مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “الجمهورية”:
رَشَح من حراك سفراء المجموعة الخماسية العربية والدولية المهتمة بلبنان، انّها تُجمع في هذه المرحلة على وجوب انتخاب رئيس للجمهورية، ولكن للوصول الى هذا الامر، يتمّ التركيز على تأمين البنية السياسية التحتية والفوقية داخلياً لإنجاز هذا الاستحقاق الدستوري، الامر الذي قد يتطلّب بعض الوقت، وربما الى ما بعد الاستطلاع الذي سيجريه سفراء المجموعة في لبنان، في ظلّ دور محوري يقوم به رئيس مجلس النواب نبيه بري.
كان الحدث البارز على جبهة الاستحقاق الرئاسي امس انطلاق حراك سفراء اللجنة الخماسية في هذا الصدد، فزار السفيران السعودي وليد البخاري والمصري علاء موسى رئيس مجلس النواب نبيه بري كلٌ على حدة. وفي معلومات لـ”الجمهورية”، إنّ هاتين الزيارتين تقاطعتا عند ضرورة التعجيل في إتمام الاستحقاق الرئاسي.
واكّدت مصادر اطلعت على ما دار بين بري وكل من البخاري وعيسى، انّ السفيرين عكسا إجماع اللجنة الخماسية على ضروة الإسراع في انتخاب رئيس، بما ينفي ما تردّد عن وجود تباين بين أعضائها. ولفتت المصادر الى انّ اللجنة ستجتمع قريباً، ولكن لم يتقّرر بعد ما إذا كان هذا الاجتماع سيُعقد في الرياض او القاهرة او الدوحة او باريس، على ان تليه مباشرة زيارة للموفد الفرنسي جان ايف لودريان لبيروت.
واكّدت المصادر، انّ ما حُكي عن انّ اللجنة تسعى الى تسويق ما يُسمّى “الخيار الثالث” ليس صحيحاً على الاطلاق. كاشفةً عن فكرة تعمل اللجنة على اساسها، وهي ان يكون برنامج زيارة لودريان هو النقاش مع الاطراف اللبنانيين حول مواصفات رئيس الجمهورية. ولفتت الى انّ رئيس مجلس النواب نبيه بري اعتبر انّ موضوع المواصفات امر يتطلّب حواراً بين اللبنانيين، وقد حرص خلال المحادثات التي جرت على توجيه الشكر للجنة الخماسية على المساعي التي تبذلها، مشدّداً على “انّ الشكر الأساس لها هو على ان تساعد اللبنانيين على انتخاب رئيس يختارونه هم ويتفقون عليه”.
وفيما افادت معلومات رسمية انّ البحث بين بري والبخاري تناول “الأوضاع العامة وآخر المستجدات السياسية والعلاقات الثنائية بين البلدين”، أُعلن ايضاً انّ البحث بينه وبين السفير المصري “تناول تطورات الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والمستجدات السياسية والميدانية على ضوء مواصلة إسرائيل لعدوانها على قطاع غزة ولبنان، والعلاقات الثنائية بين لبنان وجمهورية مصر العربية، إضافة الى الاستحقاق الرئاسي وعمل اللجنة الخماسية”.
وقال موسى بعد اللقاء: “تناولنا مجمل الاوضاع في المنطقة، وما يحدث من تطورات وتأثيرها وتفاعلها على المنطقة ودولها، وخصوصاً على مصر ولبنان. وقد استمعت الى تقييمات دولته ورؤيته للمستقبل، وطرحت عليه أيضاً تقييمنا، وتناولنا أيضاً مسألة الشغور الرئاسي ودور اللجنة الخماسية وخريطة عملها في المستقبل، وتبادلنا الآراء حول هذا الامر، وكلها بإذن الله ستؤدي الى اشياء إيجابية ستظهر في المستقبل القريب إن شاء الله”.
وعن أسباب تأجيل موعد لقاء سفراء اللجنة الخماسية مع بري، قال موسى: في الحقيقة اللقاء مع دولة الرئيس اليوم هو فرصة لتأكيد أنّ الموقف في الخماسية هو موقف واحد وموحّد، وأمس التقيت دولة الرئيس ميقاتي ونقلت له الرسالة نفسها، وكما عبّرت في اكثر مناسبة انّ موقف الخماسية على قلب رجل واحد، وفقط في ما يتعلق بإجتماع اليوم من قِبل الخماسية، اللقاء تمّ تأجيله الى الفترة المقبلة، وذلك في إطار إجتماعات إخرى لسفراء الخماسية مع مختلف القوى السياسية من اجل ترتيب مواعيد السفراء فقط، وهذا امر طبيعي يحصل في ما يخصّ جدول ارتباطات السفراء، وهذا سيتمّ تداركه ومراعاته في المستقبل، ونحن في الحقيقة نسعى لترتيب لقاء لسفراء الخماسية سريعاً، وهذا اللقاء لا يهدف للحديث حول تناقضات، بالعكس يتحدث عن المشتركات وخريطة طريق لعمل الخماسية”.
وحول ضرورة فصل الملف الرئاسي عمّا يجري في قطاع غزة، قال موسى: “أقول من طبيعة الأمور أنّ أي دولة في العالم يجب أن يكون لها رئيس، وفي الظروف المشدّدة والحرجة يكون هذا الامر ملحّاً، وبالتالي نحن نرى أنّ ما يحصل في المنطقة وما يواجهه لبنان ودول المنطقة من تحدّيات، يستوجب الإسراع في إتمام هذا الإستحقاق وهو إنتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن”.
وعلمت “الجمهورية” من مصادر متابعة من قرب للحراك الجاري، أن لا شيء محسوماً حتى الآن، وكل ما يجري هو استطلاع جديد لمواقف الاطراف اللبنانية، وانّ اجتماع اللجنة الخماسية المركزية قد يتأخّر وربما طويلاً في انتظار انقشاع غيوم الحروب الاقليمية، خصوصاً انّ اركانها غير متفقين بعد على اسم المرشح الثالث لرئاسة الجمهورية الذي يُفترض ان يقترحونه. وثمة كلام على رغم نفي اركانها، عن خلاف حول من يتصدّر المشهد، الطرف السعودي ام القطري ام الفرنسي؟ لذلك قرّرت الخماسية المركزية تحريك سفرائها في بيروت لجسّ النبض اللبناني وإعداد تقرير يُرفع للأعضاء، ويُبنى عليه موعد الاجتماع في عاصمة من عواصم اللجنة مصر او الرياض او الدوحة او باريس.
واشارت المصادر الى انّ “حزب الله” الطرف الأساسي المعني ايضاً بالاستحقاق الرئاسي، لم يتلقَ حتى الآن اي مبادرة او افكار فعلية لدرسها، وانّ ما يُنقل اليه سواءً عبر بعض الموفدين او الرئيس بري، هو افكار عامة. لذلك تتوقع المصادر إطالة عمر الحراك الخارجي الى حين بلورة توافق بين اركانها حول مقترحات عملية تُطرح على الاطراف اللبنانية، وقد يقبل بها البعض وقد يرفضها البعض الآخر فنبقى في الدوامة.
جلسة الموازنة
من جهة ثانية، قرّرت كل الكتل النيابية حتى المعارضة منها حضور جلسة مجلس النواب المقرّرة اليوم لمناقشة مشروع موازنة 2024، وكان آخرها كتلة “اللقاء الديموقراطي” التي اكّدت بعد اجتماعها امس مشاركتها في الجلسة، “حيث سيكون لها موقفها من الموازنة”، فيما عقد تكتل “لبنان القوي” إجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل وخصّصه للبحث في موضوع جلسة الموازنة، وقرّر ربط مشاركته والتصويت على الموازنة وموادِها بمجريات الجلسة، حيث ستكون لباسيل كلمة يحدّد فيها موقف التكتل السياسي العام ممّا يحصل في فترة الفراغ الرئاسي ومن الجلسة بالذات.
منصوري والتعميم 151
على الصعيدين الاقتصادي والمالي، عُقد اجتماع بين حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري وجمعية مصارف لبنان، تركّز البحث فيه على قرار منصوري حول التعميم 151 الذي سيقضي بإعطاء المودعين 150 دولاراً شهرياً. وإذ تجاوب معظم المصارف مع طرح منصوري الذي يقضي بتحمّل المصرف المركزي جزءاً من عملية التمويل، فإنّ مصارف أخرى أبدت اعتراضها وطالبت بأن يتحمّل “المركزي” الجزء الأكبر من التمويل. علماً انّ المبلغ متواضع، لكنه يكرّس حق المودعين بأموالهم.
وفي معلومات لـ”الجمهورية”، فإنّ منصوري سيُصدر التعميم 151 بعد اقرار المجلس النيابي الموازنة العامة للدولة لسنة 2024، والتي سيبدأ بمناقشتها اليوم، ومن المرجّح ان يعلن عن التعميم المُشار اليه خلال الاسبوع المقبل، وسيكون مُلزماً للمصارف.
وعلمت “الجمهورية” ايضاً انّ نقاشاً نيابياً حصل في شأن تحديد سعر صرف السحوبات، بعدما ابلغ منصوري الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والكتل النيابية، انّه ليس معنيّاً بتحديد سعر صرف السحوبات، أذ انّه ينطلق من اعتبار انّ تحديد سعر الصرف الحقيقي هو من مهمّات مصرف لبنان المركزي، لكن تحديد سعر دولار السحوبات يحتاج الى قانون يصدره المجلس النيابي، لأنه يطاول اموال المودعين، التي يرفض منصوري المسّ بها.
ميدان الجنوب
على صعيد الجنوب وغزة، وفيما مُنيت اسرائيل امس بضربة عسكرية قوية في غزة بمقتل 24 ضابطاً وجندياً بتفجير المقاومة مبنيين فوق رؤوسهم كانت فرق الهندسة قد أنجزت تفخيخها مع ابنية اخرى لتفجيرها، تراجع كلام التهديد الاسرائيلي عن تدمير لبنان اذا استمرت عمليات المقاومة، وهي استمرت بفعالية امس بقصف مقرّ قيادة القوات الجوية والرصد والتجسس في “ميرون”، فيما بقي الكلام عن مساعٍ دولية لمنع توسّع الحرب الى لبنان يراوح مكانه من دون تقدّم يُذكر.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قوله خلال اجتماع مغلق لمجلس الوزراء، إنّ “المرحلة الثالثة من حرب غزة ستستغرق نحو 6 أشهر”. فيما أشارت صحيفة “هآرتس” الاسرائيلية إلى أنّ نتنياهو “فَقَد السيطرة على كذبه، كما يحدث له عندما يكون تحت الضغط، خصوصاً أنّه حُشر في الزاوية بسبب ضغوط الدعوة إلى صفقة الأسرى والولايات المتحدة”. واضافت: “انّ نتنياهو أبلغ الى عائلات الرهائن أنّ إسرائيل لن تعلن وقف الحرب كجزء من صفقة الرهائن كما طلبت “حماس”.
وحول هذه الصفقة، قال مسؤول مصري رفيع المستوى، إنّ “حماس” رفضت مقترحاً إسرائيلياً بوقف إطلاق النار لمدة شهرين، مقابل إطلاق الحركة جميع الاسرى الذين تحتجزهم في قطاع غزة. وقال لوكالة “أسوشيتد برس”: “إنّ قادة حماس رفضوا أيضاً مغادرة غزة، وطالبوا إسرائيل بالانسحاب الكامل من القطاع والسماح للفلسطينيين بالعودة إلى منازلهم، مقابل إطلاق الرهائن”.
وأضاف “أنّ مصر وقطر، اللتين توسطتا في اتفاقات سابقة بين إسرائيل و”حماس”، تعملان على تطوير مقترح متعدد المراحل لمحاولة سدّ الفجوات. وسيتضمن الاقتراح إنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن وطرح رؤية لحل النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني”.
ولعلّ هذا الوضع في غزة انعكس على لبنان لجهة وقف اي مسعى لتبريد الجبهة الجنوبية، وقالت مصادر مطلعة على موقف “حزب الله” لـ”الجمهورية”: “ان جميع الموفدين الذين زاروا لبنان لم يحملوا مقترحات محدّدة او آلية تفصيلية حول الحلول لمسألة الحدود البرية، بل عرضوا افكاراً عامة للنقاش حول امكانية تراجع قوات الحزب الى ما وراء نهر الليطاني او 7 كيلومترات شمالاً، الى جانب بذل المسعى لتثبيت الحدود، وتهديدات اسرائيلية بحرب مدمّرة، نقلها الرئيس نجيب ميقاتي عندما التقى الرئيس الفرنسي، ونائب رئيس المجلس الياس بوصعب عندما التقى هوكشتاين، وكان حواب الحزب انّ الحديث بالتفاصيل ممكن لكن بعد وقف العدوان على غزة. اما اذا ارادوا الحرب فالحزب مستعد لها “ومن دون سقوف” كما قال السيد حسن نصر الله، وهذا الردّ يبدو انّه فرمل اندفاعة اسرائيل لعدم قدرتها على شن حرب واسعة ضدّ لبنان نظراً للأعباء التي يمكن ان تترتب عليها”.
وفي غضون ذلك، قال وزير الدفاع الاسرائيلي يواف غالانت إثر اجتماع لحكومة الحرب: “نحن نراقب كل ما يحدث في الشمال. “حزب الله” مستمر في الاستفزاز، وقد قمت الآن بتقييم خاص للوضع في هذا الشأن. نحن مستعدون، لا نريد الحرب، ولكننا مستعدون لأي وضع قد يتطور في الشمال. لذلك يد واحدة نحو الجنوب وعين ساهرة نحو الشمال”.
وزير الجيوش
والى ذلك، أكّد وزير الجيوش الفرنسية سيباستيان لوكورنو، لوكالة “فرانس برس”، أنّ “فرنسا تسعى لتجنّب التصعيد عند الحدود بين إسرائيل ولبنان”، معتبراً انّ “عندما نسبر العقول، عندما نسبر القلوب، نجد أن لا أحد، لا في تل أبيب ولا في القدس ولا في بيروت، يريد الحرب”. ورأى أنّ “التحدّي الحقيقي بالنسبة الينا هو ضمان عدم حصول هذا التصعيد الذي قد يبدو حتمياً”، مشدّداً على أنّ “الأولوية بالنسبة إليه تكمن في تحديد كيفية “العودة مجدداً” لتنفيذ القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، وكيفية “استئناف الدوريات والعودة إلى نمط المراقبة واحتواء النزاع” لكي “لا يطلق أحد الجانبين النار على الجانب الآخر من الحدود، ولكي لا يردّ الجانب الآخر بما ينطوي على خطر التصعيد”.
في الميدان
ميدانياً، استمرت الاعتداءات الاسرائيلية باكراً امس على قرى الجنوب الحدودية، وقصفت مدفعية الاحتلال الاسرائيلي صباحاً تلة الحمامص قرب الخيام، وطاول القصف لاحقاً أطراف: طيرحرفا والضهيرة، شيحين، مروحين، طير حرفا، راميا، منطقة جبل بلاط، والأطراف الجنوبية لبلدة ميس الجبل (طوفا).
كما حلّق الطيران الاستطلاعي الاسرائيلي طوال الليل وحتى صباح امس، فوق قرى القطاعين الغربي والاوسط، وصولاً الى مشارف مدينة صور، بالتزامن مع اطلاق القنابل المضيئة فوق القرى الحدودية المتاخمة للخط الأزرق. وأغارت مسيّرة بصاروخين، على حاوية شحن في ارض زراعية في الوزاني. فيما شنّ الطيران الحربي الاسرائيلي غارات على محيط بلدة بليدا استهدفت ثلاثة منازل. ثم اغار بعد الظهر على حرش حميلا قرب حومين الفوقا في اقليم التفاح، ثم على بلدة الجميجمة ومجدل سلم لجهة صفد البطيخ.
في المقابل، اعلنت “المقاومة الاسلامية” في بيان “إستهداف قاعدة ميرون للمراقبة الجوية في جبل الجرمق للمرة الثانية، عند الساعة 10:50، وذلك رداً على الاغتيالات الأخيرة في لبنان وسوريا والاعتداءات المتكرّرة على المدنيين والمنازل في قرانا الصامدة، بعدد كبير من الصواريخ المناسبة وتحقيقه فيها اصابات مباشرة”.
واكّد المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي حصول أضرار بالبنية التحتية لقاعدة “ميرون” الجوية بعد إطلاق صواريخ من لبنان.
واعلنت المقاومة الاسلامية في بيان آخر انّها استهدفت “تجمعاً لجنود العدو الصهيوني في تلة كوبرا بالأسلحة الصاروخية” وقاعدة خربة ماعر.
وافادت وسائل إعلام إسرائيلية عن سقوط صاروخ في مستوطنة “شيفر” غرب صفد، وعن رصد سقوط أكثر من 15 صاروخًا في الجليل الأعلى وسماع دوي صفارات الإنذار في مناطق عدة في الجليل الأعلى. واشارت الى انقطاع التيار الكهربائي في مستوطنات عدة في الجليل الأعلى بسبب الاستهداف الصاروخي.