الرئيسية / آخر الأخبار / نماذج من مخاطر ما يجري في سورية على لبنان تحتاج إلى متابعة … مطلوب إجراءات استباقية سياسية ودينية وأمنية لمنع انتقال التوتر

نماذج من مخاطر ما يجري في سورية على لبنان تحتاج إلى متابعة … مطلوب إجراءات استباقية سياسية ودينية وأمنية لمنع انتقال التوتر

مجلة وفاء wafaamagazine

كتب غاصب المختار  في” اللواء”:

صدقت توقّعات وتقديرات الجهات الرسمية والسياسية اللبنانية حول حجم المخاطر الجمّة لإنعكاسات الأحداث السياسية والأمنية الدموية الخطيرة الجارية في سورية على وضع لبنان من نواحٍ عديدة، لعل أبرزها إنشغال دول العالم، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية، بمعالجة ما يجري هناك على حساب معالجة ما يجري في مناطق أخرى من العالم تعاني أزمات خطيرة كما هو الحال في لبنان. وقد ظهر ذلك في متابعة حثيثة يومية ومساعٍ واتصالات من الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير خارجيته روبيو وموفده الى سوريا ولبنان طوماس برّاك، لوقف التدهور الأمني والانقسام الخطير الذي يهدّد الاستقرار في سورية وبالتالي يؤثر على استقرار دول الجوار ومنها لبنان وتركيا والعراق والأردن.
وقد أكدت مصادر جهات رئاسية لبنانية ان وضع سوريا المتفجّر لاقى وضع المنطقة ككل، ما يعطّل امكانيات أي حلول أو مشاريع استقرار، والخطير ان الجهات التي تتلاعب بالوضع السوري كثيرة ولها أجندات مختلفة حسب طبيعة وميول وارتباطات الجهة المشتغلة بالتوتير وإثارة العصبيات والغرائز الطائفية والمذهبية وارتكاب المجازر، وفي طليعتها الكيان الإسرائيلي، عدا صعوبة معرفة ما تخطط له الإدارة الأميركية لسورية، حيث يتبدّل الموقف تارة من دعم السلطة المؤقتة وطوراً بالضغط عليها، وأحيانا كثيرة بترك الحرية للكيان الإسرائيلي ليفعل ما يشاء أمنياً وعسكرياً، وهو ما ظهر بالغارات الكثيفة والتدميرية على القوات السورية الرسمية في مناطق بقلب العاصمة دمشق وفي السويداء ودرعا، بهدف تدمير أي مصدر قوة يمكن أن يهدّد الكيان المحتل أو يحول دون تنفيذ مشاريعه التوسعية في الجنوب السوري.
ولذلك ظهر من مخاطر ما يجري أيضاً في سورية، ان المستفيد الوحيد هو الكيان الإسرائيلي، الذي باشر إجراءات فعلية لضم مناطق واسعة من الجنوب السوري الى ما يسمّيه المنطقة الآمنة من جبل الشيخ والجولان حتى حدود درعا والسويداء جنوب سورية، وصولا الى غربي المنطقة لجهة الحدود اللبنانية الجنوبية – الشرقية من شبعا الى راشيا ومحيطها.
والخطير في ما تمارسه قيادة الاحتلال الإسرائيلي، هو المساهمة في الفرز الطائفي والمذهبي وتسعير الاقتتال، وصولا الى هدف تقسيم سوريا، وهو أمر قد ينعكس خطراً على لبنان إذ يدغدغ أحلام ومشاريع بعض التقسيميين والداعين للفيدرالية من اللبنانيين، وهي باتت مشاريع معلنة ولا يخجل أصحابها من إعلانها، ولو انها مقتصرة على قلّة قليلة، لكنهم ربما ينتظرون الفرصة الإقليمية أو الدولية السانحة لتغيير خرائط المنطقة الجيو-سياسية.
ومن المخاطر المهمة أيضاً الانقسام الطائفي والمذهبي بين الدروز وبين بعض أهل السنّة من العشائر والبدو في سورية، والذي بدأ ينتقل الى لبنان ولو بتصرفات فردية هنا وهناك في بعض مناطق البقاع والجبل، عدا الكشف عن مخازن أسلحة وتجمعات ومجموعات سورية مسلحة لا يدري أحد الى من تنتمي وما هي أهدافها ومتى تتحرك لضرب الاستقرار اللبناني. كما لا يدري أحد متى تنتقل التوترات التي تبدأ فردية ثم تتوسّع الى توتر أكبر وفي مناطق جديدة مثل طرابلس المهيّأة أكثر من غيرها بنظر البعض، نظراً لوجود جماعات إسلامية تكفيرية أو متشددة أو خلايا ارهابية نائمة ولكن حاضرة، بخاصة ان هناك من يشتغل ولو بالخفاء على افتعال التوتير، بينما لم تحصل متابعات حثيثة من الأجهزة الرسمية اللبنانية السياسية والأمنية لدرء هذا الخطر، بإستثناء بعض الاجراءات اللاحقة لمعالجة ذيول أي حدث.
لذلك، المطلوب تحرّك الأجهزة الأمنية بفعالية أكبر عبر إجراءات استباقية، وتحرك القيادات السياسية والروحية السنّية والدرزية بشكل أفعل وأكثر تأثيراً، عبر لقاءات وتوجيهات لجمهور الجهتين للتنبّه الى خطورة ما يُحاك في حال توسّع التوتر السوري وانتقل الى لبنان، إذ لا يكفي البيان الذي أصدرته دار الفتوى في راشيا، ولا تمنيات شيخ العقل الدكتور سامي أبي المنى ولا رئيس الحكومة نواف سلام ووليد جنبلاط وغيرهما ولا الجماعات والهيئات الإسلامية بإستنكار ما يحصل من حوادث فردية هنا وهناك ورفض التعدّيات وقطع الطرقات والمطالبة اللفظية بوأد الفتنة، فثمة من يقوم بتحريض أشدّ بكثير من مواقف الشجب والاستنكار والإدانة.