الرئيسية / محليات / الجامعة اللبنانية… نموذج لسوريالية القطاع العام

الجامعة اللبنانية… نموذج لسوريالية القطاع العام

مجلة وفاء wafaamagazine

– “انت هنا في مكتبي… مش عاجبَك طلاع لبَرّا…” – “أنا ما بيشرّفني إجتمع معك…”

على أثر هذا التبادل، صباح يوم الجمعة، خرج رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور فؤاد أيوب غاضباً من مكتب وزير التربية الدكتور محمد المجذوب، وخرج مع الرئيس ثلاثة من عمداء الجامعة اللبنانية، بينما استمر العمداء الآخرون على طاولة الوزير ليكملوا الاجتماع الذي كانوا قد بدأوه معه.

غير أنّ هذا المشهد اكتمل بعد الظهر، حين ظهر وزير التربية الى جانب رئيس الجامعة من منبر رئاسة الحكومة في السرايا، للادلاء بتصريح يؤكد فيه كل واحد منهما انه يسعى الى خير الجامعة، في محاولة لقطع الطريق على ذيول المشهد الاول.

فرئيس الجامعة محسوب على جهة سياسية، ووزير التربية محسوب مباشرة على رئيس الحكومة، لذلك كان لا بدّ من تصحيح الصورة التي راحت تتناقلها المواقع الاخبارية عن المواجهة التي حصلت في مكتب الوزير.

يعبّر العمداء الذين كانوا في الاجتماع عن دهشتهم للحدّة التي تميّز بها حوار الوزير ورئيس الجامعة، وغير المألوف في اجتماعات رسمية. ويشيرون الى أنّ التوتّر بين الشخصين كان بادياً منذ فترة، وسبق لرئيس الجامعة ان لمّح الى «عدم تعاون» الوزير في ملفات الجامعة، لا بل الى اتهامه أنه يتعمّد توقيف هذه الملفات.

تجدر الاشارة الى أنّ الجامعة تحتاج اليوم الى موافقة الوزير في تسيير شؤونها اليومية كافة، بسبب غياب مجلس الجامعة. فالرئيس أيوب، الذي اصطدم العام الماضي برفض مجلس الجامعة إنشاء عدد من المجالس التي كان ينوي السير بها، بسبب سعيه الى ربطها به مباشرة بدلاً من مجلس الجامعة، عمد الى استصدار مطالعة قانونية تعتبر مجلس الجامعة محلولاً، وبالتالي لم يعد هناك من اجتماعات لهذا المجلس، فيما ينصّ قانون الجامعة على أن «يدير الجامعة رئيس ومجلس»، وبالتالي غاب العمداء عن آليّات القرار.

كما ينصّ القانون على أنه في حال غياب مجلس الجامعة تصبح قرارات المجلس في يد رئيس الجامعة ووزير الوصاية، أي وزير التربية. لذلك كانت الاجتماعات الاخيرة بين الرئيس ووزير التربية، وبات توقيع الوزير ضرورياً في كل ما يتعلق بشؤون الجامعة.

وعلمت «الجمهورية» أنّ الملف الذي تسبّب في الانفجار بين الرجلين هو ملف تفريغ أساتذة جدد. فرئيس الجامعة، بحسب أوساط الوزارة، «يسعى من دون كلل منذ وصوله الى مركزه الى تمرير ملف تفريغ أساتذة جدد في الجامعة. وقد سبق له أن أعدّ ملفاً قبل سنتين، عرضه على مجلس الجامعة بحسب الاصول القانونية، غير أنّ مجلس الجامعة رفضه بسبب الشوائب فيه، وبسبب عدم توازنه».

وقد عمد مرة أخرى الى إعداد ملف جديد للتفرّغ يضمّ أكثر من 700 اسم، لم يعرض على مجلس الجامعة، ولم يطّلع العمداء على كامل الملف، إذ اعتبر الرئيس أنّ على كل عميد أن يرفع ملف كليته. ويشكو هذا الملف من انعدام توازن كبير على صعيد التوازن الوطني إذ يزيد فيه عدد أسماء احد المذاهب عن 50 بالمئة، وهو لا يحظى برضى غالبية العمداء كما سبق أن تحفّظت عليه قيادات من طوائف أخرى، بحسب الاوساط ذاتها.

إتّهم الوزير بأنه يُفرمل مشاريع الجامعة

يبدو أنّ «الكيمياء» مفقودة بين الشخصين، لا بل يشير البعض الى انّ رئيس الجامعة يتعاطى مع الوزير على أنه من مرؤوسيه، لأنّ الوزير هو استاذ في كلية الحقوق. كما أنّ أيوب يضغط بكل الوسائل من أجل تمرير ملف التفرّغ إذ انه يريد «إنجازاً» يُكلّل به عهده الذي ينتهي بعد عام، فيما تبدو كلفة هذا الملف باهظة بالنسبة الى وزير التربية، فهو ملف مرفوض من طائفته التي تعتبر نفسها مغبونة فيه، كما أنّ كلفته المالية باهظة الثمن في زمن التقشف ووقف التوظيف، فضلاً عن أنه لم يحظ بموافقة مجلس الجامعة كما ينص القانون، وهناك العديد من الشوائب يعدّدها الوزير باستفاضة.

المشهد على منبر السرايا للوزير والرئيس وهما يُدليان بتصريحيهما، يدلّ على تدخل مرجعيتيهما لوقف السجال، في وقت لا تبدو الجامعة من الأولويات في حسابات الحكومة. فموازنة الجامعة الحالية لا تسمح لها بتأمين حاجاتها الرئيسية، وقد انسحب معظم الشركات من عقود تزويد الكليات بالمستلزمات، كالورق وغيره، مع انهيار سعر صرف الليرة. كما أنّ مجلس الجامعة غائب بعد المطالعة بحلّه، ومجلس العمداء باتت غالبيته بالتكليف إذ مَضت سنتان على نهاية مدة العمداء الحاليين من دون أن يتم تكليف بدلاء منهم.

تبدو بداية الحل للجامعة بإعادة تكوين مجلسها طبقاً للقانون، وتعيين عمداء جدداً لمواكبة العام الجامعي القادم، على أن توكل لهذا المجلس مواكبة كامل ملفات الجامعة المطروحة كتفريغ أساتذة جدد، وإدخال المستحقين الى الملاك العام، ووضع خطة تطوير الجامعة التي تبدو في الظروف الحالية حاجة ضرورية لغالبية الشعب اللبناني، مع التوقعات بأنّ الكثير من طلاب الجامعات الخاصة سيعودون الى الجامعة الوطنية بسبب الوضع الاقتصادي المتعثّر.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الجمهورية

عن H.A