مجلة وفاء wafaamagazine
عاد خطر التهديد التركي بشن عدوان جديد على الأراضي السورية شمال وشمال شرق البلاد إلى الواجهة، في ظل بروز معطيات ميدانية جديدة في تلك المناطق غير بعيدة عن تمسك وارتهان «قوات سورية الديمقراطية- قسد»، الموالية لواشنطن، للقرار والأجندة الأميركية في المنطقة التي تراجعت فيها لغة الوعيد التركية في الفترة الماضية، وبشكل مؤقت.
وخلال اليومين الماضيين عاد التصعيد العسكري لجيش الاحتلال التركي ومرتزقته فيما يسمى «الجيش الوطني» التابع له إلى ريف حلب الشمالي الأوسط، إثر إطلاق قذائف على مدينة عفرين أصيب بها مدنيون أول من أمس، ما أعاد لغة الوعيد التركية إلى سابق عهدها، إذ واصلت المدفعية التركية إطلاق القذائف نحو محيط بلدات دير جمال وشوارغة والمالكية ومرعناز وتنب وأبين والإرشادية التابعة لعفرين، حسب قول مصادر أهلية بريف حلب الشمالي لـ«الوطن».
أما في عين عيسى بريف الرقة الشمالي، فبينت مصادر محلية لـ«الوطن»، أن جيش الاحتلال التركي تعمد مع ميليشياته تسخين الوضع الميداني بريف المنطقة الغربي، بعدما عمد أمس إلى إطلاق وابل من قذائف المدفعية باتجاه بلدتي الخالدية وهوشان والطريق الدولي الذي يعرف بـ«M4»، والذي يصل الحسكة بحلب عبر الرقة، ما يؤشر إلى تصاعد حدة التصعيد العسكري للنظام التركي وعدم إزالة شن عدوان ضد الأراضي السورية من أجندته، على الرغم من بدء تسييره دوريات عسكرية مشتركة مع الشرطة العسكرية الروسية بريف الحسكة الشمالي قرب الحدود مع تركيا بعد شهر من التهديدات التركية، وذلك بموجب اتفاق «سوتشي» بين الجانبين والعائد لتشرين الأول ٢٠١٩.وأوضح مراقبون للوضع في مناطق شرق وغرب الفرات لـ«الوطن»، أن متزعمي «قسد» المراهنين على وعود المسؤولين الأميركيين بكف أذى أردوغان عن المناطق التي يهيمنون عليها، يقعون في مغبة الحسابات الخاطئة التي لا تأخذ بالحسبان أن المنطقة تتدحرج بالتدريج من تحت أقدام واشنطن على خلفية انكفاء الإدارة الأميركية الحالية عن قضاياها التي لم تعد من أولوياتها وعزمها حزم حقائبها منها في وقت غير بعيد، بدليل نيتهم الانسحاب من العراق الحديقة الخلفية لتلك المناطق، وهو ما أكدته السلطات العراقية التي نفت أول من أمس على لسان الناطق باسم قيادة العمليات العراقية المشتركة اللواء تحسين الخفاجي تمديد موعد انسحاب القوات الأميركية القتالية من العراق المقرر نهاية كانون الأول المقبل.
وأكد المراقبون أن متزعمي «قسد»، الذين لا يزالون يحجمون عن الجلوس على طاولة الحوار مع الحكومة السورية وفي ظل هذا الظرف العصيب، يتناسون أن الجيش العربي السوري لعب دوراً كبيراً في التهدئة ولجم غطرسة التهديدات التركية وطموحات أردوغان بالسيطرة على مناطق سورية جديدة، لانتشاره على طول خطوط تماس الجبهات الافتراضية وتعزيز قدراته الدفاعية فيها لصد أي عدوان، بالإضافة إلى رفضهم تسليم بعض المناطق المنتخبة لشن عدوان باتجاهها كما في عين العرب للجيش السوري أو حتى للشرطة العسكرية الروسية بعدما بذلت موسكو جهوداً جبارة على خط أنقرة وواشنطن لتحييد تلك المناطق عن التدخل العسكري لجيش الاحتلال التركي.
ولفتوا إلى المصلحة الإستراتيجية لـ«قسد»، بضرورة التفاهم مع موسكو حول مستقبل مناطق شمال وشمال شرق سورية بسبب مصالح الأخيرة المشتركة مع أنقرة في تلك المناطق مع مناطق شمال غرب البلاد، إذ بات مسلماً أن واشنطن ستنفض يدها من الملف السوري عاجلاً أم آجلاً وتسليمه إليها على أن تتولى خلق ضمانات لجميع الأطراف المتناحرة، لكن ليس على حساب سيادة الدولة السورية على أراضيها.
ورجحوا استعادة متزعمي «قسد» و«مسد» لرشدهم بعد زوال الغشاوة الأميركية عن أعينهم وفتح أقنية حوار جدية مع الحكومة السورية لحل الإشكاليات العالقة، وإعادة شرعية الدولة السورية إلى مناطقهم لتجنيبها أي غزو تركي مستقبلاً، كما حدث في عفرين التي تعنتوا بتسليمها إلى الجيش السوري درءاً لأطماع زعيم أنقرة أردوغان.