الرئيسية / سياسة / البيان الوزاري في قراءة أخيرة… وجلسة الثقة الأسبوع المقبل

البيان الوزاري في قراءة أخيرة… وجلسة الثقة الأسبوع المقبل

مجلة وفاء wafaamagazine 

في خضم المضاعفات والتفاعلات الناجمة عن إعلان «صفقة القرن»، التي لم تنتهِ فصوله بعد، إقتربت الحكومة من إنجاز بيانها الوزاري على وقع إستمرار الحراك الشعبي في الشارع، والذي يأخذ أشكالاً متعدّدة، رافضاً إعطاء الثقة لهذه الحكومة التي يصفها بأنّها حكومة «التكنومحاصصة».

 

ويُنتظر ان يُقرّ البيان في جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل، فيما افادت معلومات عن أنّ مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط ديفيد شنكر سيزور لبنان بعد نيل الحكومة الثقة، حيث أعلن من إسرائيل «إنّ الاقتصاد اللبناني في وضع أسوأ مما يظن البعض، حيث نعتقد أنّ الاحتياطات الأجنبية (العملات) أقل بكثير مما تمّ الإبلاغ عنه علناً».

 

في الوقت الذي ستتسلّم السفيرة الاميركية الجديدة في لبنان دوروثي شيا مهماتها الشهر المقبل، والتي كان لافتاً ما كانت قد قالته امام الكونغرس قبل شهرين من «أنّ رسالة المتظاهرين في لبنان واضحة جداً، وهي أنّ الشعب اللبناني اكتفى من قادته الذين يعيشون برخاء، في حين انّ بقية البلاد تكافح تحت وطأة الديون الساحقة، وفي غياب معظم الخدمات الاساسية، بما في ذلك أزمة النفايات والكهرباء والتلوث».

 

واعتبرت «انّ اي حكومة جديدة ستفشل في حال لم تتبنَ وتستجب لحاجات الشعب اللبناني بالإصلاح الحقيقي والدائم. وفي حال تبنّى القادة الإصلاحات فنحن على استعداد للعمل مع الحكومة والشعب لإعادة بناء الاقتصاد المدمّر».

قالت وزيرة الاعلام منال عبد الصمد لـ«الجمهورية» مساء أمس، انّ لجنة البيان الوزاري ستعقد اليوم اجتماعها الاخير لإنجاز هذا البيان في صيغته النهائية، على أن يجتمع مجلس الوزراء منتصف هذا الاسبوع لإقراره رسمياً.

 

وأشارت الى انّ اللجنة غير معنية رسمياً بالتسريبات حول البيان الوزاري الذي كان لا يزال حتى أمس مسودة قيد النقاش، موضحة انّ الوزراء سيأتون اليوم بملاحظاتهم عليها، تمهيداً لإقرارها.

 

وأكّدت «انّ البيان سيكون متناسباً مع تحدّيات مرحلة الطوارئ التي نمرّ فيها حالياً، وبالتالي فهو سيتضمن الاولويات الحيوية والخيارات اللازمة لمواجهة هذه المرحلة والتعامل مع استحقاقاتها».

 

وفي الإطار عينه، رجّحت مصادر وزارية مطلعة عبر «الجمهورية»، ان يكون البيان الوزاري جاهزاً بالصيغة النهائية مساء غد الثلاثاء، وسيُعمّم بعدها على بقية الوزراء تمهيداً لإقراره في صيغته النهائية الخميس المقبل، ليحال الى المجلس النيابي تمهيداً لمثول الحكومة امام المجلس لنيل الثقة، وسط ترجيحات بأن تنعقد الجلسة الثلاثاء من الاسبوع المقبل، لمصادفة الإثنين في العاشر من الجاري عطلة رسمية لمناسبة عيد ما مارون الذي يصادف الأحد المقبل.

 

مسودة

 

وكانت تسرّبت مسودة البيان الوزاري أمس، وجاء فيها، «إنّ الخطة المتكاملة ستشمل، على سبيل التعداد لا الحصر، مشاريع قوانين وإجراءات مجدولة على مراحل ثلاث من 100 يوم الى ثلاث سنوات.

 

أولاً: في الإصلاحات القضائية واستقلال القضاء، وثانياً: ستلتزم الحكومة في أول 100 يوم إقرار الإستراتيجيّة الوطنيّة لمكافحة الفساد والإسراع بتنفيذها. وثالثاً: سنلتزم بما ورد من إصلاحات في الورقة التي أُقرّت في مؤتمر سيدر «رؤية الحكومة اللّبنانيّة للإستقرار والنّمو وفرص العمل» ولا سيّما «الإصلاحات الماليّة والهيكليّة والقطاعيّة».

 

وتضيف المسودة، انّ الحكومة «ستحرص على تكثيف التواصل مع الدول العربيّة الشقيقة والصّديقة وكذلك أعضاء مجموعة الدّعم الدولي، والمنظمات والهيئات الدّولية الإقليميّة المعنيّة، بغية العمل على توفير وجوه الدعم كافة للبنان، في اعتبار أنّ استقراره ضرورة إقليميّة ودوليّة. وترى الحكومة ضرورة في إبتعاد لبنان عن الصّراعات الخارجيّة، ملتزمين إحترام ميثاق جامعة الدول العربيّة وخصوصاً المادة الثامنة منه مع إعتماد سياسة خارجيّة مستقلة.

 

وستواصل الحكومة تعزيز العلاقات مع الدول الشقيقة والصّديقة، والتّأكيد على الشراكة مع الإتّحاد الإوروبي في إطار الإحترام المتبادل للسيّادة الوطنيّة. كما أنّها تؤكّد على احترامها المواثيق والقرارات الدّولية كافة والتزامها قرار مجلس الأمن الرقم 1701 وعلى استمرار الدّعم لقوات الأمّم المتّحدة العاملة في لبنان».

 

وتقول المسودة ايضاً: «بما أنّ الغاز والنّفط هو مادة استراتيجيّة يتوجب علينا حمايتها، مما يتطلب تقوية القوات البحرية والجويّة ليصار الى حماية المنصّات والمياه الإقليميّة والمنطقة الخاصة الإقتصاديّة».

 

كذلك تؤكّد الحكومة، حسب المسودة «حرصها على جلاء الحقيقة وتبيانها في جريمة اغتيال الرّئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، وستتابع مسار المحكمة الخاصّة بلبنان».

 

وتشدّد على العمل مع المجتمع الدّولي للوفاء بإلتزاماته التي أعلن عنها في مواجهة أعباء النزوح السوري، والترحيب بالمبادرة الروسية لإعادة النازحين الى بلادهم. وتؤكّد التزامها أحكام الدستور الرّافضة مبدأ التّوطين والتّمسك بحق العودة للفلسطينيين. وكذلك تشدّد الحكومة على إعداد مشروع قانون للإنتخابات النيابيّة «يعكس تلاقي اللّبنانيات واللّبنانيين في الساحات ويحاكي تطلّعاتهم».

 

خطوات

 

وحسب المسودة، فإنّ خطة الإنقاذ الاقتصادية تتضمن «خطوات مصيرية وأدوات علاج ستكون مؤلمة» تجنباً «للانهيار الكامل الذي سيكون الخروج منه صعباً إن لم نقل شبه مستحيل».

 

كذلك تدعو الخطة إلى التواصل مع كل المؤسسات والجهات المانحة أو الداعمة من أجل تأمين الحاجات الملحة والقروض الميّسرة وتغطية الحاجات التمويلية للخزينة والاسراع في إجراء دورة التراخيص الثانية في قطاعي النفط والغاز وتعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء كجزء من إصلاح قطاع الكهرباء.

 

وتتعهد الحكومة ان تكون:

 

– حكومة مستقلّة عن التجاذب السياسيّ تعمل كفريق عمل من أهل الإختصاص.

– حكومة تعتبر أنّ العديد من مطالب الحراك، هي ليست فقط محقة، بل هي في صلب خطّتها.

– حكومة نزيهة وشفافة تتواصل مباشرة مع جميع المواطنين، ومن صلبهم الحراك، وتتعهد الإلتزام والإستجابة لآليّات المساءلة والمحاسبة تحت الرقابة البرلمانيّة والقضائيّة والإداريّة والشعبيّة. ولن يُسمح باستباحة المال العام أو الأملاك العامة بما فيها المشاعات والأملاك البحريّة والنهريّة أو أي هدر كان.

– حكومة ملتزمة حماية حقّ التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي واحترام حقوق الإنسان. وهي في المقابل، تلتزم أيضاً القيام بواجبها بدعم القوى العسكريّة والأمنيّة المولجة حفظ الأمن والنظام العام».

 

كذلك يتضمن مشروع البيان حماية اموال المودعين، وخصوصاً الصغار منهم، واعادة رسملة المصارف ومعالجة القروض المتعثرة والاستمرار في سياسة الاستقرار النقدي وتحفيز النمو الاقتصادي واصلاحات تطاول قطاعات مختلفة سواء في التربية، الطاقة، الاشغال والاجهزة العسكرية والامنية وتحويل الاقتصاد الوطني من اقتصاد ريعي وخدماتي الى اقتصاد منتج.

 

ويتضمن مشروع البيان ايضاً تعهّد الحكومة «العمل على كشف مرتكبي جرائم المال العام والسعي لاستعادته بمساعدة القضاء ومؤسسات متخصصة، والاسراع في إجراء دورة التراخيص الثانية في قطاعي النفط والغاز وإقرار قانون الصندوق السيادي وقانون الشركة الوطنية».

 

«القوات»

 

الى ذلك، وفي الطريق الى جلسة الثقة، قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية»: «انّ تكتل «الجمهورية القوية» سيشارك في جلسة الثقة عندما يتحدّد موعدها، لأنّه يعتبر أنّ هذه الجلسة تختلف عن جلسة الموازنة التي كان مشكوكاً في دستوريتها، كذلك تختلف عن جلسة اقرار قانون العفو. فجلسة الثقة هي جزء من مسار متكامل بدأ باستشارات التكليف في القصر الجمهوري واستُكمل في استشارات التأليف في مجلس النواب، وسيتوّج في جلسة الثقة في البرلمان، وبالتالي هذا مسار طبيعي وبديهي ودستوري وبالتالي، فإنّ تكتل «الجمهورية القوية» حريص على مبدأ الجمهورية وعلى الجانب الدستوري والمؤسساتي وحريص على المسارات الدستورية، وبالتالي إنطلاقاً من كل هذه العوامل، يعتبر أنّ مشاركته هي بديهية وطبيعية في جلسة من هذا النوع لا تشوبها اي شائبة، بل تأتي تتويجاً لمسار بدأ في التكليف وينتهي في الثقة».

 

وأضافت المصادر نفسها: «اما لجهة موقف تكتل «الجمهورية القوية»، فهذا التكتل سيحدّد موقفه النهائي من موضوع منح الثقة او حجبها عندما يصدر البيان الوزاري في صيغته النهائية، وعندما يُحدّد موعد جلسة الثقة سيلتئم التكتل من اجل اعلان موقفه النهائي. اما اليوم، وفي موقف اولي، يعتبر التكتل أنّه يميل الى عدم منح الثقة لسببين اساسيين:

 

السبب الاول هو انّ الطريقة التي تشكّلت فيها الحكومة مخالفة لما نادت به الناس المنتفضة منذ 17 تشرين، أي حكومة اختصاصيين مستقلّين. كما انّ تشكيلها خالف وجهة نظر «القوات اللبنانية» التي اعلنتها منذ 2 ايلول الماضي لجهة تأليف حكومة اختصاصيين مستقلين، وبالتالي تعتبر «القوات» انّ هذه الحكومة شابها خطيئة اصلية لجهة طريقة تكوينها، التي لا تساعد في إخراج لبنان من الازمة المالية، في اعتبار انّ الادارة السياسية هي نفسها لا تريد اخراج لبنان من الازمة.

 

اما السبب الثاني الذي جعل «القوات» تميل الى عدم منح الثقة، فهو متصل بطريقة مقاربة موازنة 2020 سواء لجهة مشاركتها في الجلسة أم لجهة تبنيها الموازنة الصادقة. فكيف لحكومة تقول انّها اصلاحية وتغييرية وتريد اخراج لبنان من ازمته، ان تتبنّى موازنة قديمة أولاً ولحكومة غيرها ثانياً، وتشوبها شوائب كثيرة إن اصلاحية أو لجهة أرقامها المالية، حيث انّ الازمة المالية تدهورت وانزلقت بمقدار كبير وكارثي ما بين الموازنة السابقة عندما أُقرّت، وبين الوضع الحالي اليوم.

 

وبالتالي هذه الطريقة في التعاطي بتبني الموازنة اثارت تساؤلات كبرى لدى تكتل «الجمهورية القوية» الذي، انطلاقاً من هذه الممارسة، وضع حولها علامات استفهام كبرى ويتجّه الى عدم منح الثقة.

 

وفي مطلق الحالات يعتبر التكتل انّ القرار النهائي يتصل بالبيان الوزاري، وفي ضوئه يبني موقفه النهائي خصوصاً انّه يعتبر صراحة أنّ هناك وجوهاً جديدة في الحكومة، ولذلك هو ينتظر، على رغم طريقة تشكيل الحكومة وتبنّي الموازنة. وعند تحديد موعد جلسة الثقة سيلتئم لإعلان موقفه النهائي».

 

غموض الوضع المالي

 

على الصعيدين المالي والاقتصادي والتماهي مع إنجاز مسودة البيان الوزاري، والذي يتضمّن في القسم الأكبر منه، مشاريع لها علاقة بعملية الانقاذ المالي، يبرز سؤال أساسي يتعلق بالنتائج التي خرجت بها الاجتماعات التي ترأسها رئيس الحكومة في السراي، في حضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس واعضاء جمعية المصارف اللبنانية: هل نجحت الحكومة في تكوين فكرة واضحة عن حقيقة الوضع المالي الذي تدور حوله علامات استفهام، والذي يبدو غامضاً رغم كل التصريحات المطمئنة التي يطلقها المسؤولون؟

 

وما يزيد مستوى القلق، رغم هذا الكم من التطمينات المحلية الصادرة حديثاً، هو الكلام المنسوب الى مُساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شنكر، خلال زيارته الى اسرائيل، حيث أعلن من هناك «إنّ الاقتصاد اللبناني في وضع أسوأ مما يظن البعض، حيث نعتقد أنّ الاحتياطات الأجنبية (العملات) أقل بكثير مما تمّ الإبلاغ عنه علناً».

 

وهذا الكلام يعني مبدئياً، واذا تمّ استبعاد فرضية التضليل أو التهويل، انّ الولايات المتحدة تمتلك معلومات دقيقة عن حقيقة الوضع المالي، وهذا ليس مفاجئاً. لكن المفاجأة ان تكون هذه الارقام مختلفة تماماً عن الارقام المُعلنة في لبنان. وبالتالي، فإنّ كلام شنكر في شأن الحجم الحقيقي لاحتياطي العملات الأجنبية، يعيد الى الواجهة مسألة حتمية إطلاع الحكومة على الوضع بدقّة، لكي تأتي قراراتها متماهية مع الارقام الفعلية. 

 

الحراك

 

من جهة ثانية، وعلى عكس الآحاد السابقة، غاب مشهد «الإقتتال» بين المتظاهرين والقوى الأمنية، فنظمت مجموعات من الحراك، احتفالاً في ساحة الشهداء تحت عنوان «يوم الإبداع اللبناني»، شارك فيه أكثر من مئة فنان وفنانة في مجالات الرسم والنحت والغرافيتي والموزاييك، نفذوا أعمالا تحاكي الحراك منذ 17 تشرين الأول الماضي.

 

وتضمنت فعاليات «يوم الإبداع»، حلقات رقص ودبكة ومعزوفات من الفولكلور اللبناني، وسط مشاركة لافتة من المواطنين. وقدمت فرقة كورال الفيحاء العالمي، عرضا فنيا بدأته بالنشيد الوطني على طريقة Acapella. أطلق بعده «نشيد الثورة».

 

الجمهورية