مجلة وفاء wafaamagazine
عقد في نقابة الأطباء في بيروت مؤتمر صحافي، في حضور وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال فراس أبيض، ونقيب الاطباء في بيروت يوسف بخاش، ورئيس الجمعية اللبنانية لأمراض الكلى والضغط روبير نجم، اضافة إلى عدد من أعضاء النقابة وحشد من الاطباء.
بخاش
استهلّ النقيب بخاش المؤتمر بكلمة، قال فيها: “كنا نتمنى ان نلتقي في بيت الطبيب لنزف عودة لبنان الى الخريطة الطبية ونعلنه مجدداً مستشفى الشرق، غير ان الامور تسير عكس ما نشتهي وتتلاحق الازمات ويستمر تهاوي القطاع الطبي ويفقدان تدريجيا مقومات صموده، بدءا من هجرة الاطباء وخصوصا اصحاب الاختصاصات منهم، مرورا بهجرة الممرضين والممرضات والنقص الفادح في اعدادهم لخدمة المريض كما يجب وليس انتهاء بحجز اموال الاطباء والمستشفيات وحجبها عن القطاع بشكل عام”.
اضاف: “ولا تختلف الصورة بالنسبة لجمعية اطباء غسل الكلي، بل على العكس تماماً، فهم من اكثر المتضررين بل المهددين بالتوقف القسري عن العمل الطبي. ففضلاً عن النقص الفادح في عددهم من جهة وندرة بعض الادوية المخصصة لغسل الكلي وارتفاع اسعارها من جهة ثانية، هناك الاجحاف اللاحق بحق من بقي في البلاد مفضلا البقاء الى جانب المريض وخدمته، لاسيما ان مرضى الكلي مهددون بالموت اذا لم يقم الطبيب المختص بخدمتهم. ومع ذلك فان الجلسة العلاجية التي تستمر وقتا طويلا كانت ولا تزال تسعيرتها من الجهات الضامنة عشرين دولارا تحتسب على السعر الرسمي اي 30 الف ليرة، يعني اقل من دولار واحد للجلسة حسب السوق الموازية اليوم. وبعد سلسلة مراجعات وبسعي من وزير الصحة العامة الدكتور الصديق فراس الابيض تم رفع التسعيرة الى 200 الف ليرة، ومع ذلك بقيت حبرا على ورق. ونسأل اليوم، كيف يمكن ان يستمر هذا الطبيب ويطلب منه ان يبقى الى جانب اهله وبلده ولا يهاجر”.
وتابع: “ازاء هذا الواقع، لا بد من اطلاق صرخة تحذير قبل ان نصل الى كارثة صحية. فنحن نريد ان نساعد ونساعد وننتقص من حقوقنا، لكننا لا نستطيع الحلول مكان الدولة، فالطبيب هو انسان وله حاجاته كرب عائلة ومستهلك”، شاكراً وزير الصحة “على لفتاته تجاه النقابة التي ينتمي إليها”.
نجم
ثم ألقى الدكتور نجم كلمة جاء فيها: “صحیح ان رسالة الطبيب مقدسة وإنسانية، لكن يجب أن لا ننسى ان الطبيب إنسان. فخلال 3 سنوات من ازمات متتالية، أمنية، إقتصادية، معيشية وصحية، تعرضنا خلالها لأخطار كبيرة، وبخاصة في زمن الكورونا التي اصابت الكثير منا وتعبنا وتعذبنا كثيراً لتعافينا. لكن، لم يتخلف اي طبيب منا يوما، وأدى رسالته بكل ضمير ومهنية على كل الأراضي اللبنانية”.
اضاف: “مرضانا بحاجة دائما الينا، لأنهم أهلنا وأخوتنا، نحزن لحزنهم ونفرح لفرحهم، لكنهم اليوم يتعذبون في ايجاد الادوية واجراء فحوصاتهم التي اصبحوا يدفعون ثمنها مباشرة. لدينا قلق يومي على مصيرهم، رغم وعود وزير الصحة وتبينه قضيتنا، فهو يتمم كل واجباته في هذا الملف بالتنسيق معنا ومع نقابة المستشفيات، ولكن ذلك ليس كافيا، لأن الجهات الضامنة لا تقوم بواجباتها تجاه المرضى والأطباء والمستشفيات، لناحية المهل المحددة. وهناك تأخير حوالى السنتين ايضا”.
وشدّد على ضرورة معرفة “وضع أطباء الكلى اليوم، فقد كانوا قبل الازمة حوالي 188 طبيباً، واصبحوا اليوم 140 طبيباً. وقسم كبير منهم يسعى للهجرة”، مشيراً إلى ان ايّ طبيب كلى جديد يتخرج في الخارج لا يعود الى لبنان. فالطبيب مثل أي فرد من أفراد المجتمع، لديه مسؤوليات وعليه إستحقاقات مالية وهو مضطر لان يغطيها من مخصصاته، لكنه ككل أفراد المجتمع اللبناني تبخرت مدخراته”.
وقال: “هناك أطباء غير قادرين على تحمل كلفة التنقل اليومي الى مراكزهم، وأطباء عملوا وتعبوا وليسوا قادرين اليوم على ان يتعالجوا أو يؤمنوا أدويتهم، فهم يتألمون بصمت و”ناطرين الفرج”، مضيفاً: “نحن لا نستطيع الا ان نعالج مرضانا، ولكن في شروط تعجيزية وظروف قاسية تمر علينا”.
وختم: “نريد حقوقنا في أسرع وقت ممكن، ومن كل الجهات الضامنة وبدون استثناء. ومثلما وجدنا سبلاً معينة وطلبنا مساعدات طبية من كل بلدان العالم ونحاول أن نؤمن ادوية ومعدات طبية لمرضانا، لذلك عليهم ايضاً أن يجدوا حلولاً لنحصل حقوقنا المالية وحتى نستمر وكي لا نضطر ان نطلب أتعابنا من المريض”.
أبيض
من جهته، طمأن وزير الصحة مرضى غسيل الكلى، مؤكداً انهم “سيستمرون في الحصول على خدماتهم في مراكز غسيل الكلى والمستشفيات، من دون أيّ خطر من التوقف”.
وتوجّه إلى الأطباء فقال إن “كرامة المريض عزيزة جدا علينا، وجميعنا يعرف ان كرامة الطبيب من كرامة المريض، لذلك لا يمكننا الا ان نقدم كل الدعم للطاقم الطبي لا سيما طاقم غسيل الكلى، في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن، ونقدم لهم كل التقدير والتبجيل لأنهم من الفئات التي بشكل كبير، لم تغادر البلاد واستمرت في القيام بمسؤولياتها تجاه مرضاها، علما ان جزءا كبيرا غادر، ولكن الغالبية العظمى منهم بقيت في لبنان وتجاهد مع مرضاها”.
وفي موضوع بدل الاتعاب، شدد وزير الصحة على أن “مطالب الاطباء محقة بالكامل، ومن غير المقبول ان بعض الأطباء الذين يعتاشون من هذا المصدر الوحيد، اي من الجهات الضامنة الرسمية، ان يكون هناك تأخير في دفع بدل الاتعاب لفترة تترواح بين السنة والسنتين، سيما في ظل التضخم الاقتصادي وفقدان قيمة العملة”.
وأشار أبيض إلى وجود شقين لمعالجة هذه القضية، “الشق الأول هو الاتعاب الحالية، وفي هذا الاطار أنهينا كل العقود التي كانت موجودة في وزارة الصحة، وهناك قرار باحتسابتها منذ بداية السنة”، قائلاً: “وعدني وزير المالية والمدير العام للمالية بالتكليف، انه خلال اسابيع وبمجرد وصول القرار من الحكومة في موضوع العقود، سيصار إلى صرف الأموال بالسرعة المطلوبة”.
واكد انه “من الضروري إيجاد حلول طويلة الأمد بالنسبة لغسيل الكلى”، مقترحاً “تسريع عملية دفع الاتعاب، ان كان للمستشفيات او الأطباء، سيما وان التدقيق في الفواتير يجب ألا يأخذ وقتا طويلا. نحن في وزارة الصحة، خلال الاجتماع الذي عقد مع الجهات للجامعة الرسمية، اتخذنا قراراً ان تكون المدة الزمنية في العقود الجديدة، ما بين تقديم الخدمة ودفع التكاليف، لا تتعدى الشهرين او الثلاثة اشهر، الامر الذي يساعد الأطباء في الحصول على مستحقاتهم من دون خطر فقدان قيمتها”.
وأشاد وزير الصحة بـ”الجهود الصادقة خلال هذه الازمة الصحية التي تعصف بالبلاد، والتي هي جزء من أزمات أكبر، ان كان من ناحية الأطباء ونقابة الاطباء، أو من ناحية نقابة المستشفيات التي هي ايضا تعاني من مشكلة التأخر في دفع مستحقاتها، وهناك تعاون من قبل الجميع لحل هذه المشاكل، وانا على ثقة انه من خلال هذا التعاون سنستطيع تأمين المطلوب”، كاشفا انه “في الأسبوع المقبل، سنعلن عن أسعار التعرفات الجديدة التي سنرفعها بعد إقرار الموازنة”.
وعن الاختراع التي تقدمت به الباحثة مروى زين كحل لمرضى غسيل الكلى، قال وزير الصحة: “اطلعت على هذا الموضوع، وكل اختراع يتعلق بالمواضيع العلمية نحن نلجأ بالدرجة الأولى إلى الجمعيات العلمية المختصة، ووزارة الصحة داعمة لأي امر يساعد المريض”.
وعن موضوع المستلزمات الطبية، طمأن أبيض انه “ليس هناك مشكلة في هذا الموضوع وقد تم حله، بمعنى انه تم تحويل جزء من المستحقات المتأخرة للشركات الطبية وبدأت تلك المستلزمات بالوصول إلى لبنان”.
وأعلن وزير الصحة انه “من اولويات اهتمامنا ايضاً دفع مستحقات بدل اتعاب الأطباء، ونأمل ان يكون ذلك قريباً”، مشدداً على “ضرورة إيجاد حلول للازمة المالية في البلاد، وهذا ما تحاوله الحكومة من خلال خطة التعافي وعن طريق المفاوضات مع صندوق النقد، وآمل ان نصل إلى الحلول قريباً”.