مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “النهار”:
لم يعد ثمة شكوك في ان “الاجازة” السياسية الطوعية التي اقتنصها الوسط السياسي اللبناني لنفسه في الأسابيع الأخيرة ، وفي انتظار محطة مفصلية جديدة سيستحق موعدها في أيلول المقبل ، ساهمت في تظهير الابعاد الأكثر خطورة للتأزم الداخلي والمتصلة بانكشاف حيز أساسي من تبعات السياسات المالية السابقة التي تحكمت بأزمة الانهيار المالي من خلال توهج تداعيات التقريرالاولي عن التدقيق الجنائي في مصرف لبنان . وإذ اتسعت هذه التداعيات بشكل لافت وخرجت من الاطار الرقابي والقضائي الاولي الى الاطار السياسي مع مبادرة كتلة “القوات اللبنانية” النيابية الى تقديم اخبارين حول التقرير فان تشابكات الازمات المالية والسياسية تتجه نحو احياء احتدام جديد في المشهد الداخلي قبيل الفصل الجديد المفترض من مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي الى لبنان جان ايف لودريان في بيروت عبر زيارته المبدئية الثالثة في النصف الثاني من أيلول ما لم يطرأ ما يرجئ الزيارة بطبيعة الحال . ولذا بدأ تسليط الأضواء على جوانب الأجوبة التي ترسلها كتل الفريق “الممانع” والكتل الأخرى المصنفة مستقلة على رسالة لودريان الى النواب بعدما امتنع نواب الكتل المعارضة عن ارسال ردود ورفضوا معادلة المرور بحوار لانتخاب رئيس الجمهورية . وفي السياق ستتجه الأنظار الى محطتين بارزتين مقبلتين تسبقان الاستعدادات لبت مصير مهمة لودريان وتختصران الى حدود بعيدة طبيعة الانقسام الداخلي حيال هذه المهمة كما حيال الازمة الرئاسية والمناخ الداخلي عموما . المحطة الاولى المهرجان الذي سيقام في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر في 31 الجاري حيث سيلقي الرئيس نبيه بري كلمة مهمة في المناسبة يضمنها مواقف الثنائي الشيعي من الملف الرئاسي ، والمحطة الثانية المهرجان الذي تقيمه “القوات اللبنانية” في معراب في الثالث من ايلول في ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية، والذي يلقي فيه رئيس حزب “القوات اللبنانية ” سمير جعجع خطابا افيد انه سيكون على جانب بارز من الأهمية بحيث يتضمن معطيات ومواقف جديدة من مجمل الواقع الداخلي الراهن بعد مرور عشرة اشهر على ازمة الفراغ الرئاسي .
ووسط هذه المناخات ظل الوضع المالي في ظل ترددات تقرير التدقيق الجنائي في مصرف لبنان كما في ظل الإجراءات التي تنفذها حاكمية مصرف لبنان منذ نهاية ولاية الحاكم السابق رياض سلامة في واجهة الأولويات والتطورات الداخلية . وعشية المؤتمر الصحافي الذي يعقده حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري اليوم وما سيكشفه خلاله من أوجه التعاون المتطور بين المصرف والقضاء واتجاهه الى طلب استكمال التدقيق الجنائي وسد الثغر والنواقص التي شابته نشر مصرف لبنان امس في بيان، خلاصة تقرير التدقيق بمخزون الذهب لديه والتي تؤكد أنه مطابق للكميّات الموثّقة في بيانات المالية . وأوضح انه بناءً على تواصل حاكم مصرف لبنان بالإنابة مع شركة التدقيق العالمية ALS Inspection UK Ltd التي تم تكليفها من قبل شركة KPMG بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، حصل مصرف لبنان بتاريخ ٢٤ آب ۲۰۲۳، على الموافقة بنشر خلاصة تقرير التدقيق بمخزون الذهب لديه. وعليه، نشر المصرف المركزي الخلاصة المذكورة مع ترجمتها إلى اللغة العربية والتي تؤكد أن مخزون الذهب الموجود في خزائن المصرف المركزي هو مطابق للكميات الموثقة في بيانات المالية. وتبين ان قيمتها توازي 18 مليار دولار، وان بينها سبائك ذهبية أصبحت تصنَّف تحفة اثرية، وعملة نادرة ما يضاعف قيمتها المالية.
وفي غضون ذلك اكتسبت مبادرة “القوات اللبنانية” طابعا بارزا اذ كانت الكتلة النيابية الأولى التي تحركت لملاقاة المفاعيل القانونية لتقرير التدقيق الجنائي . ولهذه الغاية عقد نواب ت#كتل “الجمهورية القوية” جورج عدوان، غسان حاصباني وجورج عقيص،انطوان حبشي ورازي الحاج، مؤتمرا صحافيا في المجلس النيابي، اشاروا خلاله الى أنهم “قدموا اخبارا الى النيابة العامة التمييزية حول تقرير شركة “الفاريز ومارسال” بشأن التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان”. كما قدموا اخبارا الى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والمنشأة بالقانون رقم 175/2020 حول تقرير شركة “الفاريز ومارسال”. واعتبر النائب غسان حاصباني ان مضمون التقرير “تضمن حقائق موثقة تقع ضمن الفترة الزمنية بين العامين 2015 و2020، وتكشف اكبر عمليات الفساد الممنهج في التاريخ اللبناني محورها حاكمية مصرف لبنان التي أدارت على مدى سنوات شبكة من العلاقات واعتمدت جملة من السياسات والاجراءات، ادت الى انهيار النقد الوطني، ادى الى تصنيفها الائتماني ضمن اسوأ الدول في العالم، واعتبار الازمة المالية والنقدية التي حلت في لبنان ضمن الاسوأ في التاريخ وفق ماجاء في تقرير البنك الدولي نشر منتصف العام 2021.”.
المصارف
وفي سياق مالي اخر نبّه الأمين العام لجمعية المصارف اللبنانية فادي خلف من “خطورة إطلاق الاشاعات التي تتناول المصارف، واستسهال البعض اطلاق حملات تشويه سمعة ممنهجة، في حق أي مصرف” مبيّنًا أنّ “هدف هذه الحملات الضغط على ادارة المصرف للحصول على مكاسب غير مشروعة، على حساب المودعين”. وأشار الى أنّ “المصارف لا تزال صامدة رغم الأزمة غير المسبوقة التي عرفها البلد، وهي أزمة نظامية وفق كل المعايير والأعراف الدولية” معتبرًا أنّ “من مصلحة الجميع، والمودعين في طليعة هؤلاء، أن يحافظ القطاع على صموده واستمراريته الى حين بدء تنفيذ خطةٍ للتعافي تضعها وتنفذها الدولة بالتعاون مع صندوق النقد الدولي”. ورأى أنّ “من يحاول اقتناص الفرصة للحصول على اموال ليست من حقه، بل من حق المودعين، ومن يلجأ الى الاشاعات ومحاولة تشويه سمعة مصرف، في محاولة للضغط لدفع ادارته للقبول بابتزازه، انما هو يرتكب جرما في حق المودعين وفي حق الاقتصاد الوطني”.
رخصة نفطية جديدة !
وليس بعيدا من توظيف الملف النفطي في المكاسب المزعومة او الصراعات المتصاعدة بين مكونات السلطة بدا لافتا امس ان وزير الطّاقة والمياه وليد فياض، اختار موعد بدء عمليات الحفر والتنقيب في البقعة رقم 9 ليعلن منح رخصة استطلاع للقيام بمسح زلزالي ثلاثي الأبعاد في الرّقعة رقم 8 في المياه البحريّة اللبنانيّة. وأكّد، خلال مؤتمر صحافي عقده في وزارة الطاقة بحضور ممثلين عن تحالف الشركتين “برايت سكايز” و”جيوكس” أن “اليوم هو يوم تاريخي بمسيرة بدأت في العام 2010″، متحدّثًا عن 4 محطّات أساسيّة في هذه المسيرة جيرها الى فريقه السياسي أي “التيار الوطني الحر” وهي كما عددها : “الأولى في العام 2010 عندما وضع الوزير السابق جبران باسيل التشريعات والمراسيم التطبيقيّة اللازمة، مستعينًا بفريق عمل من الخبراء، أما الثانية فكانت في العام 2018، بعد فراغ نتيجة نكد سياسي حال دون إقرار بعض المراسيم الأساسيّة المتعلّقة بتوزيع البلوكات، حيث تمّ منح التّراخيص اللازمة للتنقيب والاستكشاف وإبرام عقود مع الشركاء الدوليّين. أما في العام 2022، فكان الإنجاز التّاريخي عبر إنجاز ترسيم الحدود البحرية، الّذي جاء نتيجة وجود قيادة حكيمة فخامة رئيس العماد ميشال عون ووقوف مختلف القيادات في البلاد معها، بالإضافة إلى وجود حاجة عالميّة للغاز ، والمحطّة الرّابعة هي اليوم”، حيث أشار إلى “أنّها مزدوجة، لناحية إطلاق أعمال الحفر في البلوك رقم 9 والمسح الثلاثي الابعاد في البلوك 8”.
ولعل ما تقتضي الإشارة اليه انه وسط مجمل هذه الأجواء تنذر الأوضاع المتردية باثارة اضطرابات اجتماعية عند أبواب أيلول والخريف . وامس تجمع مزارعو سهل القاع الحدودي في البقاع الشمالي في اعتصام على مقربة من معبر جوسيه الحدودي مع سوريا وقطعوا الطريق بمنتجاتهم التي رموها على الأرض احتجاجا على تهريب المنتجات الزراعية السورية الى لبنان عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية .