الرئيسية / سياسة / دولار السوق الموازية يرتفع… والتشكيلة الحكومية رهينة التعقيدات

دولار السوق الموازية يرتفع… والتشكيلة الحكومية رهينة التعقيدات

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:

لم يكن ينقص حلقة “الرعب الكورونية” سوى البلبلة التي أحدثها ما نُقل عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، من أن “عصر تثبيت سعر الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي انتهى ونتجه نحو سعر صرف معوّم يحدده السوق”، قبل أن يوضح لاحقاً أنه لن يجري تعويم العملة من دون موافقة صندوق النقد الدولي، بما يعني أن تحرير سعر الصرف يجب أن يتم بالاتفاق مع الصندوق وبقرار من الحكومة الجديدة.


وفي حين كان كلام سلامة ينعكس سلباً في السوق الموازية، حيث مضى الدولار فوق عتبة 8700 ليرة، لم تحمل “بورصة” تأليف الحكومة أي مؤشر لإمكان إفراجٍ قريب عن التشكيلة التي تبقى رهينة التعقيدات المتشابكة داخلياً وخارجياً.

ففي الشقّ المحلي، وعلى وقع “جبهة” جديدة فُتحت بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري على خلفية كلام الأول عن “أن دور المجلس الدستوري لا يجوز أن يقتصر على مراقبة دستورية القوانين، بل كذلك تفسير الدستور”، وهو ما ردّ عليه بري سريعاً، مؤكداً “أن تفسير الدستور من حق البرلمان دون سواه، وهذا أمر حسمه الدستور ما بعد الطائف”، أعطى كلام الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله ليل الجمعة إشارةً إلى أن الحزب ليس في وارد “كسْر” حليفه رئيس الجمهورية و”التيار الوطني الحر” في معركة الشروط والمعايير التي يخوضانها مع الرئيس المكلف سعد الحريري والتي تصبّ في النهاية مع الخط العريض الذي رسمه الحزب لحكومةٍ “غير متفلّته” من “جهاز التحكم” الذي تشكّله الغالبية النيابية وتوازنات البرلمان.

ورغم أن نصرالله في إطلالته اللبنانية الصرف حاول فصل ملف الحكومة ووضعيّته “المعقّدة” عن الواقع الإقليمي وترقُّب معاودة فتح قنوات التفاوض الأميركي – الإيراني، فإن الأوساط السياسية استوقفها دعوته لـ “استغلال انشغال القوى الخارجية للاتفاق على الحكومة”، لافتة إلى أن هذه الإشارة التي بدت برسْم الحريري الذي لطالما أوحى الحزب وفريق عون بأنه يفضّل خروج الرئيس دونالد ترامب من البيت الأبيض قبل الإقدام على أي خطوة حكومياً، لن تغيّر شيئاً في مسار التشكيل في ظل إصرار الرئيس المكلف على شروطه لحكومة يعتبر أنها الوحيدة القابلة للتسويق دولياً وخليجياً وتالياً لانتشال لبنان من الكارثة المالية.

ورأت هذه الأوساط أن الزيارة التي قام بها الحريري لتركيا الجمعة، حيث التقى الرئيس رجب طيب أردوغان، يصعب فصلها عن مفاعيل المصالحة الخليجية والمهادنة التركية تجاه باريس، لافتة إلى أن الحريري كان أمضى عطلة الأعياد بين الإمارات وفرنسا، ما يجعل تحركه باتجاه انقرة تحت سقف المناخات الجديدة في المنطقة، وتالياً فإن الرئيس المكلف المحتضن خليجياً لن يكون في وارد المخاطرة بحرق آخر أوراق النجاة الممكنة للبنان عبر الرضوخ لشروط “قاتلة”، خصوصاً في ضوء أجواء بالغة التشدد تُنقل عن دول خليجية حيال أي تساهُل مع حكومة تكون لـ “حزب الله” وحلفائه الغلبة فيها وعن استياء عارم من المناخات البالغة العدائية التي عبّرت عنها مواقف نصرالله في ذكرى اغتيال قاسم سليماني.

صحياً، يتسلّق لبنان أعلى السلّم العالمي لعدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد يومياً (لكل مليون)، مكرّساً دخول البلاد أعتى فصول الأزمة الوبائية الطاحنة التي تستحضر أسوأ كوابيس عرفتها دول أوروبية في بدايات اجتياح «كوفيد – 19».

هذه اللوحةُ المخيفة لا تُفارِقُ لبنان وسط تسجيل عدّاد «كورونا» أرقاماً قياسية متوالية (كان آخرها الجمعة بنحو 5500 إصابة) دَخَلَ معها top 5 الدول ذات الإصابات اليومية الأعلى، وتوقعات بأن يصل هذا العدد إلى 10 آلاف في ظلّ صعوبة تَصَوُّر أن ينجح الاقفال التام «المخروق» باستثناءاتٍ تتمدّد في لجْم اندفاعة «الفيروس» الذي تحوّل في فترة الميلاد ورأس السنة «حصان طروادة» اقتحم بيوتاتٍ وأسقط «أنظمة حماية» اعتقدت عائلات كثيرة أنها حصّنت نفسها بها تجاه الفيروس.

وفيما كان مدير العناية الطبية في وزارة الصحة جوزف حلو، يَظْهر في فيديو صادم وهو يبكي في معرض وصْف الواقع الدراماتيكي «راهبةٌ تبكي أمامي وتقول لي: الرجل يموت أمامي على الكرسي (ولا سرير شاغراً له)، وامرأةٌ تراسلني على هاتفي: أتوسّلك أريد أن أموت على الطريق وليس أمام أولادي»، متوقّعاً «سنصل إلى وقت سيضرب المجتمع الدولي المثل في السيناريو اللبناني»، لم يَبْرز ما يؤشّر إلى أن السلطات المعنية ستكون قادرةً على توسيع البنية الاستشفائية الخاصة بـ«كورونا» بما يتيح زيادة عدد الأسرّة العادية كما في غرف العناية الفائقة التي اقتربت من الصفر، وسط استمرار تقاذُف كرة المسؤولية عن السبب في التأخر بالتحوّط لـ «التسونامي» الذي كان الجميع يرونه آتياً.