الأحد 20 تشرين الأول 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
تقرير جورج عيسى في جريدة النهار:
ألقى جزء كبير من الإعلام الغربيّ الضوء على التظاهرات التي شهدها لبنان منذ الخميس. تقاطعت غالبيّة التقارير حول أنّ هذه الاحتجاجات هي الأكبر منذ سنة 2015، كما سلّطت الضوء على كيفيّة تجاوزها الكثير من الحواجز السياسيّة والطائفيّة التي اصطدمت بها تظاهرات سابقة.
“دويتشه فيله”
في تغطيتها للحدث أمس، لفتت شبكة “دويتشه فيله” النظر إلى أنّ الغضب الشعبيّ تخطّى الحواجز الطائفيّة والسياسيّة. وغرّدت مراسلة الشبكة من بيروت ديانا هودالي:
“إنّ الناس في بيروت يتظاهرون ضدّ (فرض) ضرائب أعلى، وضدّ الفساد ويطالبون بسقوط الحكومة. يمكن رؤية أعلام لبنانيّة فقط. لا أعلام حزبيّة. إنّهم متّحدون في محنتهم من أجل تحسين ظروف المعيشة”.
ذكرت الشبكة أنّه بعد وقت قصير على خطاب الحريري، قامت مجموعة من مثيري الشغب في بيروت بالانفصال عن المتظاهرين السلميّين واصطدموا مع الشرطة في الوقت الذي أشعلوا السيارات وحطّموا واجهات المحال التجاريّة. كذلك، أقفلت المتاجر والبنوك والمدارس، بالتوازي مع قطع الطرق في مدن لبنانيّة أخرى.
“إندبندنت”
وصف مراسل صحيفة “ذي اندبندنت” البريطانيّة في بيروت ريتشارد هول الضريبة على “واتساب” بأنّها “الشعرة التي قصمت ظهر البعير”. لذلك، كان ردّ الفعل “غاضباً وسريعاً” لكنّ التراجع الحكوميّ السريع عن تلك الفكرة جاء “متأخّراً جدّاً”. اللافت في تقرير هول، ذكره أنّ التظاهرات أعقبت الحرائق التي اجتاحت عدداً كبيراً من المناطق اللبنانيّة والتي فاقم مفاعيلها غياب استخدام الطوّافات المخصّصة لمكافحة الحرائق. ولم يغفل التقرير أزمة نقص الدولارات من الأسواق وما تسبّبت به من إضراب لمحطّات الوقود. ونقل هول عن مديرة “مركز كارنيغي للشرق الأوسط” في بيروت مهى يحيى قولها إنّ السياسيّين “يأخذون الطريق السهل عبر فرض الضرائب على سكّان المنهكين أساساً”.
وأضافت: “إنّها التركة الكاملة لما بعد الحرب الأهليّة، حول كيف تمّت إدارة لبنان اقتصاديّاً وسياسيّاً. في نهاية الحرب الأهليّة، انتقلت القيادة السياسيّة والعسكريّة برمّتها من الشوارع إلى الحكومة. عوضاً عن بناء دولة، نظر العديد منهم إلى مؤسّسات الدولة باعتبارها مكافأة حرب”.
“بي بي سي”
ذكرت هيئة الإذاعة البريطانيّة “بي بي سي” يوم أمس كيف تراجعت الحكومة اللبنانيّة عن الضريبة التي كانت تُناقش من أجل فرضها على خدمة “واتساب” بعد ساعات على اندلاع التظاهرات ضدها. وأضافت أنّ الآلاف تظاهروا داعين الحكومة إلى الاستقالة بسبب طريقة تعاملها مع الأزمة الاقتصاديّة، فيما سقط العشرات من الجرحى الخميس مع إحراق المحتجّين الإطارات بينما ردّت القوى الأمنيّة عبر إطلاق القنابل المسيلة للدموع.
وأشارت “بي بي سي” أيضاً إلى أنّ هذه المظاهرات كانت الأكبر في لبنان خلال سنوات، فيما ذكرت أيضاً إمهال رئيس الحكومة سعد الحريري حلفاءه في الوزارة 72 ساعة من أجل “التوقّف عن عرقلة الإصلاحات”. ومن بين ما غطّته “بي بي سي” أيضاً الهتافات الداعية إلى “إسقاط النظام” والتي “تردّد صداها حول ساحة رياض الصلح يوم الخميس”. وفي تقرير آخر عرضته الشبكة نفسها، ظهر المشهد البارز للمتظاهرة اللبنانيّة التي ركلت حارساً شخصيّاً لأحد الوزراء وهو يحمل سلاحاً آليّاً يهدّد به المتظاهرين ليل الخميس. وأجرت مقابلات مع عدد من المتظاهرين الذين انتقدوا الحكومة واتّهموها ب “سرقة” الأموال.
“سي أن أن”
كان لشبكة “سي أن أن” الأميركيّة أمس تغطية مشابهة فكتبت عن الضريبة التي اقتُرحت على “واتساب” وعن الضرائب الأخرى التي كان يبحثها مجلس الوزراء مثل زيادة الضريبة على القيمة المضافة. وذكرت الصدامات بين المحتجّين والأجهزة الأمنيّة في ساحة رياض الصلح كما أشارت إلى إغلاق الطرقات المؤدية إلى مطار بيروت الدولي حيث أجبِر المسافرون على مغادرة المطار سيراً على الأقدام.
كذلك، ذكرت الشبكة أنّ التظاهرات كانت الأكبر منذ أزمة النفايات سنة 2015 والتي تسبّبت أيضاً بانطلاق تظاهرات شعبيّة واسعة في ذلك الوقت. وأضاف التقرير أنّ لبنان يواجه ارتفاعاً في معدّلات التضخم وركوداً في النموّ الاقتصاديّ وديناً متضخّماً، إضافة إلى بنية تحتيّة متهالكة، تتضمّن انقطاعاً طويلاً ومتواتراً في التيّار الكهربائيّ، جعلت مستويات المعيشة تنخفض بالنسبة إلى العديد من اللبنانيّين.
ونقلت “سي أن أن” عن البنك الدوليّ إشارته إلى أنّ ثلث سكّان لبنان يعيشون تحت خطّ الفقر، كاتبة على موقعها أنّ الليرة اللبنانيّة عانت من ضغوطات متزايدة. ولفتت إلى أنّ الحكومة اللبنانيّة التي تتعرّض للمطالبات بالاستقالة تسعى إلى إقرار الموازنة التي ستسمح بجذب المليارات من المانحين الدوليّين (سيدر). وأجرت مقابلات مع عدد من المحتجّين الذي صبّوا غضبهم على الحكومة.
“فرانس 24”
من جهتها، أشارت شبكة “فرانس 24” إلى أنّ مدناً وبلدات في جنوب وشمال وشرق لبنان شهدت احتجاجات إضافة إلى العاصمة بيروت. وذكرت أنّه لم ينجُ أيّ زعيم سياسيّ من غضب المحتجّين أكان مسلماً أم مسيحيّاً بمن فيهم رؤساء السلطات الثلاث. وكان المزاج “خليطاً من الغضب، التحدّي والأمل”. وأضافت “فرانس 24” أنّ لبنان الذي مزّقته الحرب بين سنتي 1975 و 1990، يشهد واحداً من أكثر الديون ثقلاً في العالم بالنسبة إلى حجم اقتصاده الذي تأثّر بالنزاع الإقليميّ ووصلت البطالة لدى فئات ما دون 35 سنة إلى 37%.
وأشارت الشبكة نفسها إلى أنّ السياسيّين الطائفيّين، وعدد منهم من زعماء الميليشيات خلال الحرب، “استخدموا موارد الدولة لمنفعتهم السياسيّة الخاصّة وهم متردّدون في التنازل عن الامتيازات”. على الضفة الثانية، ترى الشبكة الفرنسيّة أنّ بطء تدفّق الرساميل إلى لبنان والذي كان يعتمد على التحويلات الماليّة من المغتربين ضاعف الأزمة.
“ليبيراسيون” و”الفيغارو”
صحيفة “ليبيراسيون” الفرنسيّة أشارت إلى “أجواء ثورة” تسيطر على لبنان، ووصفت أماكن التظاهرات في ساحة الشهداء والمناطق القريبة منها ب “ساحة معركة”. وذكرت أنّ نسبة البطالة وصلت إلى 30% في بلاد الأرز وأنّ التظاهرات انتشرت حتى في الجنوب حيث معقل “حزب الله” وحركة “أمل”.
من جهتها، ذكّرت صحيفة “لو فيغارو” الفرنسيّة بأنّ الاقتصاديّين والمستثمرين ووكالات التصنيف ضاعفوا تحذيراتهم مؤخّراً، حيث رأوا أنّ لبنان لم يكن يوماً قريباً إلى هذا الحدّ من الانهيار الاقتصاديّ منذ نهاية الحرب الأهليّة سنة 1990 بسبب المدينونية والفساد المستشري.
“نيويورك تايمس”
كتبتت فيفان يي في صحيفة “نيويورك تايمس” الأميركيّة عن وجود الكثير من المشاكل التي تدفع اللبنانيّين للتظاهرات التي انتشرت في بيروت وصور وطرابلس وتوّجهت صوب بعبدا وأحاطت بالمقرّ الحكوميّ في بيروت. تبدأ المشاكل بقلّة فرص العمل التي تدفع الشباب إلى الهجرة مروراً بالنفايات المتراكمة وتصل إلى تعثّر الإصلاحات. وذكرت أنّ الغضب برز من داخل الطوائف المسيحيّة والسنّيّة والشيعيّة ضدّ زعمائها. ومع ذلك، بدا متظاهرون آخرون ممّن قابلتهم أكثر تردّداً في انتقاد زعمائهم. وأضافت:
“مع تعطّل حركة المرور المعتادة في بيروت، بدا أنّ المدينة تنتمي، وإن كان موقّتاً فقط، إلى الحشود السائرة على أقدامها ومجموعات الدرّاجات الناريّة و‘السكوترز‘ التي حملت المتظاهرين الشباب إلى ساحة الشهداء، وهم يلوّحون بالأعلام أثناء ذهابهم” إلى هناك.