
مجلة وفاء wafaamagazine
ترتفع معدلات الاضطرابات الناتجة من الإدمان على المخدرات في العالم، إضافة إلى الأعباء الاقتصادية الناتجة من ذلك. لذلك، أطلقت منظمة الصحة العالمية مبادرة لمواجهة هذا التحدي.
في اليوم الدولي لمكافحة إساءة استعمال المخدرات والإتجار غير المشروع بها، سلّطت منظمة الصحة العالمية الضوء في بيان لها على الآثار المدمرة لتجارة المخدرات على صحة السكان وعافيتهم بالإشارة إلى أن تعاطي المخدرات يؤثر على الأمن والسلامة والتنمية، وهو ما يكلف بعض البلدان ما يصل إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي بسبب النفقات المتعلقة بالصحة والجريمة وفقدان الإنتاجية. وإلى جانب العبء الاقتصادي لتعاطي المخدرات، فإنه يمثل قضية مهمة من قضايا الصحة العامة ترتبط بمجموعة من القضايا الصحية، منها حالات الصحة النفسية، والتهاب الكبد، والسل، وأمراض القلب والأوعية الدموية. ومع ذلك، وبرغم هذه الآثار على الصحة العامة، فقد عولجت معالجة كبيرة من خلال إنفاذ القانون وتقييد العرض، باستخدام استراتيجيات تعزز الوصم وتغض الطرف عن الأبعاد الصحية لهذه المشكلة.
على الصعيد العالمي، قُدِّرَ عدد متعاطي المخدرات في عام 2022 بنحو 292 مليون شخص (5.6% ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاماً). وهناك 64 مليون شخص يعانون اضطرابات ناجمة عن تعاطي المخدرات. وفي عام 2022، كان ما يُقَدَّر بنحو 6.7% من السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاماً يتعاطون المخدرات، وعانى أكثر من 3.4 ملايين شخص اضطرابات ناجمة عن تعاطي المخدرات.
وبرغم المستويات التي تُنذر بالخطر بسبب تعاطي مواد الإدمان، وحقيقة أن الاستثمار في علاج تعاطي مواد الإدمان يحقق عوائد تتراوح بين 4 و12 دولاراً أميركياً مقابل كل دولار يُنفَق، لم يتلق العلاج في عام 2022 إلا شخصٌ واحدٌ من كل 11 شخصاً يعانون اضطرابات ناجمة عن تعاطي المخدرات على مستوى العالم، وشخصٌ واحدٌ من كل 13 شخصاً في الإقليم.
ومن أجل الحد من المراضة والوفيات والتكاليف الاجتماعية المرتبطة بالاضطرابات الناجمة عن تعاطي المواد، أطلق المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط “المبادرة الرئيسية بشأن تسريع إجراءات الصحة العامة بشأن تعاطي مواد الإدمان” في تشرين الأول/ أكتوبر 2024.
وتهدف المبادرة إلى تعزيز التنسيق والتعاون، والوقاية من البدء في تعاطي مواد الإدمان من خلال تدخلات مسندة بالبيّنات مثل تعزيز تعليم المهارات الحياتية في كلٍ من المدارس وأماكن العمل. وبدلاً من الاعتماد على التدابير العقابية، فإن المبادرة تعزز السياسات واللوائح التي تعطي الأولوية للعلاجات المسندة بالبيّنات وبرامج الحد من الضرر في كل نُظُم الرعاية الصحية والاجتماعية، وتدعو إلى إدماج التدخلات المسندة بالبيّنات لعلاج الاضطرابات الناجمة عن تعاطي المخدرات في حزم منافع التغطية الصحية الشاملة.
ولتسريع وتيرة تنفيذ المبادرة الرئيسية بشأن تعاطي مواد الإدمان، أنشأ المكتب الإقليمي فريقاً استشارياً تقنياً استراتيجياً مَعنيًاً بالصحة النفسية وتعاطي مواد الإدمان، وتحالفاً إقليمياً لمنظمات المجتمع المدني المعنية بالصحة النفسية والوقاية من تعاطي مواد الإدمان لإشراك منظمات المجتمع المدني وأصحاب التجارب الشخصية في اضطرابات تعاطي مواد الإدمان وتمكينهم من أجل النهوض بإجراءات الصحة العامة في كل أنحاء الإقليم.
وتدعو المبادرة الرئيسية إلى اتخاذ إجراءات جماعية حاسمة للتصدي لواحد من أكثر تحديات الصحة العامة إلحاحاً في عصرنا. ومن خلال الاستثمار في حلول مستدامة ومسندة بالبيّنات، يمكننا تحسين حصائل الصحة العامة إلى حد كبير وتعزيز الاستقرار الاجتماعي للأجيال المقبلة. ونظراً إلى القيود الحالية على الموارد، أصبحت الحاجة إلى التعاون الفعّال أكبر من أي وقت مضى. ويجب أن نوحد قوانا، ونوائم استراتيجياتنا، ونسعى إلى اتخاذ إجراءات مشتركة لتحقيق المزيد بموارد أقل.
بمناسبة اليوم الدولي لمكافحة إساءة استعمال المخدرات والإتجار غير المشروع بها، فإن منظمة الصحة العالمية تحثُّ الحكومات والمنظمات الصحية والمجتمعات المحلية في كل أنحاء إقليم شرق المتوسط والعالم إلى توحيد الصفوف في مكافحة الاضطرابات الناجمة عن تعاطي المخدرات. ونستطيع معاً أن نبني مستقبلاً أوفر صحة للجميع من خلال ضمان حصول الجميع في كل مكان على الرعاية والدعم اللازمَين.
والمبادرة الرئيسية الإقليمية بشأن تسريع إجراءات الصحة العامة بشأن تعاطي مواد الإدمان هي دعوة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة وجماعية لمواجهة واحدٍ من أكثر تحديات الصحة العامة إلحاحاً في عصرنا. ومن خلال الاستثمارات المناسبة في الحلول المستدامة والمُسنَدة بالبيِّنات، يمكننا أن نقلِّل كثيراً من معدلات المراضة والوفيات والتكاليف الاجتماعية المرتبطة بالاضطرابات الناجمة عن تعاطي المخدرات، وأن نبني مجتمعاً أكثر استقراراً.