الرئيسية / سياسة / فضل الله: نحذر من إخراج التحرك غدا عن طابعه السلمي

فضل الله: نحذر من إخراج التحرك غدا عن طابعه السلمي

مجلة وفاء wafaamagazine

ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية: “عباد الله أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصانا به الله عندما قال: {يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور}. هي دعوة من الله لعباده إذا كانوا يخشون من شيء، فلتكن خشيتهم من ذلك اليوم الذي لا بد أنه آت والذي ينشغل فيه كل بنفسه ولا يغني فيه أحد عن أحد حتى الأب لا يغني عن أولاده ولا تغني الأم عن أولادها ولا الأولاد عن آبائهم وأمهاتهم، ما يغني في ذلك اليوم هو تقوى الله وطاعته، من عاش هذه التقوى في حياته ولم تخدعه الدنيا بشهواتها ولذاتها ولا الشيطان بوعوده وأمانيه المعسولة ولا أحد عن نفسه”.

أضاف: “إننا أحوج ما نكون إلى الأخذ بهذه الوصية حتى نقي أنفسنا مما توعدنا الله به في ذلك اليوم ونكون أكثر وعيا ومسؤولية في هذه الحياة وأكثر قدرة على مواجهة التحديات. والبداية من فيروس كورونا الذي لم تتوقف أعداد المصابين به من الوافدين من الخارج أو المقيمين عن الازدياد، ما يستدعي التذكير مجددا بضرورة التقيد التام بالإجراءات المطلوبة واعتبار ذلك واجبا دينيا وإنسانيا. وهنا ندعو الدولة التي قررت الاستمرار باستقبال اللبنانيين المتواجدين في الخارج والبدء بفتح المؤسسات العامة والخاصة لتسيير العجلة الاقتصادية إلى التشدد بتطبيق الإجراءات المتخذة بحق الوافدين والمقيمين وعدم التهاون فيها”.

تابع: “وهنا لا بد من أن ننوه بما لمسناه لدى المصلين في هذا المسجد والمساجد الأخرى من التزام إجراءات الوقاية، لتكون هذه العودة كما نريدها آمنة ولا تنعكس سلبا على سلامة المصلين وعائلاتهم. وإلى جانب العمل لمواجهة الوباء وكل تداعياته وآثاره، تبدو الحاجة ماسة إلى معالجة جادة للوضع المعيشي وعدم الاكتفاء بالمسكنات، حيث لا تزال أسعار السلع الضرورية والدولار وآخرها أسعار الخبز والمازوت تزداد ارتفاعا وكذلك نسب البطالة ومعدلات الفقر، التي تركت آثارها على لقمة عيش المواطنين وأمنهم الاجتماعي وتلبية أبسط احتياجاتهم. ومن هنا، فإننا نعيد دعوة أجهزة الدولة إلى العمل بكل جدية ومسؤولية لدراسة كل السبل الكفيلة بمعالجة هذا الواقع الصعب لتجنب آثاره الخطيرة، ولمعالجة مختلفة تتعلق بدعم فعلي يحرك عجلة الزراعة والصناعة والحرف والمؤسسات والشركات التي تضررت، واستثمار كل الموارد المتاحة والتي تساهم في تأمين سبل عيش كريم للمواطنين”.

وقال: “من هنا، فإننا في الوقت الذي لا نزال ندعو كل القوى الموالية والمعارضة إلى تسهيل عمل الحكومة للقيام بالمهمة التي جاءت لأجلها، ندعو الحكومة إلى تفعيل دورها والثبات على أهدافها المعلنة والاستمرار بالنهج الإصلاحي، وعدم الوقوع في مهاوي المحاصصات في الملفات المطروحة التي أودت بصدقية الحكومات السابقة وأوصلت البلد إلى ما وصل إليه. وأن عليها أن تعي أن ما يمنحها الشرعية والقوة والقدرة على الاستمرار هو مكافحتها الفساد والقيام بالإصلاحات الجدية وتقديم معالجة جادة للوضع الاقتصادي، فضلا عن دعم كل القوى السياسية والشعبية المخلصة التي تريد خروج لبنان من هذا النفق المظلم إلى حال من التعافي والاستقرار”.

أضاف: “في هذا الوقت يترقب اللبنانيون مآل المسيرة التي أعلنتها مجموعات الحراك الشعبي في السادس من هذا الشهر، تحت عنوان مواجهة الواقع الاقتصادي القائم. ونحن في هذا المجال، في الوقت الذي نقف مع كل صوت يرتفع للضغط على الحكومة وعلى كل القوى السياسية لاستنفار جهودها لمواجهة هذا الواقع الاقتصادي الصعب والمضي في المسار الإصلاحي، إلا أننا نحذر من إخراج هذا التحرك عن طابعه السلمي ومطالبه المحقة وإدخاله في إطار الصراع السياسي الداخلي، أو توظيفه في سياق الضغوط الخارجية التي تمارس على البلد للنيل من سيادته وحريته”.

وتابع: “في هذه الأيام نستذكر ذكرى النكسة في العام 1967، فإن أهم عبرة نأخذها هو التنبه إلى غدر هذا العدو فهو عدو غادر، ينتظر الفرصة السانحة لتحقيق مشاريعه في المنطقة، ومواصلة اعتداءاته كما فعل بالأمس في استهداف جديد لسوريا من سماء لبنان، ولذلك لا بد من التصدي لهذا العدو من خلال المقاومة والوحدة حتى نسقط أطماعه ومخططاته”.

وختم: “أخيرا نستعيد في هذه الأيام ذكرى رحيل الإمام الخميني، الفقيه المجدد الذي أعاد للإسلام حيويته وتألقه وروحانيته، وقدم تجربة إسلامية رائدة في تبنيها لهموم المستضعفين وقضاياهم، وخصوصا قضية فلسطين، وأولى الاهتمام الأكبر للوحدة الإسلامية ولكل قضايا الحرية في العالم. إننا وامام هذه المناسبة نشعر بثقل المسؤولية الملقاة على عاتق كل الذين يحملون الهم الإسلامي بأن يحفظوا هذه القيم ليكون للإسلام حضوره في الساحة الحضارية والفكرية أمام كل التحديات التي يتعرض لها العالم”.