مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “النهار” : قد يكون استقبال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون امس لقائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون تطوراً استثنائياً فرض نفسه على المشهد الداخلي، الى جانب التطورات التي أحاطت أزمة تشكيل الحكومة في الساعات الثماني والأربعين الماضية، باعتبار انه لا يمكن عزل استقبال الرئيس ماكرون للعماد عون كليا عن الدلالات السياسية والتداعيات المتصلة بخيبة فرنسا من الطبقة الحاكمة خصوصا، والطبقة السياسية عموماً.
وإذا كان العنوان الأساسي لابراز دلالات استقبال ماكرون لقائد الجيش يتعلق بدعم الجيش والمؤسسة العسكرية كضمان أساسي للاستقرار في لبنان توليه فرنسا أولوية كبيرة، فان ذلك لم يحجب الدلالات التي شغلت حتما سائر الأوساط والقوى الداخلية لجهة التجاوز الاستثنائي للبروتوكول وتخصيص العماد عون بلقاءات بارزة خلال زيارته لفرنسا بدأت مع لقائه وزيرة الدفاع الفرنسية بعد لقاءاته مع القادة العسكريين الكبار، ثم توجّت باستقبال غير عادي للرئيس الفرنسي لقائد الجيش. جاء ذلك بمثابة #رسالة فرنسية، ولو لن تعترف بذلك باريس، برسم كل الطاقم الحاكم كما الطاقم السياسي بلا ادنى شك، ولو ان موضوع المؤتمر الدولي لدعم الجيش والمؤسسات الأمنية اللبنانية كان العنوان الكبير العلني للزيارة .
وأفادت الزميلة رندة تقي الدين من باريس ان الرئيس ماكرون استقبل قائد الجيش جوزف عون الذي قام بزيارة لفرنسا بدعوة من رئيس الأركان الفرنسي فرنسوا لوكوانتر. وقال مصدر في الرئاسة الفرنسية ان لقاء ماكرون بقائد الجيش الذي استغرق نصف ساعة هو لتأكيد دعم فرنسا للجيش اللبناني ودوره للحفاظ على سلامة واستقرار لبنان. وقال ان ماكرون حيّا مجدداً القوات العسكرية اللبنانية ودورها في الحفاظ على امن لبنان وسيادته ودعمها للشعب اللبناني بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 وأبدى ماكرون استعداده للمساهمة لتعبئة شركاء فرنسا الأساسيين لدعم قوات الجيش اللبناني دون تحديد اطار هذا الدعم واذا كان سيكون بشكل مؤتمر. واكد ماكرون مجددا لضيفه اللبناني ان الأولوية تبقى لتشكيل حكومة قادرة على تنفيذ إصلاحات ضرورية للبنان.
وكان قائد الجيش التقى وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي اول من امس وقال مصدر في وزارة الدفاع لـ”النهار” ان بارلي والعماد عون تبادلا الرأي حول الوضع الأمني في لبنان والمنطقة. وأضاف ان الوزيرة الفرنسية أشادت بشجاعة قوات الجيش اللبناني التي هي بمثابة عمود حقيقي لاستقرار لبنان في ظروف متدهورة وصعبة يمر فيها البلد منذ اشهر عدة. واكدت بارلي دعم فرنسا الكامل للبنان وخصوصا دعم وزارة الدفاع الفرنسية الى العسكريين اللبنانيين في ظروف هذه الازمة. وذكرت بالدعم التي قدمته فرنسا للقوات العسكرية مؤكدة نيتها الاستمرار في هذه الجهود. وأكدت للعماد عون استعدادها للمساهمة خلال الأسابيع المقبلة في التعبئة الدولية من اجل القوات العسكرية اللبنانية.
الى ذلك علمت “النهار” من مصادر ديبلوماسية فرنسية وأوروبية ان العماد عون يسعى لعقد مؤتمر دولي لدعم الجيش اللبناني الذي بات في حال معيشية متدهورة ويحتاج الى مساعدات سريعة للقيام بمهماته. فالدول التي اثار معها عون موضوع هذا المؤتمر منها فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا مستعدة لمساعدته، ولكن شكل الاجتماع وما اذا كان سيعقد كمؤتمر دولي عبر الفيديو لم يتم تحديده بعد علما انه لو تم الاتفاق عليه يكون في حزيران.
وليلاً افادت وكالة رويترز نقلا عن مصدرين مصدران ان فرنسا ستقدم إمدادات غذائية وطبية لأفراد الجيش اللبناني، وتعمل على ترتيب مؤتمر في حزيران لحشد الدعم من المجتمع الدولي له. كذلك نقلت محطة “سكاي نيوز عربية” عن مصدر في البناتغون الاميركي قوله: نتوقع أن يتم مدّ الجيش اللبناني بمساعدات “هامة” حتى آخر السنة الجارية.
تفعيل الوساطة
اما على الصعيد السياسي، فباتت الأنظار مشدودة من البارحة الى ما يمكن ان تفضي اليه “التفويضات” المتدحرجة لرئيس مجلس النواب نبيه بري للقيام بمبادرته الحاسمة بين قصر بعبدا وبيت الوسط، لتجاوز حقل الألغام القائم امام تشكيل الحكومة كفرصة نهائية لتشكيل حكومة انقاذية. وقد بلغت هذه التفويضات ذروتها مع الكلمة الأخيرة التي القاها الأمين العام لـ”حزب الله ” السيد حسن نصرالله الثلثاء الماضي في ذكرى عيد التحرير، والتي اعلن فيها ان ثمة طريقين لا ثالث لهما لتشكيل الحكومة، إما باتفاق الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري على التشكيلة واما الاستعانة بمساعدة الرئيس بري. واتخذ موقف نصرالله دلالة بارزة لجهة “تحصينه” موقع الوسيط للرئيس بري غداة التقارب العلني والضمني الذي سجل بين بري والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي حول ضرورة القيام بمبادرة جديدة وعبر صيغة محدثة لتشكيلة حكومية، اذ تشير المعطيات المتوافرة الى ان تنسيقا بدأ بين بري والبطريرك للبحث في حلحلة العقدة الأساسية المتعلقة بإيجاد مخرج لتجاوز الثلث المعطل من خلال الخلاف على وزيرين مسيحيين في صيغة الـ24 وزيرا المقترحة، وسيكون تعيينهما حاسما لجهة عدم ارتباطهما باي جهة بما يسقط أي استحواذ للعهد على الثلث المعطل. وتشير المعطيات الى ان وساطة بري يفترض ان يبدأ تفعيلها عملياً بعد عودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى بيروت في الساعات المقبلة. كما أفيد ان الحريري اجرى اتصالا برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الموجود حاليا في باريس وتشاورا في الملف الحكومي.
وأبلغت اوساط قصر بعبدا “وكالة الانباء المركزية” ان الرئيس عون يدرس الجو ويبحث المستجدات، وهو حتى اللحظة يعتبر ان الكرة ما زالت في ملعب الرئيس بري. وقالت هذه الأوساط “ان فترة الانتظار هذه لن تتعدى نهاية الاسبوع لمعرفة ما ستؤول اليه، لكن الرئيس عون لن يقف مكتوفا ولن يسمح باستنزاف المزيد من الوقت من حياة اللبنانيين. هو يرسم شيئا ما لا بد سيتظهر قريباً على امل ان تثمر ايجابا نتائج حركة بري”.
وقد سُجّل امس ايضاً استعجال روسي متجدد للتشكيل اذ إستقبل الممثل الخاص لرئيس الاتحاد الروسي لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا نائب وزير خارجية روسيا ميخائيل بوغدانوف، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الروسية أمل أبو زيد. وأفاد بيان صادر عن مكتب أبو زيد ان الطرفين “اكدا أهمية مواصلة الجهود لتشكيل حكومة لبنانية جديدة برئاسة سعد الحريري بهدف تجاوز الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في لبنان في أسرع وقت ممكن”. كما ان بوغدانوف استقبل الممثل الخاص للرئيس المكلف سعد الحريري جورج شعبان و”تناول البحث بشكل اساسي مهمة تشكيل حكومة تكنوقراط برئاسة سعد الحريري قادرة على حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الملٌحة والحادة الماثلة أمام لبنان”.
اضراب
وفي الانتظارعمّ امس الاضراب الذي دعا اليه الاتحاد العمالي العام قطاعاتٍ عدة من التربية الى النقل مروراً بموظفي القطاع العام، رفضاً لتردي الاوضاع ومطالبة بتأليف حكومة انقاذية سريعاً. وأكد رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، في الاعتصام المركزي في مقر الاتحاد، “ان قضيتنا المركزية هي تشكيل حكومة إنقاذ من اختصاصيين فورا”، معتبرا ان “من دون حكومة لا معالجات”. ودعا الاسمر المسؤولين الى المبادرة للتنازلات، وقال “كفى محاصصة واتهامات ورفعاً مقنعاً للدعم كما يجري في الدواء والمواد الغذائية والمستلزمات الطبية”. وقال: “سنبادر الى توسيع الحلقة النقابية باتجاه جبهة نقابية واحدة تواكب التطورات في لبنان”. واكد انه “آن الأوان لتشكيل حكومة في أسرع وقت”.