مجلة وفاء wafaamagazine
مناورة بالذخيرة السياسية الحيّة ستكون الجلسة الانتخابية الرئاسية المقرّرة تحت قبة البرلمان اليوم، بحيث يتمّ خلالها تبادل اختبار القوى الانتخابية بين الفريق الداعم ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، والفريق الآخر الداعم ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور، ليُبنى على الشيء مقتضاه، بالنسبة إلى الجلسة، وربما الجلسات الانتخابية اللاحقة، وذلك على وقع الاتصالات السعودية ـ الفرنسية الجارية، والتي ستُتوّج بالقمة التي ستنعقد بعد غد الجمعة في قصر الاليزيه بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، حيث سيكون لبنان من بين مواضيع البحث خلالها.
احتدمت على جبهة المجموعات المتقاطعة على جهاد ازعور وبردت على خط الثنائي الشيعي المتمسك بسليمان فرنجية، وبات كل فريق على دراية بحواصل مرشحه والمرشح الآخر، الّا انّ الجلسة يمكن ان تقع في بعض المفاجآت، بحسب ما اكّد مصدر سياسي رفيع لـ»الجمهورية»، «لكن هذه المفاجآت لن تقلب مسار الامور والواقع الذي سيليها وهو: فرنجية مرشح الكتلة الصلبة، وازعور مرشح الكتلة المتحرّكة، ولو انّ المتوقع ان يحصد عدداً أعلى بقليل من الاصوات، لكن النتيجة لن تغيّر شيئاً»، وفقاً للمصدر.
وأضاف: «يمكن اعتبار جلسة اليوم «تنفيسة» لكنها ستكتب الإبراء لازعور والبحث عن تقاطع جديد للمجموعات الطرية في وجه قرار الثنائي الشيعي وحلفائه الصلب، بعدم التراجع قيد أنملة عن التمسّك بترشيح فرنجية». وتوقّع المصدر ان تدشن مرحلة ما بعد «منازلة الاربعاء الصغرى» اصطفافات جديدة تفرضها عملية تقييمها ومراجعة نتائجها.
وقلّل المصدر من أهمية ما يمكن ان يخطّط له فريق ازعور، في اعتبار انّ ردّات الفعل كلها مفتوحة. اما السيناريو هو: في الدورة الأولى يحصد فرنجية حوالى الـ50 صوتاً وازعور يقترب من الـ60 بالإضافة إلى عدد وازن من الأصوات المشتتة. في الدورة الثانية يطير النصاب، يُقرأ المحضر، وتُرفع الجلسة، وبعدها تسقط كل البوانتاجات التي شغلت العالم.
سيناريوهان
وعشية الجلسة تصاعدت اللهجات والهجمات وتعدّدت السيناريوهات حول مصيرها، وما يمكن ان تنتهي اليه في حال انعقادها مكتملة النصاب، لتنحصر في سيناريوهين لا ثالث لهما: الاول عدم اكتمال نصابها عند انعقادها، فيعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري تأجيلها إلى موعد لاحق. والثاني تنعقد مكتملة النصاب وفور فرز الأصوات في الدورة الاولى تفقد نصابها ولا تنعقد في الدورة الثانية، لأنّ اياً من المرشحين لا ينتظر ان ينال تأييد أكثرية الثلثين من الدورة الاولى وهي 86 صوتاً، وفي هذه الحال تُرفع الجلسة ويتفرّق بعدها الكتل والنواب ويغادرون المجلس بانتظار موعد جلسة جديدة.
ورجح قطب نيابي أن يراوح عدد الاصوات التي يمكن ان يحصل عليها كل من فرنجية وازعور في الدورة الاولى، إذا انعقدت، بين الـ50 وما فوق الـ60 بقليل من الاصوات، علماً انّ فرنجية ما زال متقدّماً على ازعور على رغم ما يسوّقه «التيار الوطني الحر» والمعارضة من بوانتاجات لمصلحة ازعور.
وإلى ذلك، قالت اوساط مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ «مفاجأة انتخاب رئيس للجمهورية في جلسة اليوم «غير واردة»، وبالتالي فإنّ الاستنفار النيابي والسياسي المواكب لها يهدف فقط إلى تحقيق أهداف تكتيكية في مباراة محكومة بالتعادل السياسي السلبي بين فريقيها، وبالتالي سيتمّ تمديد وقتها اشواطاً إضافية لأسابيع وربما أشهر مقبلة».
واعتبرت هذه الاوساط، انّ المحك الأساسي الذي سيواجه الكتل يتصل بمرحلة ما بعد جلسة اليوم، وبالخيارات المستقبلية، خصوصاً بالنسبة إلى داعمي ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور «الذين سيرتطمون بواقع التوازنات النيابية، وسيواجهون حقيقة يعرفونها ولكنهم يتجاهلونها، وهي أن لا مجال لانتخاب الرئيس الّا بالتفاهم والتوافق، بفعل عجز كل من المعسكرين الكبيرين المؤيّدين لفرنجية وازعور عن تأمين فوز مرشحه على قاعدة الاكتفاء الذاتي».
وشدّدت الاوساط نفسها على «أنّ جلسة المواجهة بين فرنجية وازعور ستؤكّد المؤكّد، وستثبت مرة أخرى انّ ولادة الرئيس لا يمكن أن تتحقق بتقاطعات فئوية وإنما بتقاطعات وطنية عابرة للاصطفافات الراهنة».
قمة فرنسية – سعودية
وفي هذه الاجواء، تتجّه الأنظار الى العاصمة الفرنسية، حيث ستُعقد القمة السعودية ـ الفرنسية التي ستجمع الرئيس ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي سيزور فرنسا بعد غد الجمعة. وقالت مصادر الرئاسة الفرنسية التي أكّدت الموعد، انّ من بين الملفات المطروحة ما يعني لبنان.
وقالت مصادر ديبلوماسية اوروبية في بيروت لـ«الجمهورية»، انّ ولي العهد السعودي قَبِل الدعوة التي نقلتها اليه وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا التي أمضت في الرياض اياماً عدة للمشاركة في اعمال المؤتمر الدولي للقضاء على «داعش» الأسبوع الماضي. كما تقرّر موعدها النهائي في اللقاءات التي جمعت كبار المسؤولين السعوديين، يتقدّمهم نزار العلولا والسفير السعودي في بيروت وليد البخاري والسفيرة الفرنسية آن غريو، مع المسؤولين الكبار في الاليزيه وأعضاء خلية الأزمة المكلّفين بالملف اللبناني.
موقفٌ فرنسيّ
وعشية الجلسة الانتخابية، دعت فرنسا لبنان إلى اغتنام فرصة الجلسة الانتخابية الرئاسية المقرّرة اليوم، للخروج من الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد منذ الخريف.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن-كلير لوجندر في مؤتمر صحافي، إنّ فرنسا تدعو «إلى أخذ هذه الجلسة على محمل الجدّ واغتنام الفرصة التي توفّرها للخروج من الأزمة». وشدّدت على أنّ بلادها «تواصل الدعوة للخروج من الأزمة منذ ثمانية أشهر».
وأعلنت لوجندر أنّ وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا ستلتقي بعد غد الجمعة سلفها جان-إيف لودريان، الذي عيّنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل بضعة أيام «مبعوثاً خاصاً إلى لبنان». وأشارت إلى أنّ الوزيرة ستطلع لودريان على فحوى الاتصالات الأخيرة مع مسؤولين لبنانيين.
وأضافت لوجندر، أنّ الوزيرة ستستقبل لودريان للبحث في «مهمّته المحدّدة»، مشدّدة على أنّ الأمر ينطوي على «متابعة جهودنا من أجل خروج عاجل من الأزمة اللبنانية. وهذا الأمر يعكس الأولوية التي تعطيها الديبلوماسية الفرنسية لهذه المسألة». وشدّدت أيضاً على أنّ لودريان سيضطلع بالمهمّة الموكلة إليه «بتنسيق وثيق وبالتشاور» مع وزارة الخارجية.
من جهة أخرى، أشارت لوجندر إلى أنّ أي موعد لزيارة لودريان المرتقبة إلى لبنان لم «يبلّغ» بعد.
ولدى سؤالها عن إمكان عقد مؤتمر من أجل لبنان في باريس، قالت لوجندر إنّه «يتعيّن علينا في بادئ الأمر أن نجري تقييماً للجلسة البرلمانية التي ستعقد غداً (اليوم)».
اتصالات أميركية ببري
وعشية الجلسة اليوم، كشفت قناة «العربية» أنّ وكيلة وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند اتصلت ببرّي، بهدف مناقشة التحضيرات الجارية للجلسة المقرّرة اليوم لانتخاب الرئيس.
وأكّد متحدث باسم وزارة الخارجية حصول الاتصال من دون الإدلاء بكثير من التفاصيل، لكن ما تسرّب يشير إلى أنّ المسؤولة الرقم 3 في الخارجية الأميركية دعته إلى قيادة العملية الانتخابية، مشدّدة على أنّ «الولايات المتحدة تتمنّى أن يحدث هذا الأمر بلا عراقيل».
وبحسب «العربية»، تسرّب أيضاً أنّ برّي كان متفائلاً بأنّ العملية الانتخابية ستحصل، ولم يتضح إن كان التزم بمتابعة الجلسات الانتخابية من دون فقدان النصاب، أو إن كان التزم بعقد الجلسات الانتخابية إلى أن تصل إلى نتيجة.
وانتهت «العربية «الى القول: «يظلّ الاتصال مؤشراً على اهتمام الأميركيين على مستوى رفيع أو أقلّه أعلى من السفيرة المنتدبة إلى لبنان أو مساعدة وزير الخارجية برباره ليف».
تأكيدات اميركية
وفي وقت لاحق من مساء أمس، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، «إنّ من أولويات الولايات المتحدة مساعدة الشعب اللبناني في زمن الأزمة». وأضاف أنّ بلاده «ملتزمة بسيادة لبنان، لكنها تدفع القيادات اللبنانية إلى تلبية حاجات اللبنانيين الضرورية بعجلة».
وشدّد على «أنّ دعم الولايات المتحدة للشعب اللبناني ليس بديلاً عن عمل الحكومة والبرلمان، إذ عليهما أن يقوما بواجباتهما تجاه مواطنيهما»، وفق قوله.
لجنة التنسيق
وفي خطوة موازية، وجّهت لجنة التّنسيق اللّبنانيّة-الأميركيّة التي تتشكّل من 8 منظمات أميركية في الولايات المتحدة أسّسها لبنانيّون، رسالة إلى كل من مسؤولي وزارة الخارجية الاميركية والكونغرس، دعت خلالها الإدارة الاميركية إلى «المساعدة في إنهاء الشغور الرئاسي في لبنان»، تأكيداً لمضمون «الرسالة السابقة التي وجّهتها» إلى رئيس مجلس النوّاب نبيه بري «للتحرّك سريعًا لانتِخاب رئيس موحّد جامع يُطلِق مسار الإصلاحات الاقتصاديّة». وحضّت اللجنة «رئيس المجلس على تحمّل مسؤوليّاته الدّستوريّة كامِلة، وإبقاء جلسات انتِخاب رئيس للجمهوريّة مفتوحة حتّى إنجاز الاستحقاق الانتِخابي، ومنع كلّ محاولات عرقلة أو تعطيل لهذا الاستحقاق». ومعه النواب على «وعي خُطورة استمرار الشّغور الرّئاسي، وبالتّالي تحمّلهم مسؤوليّة المشاركة في كلّ الجلسات والتّصويت للمرشّح الذي يرونه مناسِبًا وليس بورقةٍ بيضاء».
موقفان للثنائي
وعشية الجلسة كان لافتاً الموقف الذي ذهب اليه «الثنائي» من خلال مقدّمات نشرات قناتي «أن بي أن» و«المنار»، ففي حين هاجمت الأولى بحدّة كلاً من رئيسي «القوات اللبنانية» سمير جعجع و»التيار الوطني الحر» جبران باسيل، بادرت الثانية إلى الهجوم على نواب «الثورة»، وللمرة الاولى لم توفّر باسيل نفسه، كما لم تنقل وقائع مؤتمره الصحافي كاملة.
وجاء في مقدمة «ان بي ان»: «لعلّ أكثر ما يبعث على السخرية هو نصائح منظّر الجمهورية للنواب الذين لن يصوّتوا لخيار تجمّع الأضداد…وهو الذي أثبتت الوقائع أنّ كل خياراته من السياسة الدولية من الإقليم إلى الداخل كانت خاطئة من ربيع «فليحكم الإخوان» إلى خريف «أوعا خيك»… ومن التآمر على الرئيس سعد الحريري وصولاً إلى التذاكي على جمهوره خلال الإنتخابات النيابية الأخيرة، والوعد بأنّ فوز قواته سيؤدي حتماً إلى تحسن فوري في سعر صرف الليرة… من دون أن ننسى انّ حلق الشارب هو الخيار الوحيد الذي تحقق له، الّا أنّه لم ينفّذ وعده للبنانيين. أما صهر الجمهورية فهو باع كل شيء واستخدم كل شيء بما فيها عمه في سبيل ان يبقى صهراً للعهد الجديد، لاسيما بعدما تيقن أنّه لن «يدعس» بعبدا الّا بهذه الصفة… وهو يريد من كاتب الإبراء المستحيل أن يصوّت لبطل الكتاب».
فيما اوردت «المنار» الآتي: «قبلَ ساعاتٍ قليلةٍ من افتتاحِ الجلسةِ تَكثُرُ حِسبةُ الاصواتِ والارقام، فيما استفاقَ نوابُ الثورة على الفساد – كما كانوا يدّعون، وباتَ جهاد ازعور المخلّصَ للبلادِ مستندينَ الى تجربتِه السابقةِ في وزارةِ الماليةِ على ما يبدو، ومقدمينَ على مذبحِ رئاستِه شعار- كلن يعني كلن. فيما تبرأَ البعضُ من الإبراءِ المستحيل، الذي على أساسِه بُنِيَت سياساتُ الاصلاحِ وخِيضت المنازلات».
باسيل وجعجع
وكان باسيل قال في كلمة متلفزة بعد اجتماع تكتل «لبنان القوي» امس، «إنّ التفاهم مع «حزب الله» لم يسقط بالنسبة الينا لكنه ليس بخير، ونحن خارج اي اصطفاف داخلي او خارجي، ولسنا جزءاً من محور، ونرغب ان نكون على علاقة جيدة وتواصل مع الجميع». واضاف: «من الطبيعي أن نصوّت على الاسم المتقاطع عليه وهو الوزير السابق جهاد أزعور»، مشيراً إلى أنّ «السيد حسن نصرالله، قال عند اختيار مرشحه إنّ ذلك لا يضرّ بالتحالف مع التيار، وأنا متأكّد من أنّ السيد نصرالله لا يقبل بجو التخوين، ولن نكون في جلسة غد أو أي جلسة جزءاً من أي صراع له طابع تحريضي، وأعطيت التوجيهات في التيار بعدم الردّ على دعوات التخوين».
وفي استحقاق الرئاسة قال: «لا للممانعة ولا للمواجهة ورفضنا خيار الثنائي «حزب الله» – حركة «أمل» وخيار المعارضة. ولكن بالانتخابات على الشخص أن يختار ويصوّت، وهكذا تصبح اصواته تُحسب لصالح مرشح معين». وشدّد باسيل على أنّ «أزعور كان من بين الاسماء المقبولة من قِبل «التيار الوطني الحر»، ولكن ليس هو المرشح الأفضل بالنسبة لنا».
وبدوره جعجع توجّه إلى بري عبر «تويتر» قائلاً: «دولة الرئيس نبيه بري، الحوار لا يكون بأن يقوم فريق بعينه في اختيار مرشّح على ذوقه ودعوة كلّ الآخرين للحوار لانتخابه». وأضاف: «من جهة ثانية، نحن بصدد انتخابات رئاسية وليس تفاهمات عشائرية».
الجمهورية