مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة النهار
لعلّ الحدث الديني البارز الذي تمثّل بالقداس الاحتفالي لتطويب المكرمين الشهيدين الأبوين ليونار عويس ملكي وتوما صالح الكبوشيين في دير الصليب في جل الديب – بقنايا مساء أمس كان الاختراق الأفضل لأجواء سياسية واقتصادية واجتماعية اخذة في التدهور والتراجع بعد أسابيع قليلة من انتخابات علّقت عليها الآمال لكن شيئا من الإيجابيات الملموسة بعدها لم يظهر بعد.
هذا الحدث في ظروفه الراهنة دفع بالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى التأكيد أنّ “تطويب الأبوين ليونار ملكي وتوما صالح يردّ المجد للبنان الذي أضاعه السياسيون وغيرهم ممن أضاعوا الإيمان ولا يمكن للإنسان أن يعيش من دون الله”. وأضاف: “متأكّد من أنّ اللبنانيين الموجودين في السماء لن يتركوا وطنهم “يروح من إيدين” ونريد للشعب أن يعود إلى الإيمان بالله وأن يخافه كي نخرج من الصعوبات”.وهنأ الراعي الشعب اللبناني، قائلاً: “هذا الاحتفال هو علامة رجاء للبنان وطريق المجد يمرّ عبر ألمٍ ما ونحن يجب أن نضمّ آلامنا إلى الشهيدين ليونار ملكي وتوما صالح”.
بالعودة إلى المشهد السياسي، ومع أنّ حالة ترقب تسود الأوساط السياسية والنيابية في انتظار إعلان قصر بعبدا موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الشخصية التي ستكلف تشكيل ال#حكومة الجديدة، فإنّ الانشغالات الأكثر إلحاحاً قائمة لانجاز استحقاق انتخابات اللجان النيابية في جلسة يعقدها مجلس النواب الثلثاء المقبل وتنسج حولها السيناريوات نفسها التي سبقت جلسة انتخابات رئيس مجلس النواب ونائبه وهيئة مكتب المجلس مطلع الأسبوع الحالي. ولكن المعطيات المتوافرة حول هذا الاستحقاق لا تشير إلى حتمية تكرار ما جرى في الجلسة السابقة لجهة إعادة تجميع تحالف 8 آذار بأكثرية النصف زائد واحد في مقابل تشرذم الأكثرية المنتخبة الجديدة لان الكتلة التغييرية كما الكتل السيادية والشخصيات لن تمرر ما يبدو مخططا يجري الاأعداد له لاقصائها عن اللجان وتمكين خصومهم من السيطرة أيضاً على اللجان. وتتوقع الأوساط المعنية معارك حقيقية وجدية حول اللجان لأنّ زمن اسقاط التوافقات والتسويات المسبقة قد انتهى مع الأكثرية المنتخبة.
وبدا لافتاً ما قاله أمس عضو تكتل الجمهورية القوية النائب جورج عقيص لجهة التشديد على محاولة إعادة ترتيب الأكثرية وتركيزها، و”إذا ظهر أنّها لا تزال عند الفريق الآخر ستكون حتماً هزيلة تحتاج لكثير من المساومات، ونعد الناس بان نبقى في المعارضة ونقاوم حتى الرمق الأخير فنحن لدينا خطة لإنقاذ البلد في حال وصولنا وتحرير قرار الدولة فيه ولدينا خيارات قوة عديدة”. وأوضح أنّه “من المفترض بحسب النظام الطائفي البغيض ان يكون لدينا 6 رؤساء لجان مسيحيين و6 مسلمين، وعلى القوات إلّا ترضى بأقل من لجنتين أساسيتين واي توزيع لا يعطي القوات لجانا أساسية وغير أساسية هو استهداف لوجودها في البرلمان ولما تحقق في الانتخابات”.
أمّا في موضوع استشارات التكليف، فبدا من المعطيات المتوافرة في الساعات الأخيرة أنّ مسالة إعادة تكليف الرئيس نجيب ميقاتي قد تراجعت لمصلحة تقدم احتمالات طرح أسماء جديدة. وأفادت معلومات أنّ العهد يفضّل تأمين توافق على اسم معيّن بين الفريق الرئاسي والثنائي الشيعي، قبل ان يوجه عون الدعوة الى الاستشارات، خصوصاً أنّه وحتى الساعة، “حزب الله” وحركة “أمل” ومعهما الحزب التقدمي الاشتراكي ميالان لاعادة تسمية الرئيس نجيب ميقاتي، بينما لا يرغب “التيار الوطني الحر” بذلك. وتردد على نطاق واسع أنّ لقاء عون وميقاتي أول من أمس في بعبدا لم يكن إيجابيّاً ولا اتفاق بينهما حول قراءة اولويات المرحلة وكيفية حلحلة الازمات المعيشية. كما أفيد أنّ ميقاتي لا يبدو متساهلاً في حال إعادة تكليفه بإبقاء حقيبة الطاقة مع “التيار الوطني الحر” فيما يعتبر الأخير نزع هذه الحقيبة منه بمثابة اعلان ادانة له في هذا الملف لن يقبل بها. وذكر أنّ عون يرغب في بلورة الاتجاهات النيابية والسياسية حول الرئيس المكلف قبل ان يوجه الدعوة الى الاستشارات.
وفي سياق الجهود لتوحيد كلمة 8 آذار، زار أمس نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، رئيس المجلس نبيه بري في عين التينة، وقال بعد اللقاء: “دولته حريص كل الحرص على البدء بالعمل بأسرع وقت ممكن في كل الأمور من إستكمال إنتخابات اللجان وغيرها من الامور العالقة الأخرى، وأيضا هناك امور أخرى عالقة منذ فترة من الحكومة السابقة، إتفقنا مع دولة الرئيس أن نعمل سويا مع فخامة رئيس الجمهورية كي نحل كل هذه الأمور التي فيها مصلحة ونسير بها الى الأمام”. أضاف: “لمست كل إيجابية من دولة الرئيس بكل المواضيع التي تم طرحها وتحدثنا بها، وهذا الأمر سوف انقله لفخامة الرئيس الذي هو أيضا كان مبادرا، وطلب مني أن أحمل رسالة معينة لدولة الرئيس بري”.
وفي المقلب الآخر، كشف النائب ملحم خلف أنّ النواب التغييرين الـ13 سيتوجهون إلى الاستتشارات كتلة واحدة ويحددون رؤيتهم وموقفهم من العملية الحكومية برمتها تكليفا وتأليفا ومهمات وذلك في موقف يتنافى تماما مع الاسلوب المتبع في تأليف الحكومات. وأضاف: “همنا اليوم وقف الانهيار والطريق السريع لبلوغ ذلك مع برنامج مالي وأقتصادي يوفر للمواطن مقومات الحياة من غذاء ودواء واستشفاء بغض النظر عن شخص الرئيس المكلف وشكل الحكومة أكانت سياسية أم تكنوقراط وما سوى ذلك من تسميات. المطلوب كما قلت، وقف معاناة الناس. وتابع: “لن اغوص اكثر في التفاصيل لأن سيكون لنا ككتلة تغييرية مؤتمر صحافي يوم الاثنين المقبل نحدد فيه الموقف من الاوضاع وسائر الامور في البلاد”.
وفي بيان خلا من أيّ دعم لأيّ مرشح لرئاسة الحكومة، أعرب المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى بعد اجتماعه برئاسة المفتي الشيخ عبداللطيف دريان، عن أمله في “أن تتواصل المسيرة الديمقراطية بتشكيل حكومة جديدة بأسرع وقت ممكن، ثم بانتخاب رئيس جديد للدولة، ليكون ذلك بداية لمرحلة إصلاحية جديدة تطوي صفحات الفساد والنهب وسوء الأمانة، وتفتح صفحة جديدة من العمل الوطني المخلص المترفع عن الأنانيات والمحسوبيات والولاءات الخارجية، والمتعفف عن المال الحرام والمصالح الشخصية”. وحذّر من أن “التجارب السابقة، والتي تمثلت في تأخير تشكيل حكومة جديدة وفي انتخاب رئيس جديد للدولة، لم تكن مشجعة، إلا أنها كانت كافية من خلال الثمن الباهظ الذي دفعه اللبنانيون جميعا طوال السنوات الأخيرة، للعمل معاُ على تجنب الوقوع في الخطأ المأساوي والمدمر مرة جديدة”.