي وفريق الشركة الدولية «الفاريز اند مارسال» قبل تمديدها ثلاثة أشهر وإبانها، مرتبطتين بقانونَي السرّية المصرفية والنقد والتسليف. إلا أن وجهتَي النظر هاتين لا تلغيان أولوية مهمة الشركة الدولية المدققة.
ما يقوله المحاورون الغربيون إنهم غير معنيين بالجدل الداخلي القائم حيال هذين القانونين، إلا بمقدار ما يؤدي الى الوصول الى المعلومات التي تكشف فعلياً حجم خسائر مصرف لبنان والمسؤولين عنها، كي تترتب عليها المسؤوليات من ثم. بين هؤلاء مَن قال بوضوح: لن تذهبوا الى المستقبل قبل العودة الى الماضي، ومعرفة المخبأ فيه.
بعض مَن أصغى إليهم من السياسيين اللبنانيين عقّب، وهو يجري مراجعة منذ مطلع الولاية: التدقيق الجنائي إذا حصل ــــ وقد لا يحصل ــــ أخطاره التالية أكبر من أسراره القديمة. إما يطيح الأفرقاء جميعاً ولا أحد من بينهم مستثنى، أو لا يطاول أحداً كأن شيئاً لم يكن. أي لا يحصل أبداً. إما يذهب بـ«الأرذال» جميعهم أو يبقيهم حيث هم كأنه يبرّئهم ويرحل هو. التدقيق الجنائي مشكلة في ذاته. لذا يصعب الوصول إليه. لن يترك أحداً وراءه في مصرف لبنان كما في القوى السياسية.
مع أن المحاورين الدوليين يفضّلون حلاً منطقياً للخروج من السجال القانوني العقيم هو التئام مجلس النواب وتعديله القانونَين المعنيين، يوضحون لمحدثيهم المسؤولين اللبنانيين أنهم لا يتوقّعون مجاراة الكتل هذا الخيار، ما عنى بالنسبة إليهم أن على الحكومة العثور على الآلية القانونية البديلة لإزالة هذا العائق. من الحجج التي سمعها المحاورون الغربيون في لقاءاتهم مسؤولين لبنانيين، لتبرير تغطية عدم الكشف عن المعلومات، أن ليس في وسع مجلس النواب الانعقاد ما لم يُتفق سلفاً مع الكتل على تعديل القانونين. الأمر نفسه لدى السلطة الإجرائية التي لا يسعها أيضاً عقد اجتماع في ظل حكومة تصريف الأعمال، ما لم يتوافق رئيسا الجمهورية والحكومة عليها عملاً بموافقة استثنائية يقرّرانها على غرار ما هو معتمد في كمّ هائل من الإجراءات والقرارات مذ أُخِذَ بهذا التدبير مع استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عام 2013. بيد أن شرط انعقاد مجلس الوزراء متوقّف بدوره ــــ على غرار مجلس النواب ــــ على موافقة الكتل الرئيسية الممثلة في البرلمان، والمظلِّلة لحكومة الرئيس حسان دياب.
مع أن الأولويتين متفرّقتان، إلا أنهما صورتان متكاملتان لمشكلة واحدة لدى الغرب، لا حلّ لها إلا بكف يد الضالعين في ما وصل إليه لبنان عن الاستمرار في أدوارهم ووظائفهم. من غير المنطقي في حسبانه أن الذي أغرق الاقتصاد والعملة الوطنية الى القعر، يسعه إخراجهما منه، ولا وضع الإصلاح بين يديه. في ما يؤكده بعض المسؤولين، أن محاوريهم الغربيين جميعاً تقريباً، بدءاً بصندوق النقد الدولي، مروراً بالفرنسيين والأميركيين والأوروبيين بما في ذلك ما تنص عليه مبادرة الرئيس الفرنسي، يبلغون إليهم أنهم يأخذون في الاعتبار وجود تفسيرين ووجهتَي نظر متنافرتين بإزاء التدقيق الجنائي وفريق الشركة الدولية «الفاريز اند مارسال» قبل تمديدها ثلاثة أشهر وإبانها، مرتبطتين بقانونَي السرّية المصرفية والنقد والتسليف. إلا أن وجهتَي النظر هاتين لا تلغيان أولوية مهمة الشركة الدولية المدققة.
ما يقوله المحاورون الغربيون إنهم غير معنيين بالجدل الداخلي القائم حيال هذين القانونين، إلا بمقدار ما يؤدي الى الوصول الى المعلومات التي تكشف فعلياً حجم خسائر مصرف لبنان والمسؤولين عنها، كي تترتب عليها المسؤوليات من ثم. بين هؤلاء مَن قال بوضوح: لن تذهبوا الى المستقبل قبل العودة الى الماضي، ومعرفة المخبأ فيه.
بعض مَن أصغى إليهم من السياسيين اللبنانيين عقّب، وهو يجري مراجعة منذ مطلع الولاية: التدقيق الجنائي إذا حصل ــــ وقد لا يحصل ــــ أخطاره التالية أكبر من أسراره القديمة. إما يطيح الأفرقاء جميعاً ولا أحد من بينهم مستثنى، أو لا يطاول أحداً كأن شيئاً لم يكن. أي لا يحصل أبداً. إما يذهب بـ«الأرذال» جميعهم أو يبقيهم حيث هم كأنه يبرّئهم ويرحل هو. التدقيق الجنائي مشكلة في ذاته. لذا يصعب الوصول إليه. لن يترك أحداً وراءه في مصرف لبنان كما في القوى السياسية.
مع أن المحاورين الدوليين يفضّلون حلاً منطقياً للخروج من السجال القانوني العقيم هو التئام مجلس النواب وتعديله القانونَين المعنيين، يوضحون لمحدثيهم المسؤولين اللبنانيين أنهم لا يتوقّعون مجاراة الكتل هذا الخيار، ما عنى بالنسبة إليهم أن على الحكومة العثور على الآلية القانونية البديلة لإزالة هذا العائق. من الحجج التي سمعها المحاورون الغربيون في لقاءاتهم مسؤولين لبنانيين، لتبرير تغطية عدم الكشف عن المعلومات، أن ليس في وسع مجلس النواب الانعقاد ما لم يُتفق سلفاً مع الكتل على تعديل القانونين. الأمر نفسه لدى السلطة الإجرائية التي لا يسعها أيضاً عقد اجتماع في ظل حكومة تصريف الأعمال، ما لم يتوافق رئيسا الجمهورية والحكومة عليها عملاً بموافقة استثنائية يقرّرانها على غرار ما هو معتمد في كمّ هائل من الإجراءات والقرارات مذ أُخِذَ بهذا التدبير مع استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عام 2013. بيد أن شرط انعقاد مجلس الوزراء متوقّف بدوره ــــ على غرار مجلس النواب ــــ على موافقة الكتل الرئيسية الممثلة في البرلمان، والمظلِّلة لحكومة الرئيس حسان دياب.
بذلك يستنتج المحاورون الغربيون، في ضوء تقاطع المعطيات المتوافرة لديهم، أن من الصعوبة بمكان توقّع انعقاد كل من مجلسَي الوزراء والنواب، كل بحسب آليته الدستورية، لتعديل قانونَي السرّية المصرفية والنقد والتسليف. مؤشر حاسم الى أن التدقيق الجنائي لحسابات مصرف لبنان لا يصطدم بعقبات قانونية فحسب ــــ مع أن ثمة رأياً مغايراً يبرّر تجاوزها ــــ بل بموقف سياسي يكاد يلتقي عليه الأفرقاء الرئيسيون جميعاً، الضالعون في ملفات لا يستهان بها من العمليات المالية الملتوية مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قادت الى الانهيار.
في اجتماعات السرايا مرة تلو أخرى، قال سلامة إنه في حاجة الى تعديل القانونَين كي يتمكن من إجابة الشركة الدولية المختصة عن كل أسئلتها، وهو بالكاد أجاب عن ثلثها، بيد أنه يحيل هذا الإجراء الى السلطات الدستورية المعنية. على نحو كهذا، يتقاسم الحاكم ورفاقه في الطبقة السياسية الأدوار: يتكفل هو برفض كشف المعلومات، فيما تتكفل هي بالحؤول دون رفع الغطاء عن سرّية المعلومات تلك تفادياً للفضيحة. بذلك تدور الشركة الدولية المدققة في حلقة مفرغة. ما بات يلتقي عليه سلامة والقوى السياسية، منع أي اختراق للقانونين المحظِّرين، سواء بتعديلهما جزئياً، أو بإيجاد مخارج قانونية تحرّر العقد المبرم مع «الفاريز اند مارسال» في المدة الجديدة لمهمته من مقتضيات المنع التي ينصّان عليها دونما أن يصير الى تعديلهما بالضرورة، بل إخراج أحكامهما المانعة من السرّية بما يؤدي الى إنجاز الشركة الدولية وظيفتها التي لا تعني في أحسن الأحوال سوى كشف الفضيحة السياسية.
الأخبار