الرئيسية / سياسة / جعجع: الاخصائيون ليسوا "زينة" وأي محاولة للتحايل على الأزمة لن تعطي أي نتيجة

جعجع: الاخصائيون ليسوا "زينة" وأي محاولة للتحايل على الأزمة لن تعطي أي نتيجة

مجلة وفاء wafaamagazine 

أكّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أنه “ليس جيداً أن يقوم مسؤولون كبار بذرّ الرماد في عيون الناس، حيث أن هناك من يدعي أنه ليس مسؤولاً عما آلت إليه الأوضاع معتبراً أنها نتيجة تراكم لعشرات السنوات”، مشيراً إلى أنه “صحيح أن هذا الواقع هو نتيجة تراكم إلا أن السؤال هو: أوليس مهمّة المسؤول الذي يأتي إلى السلطة أن يوقف التراكمات ويجد حلاً لها لكي ينجّي البلاد من نتائجها؟ وإن كانت الأمور مجرّد تراكمات فلماذا نجري الإنتخابات لنأتي بنواب ووزراء ورؤساء جمهوريّة؟”.

واعتبر جعجع خلال العشاء الميلادي السنوي الذي أقامته مصلحة المهندسين في حزب “القوّات اللبنانيّة” على شرف المهندسين الغتربين، وذلك في المقر العام للحزب في معراب، أن “هذا الكلام الذي يطلقه البعض يعني أنه ما باليد حيلة ولا يمكننا القيام بأي شيء، إلا أن الحقيقة عكس ذلك تماماً، والأسوأ من كل هذا أن ما حصل في السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة يمكن اعتباره أسوأ مرحلة في التراكمات، فما شهدناه كان ثلاثة أو أربعة أو خسمة أو ستة أو سبعة أضعاف ما كان يحصل في السابق ولم يتم القيام بأي شيء من أجل وقف التدهور وبالتالي هذه المقولة عارية عن الصحة ونحن لسنا اليوم في وقت يتيح للبعض رفع المسؤوليّة عنه ورميها على الآخرين، لذا نجد أنفسنا في بعض الأحيان مضطرون لتصويب الأمور باعتبار أنه من غير الجائز ما يقوم به البعض من محاولة لغش جميع الناس في كل الأوقات، الذين تبيّن أنهم واعون تماماً لما هو حاصل ويدركون الحقيقة وأكبر دليل على ذلك ما نسمعه من نداءات في الشارع”.

وتطرّق جعجع إلى الحلول التي يجب اعتمادها من أجل معالجة الوضع الراهن، قائلاً: “لدينا حل آني وآخر متوسط وبعيد المدى، وعلينا القيام بالأول بشكل فوري، اليوم قبل الغد، عبر تشكّيل حكومة بالفعل جديدة، بمعنى أن يكون جميع أعضائها أخصائيين مستقلين، والصفة الثانية أهم من الأولى، ليس فقط لأننا نريد ذلك وإنما لأن الثقة انفقدت بشكل كامل بالمجموعة الحاكمة، ولا يمكن لأحد نكران ذلك، فالجميع في الداخل والوسط والخارج بالإضافة إلى الناس فقدوا الثقة بالقوى السياسيّة التي كانت تكوّن السلطة وتحديداً الحكومة الأخيرة، من هنا كيف يريدون إعادة إطلاق العجلة الإقتصاديّة بنفس القوى التي كانت موجودة والتي لم تستطع حتى تدارك الأزمة؟ فهل من لم يستطع تدارك الأزمة يمكنه الآن حلّها؟ بالطبع لا”.

ولفت جعجع إلى أننا “نرى القوى التي كانت تكوّن السلطة لا تزال متمسّكة بالسلطة بالرغم من كل ما حصل ومن المكان الذي وصل إليه الوضع الإقتصادي والمالي وكل نداءات واستغاثات وصراخ الناس، لذا وبكل موضوعيّة نقول، لو كانت هذه القوى قادرة على القيام بأي أمر من أجل حل الأزمة لكانت قامت به منذ 6 أشهر أو سنة او إثنتين أو ثلاث عندما كان لدينا نوع من الإحتياط او المخزون، ولكانت هذه القوى تمكّنت من وقف التدهوّر وبدأت بعمليّة الصعود من جديد، ولكن الحال أننا اليوم عندما وصلنا إلى القعر تأتي هذه القوى لتقول إنها ستخلّص الوضع في حين أنها كان لديها كل الإمكانات في السنوات السابقة من اجل وقف التدهوّر ولم تقم بذلك، وهذا ما جعل الناس في الداخل والدول في الشرق والغرب تفقد ثقتها بالكامل بالقوى السياسيّة التي كانت تشكّل السلطة في لبنان لذا فلنتوقف عن الضحك على بعضنا البعض”.

وتابع جعجع: “إن الخطوة الأولى التي يجب أن نقوم بها هي إعادة الثقة التي لا يمكن أن تتم عبر إعادة القوى ذاتها ولو مقنّعة إلى الحكومة لأن هذا يعني أننا نراوح مكاننا والوضع سيزداد تدهوراً، وبالتالي علينا بالإتيان بأشخاص مستقلين كي لا يقوم أي أحد بإجراء تماه بينهم وبين القوى السياسيّة التي كانت موجودة لأنه في هذه الحال ستُفقد الثقة بشكل فوري”.

وشدد جعجع على أنه “يجب ألا يظنّ أحد أن وضعيتنا ميؤوس منها لأن هذا الأمر غير صحيح إلا أننا بحاجة لأن “يحلوا عنّا” كي نتمكّن من حلّ أمورنا ولكنّهم لا يقومون بذلك ويستمرون وكأن شيئاً لم يكن بالرغم من كل التدهور الحاصل واستغاثات الناس، ولا نزال نسمع حتى هذه اللحظة أنه في الحكومة العتيدة فلان يريد وزارة الطاقة وآخر يريد وزارة الماليّة وكل وزارة يريدها طرف معيّن ويبحثون عن كيفيّة اقتسام الأخصائيين في ما بينهم، الأمر الذي سيبقينا مكاننا لأن الأخصائيين ليسوا “زينة” فنحن بحاجة لأخصائيين فعلاً والأهم مستقلين وأي محاولة للتحايل على الأزمة لن تعطي أي نتيجة إلا أنه للأسف وحتى هذه اللحظة تستمر هذه المحاولات قائمة”.

وأكمل جعجع: “للبنان أصدقاء كثر في الخارج مستعدون لمساعدته شرط أن يروا شيئاً يحضّهم على ذلك، اما إذا ما رأوا أن الأوضاع مستمرّة كما جرت العادة وعلى ما كانت عليه سابقاً فمن المؤكد لن يساعدنا أحد وهنا يأتي السؤال على أي أساس نقوم بتشكيل هذه الحكومة؟”.

وتابع جعجع: “أما الحل المتوسط والطويل المدى فيكمن في معرفتنا أن ما من نائب دخل قبّة البرلمان لوحده فقط لأنه قرّر ذلك، وإنما لأنه وجد 7 أو 8 أو 10 أو 15 أو 20 ألف لبناني ليقترعوا لصالحه. يمكننا أن نقول ما نريد عن لبنان إلا أننا لا يمكننا أن ننكر أن فيه ديمقراطيّة حقيقيّة ولكن المشكلة تكمن في أن نتعلّم كيفيّة ممارستها وآمل في هذا الإطار ألا تكون الإنتفاضة الشعبيّة إنتفاضة على السلطة فقط وإنما على ذاتنا كي ندرّك عندما يحين موعد الإنتخابات كيف يجب أن نقترع وفي أي اتجاه، فلو صوّتنا في المرّات السابقة بشكل مغاير لما فعلناه لكنّا وصلنا اليوم حتماً إلى نتيجة مغايرة، نحن من صوّت بهذا الإتجاه وأتينا بهذه الأكثريّة وانظروا إلى أين أودت بالبلاد وبالتالي فالحل بيدنا على المدى المتوسط والطويل”.

وكان قد استهل جعجع كلمته بتوجيه “شكر كبير لمصلحة المهندسين في حزب “القوّات اللبنانيّة” على هذه الفرصة التي تتيحها لنا في كل عام كي نلتقي لنحتفل بالعيد من جهة، ومن جهة أخرى لنستعرض أين أصبحت المسيرة وكيف يجب علينا استكمالها”.

وتابع جعجع: “صراحةً وكما أظهرت الأحداث فحزب “القوّات اللبنانيّة” هو من أول الأحزاب الباقية عن استحقاق وجدارة لأننا نختزن 40 سنة من النضال الفعلي في جميع الأيام والظروف، كما نختزن أيضاً استقامة ونظافة كفّ كبيرتين جداً وبالرغم من كل محاولات الآخرين لم يستطع أحد حتى فبركة ملفّ صغير عن حزبنا في هذا الإطار، من هذا المنطلق وبقدر ما نحن فخورون ومسرورون بهذا الواقع بقدر ما علينا أن ندرك أن على كاهلنا مسؤوليات أكبر وأكبر، فنحن من واجبنا اليوم أن نرى ما يمكننا فعله من أجل دعم مجتمعنا ابتداءً من عائلتنا الصغير وصولاً إلى المجتمع اللبناني ككل، وبالتالي مَن بيننا اليوم مِن المغتربين عليه ابتداءً من الغد أن يجد طريقة ما للمساعدة لأن هذا هو نضاله في الوقت الراهن فالنضال لا يقتصر فقط على الإجتماعات والمتابعة والتنظير السياسي وإنما بالأعمال عندما يكون المطلوب هو الأعمال”.

ولفت جعجع إلى أننا “نمرّ في أوضاع إستثنائيّة صعبة، لن أتوقف عند توصيفها باعتبار أن الكثيرين يقومون بذلك وأنتم كما جميع الناس تعيشونها، إلا أن المضحك المبكي هو أن أكثر من يعمد إلى توصيف هذه الأوضاع الإستثنائيّة الصعبة التي نمرّ بها في الوقت الراهن هم من كانوا في الأساس سبباً في الوصول إليها، لذا فتوصيف الأوضاع لا يوصلنا إلى أي نتيجة”.

وشدد جعجع على اننا “ما يجب أن نقوم به هو تحليل سبب وصولنا إلى ما وصلنا إليه باعتبار أن الجميع متفقون على أننا وصلنا إلى ما وصلنا إليه ولا يخطئ أحد في ذلك سوى بعض المسؤولين الرفيعي المستوى الذين يدعون أن كل شيء بخير وسيتم ترتيب الأوضاع قريباً حيث ان الأمور ستستقيم من جديد بمجرّد تشكيل حكومة”.

وأشار جعجع إلى أنه “في بعض الأحيان من المهم جداً تسليط الضوء على الحقيقة والأمور كما هي خدمة للحقيقة والواقع، لذا قبل الغوص في التحليل علينا أيضاً أن نتذكّر أنه قبل بدء الحراك في الشارع كان هناك حراك يسبقه منذ سنوات إن كان في مجلس النواب أم في الحكومة، أي أنه كان هناك حراك في الشارع المتوفر في حينه والذي كان مجلس النواب والحكومة. كما أن هذا الحراك كان كبيراً جداً وكنا نحن أبطاله، ولكي نعطي كل ذي حق حقه، كان هناك بعض الآخرين من هنا وهناك يتحرّكون بالإتجاه الصحيح في مجلس النواب لا في الحكومة”.

وتابع جعجع: “هذا الحراك الذي قمنا به في السنوات الأخيرة أربحنا عداوة كل الطبقة السياسيّة، وأوصلنا إلى وقت أصبحنا فيه كعنصر غريب داخل الحكومة وفي بعض الأحيان داخل مجلس النواب، وفي هذا الإطار أريد أن أذكّر الجميع أننا لم نوافق على موازنة الـ2018 وقد عارضناها في الحكومة، كما أننا لم نكمل في مناقشة موازنة الـ2020 لأننا وجدنا أن هذه الموازنات التي يتم وضعها أقل بكثير مما هو مطلوب للنهوض بالوضع الإقتصادي والمالي في البلاد، كما أنني أجد نفسي مضطراً لتذكير الجميع أيضاً أننا في اجتماع بعبدا الشهير في أيلول 2019 عندما تم عقد طاولة طوارئ إقتصاديّة كان لدينا طرح واحد ولم ندخل في التفاصيل التي دخل فيها الآخرون وهذا الطرح كان حكومة أخصائيين مستقلين باعتبار أنه كان هذا الحل الوحيد الذي كان من الممكن أن يوقف التدهور الحاصل إلا أنه وللأسف الشديد لم يرد أحد سماع هذا الكلام لأن الجميع وإن لم يكن الجميع فالأكثريّة الساحقة متمسكة بمواقعها بغض النظر عن النتيجة ورأينا النتيجة التي وصلنا إليها، وأنا أقول هذا الكلام للتاريخ كما أن كل من كانوا إلى الطاولة يدركون حقيقة ما أقوله”.

واستطرد جعجع: “لا ليس “كلّن يعني كلّن” وأقولها من قبيل توصيف الواقع كما هو، وفي هذا الإطار هناك مفهوم من الكتاب المقدّس أتذكّره دائماً ونحن نجد أنفسنا كـ”قوّات لبنانيّة” في هذا الوضع في الكثير من الأوقات وهو مفهوم البقيّة الباقية، حيث أنه في كل المجتمعات يأتي وقت يستشري الفساد بشكل كبير جداً، وهذا ما حصل عبر التاريخ، إلا أنه دائماً ما تكون هناك بقيّة باقية في المجتمع لتكمل المسيرة وتحمل المشعل وتستمر بالنضال من أجل إيصال هذا المجتمع إلى المكان الذي يجب أن يصل إليه، وهذا المفهوم يوصّف وضعنا في الوقت الراهن كما كنت أتذكّره دائماً خلال وجودنا في الحكومة حيث كان هناك بقيّة باقية حاملة للمشعل وتستمر بالنضال، وبالتالي لا ليس “كلّن يعني كلّن”، من الممكن أن تكون أكثريّتهم إلا أنه في الأحوال كافة يحمل دائماً التعميم الأعمى في طيّاته مخاطر كبيرة جداً، أقلّها هو أنه يعمّي على الحقيقة الفعليّة ويشوّه الواقع ولا يدل الناس على ما يجب أن يفعلوه ويخلط الحابل بالنابل حيث لا يعود هناك أي ضوء تحت عين الشمس، وبالطبع ليس هذا ما هو مطلوب أو المقصود من هذا التعبير كي لا يسيء البعض استعماله”.

وقال جعجع: “أترككم الليلة على أمل أن يرسل لنا الله نعمه للمعنيين بالأمر من أجل أن يشكّلوا الحكومة المطلوب تشكيلها باعتبار ان كل يوم تأخير الآن سينعكس سلباً علينا لأشهر وسنوات في المستقبل، لذا ندعوا الله أن ينير عقولهم كي يستطيعوا القيام بهذه الخطوة بالشكل الذي يجب أن يقوموا بها، ماذا وإلا، فكل هذا سيكون تضييعاً للبلاد والوطن”، لافتاً إلى أننا “كمواطنين لبنانيين يجب علينا أخذ العبر من كل ما حصل كي ندرك أنه يجب علينا التصويت في المستقبل على أسس مختلفة تماماً عن تلك التي كنا نقترع تبعاً لها. يجب ألا نصوّت لمن خدمنا خدمة صغيرة وعلى حساب الدولة لأننا بذلك نكون نهدم هذه الدولة، كما اننا نكون مقابل هذه الخدمة الصغيرة نبيعه البلاد حيث سيعود ليأخذ ما أعطانا إياه من ليرتنا ووضعنا العام 10 ملايين مرّة، وفي هذه الحال نكون نغش أنفسنا، كما يجب ألا نقترع لصالح أقربائنا لمجرّد أنهم أقرباؤنا فهؤلاء إن لم يكونوا من أصحاب التأثير بالشأن العام يجب ألا نقترع لهم وفي هذه الحال يكون أبعد شخص لنا مؤثر بالشكل المطلوب هو قريبنا الفعلي، لذا يجب أن نغيّر كل هذا النمط التفكيري”.

وختم جعجع متمنياً أن يكون هذا العيد مباركاً على اللبنانيين “بالرغم من كل ما نمر به لا بل إنطلاقاً مما نمّر به وأن نكون ان شاء الله في العام المقبل في نقطة مختلفة تماماً عن التي نحن فيها اليوم، فنحن كحزب “القوّات اللبنانيّة” طالما لدينا الإيمان والرجاء الذي نتمتع به في قلوبنا والصلابة وقدرة النضال التي لدينا سنكمل المسيرة من أجل إيصال البلاد إن شاء الله إلى شاطئ الأمان”.

الجمهورية