مجلة وفاء wafaamagazine
البروفيسورة جوان بلاك، رئيسة كلية الطب النفسي المرتبط بالولادة في الكلية الملكية للصحة النفسية في بريطانيا، قالت إنّ «اكتئاب ما بعد الولادة» شائع بين النساء.
وغالباً ما تظهر الأعراض في «شعور باللامبالاة، فضلاً عن الحزن والرغبة في البكاء طوال الوقت، والإحباط من عدم شعورهن بحب جارف لأطفالهن، كما توقّعن خلال الساعات الأولى لميلاده، ويصاحب ذلك شعور بالخزي والتقصير وانعدام القيمة».
لكن أكثر ما يثير قلق البروفيسورة بلاك، بحسب تصريحها لـ«بي بي سي»، «هو ألا تستطيع النساء التحدث عن الأمر مع شخص يثقن به، سواء من الأسرة أو مسؤولي الرعاية الطبية، ما يجعل المشاعر السلبية تتطور لدى النساء حتى تصل إلى التفكير في الانتحار».
وبحسب المتخصصين، يساعد تشخيص «اكتئاب ما بعد الولادة « وتوفير الدعم المطلوب للنساء المصابات بهذا المرض في مراحله الأولى، في اختصار فترة الإصابة به وتقليل حدّة المرض.
ويعالج اكتئاب ما بعد الولادة، عبر عقاقير مضادة للاكتئاب، وفي كثير من الأحيان لا يتطلب الأمر أكثر من مساعدة نفسية وسلوكية من جانب متخصصين، كما أوضحت بلاك.
إحصاءات عالمية
بحسب منظمة الصحة العالمية تعاني نحو 10% من النساء حول العالم من الاكتئاب أثناء فترة الحمل، لتصل النسبة إلى 13% بعد الولادة، وفي الدول النامية ترتفع النسب إلى 16% خلال فترة الحمل وتصل إلى 20% بعد الولادة.
وتؤكّد وفاء الصاوي، المسؤولة التقنية بوحدة الصحة النفسية في مكتب منظمة الصحة العالمية الإقليمي بالشرق الأوسط، أنّ النسب العالمية والعربية بشأن الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة تتقارب، لكن النساء العربيات لا يطلبن المساعدة بسبب «الوصم المحيط بالإفصاح عن المشكلات النفسية، الأمر الذي يمنع النساء أو يقلّل من احتمالية طلبهن للمساعدة، كذلك العادات والتقاليد المتوارثة التي تجعل الألم النفسي في ذيل قائمة اهتمامات النساء في تلك المرحلة، وكذلك انتشار فيروس كورونا الذي أضاف مزيداً من المخاوف بين النساء على أطفالهن».
وبهدف نشر الوعي بين النساء ومقدّمي الخدمات الطبية في العالم العربي، طرحت منظمة الصحة العالمية على موقعها الإلكتروني كتيب «التفكير الصحي» باللغة الإنكليزية والعربية. ويقدّم الكتيب إرشادات للعلاج النفسي والسلوكي، الذي تحتاجه النساء خصوصاً في مرحلة ما بعد الولادة.
وشعور الحزن أحياناً يكون بسبب القلق الزائد على الطفل، وأحياناً يكون بسبب إحساس أنّ الحياة تغّيّرت بلا رجعة. وتشير دراسات للكلية الملكية للأطباء النفسيين في بريطانيا، إلى أنّ الأوضاع النفسية السيئة للأمهات قد تؤثر على النمو العقلي والبدني والنفسي لأطفالهن.
وخلصت دراسة لجامعة أكسفورد في عام 2018، إلى أنّ النساء اللاتي تستمر معاناتهن من اكتئاب ما بعد الولادة لعدة شهور، يتعرّضن لخطر الإصابة باكتئاب يلازمهن لسنوات.