الرئيسية / سياسة / مخاض التأليف يجوجل التفاصيل .. و حكومة بلا «حراك»

مخاض التأليف يجوجل التفاصيل .. و حكومة بلا «حراك»

مجلة وفاء wafaamagazine 

ومن هنا يأتي تحرّكهم على وقع هدف معلن؛ إرباك التكليف لإسقاط تأليف حكومة يعتبرها تيار المستقبل ومناصروه من حق رئيسه الرئيس سعد الحريري، وانّها انتُزعت منه في لحظة سياسية لم تكن مؤاتية له.

ما تبقّى من ايام، قبل ان ترحل السنة الحالية، يعوّل عليها «فريق التأليف»، لأن تزرع الأسس التي ستقوم عليها حكومة حسان دياب، مرفودة بقوة دفع رئاسية – لم تُعهد مع الحكومتين السابقتين – تحصّن التكليف، وتشحن الرئيس المكلّف بمعنويات تحث على الصمود والثبات امام العقبات السياسية والمذهبية الماثلة في طريقه، وكلّ معطِّلات المخاض الحكومي الذي سيؤدي الى ولادة الحكومة الأولى للعهد، بحسب التوصيف الذي بدأ يتردّد في الأوساط الرئاسية واجواء التيار الوطني الحر.

تفاؤل

واذا كانت الأجواء الرئاسية عابقة بالتفاؤل حيال تمكّن الرئيس المكلّف من تجاوز ما قد يعترض طريقه من اشواك والغام سياسية وغير سياسية، واحباط محاولات تفشيله، وتيئيسه، والدفع به الى الاعتذار، فإنّ اجواء التفاؤل منسحبة ايضاً على عين التينة، والتي عكست اجواؤها وجود توجّه لتسهيل مهمة الرئيس المكلّف الى ابعد الحدود، ما يفضي في نهاية المطاف الى ولادة سليمة للجنين الحكومي.

ومع إقرار المقرّبين من الرئيس المكلّف بحجم الضغط الذي يُمارَس من قِبل المعترضين، والذي تُرجم في بعض فصوله بترويع وتخويف شخصيات من لون طائفي معيّن، وتحذيرها بصورة مباشرة او عبر الهاتف، من مغبة الانخراط في الواقع الحكومي الجديد، والذي تمثل بسلسلة اعتذارات من قِبل العديد من الشخصيات السنّية، بعدما اقتُرِحَت لتولّي حقائب وزارية في الحكومة الجديدة، فإنّ هؤلاء المقرّبين يضعون في حسبانهم كل الاحتمالات، وفي مقدّمها تزايد الضغط، وسط ما يُحكى عن تحضيرات تُعدّ لتحرّكات صاخبة سياسياً واعلامياً وفي الشارع، باتت مختلف الاوساط السياسية وكذلك الأمنية في اجوائها.

وعلى ما يؤكّد المقرّبون، فإنّ كل ما يُحكى، أو يُنسج حوله من روايات وشائعات لا يشكّل امامه حائلاً دون مضيِّه في المهمة التي أُوكلت اليه، وبالتالي فإنّه ما زال يمدّ يده في اتجاه الجميع ودون استثناء اي طرف للتعاون والشراكة، وذلك نابع من اصراره على تحمّل المسؤولية، ما يعني انّه لن يحقق لمن يعتبرون انفسهم متضررين، هدفهم الرامي الى إحراجه لإخراجه، وبالتالي الإعتذار غير وارد، وهو ماضٍ في تأليف حكومته، التي ستبصر النور بالمواصفات التي حدّدها، وضمن مهلة قياسية.

لقاء الساعتين

وكان لقاء قد عُقد امس، بين الرئيسين عون ودياب في القصر الجمهوري في بعبدا، استمر لنحو ساعتين، ولم يشأ بعده الرئيس المكلّف الإدلاء بأي تصريح.

وبحسب مصادر متابعة للقاء، فإنّ الاجواء ايجابية، تؤشر الى وضع الصيغة الحكومية على سكة التأليف الوشيك، حيث اجرى الرئيسان جوجلة لنتائج الاتصالات التي اجراها دياب في الفترة الاخيرة، ومواقف الاطراف التي التقى بها، وتبعاً لذلك تمّ عرض مسودة حكومية ولاسيما حول كيفية توزيع الحقائب الوزارية لحكومة مصغّرة من 18 وزيراً، وكذلك تمّ عرض قائمة اسمية انما غير مكتملة بعد، خصوصاً انّ بعض الاطراف لم تقدّم اسماءها المرشحة للتوزير بعد، اضافة الى دمج بعض الوزارات، كذلك إسناد اكثر من حقيبة لبعض الوزراء، على ان يُستكمل البحث بين الرئيسين في لقاء جديد بينهما يُعقد في الساعات المقبلة، بعدما يكون دياب قد اجرى جولة اتصالات حاسمة مع الأطراف.

وقالت مصادر مواكبة للاجتماع لـ«الجمهورية»: انّ البحث وصل الى تصنيف نهائي للحقائب وتوزيعها وتصنيفها، وانّ الرئيسين لم يتجاهلا ردّات الفعل المحتملة تجاه بعض الأسماء، وعملية توزيع الحقائب، في ظل التنافس على البعض منها، قياساً على حجم الإنقسام السياسي الذي أفرزته الإستشارات النيابية الملزمة وما تلاها. ولمواجهتها ابلغ دياب الى عون انّه بصدد التوجّه لإجراء لقاءات مع الحزب التقدمي الإشتراكي وتيار المستقبل والقوات اللبنانية، للبحث في بعض الخيارات المتصلة بالحقائب، ولو انّ بعضهم قاطع الإستشارات النيابية غير الملزمة التي اجراها او رفض تسميته في الإستشارات الملزمة، وهو امر لا يمنع اللقاء بهم ان قبلوا بالخطوة فهو مستعد لمزيد من المناقشات.

وجزمت المصادر، انّ اللقاء انتهى الى تفاهم الرئيسين على عدم تجاوز اي مسعى يؤدي الى الإسراع بعملية التأليف من دون تسرّع، فالبحث تناول الأسماء المقترحة وسِيَرها الذاتية بالتفاصيل الدقيقة، ومع انجاز هذه العملية لن تتأخّر الولادة المنتظرة للحكومة.

مشاورات مسائية

وبعيد عودته من بعبدا، اجرى الرئيس المكلّف سلسلة مشاورات مساء امس، بدءاً مع «اللقاء التشاوري»، وكذلك مع المعاون السياسي للرئيس بري الوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل، بالتوازي مع حديث عن لقاء مع بين الرئيس المكلّف ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل.

وبحسب المعلومات، فإنّ البحث المسائي امس، دار حول حسم مصير عودة بعض الاسماء الى الحكومة، ولاسيما الوزراء جميل جبق وحسن اللقيس وندى البستاني.

وعلمت «الجمهورية»، انّ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط قد شارك في مشاورات التأليف بشكل غير مباشر، حيث اقترح مجموعة اسماء لوزراء تكنوقراط لا يستفزون الحزب التقدمي الاشتراكي وقاعدته، وقد ارسلها بشكل غير مباشر الى الرئيس المكلف.

الثقة

على انّ الأجواء التي صاحبت حركة الرئيس المكلّف، تحدثت عن مهمة تأليف دقيقة، وعلى الرغم من انّ الغالب حتى الآن هو التوجّه نحو حكومة اختصاصيين، وانّ تسمية هؤلاء ستأتي من قِبل الاحزاب السياسية، الّا انّ الحديث المتزايد في الاوساط السياسية المنضوية ضمن «فريق التكليف»، دار حول وجوب مراعاة كل الجهات التي سمّت الرئيس دياب في الاستشارات الملزمة.

وردّت هذه الاوساط ضرورة المراعاة هذه، الى حاجة الحكومة إن شُكلت، الى ثقة، تعادل على الاقل، اصوات من سمّوا دياب في الاستشارات وكلّفته تشكيل الحكومة بـ69 صوتاً، خصوصاً انّ حاجبي الثقة سلفاً باتوا يزيدون على الـ50 صوتاً موزعة على كتل؛ تيار المستقبل والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الكتائب، اضافة الى بعض النواب المستقلين.

وتبعاً لذلك، لفتت هذه الاوساط، الى انّ إبعاد بعض الجهات عن التوزير، قد يؤدي الى التضحية بأصواتها، وبالتالي تناقص حجم الثقة بالحكومة.

من هنا طرحت بعض اوساط «فريق التكليف»، تمثيل الحزب القومي الاجتماعي (3 نواب)، وكذلك اصرّت على تمثيل اللقاء التشاوري لسببين، الأول للحاجة الى اصواته (4 نواب سنّة.. واما النائبان الآخران فينتمي احدهما الى كتلة «حزب الله» والثاني الى كتلة الرئيس نبيه بري)، والسبب الثاني لتعزيز الميثاقية التي يتخذها المعترضون منطلقاً للهجوم على دياب وحكومته المنتظرة.

وكذلك طرحت ما سمّته عدم استفزاز اي طرف ضمن فريق التكليف، عبر اثارة اسماء مستفزة له، او محاولة تخفيض مستوى تمثيله الى مستوى ادنى مما كان عليه في الحكومة السابقة، عبر إسناد حقيبة له اقل «قيمة» من الحقيبة الوزارية التي كانت مُسندة اليه في الحكومة السابقة. والواضح انّ المقصود هنا هو تيار المردة (5 نواب)، الذي يبدو انّه اشتمّ رائحة في هذا الاتجاه، وهو ما دفع رئيسه الوزير السابق سليمان فرنجية الى اطلاق تغريدة انتقادية تحدث فيها عن «طبخة» لحكومة باطنها مرتبط بباسيل، وتضمّ مستقلّين تاريخهم تسويات مع أصحاب النفوذ والسلطة وسياسيين مشهود لهم بالتقلّب».

مسودة غير مكتملة

وبالتوازي مع الجو التفاؤلي الذي اشيع امس، من قِبل «فريق التكليف»، بدأ الحديث عن مسودة اولية غير مكتملة، للحكومة الجديدة تبدو مستنسخة في معظمها عن الحكومة السابقة، ولا تمثيل للحراك فيها حيث تتوزع كما يلي:

– (السنّة 4)، الرئيس المكلّف ووزيران يسمّيهما لتولّي الداخلية والاعلام او العمل والشؤون الاجتماعية. واما الوزير الرابع فمن حصة اللقاء التشاوري (الاتصالات).

– الموارنة (4 وزراء) 3 يسمّيهم رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، لتولّي حقائب الخارجية، العدل، الطاقة، والرابع يسمّيه تيار المردة لتولي حقيبة الاشغال.

– الشيعة (4 وزراء)، المالية والزراعة او الثقافة لوزيرين يسمّيهما الرئيس نبيه بري مع ارتفاع حظوظ الدكتور غازي وزنة، الصحة والشباب والرياضة لوزيرين يسمّيهما «حزب الله». (يشار هنا الى انّ معلومات تحدثت عن إسناد حقيبتي الزراعة والشباب والرياضة لوزير شيعي، وتردّد هنا اسم حسين قعفراني).

– الروم الارثوذكس، (3 وزراء) يسمّيهم الرئيس والتيار من بينهم نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع.

– الروم الكاثوليك وزير يسمّيه رئيس الجمهورية.

– الدروز، وزير يسمّيه طلال ارسلان.

– الارمن، وزير يسمّيه الطاشناق.

وتضمنت هذه المسودة غير المكتملة اقتراحاً بأن يُشرك الحزب القومي بالحكومة بوزير شيعي او ارثوذكسي.

بري

في هذه الاجواء، يشدّد الرئيس بري على وجوب التعجيل في تشكيل الحكومة، لانّ البلد دخل مرحلة في منتهى الحرج، وتتطلب عملاً حكومياً انقاذياً بشكل فوري.

ومع تفضيل بري حكومة جامعة تضمّ كل الاطراف، حتى اولئك الذين لم يسمّوا دياب في الاستشارات، مما يحصّن عملية الانقاذ المطلوبة اكثر، شراكة الجميع فيها، طالما الكل في ذات المركب، الّا انّه في مطلق الاحوال مع تشكيل حكومة تتولّى مهمة الانقاذ.

وقال بري لـ«الجمهورية»: «الاساس هو ان تكون الحكومة بحجم الازمة، وتحاكي الحراك والاحزاب والتكنوقراط، وتحاكي الداخل والخارج وتحاكي ثقتهما بها، وبالتأكيد ليس حكومة مستقلين، فإن وصلنا الى «حكومة على الأصول» تضمّ فئة رفيعة وكفوءة من الاختصاصيين، مع فهم حقيقي للواقع اللبناني، ومحصّنة سياسياً، فإننا بالتأكيد نستطيع ان ننقذ البلد. وانا في هذا السياق لست متشائماً».

وحول الكلام عن حكومة مستقلين، قال بري: «مخطئ من يعتقد انّ في الامكان ان تولد على هذه الطريقة، ثم هل يوجد تكنوقراط واختصاصيون فقط خارج الاحزاب، بالعكس فإنّ الاحزاب زاخرة بالشخصيات التكنوقراط الكفوءة في كل الاختصاصات ومشهود لها، ثم انّ في كل احزاب العالم يوجد تكنوقراط. انظروا الى فرنسا والولايات المتحدة الاميركية وغيرهما من الدول، فعندما يُحكى عن مستقلين، فمن اين سيؤتى بهم؟».

وعندما يُقال لبري انّ التكليف كان من لون واحد، وواضح انه سيؤدي الى تأليف حكومة من لون واحد، يقول: «بمعزل عن التسميات، الافضل ان تكون الحكومة جامعة لكل المكونات ومن كل الالوان السياسية، ولكن البلد لا يجب ان يتوقف والأزمة ضاغطة، ومن هنا فإنّ البلد يحتاج الى حكومة لتبدأ عملية الانقاذ اياً كان لون هذه الحكومة، اذ لا يمكن ان نبقى على الحال الذي نحن فيه».

رأيان

على انّ حكومة اللون الواحد تبدو محكومة بالانقسام حولها. حيث قالت مصادر معارضة لـ«الجمهورية»، انّ الذهاب الى حكومة لون واحد، خطوة بالغة الخطورة، ومن شأنها ان تعقّد الازمة الداخلية اكثر. إذ ستستفز الشريحة الواسعة من اللبنانيين، وتشكّل سبباً لإشعال الشارع من جديد. فضلاً عن انّها ستقفل ابواب الخارج امام لبنان وتحجب المساعدات المنتظرة منه، واكثر من ذلك ستعزز القناعة لدى هذه الشريحة الواسعة بأنّها حكومة «حزب الله» بالفعل، وثمة اشارات كثيرة بهذا المعنى قد صدرت من مستويات خارجية ودولية متعددة.

الاّ انّ مرجعاً سياسياً كبيراً، خالف هذا الرأي بقوله: «قد يكون تشكيل الحكومة، وحتى ولو كانت حكومة من لون واحد، فرصة للعمل اكثر، ففي معظم الانظمة الديموقراطية في العالم هناك موالاة تحكم ومعارضة تعارض، وفي هذه الحالة تصبح الموالاة محكومة بالعمل والانتاج السليم والصائب، واما المعارضة فتكون لها بالمرصاد تضعها تحت رقابتها وتشهر سيف المحاسبة لها إن اخطأت لتصويب مسارها ومنعها من تكرار الحال السابق بالصفقات والمحاصصات المشكو منها وما الى ذلك من ارتكابات. هنا المطلوب موالاة تعمل وفق متطلبات المرحلة ومقتضيات الانقاذ، وبالتالي فلتحكم بأكثريتها، وفي مقابلها معارضة بناّءة تراقب وتحاسب، وليس معارضة تستخدم العامل المذهبي في مواجهتها، هنا لا يمكن اعتبارها معارضة بنّاءة بل معارضة معطِّلة وهدامة».

فرنسا ومجموعة الدعم

وفي موقف جديد، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان لها أمس انه «منذ 19 من كانون الاول الحالي سلّطت مجموعة الدعم الدولية، التي اجتمعت في باريس، الضوء على ضرورة تشكيل حكومة جديدة لتنفيذ كل الاجراءات والإصلاحات في لبنان، وخصوصاً التي تعنى بالشأن الاقتصادي، وبالطبع عبر تطبيق هذه الخطوات يمكن تحقيق مطالب اللبنانيين الذين عبّروا عنها منذ 17 تشرين الاول الماضي».

وذكرت أنّ «مجموعة الدعم الدولي مستعدة لمساندة لبنان ومرافقته على هذا الطريق»، مشيرةً الى انه «ليس لها أن تقرر تكوين الحكومة اللبنانية المستقبلية، وإنما الأمر متروك الى اللبنانيين»، متمنيةً «تشكيل حكومة فعّالة تساعد على اتخاذ القرارات بسرعة كبيرة، وتلبّي هذه القرارات مطالب الشعب اللبناني».

تقرير بلومبرغ

في تطوّر اضافي يسلّط الضوء على خطورة الأزمة المالية والاقتصادية، حذّرت وكالة «بلومبرغ» من احتمال تعثّر لبنان (افلاس) وعدم قدرته على سداد ديونه، مشيرةً إلى أنّ الأنظار تتجّه إلى 9 آذار المقبل، حين يُفترض سداد سندات خزينة بقيمة 1.3 مليار دولار.

الجمهورية