مجلة وفاء wafaamagazine
تحت عنوان : الدعم سيُرفع وسعر صفيحة البنزين إلى 55 ألف ليرة
كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”
لم يجرؤ رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب على ذكر عبارة رفع الدعم، خلال إعلانه نتائج الإجتماعات التي عقدها مع الوزراء لإيجاد حلّ لمسألة نفاد احتياطي مصرف لبنان الذي يكفي لشهرين فقط. بل أعلن أنه لن يمسّ بالرغيف وسيتم ترشيد الدعم على الأدوية… أما في ما يتعلق بالمحروقات فضيّع “الشنكاش” بالقول إنه يجري دراسة آلية تخفّض فيها الفاتورة النفطية. الى أي حدّ ستكون مجدية تلك الدراسة بعدما داهمنا الوقت واستنزف الإحتياطي، وشارف عقد شركة “سوناطراك” الجزائرية التي نستقدم عبرها المشتقات النفطية على الإنتهاء خلال 17 يوماً؟
قد تبدو للوهلة الأولى دراسة آلية خفض الفاتورة النفطية من خلال استقدام النفط الخام من العراق عبر شركة تسويق النفط “سومو” وتكريره في لبنان، كما تردّد، فكرة جيدة. ما يطرح تساؤلات حول كلفة استجرار النفط الخام وجوازية تكريره في لبنان، والفترة التي يتطلبها ليصبح جاهزاً للاستهلاك المحلي. باختصار، هل من الممكن تنفيذ هذا المشروع؟
طبعاً يحتاج هذا المخطّط الى الكثير من الوقت كما أكّد لـ”نداء الوطن” ممثل الشركات الموزعة للمحروقات في لبنان فادي ابو شقرا، متوقّعاً “تقديم مناقصات خلال الأسبوع المقبل، ولكن سيستلزم ذلك الوقت الكثير. لذلك ما نتمناه كموزعي محروقات الإسراع بتشكيل الحكومة في أقرب وقت والحصول على الدعم من الخارج، وعدا ذلك فلا قيامة للبنان”.
من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي في النفط والغاز وتنمية الموارد البشرية فادي جواد من خلال “نداء الوطن” أن هناك معوّقات تواجه عملية استجرار النفط الخام من العراق، فقال: “لا شكّ أن العراق بلد يحتاج الى مرفأ تكرير على ضفاف البحر المتوسط، لتخفيف الأكلاف الإقتصادية والمخاطر الأمنية لعبور الناقلات عبر الخليج وعبور مضيقين ودخول قناة السويس، التي تحدّد عدد السفن التي تمرّ بها يومياً وبتكلفة استعمال باهظة. لكن هل ستسمح سوريا بإحياء الانبوب العراقي وتوفير الحماية الامنية له؟”، يسأل.
ويتابع: “لا شك أن الانبوب المتواجد حالياً يحتاج الى استبداله بآخر بحجم أكبر وبنوعية تواكب العصر، لأنه مرّ عليه وعلى المعدات في منشآت طرابلس الزمن.
كما تحتاج المنشأة النفطية الى “نفضة” كاملة من معدّات تكرير حديثة بكميات تجارية بنوعية وقود بيئي clean fuel، وبعدها يمكن للعراق وشركة “سومو” الوكيل الحصري للتصدير البدء بالمشروع، الذي سيعود من دون شك بالفائدة على لبنان وأهل الشمال، خصوصاً من ناحية تأمين فرص عمل على مختلف المستويات الوظيفية وخلق بيئة عمل جديدة في المنطقة مواكبة لهذه الصناعة ومساندة لها”. مؤكّداً استناداً الى المعلومات التي لديه أن “المشروع لن يحظى بالموافقات ويرى النور، بسبب وجود ضغوطات إقليمية ودولية لافشاله”.
تقاسم الحصص
وعن سبب تلك الضغوطات يقول جواد: “لأنه لم يُعطَ الضوء الاخضر لانعاش الاقتصاد اللبناني قبل الوصول الى حلّ سياسي لوضعه الداخلي، إضافة الى أن موضوع استجرار النفط العراقي ومواضيع الثروة الغازية في المنطقة هي في طور تقاسم الحصص الدولية التي لم تصل الى خواتيمها، وبالتالي لن تسمح الاطراف بحلول مجتزأة، إذ إن المفاوضات الآن للوصول الى سلّة حلّ دولية تبدأ من أذربيجان مروراً بسوريا وتنتهي عند أعتاب الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة”.
أما عن كلفة استجرار النفط من العراق وتكريره في ما بعد، أوضح جواد، أنها “بالتأكيد ستكون أقلّ من الآلية المعمولة وهي الإستيراد عبر الناقلات، إذ نحتاج الى عدد ضخم منها كونها ستعبر قناة السويس المكلفة، والالتفاف حول افريقيا ما يزيد التكلفة أكثر فأكثر، إضافة الى فاتورة التأمين المرتفعة التي يتوجّب تسديدها في ظلّ التوتّر المتواجد في العالم. وبناء على تلك المعطيات، ستكون البوابة اللبنانية أقل تكلفة وأسرع للوصول الى الاسواق الاوروبية”.
إستيراد عبر الدولة
ولا يعتبر جواد أن هناك مشكلة، رداً على سؤال عن الحلول المناسبة التي يراها في الوقت الراهن لمعضلة استيراد النفط، في ظلّ أزمة الليرة اللبنانية وتوفير العملة الصعبة نقداً، إذ قال: “ناقلات النفط منتشرة في البحار في الاسواق المستقبلية بانتظار من يشتريها وتحويل العقد والكمية للمشتري الجديد. فما نحتاج اليه في لبنان هو استيراد النفط ومشتقاته عبر الدولة فقط وعبر وسطاء دوليين موثقين، وليس كما حصل في الفضيحة الاخيرة مع الشركة الجزائرية الوهمية والتبعات التي نتجت عنها، فالاستيراد يجب ان يكون عبر الدولة فقط حيث توفر ما نسبته نحو 50% من فاتورتها النفطية السنوية”. وفي هذا السياق، يؤكّد أن “جميع الامور التجارية الخاصة بالمشتقات النفطية او المواد الاولية او الدواء وغيرها، عملية يسهل التعامل معها وحلّها ويمكن إتمام الأمر خلال ساعات اذا وجدت الادارة الصحيحة والاشخاص المناسبين في المكان المناسب والتعامل بنضج و”حوكمة”!”.
تداعيات إجتماعية كارثية
أما عن اللجوء الى مسألة رفع الدعم عن المحروقات التي ستكون لها تداعيات إجتماعية كارثية والسعر الذي ستصله صفيحة البنزين، كشف استناداً الى المعلومات التي لديه أن “الدعم سيرفع في الايام المقبلة وستصل صفيحة البنزين الى نحو 55,000 ليرة”. موضحاً أن “الصناعة ستكون أولى القطاعات التي ستتأثّر برفع الدعم نظراً الى انعكاس ذلك ارتفاعاً على أسعار السلع، يليها قطاع النقل، الافران وفاتورة مولدات الكهرباء”. وقال إن الزيادة ستكون تدريجية بدءاً من نسبة 35% وصولاً الى 120% الأمر الذي سيزيد الهمّ المعيشي على المواطن غير القادر على تحمل اي زيادة، بقدرة شرائية معدومة تراجعت بنسبة 180%، علماً أن نسبة 65%من الأجراء المصرّح عنهم للضمان يعملون بأقل من مليون ليرة (أي نحو 120 دولاراً)، أي دون خط الفقر الأعلى المحدد بقيمة 5 دولارات يومياً”.
إذاً، تعدّدت الطروحات الآيلة الى إيجاد حلول للقطاعات الإقتصادية التي تهوي كأحجار الدومينو، وبقيت المشاكل هي هي والحلول “أوكسجين موقت”، بانتظار القرار الحاسم برفع الدعم وتشكيل حكومة.