مجلة وفاء wafaamagazine
اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون انه يؤيد “الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء حتى ولو تمت مقاطعتها، وبتنا امام وجوب الاختيار بين السياسة والقضاء، فلمن الغلبة؟ للصفة التمثيلية ام القضائية؟”.
وشدد الرئيس عون على انه “لا يمكن ابقاء الحكومة معطلة، فهناك امور تحتاج الى البت بها، ومنها مثلا اقرار الموازنة لتسهيل مسائل الكهرباء وغيرها من المواضيع”، واوضح ان “التفاهم قائم بشكل كبير مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وان وجود اختلاف في الرأي احيانا لا يعني الخلاف ولا يجب ان يسمى بذلك. اما عن العلاقة مع حزب الله، فهناك امور يجب ان تقال بين الاصدقاء، ونحن ننادي بما يقوله الدستور، لان عدم احترامه يعني ان تسود الفوضى”.
وتساءل رئيس الجمهورية عما اذا كان “تسليم الاموال الى الشعب مباشرة من دون المرور بالدولة، هو لتمويل الانتخابات النيابية وايصال من ليس لديه تجربة الى الندوة البرلمانية؟”، لافتا الى انه طالب منذ سنة ونصف “بالتدقيق الجنائي، لمعرفة مسار المال العام، من سرقه او اهدره او من اخطأ بشكل فظيع في ادارته”، واشار الى انه كان مرتاحا “ان المجتمع بلغ نضجا يشجعه على المضي في الاصلاح، انما اليوم لم اعد اسمع اي صوت ينادي بالاصلاح، بل اسمع من يهاجمني ويتهمني باعادة النظام الرئاسي”.
وأمل رئيس الجمهورية بعد هذه الاحداث، “نهاية حقبة معينة تخطى عمرها الـ30 سنة، وباتت تحتاج الى تغيير”، واكد من جهة ثانية ان “الانتخابات ستحصل، والأمر الذي غيرته هو تاريخ اجرائها من 27 آذار الى 8 او 15 أيار، ونحن سنتفق على ذلك”.
ورأى الرئيس عون انه “مضى على المتحاورين 30 سنة وهم يتحاورون من دون الوصول الى نتيجة، يجب تغيير المتحاورين ولو كنت انا من بينهم”.
مواقف الرئيس عون اتت خلال لقائه قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، وفد نقابة المحررين برئاسة النقيب جوزف القصيفي والاعضاء: غسان ريفي (نائب النقيب)، جورج شاهين، علي يوسف، واصف عواضة، صلاح تقي الدين، جورج بكاسيني، وليد عبود، سكارليت حداد، يمنى الشكر غريب وهنادي السمرا.
ورحب الرئيس عون بالوفد، مهنئا اعضاءه على انتخابهم، وقال: “امامكم مسؤولية كبيرة، لأنه يعود اليكم ضمان التكوين الصحيح للرأي العام، واذا صدقت النوايا فإنكم تساهمون في تحسين الأوضاع العامة. ونحن نأمل ان تكون كل النوايا صادقة، ذلك انه أحيانا اذا لم نكن على ادراك بحاجات الوطن، فإننا ننقل الحقيقة من جانب الى آخر، عوض ابرازها على ما هي عليه”.
اضاف: “لقد حاولنا إعادة بناء لبنان، وقمنا بذلك. وقد اشترطت اولا التصديق على مرسومي تلزيم النفط، حيث وردت اكبر العروض من العالم من حوالى 56 شركة دولية من بينها 3 من اكبر الشركات في العالم، ومن اكبر ثلاث شركات ايضا في الولايات المتحدة الأميركية. ولكن تم تأخير التصديق منذ العام 2013، وقد أصريت على ان يكون التصديق في اول جلسة لمجلس الوزراء. والأمر ذاته حصل بالنسبة الى الغاز الذي حالت أسباب سياسية دون اكماله وغادرت شركة “توتال” من دون الإفصاح حتى الآن عن السبب، بعدما كانت بشرتنا بأنها وجدت الغاز، مكتفية بالقول ان الحجم ليس تجاريا”.
وقال الرئيس عون: “ان تراكم الازمات علينا كان كبيرا جدا، أضف الى ذلك وجود الإرهابيين على ارضنا، سواء في عكار او في السلسلة الشرقية، وكانوا يقومون ببعض اعمال الغزو على عدد من القرى، فحررنا شعبنا من الإرهاب ومن الخلايا النائمة التي كانت تزرع المفاهيم الإرهابية في المجتمع من عمليات تفجير الى عمليات قتل، فاستتب الأمن وازدهرت السياحة. كما وضعنا قانون انتخاب ساهم في الحفاظ على التوازن بين الطوائف، وضمن الطائفة، حيث باتت تتمثل الأكثرية والأقلية أيضا. واقرينا عددا من القوانين، وآخرها قانون يتضمن 47 بندا إصلاحيا في العام 2019 عندما كنا في بيت الدين، ساهم في صياغته مسؤولون من كافة الأحزاب. وفي الأساس كنا وضعنا خطة “ماكنزي” للنهوض بالاقتصاد لمدة 5 سنوات. بالطبع كانت هناك أمور متراكمة واجهتنا، من بينها ان الخزينة كانت شبه فارغة، حيث كان فيها نحو 158 مليار من الديون، بما فيها نحو 60 مليار على المصرف المركزي، لا نعرف اين اختفت، هل في القروض التي أعطيت للدولة؟ كما اننا اعدنا وضع خطة النهوض بالكهرباء التي سبق ان تقدمنا بها منذ العام 2010. ولكن واجهتنا عثرات كثيرة من الداخل، من بينها تأليف الحكومات، اذ امضينا نحو 40% من الولاية الرئاسية في هذا الاطار”.
وتابع: “لقد اعدنا كذلك الانتظام المالي بعد انقضاء 12 سنة من دون موازنة، واعدنا الحياة الى السلك الدبلوماسي الذي كانت دبت فيه الفوضى، والى الإدارة وصولا الى التشكيلات القضائية… باختصار، قمنا بأمور كثيرة أخرى لسنا الآن بصدد استعراضها، بل ستنكشف للجميع. لكن في الجهة المقابلة، فإن تراكم المشاكل كان كبيرا، لا مال متوافر والحدود السورية أقفلت وقطعتنا عن منطقتنا الحيوية في الدول العربية، إضافة الى تواجد نحو مليون و850 الفا من النازحين السوريين على أرضنا، حيث توقف الإحصاء الدولي لهم بعد العام 2015. ولا ننسى التحركات والاضرابات التي عرفت بـ”الثورة” اهلكت الاقتصاد، فتم اقفال الطرقات، وانشئت منظمات غير حكومية، بدأت تصل اليها أموال ونحن نسمع تصريحات اجنبية عن رفض إيصال المساعدات عبر الحكومة، انما الى الشعب مباشرة، عبر تلك المنظمات. ونحن نخشى ان يتم استغلال هذه الأموال لتمويل الانتخابات النيابية وايصال من ليس لديه تجربة الى الندوة البرلمانية”.
وشدد الرئيس عون على “ضرورة اجراء المحاسبة، وانا اطالب منذ سنة ونصف بالتدقيق الجنائي، وافكك العقد والعراقيل من امامه، فلا يمكن لأي دولة اجراء اي اصلاح من دون هذا التدقيق، لمعرفة مسار المال العام، من سرقه او اهدره او من اخطأ بشكل فظيع في ادارته لكي نصل الى هنا. لقد وضعوا القيّم على إعطاء المستندات الى لجنة التحقيق، المسؤول الأول عن المال والهدر، وحتى الآن لم يسلم المستندات. ومنذ سنة ونصف، تبرز عقدة تلو الأخرى بوجه التدقيق يوما بعد يوم. وانتم تذكرون تحدثي بشكل دائم في مآدب الإفطار الجامعة التي كنا نقيمها، عن الفساد وضرورة مكافحته، وتحويل الاقتصاد الى منتج بدلا من ريعي…، وكان يعلو التصفيق من الحاضرين من رئيسي المجلس والحكومة والنواب والوزراء ورجال الدين. وكنت مرتاحا ان المجتمع بلغ نضجا يشجعني على المضي في الإصلاح. واليوم، لم اعد اسمع أي صوت ينادي بالإصلاح، بل اسمع من يهاجمني. وحفاظا على الحريات العامة لم اقاض أحدا، على الرغم من ان الهجوم علي يؤذيني، كوني انا الوحيد الذي أقسم يمين الحفاظ على الدستور والقوانين، واقوم بواجباتي في ذلك. ويتم اتهامي بانني اسعى الى اعادة النظام الرئاسي؟ لا! انما اطبق المادتين 52 (حول المعاهدات الدولية) و 53 في الدستور حول تأليف الحكومة اللتين لم تطبقا في السابق، وعندما عمدت الى تطبيقهما، اصبحت متهما بإعادة النظام الرئاسي. كما انني طبقت المادة 57 من الدستور والقاضية برد القوانين وفق شروط معينة، وقد رديت قانون التعديلات على قانون الانتخاب الذي يخالف حسابات النصف زائدا واحدا. وقد تم الطعن بهذا القانون في وقت لاحق امام المجلس الدستوري، وها اني اسمع من دون ان اعرف من هو المسرب، ان الحكم سيصدر لصالح الجهة الطاعنة ولكن سيذكر ان الحكومة لم تقم بالتدابير اللازمة لكي يتمكن المنتشرون من التصويت لدوائر في الخارج. طالما الحكومة لم تتمكن من ذلك، لم لا يتم تأجيل التصويت؟ لقد اعطيناهم حق التمثيل ليكونوا من ضمن المجلس، ويوصلوا صوتهم في الندوة البرلمانية ويساعدوا لبنان”.
وقال: ” لدينا مشاريع كثيرة، من انجاز اكبر مرفأ سياحي في جونيه على شرق المتوسط، الى توسيع الاوتوستراد الممتد من نهر الكلب الى طبرجا، كي يتمكن كل أبناء الشمال حتى عكار من الإفادة منه وهو مشروع ليس لكسروان فحسب”، مشيرا الى “ان كل المصائب من جائحة كورونا الى انفجار المرفأ، تسارعت معا في وقت لم يكن هناك من أموال”.
اضاف الرئيس عون: “لا انا ولا انتم مددنا ايدينا الى المال العام، وما من احد يستطيع مد يده الى الخزينة الا من يحكمها ومن يحميه. وها نحن ننتظر عمل الحكومة، وهي حائزة على الثقة، واذا لم تجتمع فهي ليست بقادرة على صرف الأموال، من المسؤول عن ذلك؟ لا يمكنني ان اصرف الاموال استثنائيا طالما ان الحكومة فاعلة وقائمة، بل في حال كانت ضمن مجال تصريف الاعمال. اجرينا تحقيقا حول الاموال التي سرقت سابقا وتبين ان هناك 28 مليار على مدى السنوات الـ12 التي لم تشهد وضع موازنة، كما كنت دعوت في مقابلات سابقة اجريتها في التسعينات، الى الحفاظ على اموال المودعين في المصارف لانها حق لهم”.
وعن امكان تعيين وزير اعلام جديد وعودة الحكومة الى الاجتماع، اوضح الرئيس عون ان “رئيس مجلس الوزراء لم يطرح بعد اي اسم لحقيبة الاعلام، وانا اؤيد الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء حتى ولو تمت مقاطعتها، وبتنا امام وجوب الاختيار بين السياسة والقضاء، فلمن الغلبة؟ للصفة التمثيلية ام القضائية؟ في لبنان هناك 3 سلطات منفصلة: التنفيذية والتشريعية والقضائية، ولا يمكن لاي سلطة التدخل في عمل الاخرى. ومع وجود الخلل في مبدأ فصل السلطات، دعوت منذ اليوم الاول الى احترام الدستور، ومعالجة الامور القضائية ضمن السلطة التابعة لها، وهناك من لم يرض بأقوال القضاء في هذا المجال”.
ad
واستذكر الرئيس عون ما حصل معه خلال فترة نفيه الى فرنسا واتهامه بسرقة اموال، فشدد على انه لم يرض “الا بحكم البراءة الصادر عن القضاء، لان البراءة وفق التسوية تفقد معناها، والبريء لا يجب ان يخاف من القضاء، خصوصا في ظل المراقبة الدقيقة من قبل اصحاب العلاقة الموجودين في البرلمان والحكومة، وحتى لو لم يحكم القاضي وفق ضميره- لا سمح الله-، لا يمكنه اصدار حكم ظالم”.
وتابع: “لا يمكن ابقاء الحكومة معطلة، فهناك امور تحتاج الى البت بها، ومنها مثلا اقرار الموازنة لتسهيل مسائل الكهرباء وغيرها من المواضيع”.
وسئل الرئيس عون عما يحكى عن خلاف بين العهد ورئيس الحكومة و”حزب الله” وحركة “امل”، فأكد ان “التفاهم قائم بشكل كبير مع الرئيس ميقاتي، وان وجود اختلاف في الرأي احيانا لا يعني الخلاف ولا يجب ان يسمى بذلك، لانه بعدها يحصل نقاش وتنتهي الامور بتوافق معين، وهذا امر صحي فلا يجب ان اوافق على كل ما يقوله، كما لا يجب عليه الموافقة على كل ما اقول. اما عن العلاقة مع حزب الله، فهناك امور يجب ان تقال بين الاصدقاء، ونحن ننادي بما يقوله الدستور، لان عدم احترامه يعني ان تسود الفوضى”. وترك الرئيس عون الجواب على العلاقة مع حركة “امل”، الى اعضاء الوفد.
وفي ما خص قوله بأنه سيقبل اذا ما قرر مجلس النواب التمديد له كرئيس جمهورية، بحيث بدا الامر كايحاء لعدم اجراء الانتخابات، جدد الرئيس عون التوضيح ان “هذا الجواب اتى في سياق قولي ان هناك استحالة لحصول فراغ، وكنت قد قلت انني سأغادر عند انتهاء ولايتي، واقولها الآن امامكم ايضا، فسألني المحاور عن فرضية عدم حصول انتخابات نيابية، فأجبت: هناك حكومة قائمة، وسأل مجددا: واذا استقالت الحكومة؟ اجبت: يمكنها تصريف الاعمال، ولكن اذا حصل فراغ ولم تجر انتخابات واستقالت الحكومة فلن اترك البلد للفراغ. هذا ما قلته واكرره امامكم”.
وردا على سؤال حول عدم وجود هوية للسلطة اللبنانية بل ترتيبات طائفية مختلفة، اوضح الرئيس عون ان “السلطة الحالية توافقية بثلاث رؤوس، وبالتالي من الصعب ان تحكم. حتى الحكومة معرضة لهذا الامر، وهو ما لا يجب ان يحصل لان لها رأسا واحدا، والنظام الطائفي قائم على التوافق. لذلك، نأمل بعد هذه الاحداث، تغيير الوضع، فأنا اعتبره نهاية حقبة معينة تخطى عمره الـ30 سنة، وباتت تحتاج الى تغيير. لن اتمكن من تحقيق ذلك في السنة الباقية من ولايتي، الا انني اعلن عنه”.
ولفت الى ان “الدول الخارجية باتت تتحدث للمرة الاولى عن ارسال الاموال والمساعدات الى الشعب مباشرة، من دون ان يعلق احد على الموضوع. فهل المطلوب تمويل ثورات او انتخابات؟ وهذا تقليل من الاعتراف بالدولة”.
وردا على سؤال عن مدى اطمئنانه الى حصول الانتخابات في ظل الاجواء الموجودة في البلد، وما يقال عن انه لن يوافق على فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، أجاب: “هذا ما صدر في الصحف، وقد قرأته. ولو كان علي ان أكذب كل ما يصدر، لكنت بحاجة الى مكتب خاص. الانتخابات ستحصل، والأمر الذي غيرته هو تاريخ اجرائها من 27 آذار الى 8 او 15 أيار، ونحن سنتفق على ذلك”.
وسئل عن وجود دعم دولي للبنان والخشية من تلاشيه نتيجة الخلافات وعن سبب عدم دعوته الى طاولة حوار او مبادرة، فشدد الرئيس عون على انه “مضى على المتحاورين 30 سنة وهم يتحاورون من دون الوصول الى نتيجة. يجب تغيير المتحاورين ولو كنت انا من بينهم. اما بالنسبة الى الخشية من ضياع المساعدات الدولية، فإن كل المؤسسات تطالبنا بالتدقيق الجنائي كي تمدنا بمساعدات مالية، ولكننا لا نبني الدولة التي توحي بثقة، بمعنى اننا لا نساعد أنفسنا كي يساعدنا الآخرون”.