مجلة وفاء wafaamagazine
عندما يتعلّق الأمر بالعناصر الغذائية وصحّة الأمعاء، تتصدّر الألياف والبروبيوتك اللائحة. ولكن إستناداً إلى الخبراء، هناك مادة أخرى يتمّ غالباً تجاهلها، ولكنها تؤثر إيجاباً وبطرقٍ مختلفة في هذا الجزء من الجسم: الدهون الصحّية.
وفق «Harvard T.H. Chan School of Public Health» إنّ الدهون الصحّية تعني الأحماض الدهنية المتعددة غير المشبّعة (PUFAs)، وتلك الأحادية غير المشبّعة (MUFAs)، والتي رُبطت بمنافع صحّية كثيرة مثل خفض خطر الإصابة بأمراض القلب. ولكن يبدو أيضاً أنّ هذه الدهون تملك تأثيراً مهمّاً في ميكروبيوم الأمعاء.
وكشف اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي، الطبيب كريس دامان، أبرز الدوافع لإدخال المزيد من الدهون الصحّية إلى النظام الغذائي، وتحديداً:
دعم تنوُّع الميكروبيوم
إنّ ميكروبيوم الأمعاء المتنوّع هو علامة على صحّة أمعاء جيّدة. إنه يعني وجود مجموعة واسعة من الكائنات الحية الدقيقة المختلفة، بما فيها بكتيريا البريبيوتك والبروبيوتك، تعيش في الجهاز الهضمي. رُبط التنوُّع البكتيري في الأمعاء بتحسين الوظيفة المناعية وقد يساعد على الوقاية من المشكلات الصحّية المُزمنة كالبدانة، والسرطان، واضطرابات الجهاز الهضمي، بحسب تقرير نُشر عام 2019 في «Nutrients». تؤدي الدهون غير المشبّعة دوراً في تعزيز تنوُّع الميكروبيوم. وتوصّل بحث نُشر مطلع عام 2022 في «Foods» إلى أنه عند تناولها، تمرّ هذه الدهون عبر الجهاز الهضمي إلى القولون، سليمة وغير مهضومة. وهناك، تكون بمثابة بريبيوتك التي تُغذّي البكتيريا الجيّدة وتسمح لها بالتكاثر.
خفض الالتهاب
إنّ تحقيق التوازن الجيّد بين الأوميغا 3 والأوميغا 6 أمر أساسي لصحّة أمعاء جيّدة. أمّا الحصول على كمية أوميغا 3 أقل من الأوميغا 6 في الغذاء يؤدي إلى ظهور الالتهاب في الجسم. وفي المقابل، إنّ استهلاك جرعة أعلى من الأوميغا 3 مقارنةً بالأوميغا 6 قد يُحسّن الاستجابة المناعية ويخفّض الالتهاب. وبشكلٍ أدقّ، وجدت مراجعة نُشرت عام 2019 في «International Journal of Molecular Science» أنّ الأوميغا 3 قد تساعد على خفض الالتهاب في الأمعاء. وبحسب مراجعة صدرت عام 2017 في «World Journal of Gastroenterology»، أظهرت الأبحاث أنّ الدهون المتعدّدة غير المشبّعة قد تخفض الالتهاب عند مرضى التهاب الأمعاء.
حماية بطانة الأمعاء
إنّ بطانة الأمعاء عبارة عن طبقة من المخاط تحميها من غزو الكائنات الحيّة التي قد تؤذي الصحّة. كما أنها تؤدي دوراً في امتصاص العناصر الغذائية، إستناداً إلى مُراجعة نُشرت مطلع عام 2022 في «Biomedicine». ولكن أحياناً، تتعرّض بطانة الأمعاء للضرر، ما يؤدي إلى ثقوب كبيرة تسمح للطعام غير المهضوم والسموم وغيرها من المواد بالعبور ودخول الجسم، وهو ما يُعرف بمتلازمة الأمعاء المتسرّبة، وفق «Harvard Health Publishing». يحدث ذلك غالباً بسبب عدم وجود توازن بين البكتيريا الجيّدة والمضرّة في الأمعاء. ولكن بما أنّ الدهون الصحّية تساعد البكتيريا المُفيدة على التكاثر، فإنها قد تخفض أيضاً احتمال تعرُّض بطانة الأمعاء للتلف. وتعمل الدهون الصحّية، كالأوميغا 3، على تعزيز التنظيف الخلوي، وتساعد على استعادة التوازن في الأمعاء، ما يحمي بطانة الأمعاء.
أين تختبئ؟
لدعم صحّة الأمعاء بشكلٍ أفضل، ليس المطلوب التركيز على مادة غذائية واحدة. بدلاً من ذلك، يُنصح باتّباع حمية غذائية تتضمّن مجموعة متنوّعة من المأكولات المُفيدة للأمعاء. ولحسن الحظّ، هناك أطعمة كثيرة غنيّة بالدهون تحتوي أيضاً على مغذيات أخرى تدعم صحّة الأمعاء مثل السلمون، والماكريل، وبذور الكتان، وبذور الشيا، والجوز، وزيت الزيتون. على سبيل المِثال، يحتوي السمك على ببتيدات الكولاجين التي قد تساعد على تقوية بطانة الأمعاء وحمايتها. في حين أنّ المكسّرات غنيّة بالنشويات المقاوِمة التي تعمل بمثابة بريبيوتك وتدعم التنوُّع البكتيري في الميكروبيوم. أمّا الدهون الأحادية غير المشبّعة والألياف المخبأة في الأفوكا فقد رُبطت بتغيّرات إيجابية في الأمعاء.