مجلة وفاء wafaamagazine
أصدر بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق والاسكندرية وأورشليم للروم الكاثوليك سابقا غريغوريوس الثالث لحام بيانا، قال فيه: “الكنيسة لأجل السلام في المنطقة، موقف الكنيسة من القضية الفلسطينية والسلام في المنطقة العربية”.
أضاف: “وباء الكورونا واحد من الأوبئة التي تهدِّد عالمنا عموما، ومشرقنا وبلادنا بنوع خاص. هكذا تجتاح بلادنا أوبئة، منها: الصراع الاسرائيلي الفلسطيني العربي. وباء الداعشية. وباء التطرف. وباء العنف. وباء السباق إلى التسلح من قبل الدول والأحزاب. وباء سعر الدولار المتصاعد. وباء الجوع. وباء الخوف. وباء الهجرة. وباء الاجرام. وباء السرقات. وباء صفقة القرن. وباء قانون “قيصر”. وباء انقسامات الصف العربي. وباء التطبيع مع اسرائيل بدون الاهتمام بالقضية الفلسطينية”.
وتابع: “أمام هذه الأوبئة، نسمع صوت الكنيسة، تدعو إلى الدواء الأكثر نجاعة أمام هذه الأوبئة، ولا سيما الصراع الاسرائيلي-العربي-الفلسطيني الذي يعنف المنطقة وهو سبب الحروب والصراعات في المنطقة منذ العام 1947. هذا الدواء هو السلام الذي نجد له تحديدا بأنه مجموعة الخيرات التي تسهم في بناء حضارة إنسانية حقيقية. ويقول النبي أشعيا: “يا الله أعطنا السلام فقد أعطيتنا كل شيء” (أشعيا 26). وأقول بأعلى صوتي: إنني أفخر بأن أكون عضوا في كنيسة أعتبرها الداعية الكبرى إلى السلام، والمدافعة الدائمة والثابتة عن القضية الفلسطينية، وعن الشعب الفلسطيني وحقوقه وقيام دولته إلى جانب الدولة الاسرائيلية، على أساس القرارات الدولية”.
وأضاف: “هذا هو موقف الكنيسة عموما، ولا سيما كنيسة ودولة الفاتيكان. وقد عبَّر عن هذا الموقف نيافة الكاردينال بارولين، أمين سر دولة الفاتيكان. وهذا ما أعلنه المكتب الإعلامي للفاتيكان يوم الاربعاء الأول من تموز 2020، وجاء في هذا الإعلان ما يلي:
“إلتقى نيافة الكاردينال بارولين سفير الولايات المتحدة الأميركية وسفير دولة إسرائيل لدى الفاتيكان. وأعرب الكاردينال عن اعتراضه على أي أعمال أحادية، من شأنها أن تزيد العقبات أمام مساعي تحقيق السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين، ويعقد الوضع الدقيق في الشرق الأوسط.
وأضاف: “كما أعلنا بتاريخ 19 تشرين الثاني 2019 ويوم 20 أيار 2020، أن الكرسي الرسولي يجدِّد تأكيده أن دولة إسرائيل ودولة فلسطين، لهما الحق في الوجود، والحق بالعيش بسلام وأمان، ضمن حدود معترف بها دوليا وعالميا. وكذلك يدعو الفريقين لعمل كل ما يمكن عمله لأجل إعادة متابعة عملية السلام، من خلال محادثات مباشرة على أساس قرارات الأمم المتحدة، لأجل إعادة الثقة المتبادلة، لكي من تكون لديهم الشجاعة، أن يقولوا نعم للقاء بدل النزاع. نعم للمفاوضات بدل العداوات. نعم لاحترام الاتفاقيات بدل أعمال الاستفزاز. نعم للصدق والاخلاص بدل الرياء والنفاق. (من كلمات البابا فرنسيس ودعوته للسلام في الارض المقدسة 8 حزيران 2014).
وتابع: “هذا وقد كان موقف الفاتيكان والبابا فرنسيس واضحا وحازما وقاسيا تجاه العمل الآحادي من قبل اسرائيل والرئيس ترامب، بالنسبة لضم الجولان إلى إسرائيل، وبالنسبة لاعلان القدس عاصمة إسرائيل، وبالنسبة لصفقة القرن، وبالنسبة لضم أراضي الأغوار إلى إسرائيل. لقد رفض الفاتيكان كل هذه التجاوزات والأعمال الآحادية الجانب، بطريقة أوضح من كل مواقف الدول العربية ودول الاتحاد الأوروبي والعالم”.
ورأى إنه “حقا لموقف مشرف ونبيل. ولا يمكننا أن نغفل ذكر مواقف المسيحيين، لا سيما في أوروبا، والمؤسسات الخيرية تجاه آلام ومعاناة العراق وسوريا، وقد جمعت المؤسسات الملايين والبلايين لأجل مد يد المساعدة للجميع من دون استثناء”.
وقال: “كل ذلك دحض واضح وقاطع للتجني والتهم ضد كنائس الغرب وتواطئها المزعوم تجاه بلادنا المشرقية في مآسيها وويلاتها. إن موقف الكنيسة الكاثوليكية في الفاتيكان، وموقف الكنيسة عموما وجميع الكنائس شرقا وغربا حول القضية الفلسطينية، هو دحض لبرامج تلفزيونية ومقابلات، فيها طعن بموقف الكنيسة، أو صمتها أو تواطئها، بالنسبة للقضية الفلسطينية وللحرب على سوريا وعلى العراق وفي المنطقة”.
وأكد أن “صوت الكنيسة والفاتيكان بالذات بالنسبة للقضية الفلسطينية والسعي لأجل تحقيق السلام في المنطقة، هو الصوت الذي نحتاج أن نسمعه اليوم ونشكر الكنائس على مواقفها الواضحة. إن موقف الكنيسة دعوة الى السلام بدل: التطبيع والعداء والصواريخ والتسلح والكراهية والحقد والبغضاء. هذا ما عبرت عنه شخصيا، لا سيما أثناء خدمتي في القدس كنائب بطريركي (بين الأعوام 1974-2000)، حيث شاركت لا بل قدت المظاهرات، والزيارات للمخيمات ولعائلات الشهداء وللمؤتمرات المحلية والعالمية، لأجل القضية الفلسطينية ولاجل السلام، معبرا عن موقف الكنيسة في الأرض المقدسة”.
وتابع: “وأضيف كلمة حول مواقف كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك. أخص بالذكر هنا المطران غريغوريوس حجار مطران الجليل، والمطران جاورجيوس حكيم مطران الجليل (لاحقا البطريرك مكسيموس الخامس حكيم)، والمطران جبرائيل أبو سعدى (نائب بطريركي في القدس 1948 – 1956 على مدى 27 سنة) والمطران ايلاريون كبوجي (1965 -1974 حيث اعتقل وسجن…)، والمطران لطفي لحام (1974 -2000 على مدى 26 سنة). أعد كتابا بعنوان “مقدسيات” وفيه خطابات وكلمات ومواقف كثيرة حول قضية السلام وموقف الكنيسة حول القضية الفلسطينية”.
وختم: “ونقول في الختام لكل ابناء هذه الديار المقدسة، من كل قومية ودين واتجاه سياسي وقومي، رافعين صوتنا بالصلاة لأجل كل شهيد وقتيل، وجريح وسجين ومعتقل ومقعد ومتألم، ولأجل العدل والسلام والمصالحة، قائلين: لماذا الحرب يا إخوان؟ لماذا العنف؟ لماذا الكراهية؟ لماذا البندقية؟ لماذا الحجر؟ فلنرم بكل هذه جانبا، ولنجمع حجارة الوطن، وتراب الوطن، وطاقات الوطن، طاقات هذه الارض المقدسة، بقداسة كتبها وانبيائها وأوليائها، ولنبن بها كلها وكلنا، حضارة المحبة والسلام في أرض المحبة والسلام”.