الرئيسية / آخر الأخبار / البخاري يتمسّك برئيس “يجمع”… وبري يراها ميزة لدى فرنجية ويَعِد بمبادرة

البخاري يتمسّك برئيس “يجمع”… وبري يراها ميزة لدى فرنجية ويَعِد بمبادرة

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت صيحفة “الديار”

لم تنعكس الاجواء الايجابية في الاقليم بعد على المناخات الداخلية، التي لا تزال ترزح تحت ضغوط مالية واقتصادية هائلة، وسط انهيار متسارع في قيمة الليرة مع ملامسة الدولارعتبة المئة.
اليوم اضراب في المدارس الخاصة فيما لم ينتظم العام الدارسي على نحو تام في المدارس الرسمية. كل شيء معطل في البلاد، والسياسة تدار بالتمنيات لا بالوقائع والمعلومات. ولان السياسة في لبنان “مياومة” عند معظم القوى والاحزاب والمسؤولين، لا أحد يملك جوابا عن سؤال “ماذا بعد؟” الاتفاق السعودي- الايراني برعاية صينية، وفيما تشير المعطيات الخارجية الى ان اليمن سيكون ساحة الاختبار الاولى ، تبقى واشنطن المسؤول الاول عن الاخفاق اقله اسرائيلي. اما كل ما يقال في المجالس الخاصة وعلى الملأ داخليا مجرد “تخبيص” وملء للفراغ بكلمات فارغة، عن انعكاسات مفترضة على الساحة اللبنانية، دون ادلة حسية او معطيات يمكن “تقريشها”، وانما من باب التحليل وربما التمنيات.

لا جديد سعوديا!
بالامس، تحركت الديبلوماسية السعودية باتجاه “عين التينة”، وكذلك “كليمنصو”، وبينما حرص السفير السعودي الوليد البخاري على تعميم اجواء ايجابية علنا، سرب عبر مصادره الاعلامية والسياسية المعتمدة تأكيدات عن عدم وجود تغيير في موقف بلاده حيال مواصفات الرئيس اللبناني المقبل. طبعا حتى الآن، تقول اوساط ديبلوماسية لـ “الديار”، البخاري يقول الحقيقة، فهو لم يتبلغ من الخارجية السعودية اي جديد حيال مقاربة الملف اللبناني، ومن السابق لاوانه ان يحصل هذا الامر. فالتفاهم الوليد يحتاج الى بعض الوقت كي يتبلور الى افعال، وكل طرف الآن ينتظر من الطرف الآخر خطوات بناء للثقة كي “يبنى على الشيء مقتضاه”.
وبحسب المعلومات المتوافرة حتى الآن، فان الساحة اليمنية ستكون مسرحا لاختبار النيات بين الجانبين، وبعدها سيكون كلام آخر حول مختلف الملفات العالقة بين البلدين. وخلال هذه الفترة سيبقى لبنان على “رصيف الانتظار” اقله خلال الشهرين المقبلين، وسط حالة من التأزم السياسي والمالي والاقتصادي.  

فرنجية بين بري والبخاري
ووفقا للمعلومات، كرر البخاري على مسامع بري ما قاله وزير خارجيته فيصل بن فرحان بانه على اللبنانيين الا ينتظروا الخارج، وان يقوموا بواجباتهم بانتخاب رئيس للجمهورية وبناء المؤسسات والشروع في حل مشاكلهم، دون ان يوضح مدى تسهيل بلاده لهذا الامر، لكنه في المقابل، اوحى لرئيس المجلس بضرورة ان يؤدي دورا في تمهيد الارضية لاي تسوية مفترضة. فوعد بري بالاعداد لمبادرة قريبا، دون ان يوضح توقيتها او حيثياتها. وفيما لم يفوت بري استعراض الاسباب الموجبة لاعلانه دعم ترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية للرئاسة، لم يتلق اي كلام ايجابي بهذا الخصوص من البخاري، فهو جدد التأكيد ان بلاده تعنى بالمواصفات لا الاسماء، وقال: ان المملكة تريد رئيسا يجمع ولا يفرق اللبنانيين! وهو امر رد عليه لاحقا بري خلال لقائه مع وفد نقابتي المحررين والصحافة حين قال:” اذا كان فرنجية لا يجمع فمن هو الرئيس الذي يقوم بذلك”!
وعلم ان لقاء البخاري مع رئيس “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط لم يخرج باي جديد على الصعيد الرئاسي، بعد ان اعاد السفير السعودي التأكيد ان بلاده لن تغير سياستها الراهنة تجاه لبنان، ولفت الى ان الاتفاق مع ايران لن ينعكس على الساحة اللبنانية، ولا تغيير في مقاربة الملف الرئاسي! 

مواصفات مرشح “الثنائي”؟


وحول لقائه السفير السعودي، الذي كان متفقا عليه قبل الاعلان عن الاتفاق في بكين، قال بري ان التواصل كان قائما، وسوف يتواصل، وقد حصل قبل هذا اللقاء عده لقاءات ، ولفت الى ان الحل السياسي يبدأ برئاسة الجمهورية، وسليمان فرنجيه مد يده للجميع وصالح كل الناس، فاذا كان سليمان فرنجية لا يجمع فمن هو الذي يجمع؟ واضاف “اريد ان اسأل هنا من هو سليمان فرنجية؟ الم يكن مرشحاً عندما تم التمديد للرئيس اميل لحود؟ الم يرشحه السفير ديفيد هيل؟ الم يكن مرشحاً حينما كان العماد ميشال عون مرشحا؟ واسمحوا لي ان أتحدث كماروني، انا لي حصه بالموارنة، انا لبناني ، الموارنة بدؤوا من الشمال وتناموا وتمددوا من هناك الى كل لبنان، وفرنجية ابن هذا الشمال”.
وذكر بري بما حصل عشية الانتخابات السابقة، الم تلتق القيادات المسيحية والمارونية في بكركي ويومذاك تم التوافق على اربعة اسماء، وأن من ينتخب من بين هؤلاء الاربعة يكون ممثلاً للمسيحيين واللبنانيين؟ الم يكن سليمان فرنجية احد هؤلاء الاربعة؟ واضاف “نحن ماذا نريد من رئيس الجمهورية، انا بحاجة الى رئيس يتحدث مع سوريا بموضوع ترسيم الحدود وحل ازمة النازحين، لاننا اذا كنا سنعتمد على الاوروبيين والاميركيين فهم غير مكترثين لهذا الموضوع، نريد رئيسا قادرا على مقاربة الاستراتيجية الدفاعيه، رئيسا مؤمنا باتفاق الطائف، وانطلاقا من كل ذلك رشحنا سليمان فرنجية”.  

 ينتقل الى الهجوم
في هذا الوقت، وفيما بدأ هجوما اعلاميا مضادا عبر منح عدد من مسؤوليه “الاذن” للقيام باطلالات اعلامية، لشرح مواقفه من التطورات الراهنة وفي مقدمتها الملف الرئاسي، شدّد عضو المجلس المركزي نبيل قاووق، على أنّ لا ينتظر “أيّ تسوية خارجية لا ثنائية ولا خماسية تفرض على اللبنانيين مواصفات وأسماء لرئاسة الجمهورية”. ولفت الى أنّ “حركة أمل والحلفاء والأصدقاء فتحوا أفقاً لحلّ الأزمة الرئاسية من خلال التوافق الداخلي بعيداً من الفيتوات والمواصفات الخارجية، أما وصول رئيس للتحدّي والمواجهة، فهذا أصبح مرحلة ماضية، ونحن نتحدّث عن الحاضر والمستقبل”. ورأى قاووق أنّ “فريق التّحدي والمواجهة ضخّم حجمه ورفع شعارات أكبر من واقعه وقدرته، ويريد أن يأتي برئيس للتحدّي والمواجهة، وهذا يعني أنّه يريد جرّ البلد إلى الفتنة الداخلية، وقد جرّبوا 11 جلسة وفشلوا، وكانت هذه الجلسات كافية لأن يعودوا إلى أحجامهم الطبيعية، وأن يكتشفوا أن شعاراتهم غير واقعية، وليس لها مكان في لبنان”.  

ميقاتي للراعي: ساعدونا لنساعدكم


في غضون ذلك، وعشية مغادرته الى الفاتيكان، زار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي البطريرك الماروني بشارة الراعي  في بكركي، وعقدا خلوة تناولت التطورات الراهنة والزيارة التي سيقوم بها الى الفاتيكان للاجتماع بقداسة البابا فرنسيس. وعلم في هذا السياق، ان ميقاتي شرح للبطريرك خلفيات كلامه حول عدد المسيحيين في لبنان، ووضع الامور في نصابها الصحيح، ووجد تفهما من الراعي لمقاصده، دون ان يخفي عتبه حيال اثارة ملف حساس في توقيت خاطىء. وفي الشأن الرئاسي، كان ميقاتي واضحا لجهة غياب اي معطيات حتى الآن حيال مفاعيل الاتفاق السعودي – الايراني، مرجحا ان تطول حالة الانتظار بعض الشيء ريثما تتبلور الامور اكثر، لكنه في المقابل اثنى على محاولات بكركي لايجاد ارضية مسيحية مشتركة حيال الاستحقاق الرئاسي، ولفت الى ان اي نجاح في توصل القوى المسيحية الى قاسم مشترك حيال الاستحقاق سيكون عاملا حاسما يسهل الاستحقاق بشكل كبير، ومازح الراعي قائلا “ساعدونا لنساعدكم”.
لكن وفي المقابل، لم يلمس ميقاتي ارتياحا من قبل البطريرك لمسار الاتصالات التي يقوم بها راعي ابرشية انطلياس المارونية المطران انطوان ابي نجم حتى الآن، في ظل التباعد الكبير في مواقف القوى المسيحية، خصوصا “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، لكنه فهم منه انه لن يستسلم للامر الواقع وستستمر الجهود حتى ايجاد خرق في “الجدار” السميك، الذي يحول دون الوصول الى تفاهمات. وفي هذا السياق، التقى رئيس  “القوات” سمير جعجع في معراب للمرة الثالثة خلال الفترة الأخيرة المطران بو نجم موفدا من البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، في حضور المونسنيور إيلي خوري ورئيس مكتب التواصل مع المرجعيات الروحية أنطوان مراد، وتناول اللقاء مسألة الاستحقاق الرئاسي.

لماذا الهجوم على “التيار”؟
 وكان ميقاتي قد اكد قبل اللقاء في دردشة سريعة مع الإعلاميين، إنّ “ربيع لبنان قريب إن شاء الله”، وانتقد “التيار الوطني الحر” دون ان يسميه قائلا “لمن يتحدث ويقول إن مجلس الوزراء شرعي او غير شرعي ويحق له ان يجتمع او لا يجتمع، فليتفضل ويقوم بدوره في انتخاب رئيس الجمهورية في اسرع وقت، وهذا هو باب الخلاص”. وفيما أكّد المستشار الإعلامي لميقاتي فارس الجميّل، أنّ “المشاورات بين الراعي وميقاتي شملت ملفات عديدة وأساسها ملف رئاسة الجمهوريّة والعمل الحكوميّ، وصاحب الغبطة انتقد جواً طائفياً في البلد ووصفه بالهستيريا السياسية.
وما زاد حدة الخلافات بين ميقاتي و”الجو” السني، محاولة تقسيم بيروت من قبل “التيار الوطني الحر” من بوابة الانتخابات البلدية. ولفتت مصادر نيابية بيروتية الى ان المخاوف قد تكون جدية من الإخلال بالتوازن الطائفي في بلدية بيروت، ما يهدّد تأمين المناصفة في العاصمة، لكن الحل لا يكون بمحاولة “التيار الوطني الحر” مرة جديدة الدخول من “بوابة” التقسيم الطائفي. ولفتت تلك الاوساط الى ان محاولة تكتل “لبنان القوي” الترويج لاقتراح قانون لتعديل القانون البلدي الحالي الذي ينص على اعتماد بيروت دائرة انتخابية واحدة، بما يسمح بتقسيمها إلى دائرتين انتخابيتين يصار إلى دمجهما في مجلس بلدي واحد، تنم عن سياسة وطنية قصيرة النظر وذات بعد طائفي، ولن تلقى تأييداً من معظم نواب العاصمة، وهو امر تبلغه ميقاتي ايضا من اعلى مرجعية روحية سنية. وتساءلت تلك الاوساط، كيف يرفض “التيار” عقد جلسات تشريع الضرورة لإعطاء الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية، ويطالب من جهة أخرى بعقد جلسة استثنائية للبرلمان لإقرار تقسيم بيروت إلى دائرتين، في وقت تتصاعد فيها الدعوات المشبوهة الى الانتقال للنظام الفيدرالي؟…

المفتون والصلاحيات
ليس بعيدا، دخل مجلس المفتين على خط السجالات ودان “الحملات المتتالية على موقع رئاسة الحكومة، وافتعال فتنة جديدة تحت شعار الصلاحيات، وطالب الجميع بالعودة الى الدستور والتزام اتفاق الطائف”، رافضا المس بصلاحيات رئيس مجلس الوزراء تحت أي عنوان أو ذريعة. وحذر المجلس “من استمرار الفراغ الرئاسي”، وقال “إن الطبيعة لا تعرف الفراغ”، ولذلك حذّر ايضا “من مبادرات هجينة لمحاولة ملئه من خارج الدستور ومن خارج دائرة الوفاق الوطني. فالفراغ في الرئاسة ظاهرة سلبية خطرة. وأسوأ منها وأخطر محاولة ملئه بمبادرة من خارج الدستور”. 

اليمن ساحة للاختبار
وفي المواقف الخارجية، واقله علنا، يغيب لبنان عن قائمة الاولويات، وفي موقف يشير بوضوح الى طبيعة اولويات التفاهم السعودي- الايراني، كشفت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة امس، عن وعد تقدم به وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشأن إنهاء الأزمة في اليمن. وقالت البعثة في تغريدة على “تويتر” إن عبد اللهيان وعد باستضافة مباحثات من شأنها وضع نهاية للأزمة اليمينة. وأوضحت البعثة أن عبد اللهيان تقدم بالوعد المذكور إلى غوتيريش، خلال زيارة أجراها في وقت سابق إلى جنيف. بدوره اكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني أن الوضع في اليمن على قائمة أولويات طهران، معتبرا أن الاتفاق مع السعودية سيكون له تأثيرات اقليمية اخرى وخص البحرين دون غيرها، قائلا انها لن تكون استثناء. 

الازمة مستعصية مع باريس
لكن في المقابل، ترى اوساط مطلعة ان احد عوائق التقدم على الساحة اللبنانية، يبقى طبيعة العلاقة المتوترة بين طهران وباريس التي تؤدي دورا محوريا في محاولة ايجاد مخارج للازمة المستعصية. ويبدو ان اي صيغة تسوية تحتاج الى المزيد من الوقت، وهو امر عبر عنه صراحة بالامس المتحدث باسم الخارجية الايرانية، الذي اعتبر ان موقف فرنسا غير البناء حيال ايران ودورها التدخلي لا يسهلان المحادثات حول الافراج المحتمل عن فرنسيين معتقلين في ايران، واشار الى انه يمكن لدول أن تؤدي دورا إيجابيا في هذا المجال بمواقفها وتصرفاتها، لكن للحكومة الفرنسية موقف غير بناء ودور تدخلي في ما يتعلق بالتطورات الداخلية الأخيرة في الجمهورية الاسلامية. 

اين واشنطن من التطورات؟
وفيما يجول “فريق العمل الأميركي من أجل لبنان” برئاسة السفير السابق إدوارد غابرييل في بيروت، دون ان يقدم اي موقف واضح لطبيعة الاستراتيجية الاميركية في لبنان، حيث يبدو واضحا ان واشنطن لا تزال تتبع سياسية متشددة، حمّل الاعلام الاسرائيلي السياسات الاميركية مسؤولية تحوّل إيران، الخصم المرير والخطر للسعودية – بحركة مفاجئة واحدة- إلى شريك اقتصادي وسياسي وأمني للمملكة. وتساءلت صحيفة “اسرائيل اليوم” ما الذي أحدث هذا التحول الدراماتيكي الذي قد يغير توازنات القوى من جذورها وتوزيع القوة النسبية في الساحة الشرق أوسطية؟ وقالت “ربما نجد المفتاح لهذا التحول الدراماتيكي في واشنطن، التي ساهمت بسلوكها مساهمة مركزية في هذه الهزة التكتونية التي أصابت المنطقة كلها. ويبدو أن البيت الأبيض فضل التضحية بالحاجة الاستراتيجية لصد التهديد المحدق من إيران على محيطها الإقليمي، وإدارة الرئيس بايدن هي التي دفعت السعوديين الى دق باب النظام الايراني، على أمل في أن يمنحهم المحور مع النظام الشيعي مجال تنفس وشبكة أمان، ولو مؤقتة”؟
من جهتها، اشارت صحيفة “معاريف” الى إن ثمن ذلك من ناحية الطابع المستقبلي للمنطقة قد يكون باهظاً، ويؤثر سلباً في المصالح الأميركية. بدورها رأت “هآرتس” ان حلم “إسرائيل” بإقامة تحالف عربي – دولي ضد إيران تبدد عند الإعلان بأن إيران ستستأنف العلاقات الديبلوماسية مع السعودية خلال شهرين، وقالت “انها خطوة دراماتيكية قد ترسم خارطة علاقات جديدة في الشرق الأوسط وخارجه. فهي ستمنح شرعية حيوية لإيران في أوساط الدول العربية في المنطقة، الأمر الذي سيثمر فيما بعد علاقات ديبلوماسية أيضاً مع دول أخرى مثل مصر. وقد يمهد الاتفاق الطريق أمام انتهاء الحرب في اليمن، ويؤدي إلى حل قابل للبقاء للأزمة في لبنان، وربما يدفع إلى استئناف المفاوضات حول الاتفاق النووي”.