مجلة وفاء wafaamagazine
تصاعد خطير لمعدلات “تعنيف الذات” بين صفوف الأطفال في بريطانيا بما يقترب من ضعف الأعداد المسجلة خلال السنوات الست الأخيرة.
وارتفع عدد حالات “الايذاء للنفس” المسجلة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 إلى 12 عاما من 221 حالة عام 2014 إلى 508 حالات عام 2020، بحسب إحصائية خاصة لهيئة الإذاعة البريطانية.
ويعني ذلك تسجيل 10 إصابات أسبوعيا في مستشفيات بريطانيا للفئة العمرية المذكورة ويشمل ذلك فقط الحالات التي تم الإبلاغ عنها رسميا في المستشفيات. فما أسباب تفاقم ظاهرة إيذاء الأطفال لأنفسهم؟ وهل للموضوع علاقة بالحجر الصحي والإغلاق العام؟
يقول خبراء إن إجراءات الإغلاق خلفت تداعيات كبيرة على الصحة النفسية لسكان بريطانيا عموما وبين صفوف الأطفال بشكل خاص.
وتشير دراسة أعدتها صحيفة “الغارديان” إلى تصاعد كبير لمشكلات نوم الأطفال وعدم انتظام وجبات الطعام بالإضافة إلى مؤشرات نفسية أخرى.
ويقول كيث هاوتون، أستاذ علم النفس في جامعة أوكسفورد، إن المشكلات النفسية المرتبطة بالغلق العام في تزايد وأنها لا تشمل صغار السن فقط بل تشمل باقي الفئات العمرية. مضيفا أن ظاهرة إيذاء الذات وتعنيفها من قبل الأطفال تستوجب التوقف لدراستها بحذر بدل حالة الإنكار.
ويشير هاوتون إلى أن إلحاق الشخص الأذى بنفسه مرض شائع لدى البالغين لأسباب مختلفة غير أن اللافت هو تولد هذا الإحساس لدى فئة عمرية بمعدل 10 سنوات أو أقل.
وتحذر روزامند مكنيل، معاون رئيس اتحاد التعليم الوطني في بريطانيا، من أن ارتفاع معدلات تعنيف الأطفال لذاتهم مقلق للغاية، مشيرة إلى وجود روابط مباشرة بين تصاعد الظاهرة وبين جائحة كورونا التي فاقمت بشكل عام من المشكلات النفسية.
وتقول مكنيل إن هناك فئات تعد من بين الأكثر تعنيفا للذات، من بينها الأطفال الفقراء وذوو البشرة السوداء والأطفال الذين يعانون أصلا من أمراض نفسية أخرى قيد العلاج، حتى أنها لا تستبعد تسجيل أعداد أكبر مستقبلا.
إحصائيات صادمة
وأجرى فريق متخصص بإشراف “الغارديان” بحثا مفصلا للوصفات الطبية التي تم صرفها في الصيدليات والمستشفيات البريطانية قبل التوصل لإحصائيات صادمة.
نتائج البحث أشارت إلى أن الوصفات الطبية الخاصة بصرف حبوب النوم لمن هم دون 18 عاما زادت إلى نحو 186 ألف وصفة طبية أي زادت بنسبة 30 بالمئة في أوائل عام 2020 مقارنة بالفترة الزمنية ذاتها عام 2018.
جدير بالذكر أن المعدلات زادت بنسبة مشابهة بالنسبة للوصفات الطبية التي تم صرفها للكبار.
كما أشار استطلاع أجرته مؤسسة “بليس تو بي” الخيرية وشمل 61 مدرسة ثانوية، تضم أعمارا تتراوح بين 12 إلى 18 عاما، إلى ارتفاع خطير في حوادث إيذاء الأطفال لذاتهم – أو ما يعرف باسم ” تعنيف النفس ” – من 48 حالة إلى 85 حالة خلال شهرين اثنين فقط أي بارتفاع يزيد على 77 بالمئة، لكن الأخطر كان اكتشاف زيادة معدلات محاولات الانتحار بين الفئات العمرية ذاتها بنسبة 81 بالمئة.
وتنبه إيما توماس، المدير التنفيذي لمؤسسة العقول اليافعة، إلى أن تلك المعدلات الصادمة تعد جرس إنذار إزاء حجم الضرر العميق الذي أحدثته جائحة كورونا على الصحة النفسية لليافعين، عازية الأسباب الأولية للظاهرة إلى المخاوف من الفيروس نفسه ومن الانعزال الاجتماعي والقلق إزاء احتمال خسارة الممارسات اليومية بسبب الإغلاق العام.
وأمام الارتفاع الكبير لأعداد الأطفال الذيم يميلون إلى إيذاء أنفسهم، تؤكد آن لونغفيلد، رئيسة مؤسسة الطفولة في إنجلترا، الحاجة الماسة والفورية لوجود مستشار طبي في اختصاص الصحة النفسية في داخل كل مدرسة.
وتضيف لونغفيلد أن الجهود الحكومية الحالية لتدريب مختصي الصحة النفسية في المدارس لن تغطي أكثر من ربع الحاجة الفعلية لهؤلاء المستشارين خلال السنوات الثلاث المقبلة، مما يؤشر على الحاجة الفورية لمراجعة الأولويات الطبية في بريطانيا، حسب تعبيرها.