
مجلة وفاء wafaamagazine
ذكرت صحيفة “The Spectator” البريطانية أن “حلف شمال الأطلسي لم يتعلم شيئا من ابتزاز روسيا في مجال الطاقة، وإيران على وشك أن تثبت ذلك. مع الرؤوس الحربية الدقيقة والحمولات الأسرع من الصوت التي تمزق سماء إسرائيل وإيران، قد يظن المرء أننا نشهد المرحلة التالية في الحرب الحديثة. لكنها لعبة قديمة، تُلعب بقواعد قديمة. ومرة أخرى، تلجأ طهران إلى أداة قوتها المعتادة: الابتزاز في مجال الطاقة”.
وبحسب الصحيفة، “حذر كبار المسؤولين الإيرانيين، بمن فيهم قائد الحرس الثوري إسماعيل كوثري، من أنه إذا استمرت الهجمات الإسرائيلية، فإن طهران لن تخرج من معاهدة حظر الانتشار النووي فحسب، بل ستغلق مضيق هرمز أيضا. في الحقيقة، هذا ليس كلامًا فارغًا. فثلث نفط العالم وخُمس غازه الطبيعي المسال يمرّ عبر هذا الممرّ الذي يبلغ طوله 21 ميلًا. وبدأت الأسواق تشهد تقلبات، فقد قفز سعر النفط الخام بأكثر من 10%. وفي حال تطبيق الحصار، يتوقع البعض أن يصل سعر برميل النفط إلى 150 دولاراً، وهو مستوى لم نشهده حتى خلال الأيام الأولى للغزو الروسي لأوكرانيا”.
وتابعت الصحيفة، “في مواجهة هذه العاصفة الوشيكة، اختار حلف الناتو الصمت. كانت هناك دعواتٌ معتادةٌ لتهدئة الأوضاع، لكن الأمين العام مارك روته يُلحّ على واشنطن للتحرك. أما بالنسبة لقمة الناتو المرتقبة الأسبوع المقبل، فيبدو أن جدول أعمالها يركز بشكل أكبر على روسيا وميزانيات الدفاع. أما الموضوع الإيراني فلم يتم ذكره. هذا أمرٌ صادم. كان ينبغي أن يكون آخر لقاءٍ لأوروبا مع تسليح موسكو للطاقة بمثابة جرس إنذار. لقد استهدفت الهجمات الإلكترونية وعمليات التخريب محطات الغاز الطبيعي المسال، وخطوط الأنابيب البحرية، والبنية التحتية الحيوية، كما ودمرت الإنتاج الصناعي، وكلّفت أوروبا مئات المليارات من الجنيهات الإسترلينية. ومع ذلك، لا تزال استراتيجية الناتو في مجال الطاقة ضعيفة، ومفرطة في ردود الفعل، ومبنية على سيناريوهات سطحية بدلاً من دفاعات معززة.”.
ورأت الصحيفة أن “لهذه النقطة الاستراتيجية العمياء عواقب وخيمة، فكل ما على إيران فعله هو زرع الشك، حينها ستتراجع الأسواق وسترتفع أسعار النفط بشدة، وستستفيد روسيا، حليفة طهران المقربة، من هذه المكاسب، وستضاعف جهودها في أوكرانيا بأموال جديدة. ورغم أن حماس وحزب الله ربما أصبحا الآن قوات مستنفدة من وجهة نظر طهران، فإن إيران لا تزال لديها ثعالب في الميدان، وخاصة في أفريقيا، حيث تظل جبهة البوليساريو شريكاً مفيداً. لهذه الأسباب، لا يستطيع حلف الناتو أن يتحمل مسؤولية إلقاء اللوم على الأميركيين، ويغرق في أزمة طاقة أخرى، فالتكاليف الاقتصادية والسياسية باهظة للغاية”.
وبحسب الصحيفة، “المطلوب هو عقيدة طاقة أكثر صرامة، ويكمن الحل الطويل الأمد في مصادر الطاقة المتجددة. في الواقع، يجب على الغرب أن ينطلق بسرعة، لا أن يتعثر، نحو الطاقة النظيفة. ولكن على المدى القصير، يتعين علينا تأمين تدفقات طاقة موثوقة من شركاء أكثر موثوقية في شمال أفريقيا وأميركا الشمالية، وهذا يعني أيضًا الاستثمار بكثافة في البنية التحتية للدفاع عن الطاقة ذات الاستخدام المزدوج. وتقع موانئ الغاز الطبيعي المسال، مثل تلك الموجودة في سفينويتشي وكلايبيدا على بحر البلطيق، على خطوط الصدع للهجوم الهجين المحتمل التالي. ولابد من حماية هذه المواقع بوسائل الأمن السيبراني والتحصينات العسكرية، خاصة وأن طرق الطاقة أصبحت أهدافاً رئيسية في الصراعات المستقبلية”.
وتابعت الصحيفة، “يجب على الناتو أيضًا أن يرسم خطًا أحمر جديدًا. ثورة تشريعية، لا أقل من ذلك، أي تشريع مادة خامسة جديدة متعلقة بالطاقة: إذا تعرضت البنية التحتية للطاقة لأحد الحلفاء للتخريب، فيجب أن يُطلق ذلك ردًا جماعيًا من الناتو. وهذا من شأنه أن يشير بوضوح إلى أن الابتزاز في مجال الطاقة لن يكون مقبولاً. بالطبع، يتطلب هذا أكثر من مجرد تصريحات نبيلة، فالإرادة السياسية شيء، ودفع ثمنها شيء آخر”.
وأضافت الصحيفة، “على الرغم من كل القلق الذي تثيره التهديدات بشأن مضيق هرمز، فإن منطقة الخليج ربما تمتلك الحل للمشكلة، إذ قد تصبح واحدة من أهم المستثمرين في الطاقة بالنسبة للغرب. في نهاية المطاف، دول الخليج، كالإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، غارقة في رؤوس الأموال، وهم يدركون أن النفط ينفد. ولذلك يضخون المليارات في مشاريع الطاقة المتجددة والبنية التحتية وتكنولوجيا الطاقة في كل أنحاء الغرب. لقد حصلت الولايات المتحدة بالفعل على أكثر من تريليوني دولار من الاستثمارات الخليجية، فلماذا هذا التباطؤ في أماكن أخرى؟ ينبغي على حلف الناتو السعي وراء هذه الصفقات بالقدر عينه من الإلحاح”.
وختمت الصحيفة، “لا يمكن للغرب التأجيل حتى تأتي الأزمة التالية. فبمجرد أن تُظهر إيران للغرب كيف يُمكن للطاقة أن تُذلّ الإمبراطوريات، سيسعى كل نظام مارق إلى استغلال هذا الأمر”.
المصدر: “لبنان 24”