الرئيسية / محليات / سجالات دستورية وتقنية حول قرض البنك الدولي.. كنعان : امكانية تعديل الاتفاق واردة اليوم لتحسين الشروط

سجالات دستورية وتقنية حول قرض البنك الدولي.. كنعان : امكانية تعديل الاتفاق واردة اليوم لتحسين الشروط

مجلة وفاء wafaamagazine

النهار- موريس متى

مجموعة ملاحظات حول اتفاق قرض البنك الدولي الخاص بمساعدة الاسر الاكثر فقرا في لبنان سجلت في الجلسة التشريعية الاخيرة وجلسات اللجان النيابية. ملاحظات دستورية وقانونية تتعلق بآلية تطبيق مضمون الاتفاق وصولا الى ما وصفه البعض بأنه قرض بشروط تطعن بالسيادة اللبنانية.

سلسلة ملاحظات طرحت حول هذا الاتفاق الذي يلحظ قرضا بقيمة 246 مليون دولار لتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي في لبنان، منها ما تعلق بالمسار الذي اعتمدته عملية احالته التي تمت مباشرة من خلال موافقات إستثنائية من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب من دون إقراره في الحكومة، ما قد يؤدي الى الطعن بدستورية هذ الاتفاق الذي يجب ان يبحث ويقر على طاولة مجلس الوزراء قبل إحالته على مجلس النواب. فنص الدستور واضح لناحية تولي رئيس الجمهورية التفاوض لعقد كل المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة، على ان يحصل اي إتفاق او معاهدة دولية على موافقة مجلس الوزراء. وذهب بعض النواب وعلى رأسهم نواب “حزب الله” الى اعتبار انه “تحت ضغط الظرف الاستثنائي وحاجات الناس الملحّة، هناك محاولة لتمرير مشاريع بسرعة من دون تدقيق وتمحيص وتحسين الشروط لمصلحة المستفيدين بالدرجة الأولى”، معتبرا ان مشروع القانون المقدم “يتضمن ثغرات دستورية وقانونية وتعدياً على الصلاحيات وهدراً كبيراً لأموال القرض وصولا الى وضع اليد على مؤسسات الدولة واستحداث توظيفات جديدة”. وأيضا من التساؤلات التي تهدد إبرام الاتفاق، ما اعتبره البعض تعديا كاملا على السيادة اللبنانية ومصادرة قرار مؤسسات الدولة لمصلحة المؤسسات الدولية. فالبنك الدولي إشترط ان يتولى برنامج الأغذية العالمي تنفيذ توزيع القرض، ما فرض على بعض الكتل النيابية الإصرار على وضع ضوابط على عمل البرنامج الذي سيقوم ايضا بتحديد الموظفين الذين سيعملون تحت مظلته لتنفيذ البرنامج، بتكاليف تتحملها الدولة اللبنانية وهي تمثل جزءا من قيمة هذا القرض. ومن الخلافات والتساؤلات التي تطرح ما يتعلق بالجهات التي ستقوم بالإشراف على تنفيذ البرنامج، وآلية تسديد التكاليف المترتبة على تنفيذ القرض وتحديدا لناحية الموظفين والاداريين والمستشارين الذين سيتم تعيينهم، حيث يلحظ البرنامج إنفاق ما يقارب 18.5 مليون دولار لتغطية التكاليف التشغيلية وشراء سلع ونفقات استشارية وغير استشارية. ومن التساؤلات التي طُرحت حول مشروع القرض، ما يتعلق بالمدة التي يغطيها والخلاف حول العملة المعتمدة لتسديد المساعدات وحتى سعر الصرف إن اعتُمدت الليرة اللبنانية، فيما لم يوافق الجميع بعد على اعتماد سعر 6240 ليرة للدولار لصرف المساعدات النقدية. وفي ظل تعدد البرامج الاجتماعية التي تستهدف العائلات الاكثر حاجة في لبنان، فمن ابرز الملاحظات التي وضعتها الكتل النيابية ما يتعلق بضرورة توحيد قاعدة البيانات والبرامج تحت مظلة واحدة (برنامج المساعدات وقيمتها 400 الف ليرة للأسرة وبرنامج المساعدات النقدية بقيمة مليون و 200 الف ليرة يضاف اليها برنامج البنك الدولي، ما فتح نقاشا حول الاليات المعتمدة لتحديد العائلات التي يمكنها الاستفادة، وضرورة إعتماد لوائح شفافة.

في هذا السياق يقول رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبرهيم كنعان ان الاتفاق مع البنك الدولي “يتمثل بقرض بشروط ميسرة وفوائد رمزية ويأتي في ظروف مالية دقيقة يعيشها لبنان، ولكن هذا لا يعني انه لا يجب العمل على تحسين شروط التفاوض مع المؤسسة الدولية والعمل على تحصين بعض النقاط الواردة في مضمون الاتفاق. وهنا، وبالشكل، يأتي دور المجلس النيابي الذي ناط به الدستور، في المواد 81 الى 87 منه، الحقّ بتمرير الاتفاقات الدولية، اي بعد درسها ووضع الملاحظات عليها، والتي يجب ان تؤخذ في الاعتبار”. ويعود كنعان ليشير الى ان هذا القرض وقيمته الاجمالية تقارب 246 مليون دولار يؤمن تحويلات نقدية لنحو 147 اسرة بقيمة إجمالية تقارب 204 ملايين دولار، اضافة الى ما قيمته 23 مليون دولار لمواجهة التسرب المدرسي لدى الاولاد، وهي خطوة تشمل حوالى 87 الف ولد تراوح أعمارهم ما بين 13 الى 18 عاماُ، ينتمون الى اسر تعتبر تحت خط الفقر. أما المبلغ المتبقي من قيمة هذا القرض فينقسم الى جزءين: 10 ملايين دولار بهدف تعزيز القدرات والبرامج لدى وزارة الشؤون الاجتماعية وحوالى 9 ملايين دولار بهدف دعم الانظمة الاستشارية والتوظيف لتنفيذ هذا البرنامج. ومن هنا، يؤكد كنعان انه سيطالب بالحصول على إيضاحات حول هذا المبلغ (19 مليون دولار) مع إمكانية تخفيضه، اضافة الى إيضاحات مالية وتفصيلية أخرى ووضع بعض الملاحظات حول الاليات التطبيقية، مع اعتباره انه يمكن تدوين كل الملاحظات في محضر إجتماع اللجان والهيئة العامة. ويؤكد كنعان ان التعديلات واردة لتحسين شروط القرض وليس لإلغائه. أما بالنسبة لما يصفه البعض بخرق للسيادية اللبنانية من باب الاتفاقات التمويلية الدولية، فيشدد رئيس لجنة المال على “قدسية السيادة، ومن المهم جدا ان نبدأ بتعزيز السيادة على المال العام”.

بدورها، تستبعد مصادر وزارة المال إدخال تعديلات على الاتفاق. “فأي تعديل يجب ان يحصل على موافقة ادارة البنك الدولي في واشنطن، مع إعادة النظر بكل مضمون الاتفاق، وهو امر مستبعد حاليا، وقد يطيح كل البرنامج او تأجيله لأشهر طويلة”. وعلمت “النهار” ان وزير المال غازي وزني سيؤكد اليوم خلال إجتماع اللجان المشتركة ان اي ملاحظات “تقنية” تتعلق بالاتفاق مع البنك الدولي، ولا تؤدي الى إفراغه من مضمونه، يمكن ان تؤخذ في الاعتبار خلال مسار تنفيذ البرنامج، خصوصا لناحية الملاحظات التي تساهم في تحسين شروط لبنان، فيما تنفي اوساط وزني كل ما يحكى عن إمكانية وضع إتفاق “ملحق” لإتفاق القرض مع البنك الدولي، لان هذا الامر مستحيل، ولا تسير الامور بهذه الطريقة مع البنك الدولي او مع اي مؤسسة دولية اخرى. أما بالنسبة للملاحظات التي يمكن الاخذ بها خلال مراحل تنفيذ هذا المشروع، فهو حجم التكاليف التشغيلية والموظفين والمستشارين، حيث يمكن العمل على تخفيض الكلفة التي لحظت في برنامج القرض وقيمتها تقارب 18.5 مليون دولار. وايضا من الملاحظات التي يمكن الاخذ بها، وقد تساهم في تحسين الشروط، هي نطاق صلاحيات برنامج الغذاء العالمي الذي يعتبر الذراع التنفيذية الاساسية للبرنامج مع البنك الدولي، وهي من النقاط الاساسية التي تشدد عليها الكتل النيابية.

دستورية “الإتفاق” وتعديل “المضمون”
يرى الاستاذ في القانون الدولي الدكتور انطوان صفير ان الدستور واضح لناحية إحالة مشاريع قوانين من قبل الحكومة وفق الاصول، “حيث على الحكومة الموافقة عليها مجتمعة كمجلس وزراء، لأن الدستور الذي عُدل بُعيد إتفاق الطائف وتطبيقا لأحكامه اشار الى ان السلطة الاجرائية منوطة بمجلس الوزراء، وبالتالي فإن واقع تصريف الاعمال لا ينفي الصلاحية الحكومية القائمة في هذا الموضع، وبالتالي لا يمكن الاختصار وتوقيع رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال نيابة عن الحكومة، فهذا لا يأتي في سياق عادي، لكون الموضوع يتعلق بقرض مع مؤسسة دولية خصوصا ان الوضع اللبناني على صعيد الشفافية وإحترام الدستور ليس ذا صدقية، وبالتالي الموضوع يجب ان يكون في سياق إجتماع لمجلس الوزراء حتى وإن كان مجلس وزراء يصرف الاعمال، فالحكومة ولو كانت مستقيلة، عليها الاجتماع في بعض الاحيان للبت بقضايا اساسية لا يمكن تأجيلها، ويمكن أن تضر بمصالح لبنان”. ويؤكد صفير مجددا “ضرورة إقرار اتفاق القرض في مجلس الوزراء منعا للطعن به في مرحلة مقبلة، في الداخل او الخارج”. وفي سياق غير بعيد، يؤكد صفير ان لمجلس النواب “حق الموافقة او رفض اي إتفاق دولي، وبعض الاتفاقات، وبحسب مضمونها يمكن ان تسمح لبعض الدول بالتحفظ عن بعض البنود المعينة، أما بالنسبة لإتفاقية القرض التي يتم البحث بها حاليا، فهذه الاتفاقية ثنائية بين مؤسسة دولية (البنك الدولي) ودولة (الجمهورية اللبنانية) وبالتالي يأتي الموضوع في سياق نقاش ثنائي. ففي حال عدَّل مجلس النواب بعض البنود ورفضها البنك الدولي، لا يصبح التعديل الزاميا ولا ينتج مفاعيله القانونية، وبالتالي المطلوب في هذه الحالة التوصل الى اتفاق ثنائي، حيث لا يمكن لمجلس الننواب تعديل هذا النوع من الاتفاقات الدولية بغض النظر عن موافقة البنك الدولي الملزمة”.