الرئيسية / سياسة / فرصة أخيرة قبل المجهول

فرصة أخيرة قبل المجهول

الإثنين 21 تشرين الأول 2019

جريدة الشرق:

«الى من يريدون اسقاط العهد… ما فيكن»، الحكومة باقية ولا احد قادرا على تغيير المعادلة. بالمختصر المفيد، هذه رسالة  الحسم، وجهها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله للشعب اللبناني المنتفض لليوم الرابع تواليا ضد السلطة الحاكمة وممارساتها، ونصرالله جزء اساسي فيها، بعد رسالتي رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل امس.

وعلى الرغم من استقالة وزراء القوات اللبنانية من الحكومة الا ان هذه الحكومة لا تزال قائمة وتعمل على ايجاد الحل الانقاذي قبل انقضاء مهلة الـ72 ساعة التي حددها الرئيس الحريري .وقد سقط رهان القوات على استقالة وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي فاعلن وزير الصناعة وائل ابو فاعور ان الحزب سيبقى في الحكومة اذا التزمت  بتنفيذ بعض الاصلاحات الجوهرية .

لكنّ ما اغفله اهل السلطة اجمعين، ان صرخة الناس التي طفح كيلها ولم تعد قادرة على تحمل المزيد من معالجاتهم غير المجدية لن تتوقف والساحات ستضيق بهم وكل الاوراق لن تعيدهم الى بيوتهم، اذا لم تنجز خطة انقاذية جدية سريعة تحاكي تطلعاتهم نحو دولة اقل ما قد تؤمنه لهم لقمة عيش كريمة يطمح اليها من بقي في لبنان لعدم امتلاكه ثمن تذكرة سفر تقله الى الخارج الذي تضامن لبنانيوه المنتشرون في مختلف الدول مع اشقائهم في الوطن بتظاهرات دعم من حيث هم.

الحريري اشتغلت محركاته بأقصى سرعة تجنبا لكأس مرة يتحاشى تجرعها، فتح خطوط اتصالاته مع القوى السياسية للتشاور مع مختلف القوى بشأن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والسبل الممكنة لمعالجتها، فالتقى على التوالي، كلا من وزير الصناعة وائل أبو فاعور، وزير الاشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس ووزير المال علي حسن خليل، النائب نقولا صحناوي يرافقه الخبير الاقتصادي شربل قرداحي في حضور الوزير السابق غطاس خوري.

كما التقى وزير الخارجية جبران باسيل ثلاث مرات طوال فترة وجود باسيل في بيت الوسط لساعات طويلة وقد افضت اللقاءات الى ادخال تعديلات هامة على ورقة الحريري الانقاذية والتي سترفع الى مجلس الوزراء.

وافادت المعلومات ان الحريري ينتظر رد كل الافرقاء السياسيين على ورقته المتضمنة سلة قرارات انقاذية مطلوب القبول بها كما هي، على أن تعقد  جلسة لمجلس الوزراء لاقرار الموازنة بناءً على هذه الورقة. وتهدف المبادرة بحسب مصادر مقربة من الحريري الى: -استقرار الوضع وتعزيز الحماية الاجتماعية وتقديمات لذوي الدخل المحدود، خفض خدمة الدين وتصفير العجز وستكون مساهمة أساسية للقطاع المصرفي في هذا المجال العام المقبل، الغاء كل الضرائب والرسوم التي جرى الحديث عنها قبل التحركات الشعبية، اقتراحات للحد من الفساد في مختلف المجالات وادارات الدولة، تأمين الكهرباء في العام المقبل وتسريع تنفيذ مشاريع «سيدر».

وفي الموازاة افادت مصادر مطلعة ان الى جانب اللقاءات المعلنة يجري الحريري اتصالات تبقى بعيدة من الاعلام تبحث في سبل الخروج من الازمة وطبيعة المرحلة التالية.

نصرالله… ما فيكن تسقطوا العهد: من جهته، أكد الأمين العام لحزب الله أننا «لا نؤيد استقالة الحكومة الحالية وترف تشكيل حكومة جديدة غير موجود»، لافتاً الى أننا «مع استمرار الحكومة لكن بروح جديدة واخذ العبرة مما جرى في اليومين الماضيين، معتبرا ان حكومة التكنوقراط لن تصمد اسبوعين»، ومؤكدا ان اسقاط العهد غير ممكن.

اما في الشارع، فامتلآت ساحات وسط بيروت بالمتظاهرين من أمام السرايا الحكومية في رياض الصلح حتى ساحة الشهداء، مرورا بشارع اللعازرية وصولا حتى الشارع المؤدي الى بشارة الخوري. كما ملأ المتظاهرون الأبنية القديمة المجاورة، وحضرت دراجات نارية على متنها شبان لينضموا الى المتظاهرين رافعين شعار ضد العهد مرددين «كلن يعني كلن». وفيما استمرت التظاهرات في مختلف المناطق شمالا وجنوبا وبقاعا وفي مناطق جبل لبنان كافة، أطلق مسلحون من حركة امل النار على المتظاهرين في منطقة صور، ما ادى الى سقوط جرحى ، كما اعتدى مناصرو الحزب التقدمي الاشتراكي على ناشطي الحراك المدني المعتصمين في عاليه.

في المقلب الاقتصادي، ووسط الشلل الذي ضرب البلاد بفعل موجة التظاهرات، افادت المعلومات أن أجواء إجتماعات الوفد اللبناني مع البنك الدولي تشير الى أنّ الامور ليست جيّدة والوضع الاقتصادي الى تدهور.

عودة لحكومة إنقاذ مصغرة وإعادة الأموال المسروقة

دعا متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة في عظة الاحد الى «ضرورة اعلان الحرب على الفساد والمفسدين»، وقال: «أوكلوا أمور الوطن لأصحاب الاختصاص، شكلوا حكومة إنقاذ مصغرة، أعيدوا الأموال المسروقة، فهكذا تكون الجدية».

وقال: «الإمعان في قهر الشعب ظلم، والظلم يولد الثورة. الشعب ما عاد يحتاج إلى سلطان يملي عليه ولا إلى زعيم يقرر عنه. شعبنا الحبيب تحمل كثيرا وصمت طويلا لكنه ما عاد يحتمل أن تهضم حقوقه ويصادر قراره ويريد أن يقرر مصيره بنفسه دون إملاءات. لذا هو بحاجة الآن إلى حل جذري، إلى تصحيح السلوك السياسي، إلى قرارات مصيرية يتخذها المسؤولون لتسوية الأوضاع. يجب إعلان الحرب على الفساد والفاسدين وفضحهم ومعاقبتهم ليطمئن الشعب ويهدأ. وعوض فرض الضرائب على الشعب الموجوع، أعطوه أبسط حقوقه، وأوقفوا الهدر والسرقة ونهب المال العام، واعتمدوا الشفافية في كل أعمالكم. أوكلوا أمور الوطن لأصحاب الإختصاص، شكلوا حكومة إنقاذ مصغرة، غير فضفاضة، لتتخذ التدابير الإنقاذية اللازمة وتخلص لبنان من المأزق. أعيدوا الأموال المسروقة واضبطوا الإنفاق عوض فرض الضرائب وإرهاق الشعب الموجوع. هكذا تكون الجدية في معالجة الأمور، وهكذا يبدأ الإصلاح الحقيقي. عودوا إلى تطبيق الدستور من دون استنسابية، واحترموا القوانين والأنظمة ليحترمها الشعب مثلكم».