الرئيسية / مقالات / أمّنا تصرخ وتستغيث .. فهل نستجيب؟ .. بقلم الدكتورة ليلى شمس الدين

أمّنا تصرخ وتستغيث .. فهل نستجيب؟ .. بقلم الدكتورة ليلى شمس الدين

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت د. ليلى شمس الدين

وكأن لم يكفنا ما يُصيبنا في ظل هذه الأزمات التي تعصف بنا وتواجهنا في وطن مثقل بالهموم والمآسي، لتأتي تبعات جائحة كورونا فتزيد من ثِقَل أعبائِنا، وتكشف هشاشة تصرّفاتنا وقراراتنا ..
وكأن لم يكفنا ما يُصيبنا لتخرُج أمّنا الأرض صارخة في وجوهنا، وبطريقتها الخاصّة علّنا نستفيق من سبات يلُف أيامنا. طريقةٍ لا يُمكننا تجاهلها أو التغاضي عنها، طريقةٍ قد تبدو غريبة، فقد أرسلت رسائل تهديدها مع أسراب ومجموعات كبيرة من الحشرات والصراصير والبرغش .. فاعتقدنا أنّها تجتاح أرضنا وتستبيح سماءنا.
أجل أيها الأحبة، لا تضحكوا، ولا تستخفوا أو تستهزئوا بما يحصل. نحن نُعاقب من أمنا الأرض، لأنّنا كنّا أولاداً عاقّين بحقها، فلم نصغ الى تعليماتها وإرشاداتها، حفظتنا ولكنّنا لم نحفظها، دُسنا بأقدامنا وبعُنجُهيتنا على قدسيتها، ورمينا عُرضَ الحائط بتوصياتها، وبادلنا محبتها بجَحدنا واغتصابنا لحقوقها.
سألت نفسي، لماذا تهدّدنا أمّنا بهذه الطريقة؟ فالأم تغفر دوماً لأبنائها.. لماذا تخاطبنا بالنيابة؟ وهي التي يمكنها محادثتنا جهاراً. لا شك أن هناك سبباً وجيهاً استدعى قلقها، ولكنّ لماذا اختارت هذه الوسيلة دون غيرها؟
الوسيلة التي اختارتها تحمل رسالة منبّهة، لكنّها وبعد تفكير وجيز، وجدتُها جليّة وواضحة ولا تخفي أسراراً .. فمنذ تفشي هذا الوباء عالمياً، ونحن نفرط في استخدام العديد من الوسائل التي نعتبرها وسائل وقاية وحماية، وبعضها يصنّفها وَفق الأبحاث والدراسات العلمية البيئية والصحّية قنابل موقوتة قد تفتك بنا في أي لحظة.
يبدو أنّ هذه اللحظة اقتربت، فالإلزام بوضع الكمامات واستخدام القفازات، على سبيل المثال وليس الحصر، تحت عنوان الحماية والوقاية من فيروس لا يرحم، مع عدم التقيّد بإلزامية وخصوصية فرزها والتخلّص منها باعتبارها جزءًا من النُفايات الطبّية التي تصل ارتدادات خطورتها إلى التأثيرات التي لا تُحمد عُقباها إذا لم تُدَر بشكل صحيح. واستخدام الكلورين لتعقيم الأمكنة العامّة، وغيرها من الإجراءات المتّخذة ترك وسيترك تبعاته السلبية على البيئة وبالتالي على صحتنا وسلامتنا.
الأمر يجب أن يخضع إذاً لتقويم الآثار المتأتية من المخاطر التي نصنعها بأيدينا … مهلاً يا أمّنا، أعتقد أنّنا قد فهمنا الرسالة. ولكن نستميحك العذر! أخشى أن لا تتمكّن رسائلك الهادفة من إعادتنا إلى صوابنا ورشدنا .. وأخشى أن لا يُحسن المعنيون قراءة الرسالة جيّداً ..

دكتورة ليلى شمس الدين باحثة في الأنثروبولوجيا والإعلام.