مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت الإعلامية وفاء بيضون في ” اللواء “
ثمة تطوّر يلفُّ المشهد اللبناني مقتحما الملفات الداهمة من بوابات الرئاسة الثلاث، ولا سيما ان المعطيات التي رافقت انتخاب العماد جوزاف عون رئيسا للجمهورية، ومهّدت بعدها عبر استشارات نيابية لتكليف القاضي نواف سلام تشكيل حكومة أوحت للمراقبين بأن الأزمات الطارئة منها فيما يتعلق بانتهاء فترة الـ 60 يوما على هدنة وقف إطلاق النار وعدم التزام الاحتلال بتنفيذ القرار 1701 والمستفحلة، والمتعلق بالاصلاحات، ومحاربة الفساد، وانتظام العمل المؤسساتي للدولة، باتت على سكة الحل وما ينتظره اللبنانيون لم يبعد بالمسافة الزمنية عن التطبيق الكثير، ولكن ليس في كل مرة تسلم جرّة بماء الدولة، وربما الرياح ذهبت بالاستحقاقات المنتظرة خلاف ما يشتهيه العهد الجديد، خاصة في بدايته التي كان يفترض من الجميع في الداخل، والخارج «تمهيد الطريق وإزالة العوائق من أمام انطلاقته حتى يتسنى له وضع نقاط الحل على حروف الأزمة».
ففي الملف الأكثر سخونة وربما خطورة على الاطلاق أي موضوع تنفيذ «القرار الأممي 1701 وخاصة إنجاز المرحلة المتعلقة بالانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي احتلها إبان العدوان البري على لبنان ووقف الأعمال العدائية تمهيدا لانتشار الجيش اللبناني بموازاة قوات اليونيفيل على كامل المساحة الممتدة من جنوب نهر الليطاني حتى الحافة الأمامية مع فلسطين المحتلة لتكون شرعية الأمن وحمل السلاح مناطة فقط بالجيش اللبناني»، فان المعطيات التي نقلها الجنرال الأميركي «جاسبر جيفيرز» المدعوم بحضور سفيرة الولايات المتحدة لدى لقائه رئيس مجلس النواب «نبيه بري « كانت تمثل اخبارا واضحا يتماهى مع الرغبة الإسرائيلية بالبقاء لفترة تزيد عن الـ 60 يوما بحجة عدم الانتهاء من العمليات الأمنية في المناطق التي يعيث فيها الاحتلال «تدميرا وحرقا وتجريفا وسرقة موصوفة للثروات الزراعية»، ما دفع بالرئيس بري لتذكير الجنرال الأميركي «بان بلاده هي من رعت الاتفاق ويحتّم عليها الضغط على كيان إسرائيل تطبيقه بالكامل دون زيادة أو نقصان». فيما خص الحق اللبناني بالسيادة على كامل ترابه وأي تعديل أو تسويف غير مقبول لانه يمثل جواز إقامة دائمة للاحتلال وهذا خلاف المتفق عليه، لينتهي اللقاء بتبادل ابتسامات كان أبرزها ابتسامة الأستاذ التي لم تخلُ من إشارات صارمة وعلى الأميركي أن يفهمها ويفهم حليفه الإسرائيلي أيضا.
تقول المصادر السياسية: «من هنا تحركت مروحة الدبلوماسيات العربية والغربية مستندة على نتائج الاستحقاقات المنجزة منها والتي تنتظر، ففي وقت حمل وزير خارجية المملكة العربية السعودية حرص الرياض وأمير البلاد وولي العهد محمد بن سلمان على لبنان، ومدّ يد العون المشروطة بتنفيذ عون خطاب القسم في كافة بنوده لا سيما الإصلاحات الدستورية وفصل السلطات وتحرير العدالة باتجاه اخذ الاجراءات اللازمة لبدء محاربة الفساد»، جاءت أيضا «زيارة وزير خارجية الكويت مصحوبا بأمين عام مجلس التعاون ليؤكد على ذات الأمر، مضافا الى ما سلف، ضرورة الإسراع بتشكيل حكومة جامعة تراعي التوافق الوطني والتوزيع الطائفي، تبعا لما انبثق عن وثيقة الطائف»، إلّا ان معضلة التوزيع والمحاصصة فرملت اندفاعة «نواف سلام» الذي يحاول تدوير زوايا أزمة التشكيل بعد بروز اعتراض من الثنائي المسيحي «التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية» على «الثنائي الشيعي أمل – حزب الله» حول مطالبة الأخير بحقيبة المالية هذا عدا عن الخلافات المتمحورة حول وزارات الصف الأول أو ما يسمّى بالسيادية: «الخارجية الطاقة، الداخلية، الدفاع، وحتى الخدماتية ومنها الزراعة، الأشغال، الصحة». ما يجعل مهمة سلام محفوفة بألغام «المحاصصة» التي تفرض نفسها على الواقع السياسي اللبناني.
باختصار تتابع المصادر السياسية «الربط بين تطورات الجنوب ومعوقات التشكيل الحكومي يبقى رهن كلمة السر الخارجية للاقلاع نحو مرحلة سياسية جديدة في لبنان».