مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “النهار”
تقول: لم تخرج الخلاصات المجمعة عن جولة وزير الدولة في وزارة خارجية دولة قطر محمد بن عبد العزيز الخليفي على المسؤولين الرسميين والقادة السياسيين في لبنان عن الدوامة التي تطبع ازمة الاستحقاق الرئاسي في ظل اقتراب الشغور الرئاسي من شهره السادس، بمعنى عدم تلمس أي إمكانات لاختراق الازمة بعد لاي تحرك خارجي معني بالتعامل معها. ومع ان هذه الخلاصة تختصر حال الانسداد السياسي المستمرة في الداخل، فانها لم تحجب أهمية الطابع الشمولي الذي اكتسبته جولة الموفد القطري والذي بدا واضحا انه من خلال لقاءات اليومين التي اجراها في لبنان ترك انطباعا واضحا على مرونة الدور الذي تلعبه بلاده وإمكانات توظيفه في الاضطلاع بمزيد من التحركات لحض الافرقاء اللبنانيين على الذهاب الى فتح صفحة متغيرة في الازمة من خلال التعامل بمرونة مع أفكار التسوية ومعادلات التسوية حول اختيار الرئيس الذي يحتاج اليه لبنان ويحظى بقوة دفع من المنظومة العربية والدولية. وإذ بدا ثابتا ان الموفد القطري حرص على إضفاء طابع وضع قدرات بلاده في تصرف أي اتجاه للتوافق اللبناني على خطوات انقاذية تنطلق من انتخاب رئيس الجمهورية، فان عدم تطرقه الى موضوع أسماء المرشحين لم يبدد دلالات تخصيصه لقائد الجيش العماد جوزف عون بلقاء اسوة بلقاءاته كبار المسؤولين الرسميين والقادة السياسيين الامر الذي اكتسب ابعادا حيال ما يتردد دوما عن تاييد الدوحة لترشيح قائد الجيش.
وقد دخل على خط الاجتهادات الرئاسية التطور المتصل بإعلان وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على الاخوين ريمون زينة رحمة وتيدي زينة رحمة في ملفات فساد الفيول والكهرباء المعروفين بانهما وثيقي الصلة برئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية. وذهبت الأوساط الداخلية في معظمها الى عدم عزل، بل وربط توقيت هذا الاجراء بتطورات ترشيح فرنجية بما يشكل إيحاءات سلبية أميركية محتملة حيال فرنجية الذي سبق له قبل سنتين ان اعلن بوضوح وثوق صداقته وعلاقته بالاخوين رحمة وعائلتهما بإزاء نزاع قضائي في ملف فيول فاسد استهدفهما آنذاك وانفجر معه خلاف حاد بين فرنجية و”التيار الوطني الحر”. ويشار الى ان سابقة فرض عقوبات أميركية على النائب جبران باسيل وسواه كانت تبرر اميركيا بانها ترتبط مباشرة بملفات فساد وليس بخلفيات سياسية للذين فرضت عليهم العقوبات.
لقاء بيت عنيا
وفيما بدت لافتة ايضا الحركة الناشطة للديبلوماسيين الغربيين عشية لقاء الصلاة للنواب المسيحيين في “بيت عنيا” في حريصا اليوم، لا سيما السفيرة الفرنسية آن غريو والاميركية دوروثي شيا وممثلة الامين العام للامم المتحدة يوانا فرونتسكا، أدرجت زيارتا غريو وشيا للبطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي عشية هذا اللقاء في ابداء الدعم الفرنسي الأميركي المشترك للدور المحوري الذي يضطلع به البطريرك في دفع النواب وحضهم على تجاوز ازمة الأشهر الماضية بل وتشجيعه ضمنا على الاندفاع في اتخاذ مزيد من المبادرات لتحريك الجمود الذي يحوط بأزمة الفراغ الرئاسي. ومع ذلك أثيرت تساؤلات عشية “اللقاء الروحي” للنواب المسيحيين ابرزها عما اذا كان البطريرك الراعي لن يفوت فرصة تلبية عدد كبير منهم الدعوة لاطلاق موقف نوعي يرقى الى مستوى مبادرة نوعية جديدة ولو ان كل الإجراءات المتخذة في تنظيم هذه الخلوة بما فيها ابعادها عن الاعلام تستبعد مثل هذا الاحتمال نظرا الى حصرها بالطابع الديني الروحي.
وقد إستقبل البطريرك الراعي قبل ظهر امس في بكركي، سفيرة فرنسا في لبنان آن غريو التي لفتت الى “توحيد الجهود للوصول الى مخرج للازمة في لبنان وتحديدا الازمة السياسية، وفي اطار الحوار المتواصل الثابت والموثوق مع غبطته ونحن نقدر دوره البناء لإيجاد حل”. وتابعت “تبادلنا الآراء حول الوضع واكدنا مشاركتنا في جميع الجهود لإيجاد حل توافقي في هذا البلد لأن اللبنانيين اليوم بحاجة الى اجابات ملموسة على تساؤلاتهم وهذا من مسؤولية قادتهم السياسيين”.
اذن ملأت فراغ المشهد السياسي الداخلي لقاءات اليوم الثاني من جولة وزير الدولة في وزارة خارجية دولة قطر محمد بن عبد العزيز الخليفي والوفد المرافق، اذ بدأت بزيارته الى اليرزة للقاء قائد الجيش العماد جوزف عون في مكتبه. وتناول البحث الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة. ونوّه الوزير الخليفي “بدور المؤسسة العسكرية في ظل الظروف الراهنة”، مشددًا على “ضرورة استمرار دعمها لتمكينها من تنفيذ مهماتها في حفظ أمن لبنان واستقراره”. من جهة أخرى، شكر العماد عون دولة قطر بشخص الأمير تميم بن حمد آل ثاني “على الدعم المستمر للمؤسسة”. ثم توالت لقاءات الوزير القطري فشملت كلا من رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في ميرنا الشالوحي فرئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع في معراب، ومن ثم رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية في بنشعي، علما انه كان التقى مساء الاثنين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس كتلة اللقاء الديموقراطي تيمور جنبلاط ، كما التقى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ومن ثم رئيس “الحزب الديموقراطي اللبناني ” النائب السابق طلال أرسلان.
ميقاتي يرد
ووسط هذه الأجواء كانت لرئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي مواقف جديدة من التطورات الأخيرة اذ اعتبر ان “وطننا في خضم أزمة خطيرة على كل المستويات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولعل ما يقلق أكثر هو الخطاب الطائفي المتفلّت الذي شهدنا أحد أبشع مظاهره في ما جرى قبل أيام، وكأن البعض لم يتعظ مما مر بوطننا، او عاد اليه الحنين لحقبات الانقسام الاليم. وانا أعرف مدى الحزن والالم الذي يعتصر قلوبكم مما جرى، ومن ردود الفعل التي صدرت عن إخوان لنا في المواطنة على قرار لم يشكل في جوهره اساءة لاحد ولم يستلزم كل هذا التجييش الطائفي البغيض”. وخلال افطار مؤسسات الرعاية الاجتماعية في دار الايتام الاسلامية، قال ميقاتي “يغطون على فشلهم وخلافاتهم وقلة الكفاءة وانعدام الإحساس بالمسؤولية، وعلى عبثهم بمقدرات البلاد والمواعيد الدستورية وخرق القوانين،وهو نهج دأبوا عليه منذ اغتيال رئيس الحكومة الاسبق الشهيد رفيق الحريري، بالتصويب على رؤساء الحكومات السابقين ورئاسة الحكومة وما تبقى من هذه الحكومة الموقتة، وتحميلها وزر ما جنت أياديهم. وعندما قلت أن صبري بدأ ينفد كنت اشير بصراحة واحذر من أن البلد نفد مخزونه وبدأ يفقد قدرته على المقاومة والنهوض. وعندنا قلت اللهم أنني بلّغت ، كنت أحذر من الخطر الداهم الذي فاق قدرة اللبنانيين على الصبر والتحمّل”.واوضح بان “حكومتنا تقوم بتسيير الاعمال وتصريفها ضمن الحدود الدنيا المتاحة دستوريا، وتقوم بدور الحافظ للكيان والمؤسسات، ولكن تمادي القوى السياسية في إهمال واجباتها الدستورية، يضع البلد أمام خطر الانحلال الكامل، وهو أمر لن نقبل بتحميلنا مسؤوليته نيابة عن الاخرين”. وشدد على “إن الحل يبدأ اولا باعادة انتظام العمل الدستوري وانتخاب رئيس الجمهورية واقرار سلسلة التعيينات في المؤسسات الاساسية والحساسة للحفاظ على الحد الادنى من الاستقرار واقرار الاصلاحات المطلوبة، ولقد عقدنا العزم على مواصلة تحمل المسؤولية لاننا على قناعة بأن هذا الامر يحمي وطننا، ولكننا لن نقبل أن نكون انتحاريين أو ضحية مكائد الاشرار عديمي الضمير والمسؤولية”.
وفي موضوع انعقاد مجلس الوزراء أكد وزير الاتصالات في حكومة تصريف الاعمال جوني القرم أنه لن تعقد جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع الحالي، إنما من المحتمل عقدها الأسبوع المقبل. وفي انتظار هذه الجلسة، تراجع الدولار عن سقف الـ100 الف ليرة وتراجعت معه اسعار المحروقات وبطاقات الخليوي خاصة مع خفض مصرف لبنان سقف صيرفة امس الى 88 الفا.