مجلة وفاء wafaamagazine
أعدّت طهران جملة خيارات لمساعدة حليفها السوري، لتحدّي عقوبات «قيصر» الأميركية، لن تقتصر على بعض السفن. الدور الإيراني على هذه الجبهة سيتّضح أكثر في الأيام المقبلة. وطهران التي تختبر العقوبات الشاملة في الأساس، بحملة «الضغوط القصوى»، لن تتجاهل «قيصر» فقط، بل ستدفع باتجاه تحدّي الحملة الأميركية وانتهاز الفرصة لزيادة التعاون بين قطبَي محور المقاومة
لن تكون فنزويلا، وراء المحيطات، أقرب إلى إيران من حلفائها الإقليميين، على رأسهم سوريا. مع كاراكاس، قرّرت طهران المضيّ في تعاون اقتصادي، عملي، لا فقط كمحفّز رمزي لتحدّي سطوة العقوبات، السلاح الذي تفرط إدارة دونالد ترامب في استخدامه منذ مجيئها. تعاون بدأ بشحنات الوقود التي ستتواصل بصورة روتينية، ولن ينتهي بما هو أكبر كترميم محطات التكرير. يؤكّد الاختبار الفنزويلي أن ثمّة «بدائل» يمكن أن تصيغ العلاقات بين الدول، بعيداً من الهيمنة الاقتصادية والسياسية. لا يتعلّق الأمر بامتلاك القيادة الإيرانية للإرادة الصلبة لتحدّي الأميركيين فحسب، إذ إن سياسة الحرب الاقتصادية تضع طهران منذ أمد على رأس مهدافها، ما يعني أن لا شيء لدى طهران لتخسره. يذكّر دبلوماسي إيراني، في حديث إلى «الأخبار»، بأن بلاده تعيش تجربة الحصار فعلياً منذ 40 عاماً. واليوم، ولا سيما منذ الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، عادت العقوبات لتطاول كل كبيرة وصغيرة في بنية إيران الاقتصادية.
بمعنى آخر، تقول المصادر، إن كل حركة إيران في سوريا، من الطيران الذي يهبط في دمشق، إلى باقي الشركات والكيانات، فضلاً عن الوجود العسكري، يخضع أساساً للعقوبات. يفيد هذا الكلام بأن طهران ستصبح، تلقائياً، البلد الوحيد الذي لن تؤثّر فيه العقوبات الأميركية. على العكس من ذلك، سيفتح قانون «قيصر» فرصاً أكبر وأفضلية للتعاون بين سوريا وإيران، وربما يزيل بعض العوائق، كون الإيرانيين لا يملكون أي حساسية أو حسابات تؤثّر في قرار عملهم في سوريا ومعها، على عكس دول أخرى. الموقف الإيراني من المشهد الجديد، يكاد يشابه الموقف السياسي والميداني عشية الحرب السورية في 2011، وهو المعاكس تماماً للأهداف المعلنة من وراء «قيصر»: إنهاء الوجود الإيراني في سوريا. تعامل إيران مع الملف سيشكّل حلقة من حلقات المواجهة التي سيضطلع بأدوار فيها باقي الحلفاء، كروسيا، بما يصب في هدف أن لا يسمح بضياع ثمن الصمود والإنجاز العسكري طوال العقد الماضي، بسلاح الحرب الاقتصادية. وبحسب المعطيات، فإن طهران أعدّت سلسلة من الخيارات، بالتنسيق مع دمشق، سيعلن عن بعضها في الأيام المقبلة، لن يكون لها سقف سوى ما تقتضيه آليات الالتفاف على العقوبات، وهي آليات تتقنها التجربة الإيرانية الطويلة.
في إطار الموقف الإيراني، جدّدت طهران أمس تنديدها بالجولة الجديدة من العقوبات الأميركية على سوريا، في إطار قانون «قيصر» الذي أعلنت واشنطن عن الحزمة الأولى منه أوّل من أمس، كاشفة أنها ستواجه من قبلها بتعزيز الروابط التجارية مع دمشق. ووصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، العقوبات الجديدة بأنها «إرهاب اقتصادي ولن تؤدي سوى إلى زيادة معاناة الشعب السوري». وشدّد على أن إيران «لا تحترم مثل هذه العقوبات القاسية الأحادية والعدائية»، وأضاف: «في الوقت الذي يواجه فيه العالم جائحة فيروس كورونا، لن يؤدي فرض مثل هذه العقوبات غير الإنسانية إلا إلى تعميق معاناة الشعب السوري». وأكد مواصلة طهران دعم دمشق: «نحن على عهدنا السابق، سنواصل التعاون الاقتصادي مع الشعب المقاوم والحكومة في سوريا، على الرغم من هذه العقوبات».
في غضون ذلك، تلقّى رئيس مجلس الوزراء السوري حسين عرنوس، اتصالاً هاتفياً من نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري، قدّم خلاله الأخير التهنئة لعرنوس بتسلّمه مهماته الجديدة رئيساً لمجلس الوزراء. وأكد جهانغيري ثقته في «استمرار العمل لترسيخ العلاقات المتميزة وتمتينها بين سوريا وإيران، ولا سيما الاقتصادية، في مواجهة الإجراءات والعقوبات الغربية الظالمة». وقال جهانغيري إن «اغتيال القائد قاسم سليماني لم يحدث أي تغيير في دعم إيران لجبهة المقاومة»، مشدداً على أن «إيران لن تدّخر جهداً لتقليص الضغوط على سوريا… وشعبها سيشهد قوة واستقراراً».