مجلة وفاء wafaamagazine
تلاحقت الاحداث السياسية أمس بين القصر الجمهوري، حيث انعقد مجلس الوزراء، وبين الديمان حيث تواصلت دعوات البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى حياد لبنان، التي تلقّفتها قوى سياسية داعية الى حوار وطني على أساسها، وبين المقار الرسمية والسياسية التي تفاعلت بعد اللقاءات التي شهدتها مع التطورات الجارية في ضوء تفاقم الازمة السياسية والمالية والاقتصادية التي تعيشها البلاد، في الوقت الذي تأجّل موعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان التي كانت منتظرة غداً الى مطلع الاسبوع المقبل.
على وقع استفحال الأزمة بكلّ مستوياتها السياسية والمالية والإقتصادية والمعيشية، يُطلق اليوم عدد من الناشطين وقادة الرأي «الجبهة المدنية الوطنية» التي ستشكل إطاراً تنسيقياً لعدد من مجموعات انتفاضة 17 تشرين والخبراء والنخَب لتوحيد المساعي والخطوات والخطط والمبادرات، وملاقاة كل جهد لإخراج لبنان من أزماته القائمة.
وأبلغت مصادر الجبهة «الجمهورية» أنّ هذه الخطوة ستشكل «بداية تحرك متكامل الأبعاد وجدّي من خلال نواة صلبة تلاقي الثوابت اللبنانية التاريخية، وتُعدّ انطلاقة راسخة للبنان في مئويته الثانية، على قاعدة تأكيد وحدة أبنائه لبناء دولة ومواطنة تشبه طموحاتهم وابداعاتهم، مع بلورة متماسكة للأمن القومي اللبناني وسبل حمايته».
وجددت المصادر التأكيد على أنّ «الجبهة ليست حزباً سياسياً أو إطاراً تنظيمياً، بل جهد نخبوي تنسيقي يهدف إلى بلورة بدائل علمية وعملية للأزمات الرئيسية التي تواجه البلد، وقوة دفع لكل الذين أعلوا الصوت ضدّ تعسف وفساد السلطة ونظام المحاصصة، وبأنها فوق ذلك إشارة تذكير لقوى الداخل والخارج بأنّ الثورة مستمرة، وبأنّ التغيير ممكن، وأنه بات ضرورة لإخراج لبنان من دوّامة الانهيار»، وذكّرت المصادر بأنّ من أولويات وثوابت الجبهة، التي ستتضمّنها وثيقتها التأسيسية التي ستعلن اليوم، «تشكيل حكومة مستقلة، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، وبناء قضاء مستقل، وتنفيذ إصلاحات بنيويّة وقطاعيّة، والتشبّث بالسيادة اللبنانية والشرعيتين العربية والدولية، وتثبيت مسار الدولة المدنية، وبناء اقتصاد وطني منتج ومستدام».
وشددت المصادر على أنّ «صيغة التعاون والتنسيق التي تطرحها الجبهة بين مكونات الانتفاضة لا تلغي أحداً، بل تحترم البرنامج الخاص بكل مكوّن، بما يؤكد قيمة الوحدة في إطار التنوّع»، لافتة إلى خطوات قريبة من شأنها تعزيز وترجمة التوجهات التي تطرحها.
مبادرة الراعي
ظلت مبادرة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في صدارة الحدث السياسي، فتقاطرت الوفود السياسية إلى الديمان داعمة لها، ولم يقتصر هذا الدعم أمس على «القوات اللبنانية» التي أوفدت باسم رئيسها وفداً كبيراً من كوادرها الحزبية بعد زيارتين متتاليتين لنواب من تكتل «الجمهورية القوية»، إنما زارها رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية مؤيّداً، فيما تَقصّد رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة والنائب نهاد المشنوق ملاقاة مواقف البطريرك من دار الفتوى في رسالة لها رمزيتها الوطنية والسياسية، حيث دعيا، إثر اجتماعهما كلّ على حِدة مع مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، الى «إطلاق حوار وطني جامع يهدف إلى الحفاظ على لبنان وطناً ودولة ورسالة»، وذلك على اساس النقاط الثلاث الرئيسية في مبادرة البطريرك، وهي:
أ – تحرير الشرعية اللبنانية من الحصار.
ب – تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية.
ج – تنفيذ قرارات الشرعية الدولية 1701 – 1757 – 1680 – 1559.
دينامية وطنية
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ «الحركة في اتجاه الراعي إن دَلّت على شيء فعلى دينامية وطنية أوجَدها بمواقفه وإصراره عليها، وهذه المواقف سيحملها معه إلى الفاتيكان معطوفاً عليها التأييد السياسي والشعبي لكلامه الذي لاقى أصداء إيجابية واسعة، ومن المتوقع ان يحافظ على هذه الوتيرة من التشجيع والتأييد مع تفكيره الجدي بترجمة مواقفه مبادرة عملية، وسيُصارح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بصرخته وأسبابها، وفي طليعتها وصول لبنان إلى الحضيض والحاجة المُلحّة إلى مبادرة إنقاذية تبحث في أساسيات الأزمة لا قشورها.
وسيزور الراعي عون بعد ظهر اليوم للبحث معه في المبادرة التي اطلقها لحياد لبنان. وعلمت «الجمهورية» انّ البطريرك سيلتقي في بكركي بعد زيارته رئيس الجمهورية عدداً من المسؤولين الحزبيين من الصف الاول، في اطار المشاورات التي يجريها مع شخصيات لا يمكنها الإنتقال الى الديمان.
«القوات»
وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية»: «انّ البطريرك وضع إصبعه على الجرح، لأنّ الأزمة اللبنانية لم تعد تعالج بالمسكّنات بعد وصول الانهيار إلى مراحل متقدمة وخطيرة جداً، بل تستدعي معالجات في الجوهر والصميم، وهذا ما دفعها إلى تأييد كلامه والتعبير عن هذا التأييد بوفود متواصلة إلى الديمان، خصوصاً انّ مواقفه تندرج في سياق ثوابت الكنيسة التاريخية في السيادة والاستقلال والحرية، والتي يشكّل التوافق حولها المعبر لخلاص لبنان».
ورأت المصادر «انّ ما يقوم به الراعي ليس غريباً على الكنيسة وتاريخها، وتكفي مراجعة دورها في المحطات المفصلية التي أثمرت «لبنان الكبير» مع البطريرك الحويك، و»لبنان الاستقلال» مع البطريرك عريضة، و«لبنان السيادة» بإنهاء الاحتلال السوري مع البطريرك صفير، و»لبنان الحياد» الذي يعمل عليه البطريرك الراعي اليوم إنقاذاً للبنان الرسالة والنموذج».
مجلس الوزراء
في غضون ذلك انعقد مجلس الوزراء في القصر الجمهوري أمس وقرر التريّث في بت استقالة المدير العام لوزارة المال آلان بيفاني، والموافقة المبدئية على الورقة المتعلقة بالنازحين السوريين. وأكد عون في مستهل الجلسة، انّ «كل ما يقال حول الوضع الاقتصادي يجب الّا يُبدّل في قناعتنا والتزامنا العمل لتحقيق خطة الإنقاذ المالي والاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي»، فيما قال رئيس الحكومة حسان دياب: «لدينا أجواء مشجعة من الأشقاء في العراق والكويت وقطر. مفاوضاتنا مع صندوق النقد مستمرة. وأعتقد أنّ هناك تغييراً إيجابياً يحصل على بعض المواقف الخارجية من الحكومة».
وكشف انّ «هناك من يقوم باتصالات مكثفة وجهود مضنية حتى يُقنع الدول العربية التي لديها رغبة بمساعدة لبنان، أن لا تقدّم أي مساعدة». وقال: «ما سمعناه من أشقائنا في الدول العربية عن الاتصالات التي حصلت معهم من بعض السياسيين اللبنانيين، مُخجل فعلاً». وسأل: «هل يعقل أنّ هناك لبنانياً يفكر هكذا؟! هل يعقل أنّ هناك مسؤولاً سياسياً لديه ضمير وطني ويحاول منع مساعدة لبنان بهذه الظروف؟ هل يعقل انّ هناك مسؤولاً حزبياً كل همّه أن يعرقل أيّ مساعدة للبنان؟ هذا شيء معيب، وأقرب إلى الخيانة الوطنية».
من الجلسة
وعلمت «الجمهورية» انه بعد كلمتي رئيسَي الجمهورية والحكومة، سأل دياب وزير المال غازي وزني عن التدقيق المالي، فأبلغه أنه تفاوضَ مع 6 شركات جديدة للـ forensic audit وهناك شركات رفضت وأخرى لا تستوفي الشروط، فيما رفضت أخرى المجيء الى لبنان بسبب وباء كورونا، وبقيت شركتان هما bbo و alvaretz يتم التفاوض معهما حالياً لمعرفة ما اذا كانتا مؤهلتين لإجراء التدقيق المالي.
وسألت وزيرة العدل عن سبب استبعاد «كرول» من شركات التدقيق وما اذا كانت استبعدت نهائياً؟ وطلبت وزيرة الاعلام ان يكون هناك تدقيق يشمل السياسة المالية ككل ومؤسسات اخرى، ومن بينها مؤسسة كهرباء لبنان على وجه الخصوص، كونها سجّلت هدراً بقيمة 47 مليار دولار أي 40 % من الدين العام.
بيفاني
ثم إستُدعي المدير العام لوزارة المال المستقيل ألان بيفاني الى مجلس الوزراء، وسأله دياب عن اسباب استقالته وقال له: «نودّ كمجلس وزراء معرفة سبب استقالتك»، وتوجّه اليه مباشرة وزير الصحة بالكلام سائلاً: «ألا ترى انّ المعطيات لدى السلطة السياسية تغيرت وهناك استعداد من مجلس الوزراء لمواجهة المرتكبين مباشرة؟» فأجاب بيفاني: «قبل ان أجيب عن هذا السؤال، أنا حضّرتُ كلمة وارغب بتلاوتها امام مجلس الوزراء».
وتحدث بيفاني عن مواجهته اشرس معاملة ممّن لا مصلحة لهم بالاصلاح. وتوجّه الى الحكومة متّهماً ايّاها بعدم دعم خطتها وعدم تفسيرها للجمهور على الاطلاق، حتى انه قال للوزراء وجهاً لوجه: عندما اكد صندوق النقد مراراً وتكراراً صحة مقاربتنا وارقامنا لم تقف الحكومة لتقول كفى لمَن يتلاعب بمصير البلد».
وفيما أضاف: لا يمكن ان نتّكِل على دعم الخارج فقط، وحتى الانتصار الذي حققناه ضُرِب عبر تَقهقر موقف الحكومة، إتهم بيفاني البعض بأنه «كان يفاوض من خلفنا على نسف خطة أقرّت بالاجماع».
بيفاني اشار الى انه منذ وضع الخطة واقرارها بالاجماع انهار سعر صرف الليرة وطبعت 14 تريليون ليرة، فيما كان من المفترض لو نفّذت الخطة ان يستقر سعر الصرف على 3500 ليرة للدولار.
وقال: «ما زلنا نمارس سياسة تعدد اسعار الصرف… ويفقد المواطنون فرص العمل بالآلاف، وما زلنا ننتظر الكابيتال كونترول الذي ما زلنا نؤجّله بعدما أحيل الى اللجنة النيابية منذ وقت طويل، وبعد اشهر عديدة تمّ تحويل اموال المحظوظين خلالها فيما حُبِست اموال الناس.
بيفاني سأل امام مجلس الوزراء: لماذا لا يوجد لجان لتقصّي الحقائق في مسائل تصيب اللبنانيين في الصميم كعدم إقرار الكابيتال كونترول، وتحديد رقم الاحتياطي المتبقي والذي ترتبط به لقمة اللبنانيين وصحتهم وحاجاتهم ؟ وهل من تَقصّي حقائق لانهيار الليرة واسبابه الفعلية، او حول بيع اليوروبوندز الى الخارج والذي ما زال مستمراً، او الهيركات الذي ينفّذ على المودعين بكل الاشكال؟
«لا» أجاب بيفاني. «أردنا اضاعة الوقت بالارقام عوض البحث عن سبل الخروج من الازمة. لعبة الارقام تفشل البرنامج مع صندوق النقد فهل من بديل عنه؟ مشيراً الى خوف البعض وتواطؤ البعض الآخر، محذّراً مجدداً من الـlirification التي تحصل الآن.
بيفاني حذّر من تراجع امكانية البرنامج مع صندوق النقد، ومن مشروع لوضع اليد على الاملاك العامة الذي لا يأتي بدولار واحد من الخارج، ومن اقتراح يرجّح ان نشهده بالتصرّف بالذهب وبممارسة الابتزاز على المودعين ليقبلوا ببَيعه مقابل استعادة قسم من اموالهم.
ووجّه عدد كبير من الوزراء، من بينهم الوزراء، عماد حب الله، طارق المجذوب، زينة عكر، منال عبد الصمد، ماري كلود نجم، غادة شريم، رمزي مشرفية ودميانوس قطار أسئلة الى بيفاني، فأجاب عنها وكان دائماً يختم جوابه بالتأكيد انّ قرار استقالته «هو قرار نهائي».
واشتكى بيفاني من انّ الموظفين الذين عملوا في الارقام حُجبت عنهم المكافأة السنوية، وقال: «هذا شيء مستغرب»، مطالباً بوقف الانهيار من خلال برنامج اصلاحي ينفّذ فوراً ويكون هناك توزيع عادل للخسائر يسمح بتَدفّق الدولارات الى لبنان. وسألته عكر عن التدقيق المالي، فاعتبر «انّ هذا القرار هو قرار جريء ومسؤول والذي يخطئ يفترض ان يحاسب». ورفض تسمية اشخاص وتحميلهم المسؤولية قائلاً: «انا لست قاضياً، لكنني احذّر من المنظومة التي عملت سنوات وسنوات لتحقيق مصالحها وتحاول اليوم إظهار قوتها وهي منظومة يصعب كسرها الآن». واضاف: «قرار الاستقالة هو قرار بُني على ساعات من التفكير، ولستُ في وارد اعادة النظر فيه، واقول انّ هناك أموراً يجب ان تحصل لوقف الانهيار فالوقت يمرّ».
وحول الارقام التي أوردها لـ«الفايننشال تايمز»، اكد بيفاني انّ هذه الارقام هي نتيجة عملية حسابية دقيقة استنتج منها ارقام الاموال التي حوّلت الى الخارج.
وحول التفاوض مع صندوق النقد الدولي، قال بيفاني انه سمع من الوفد المفاوض انه لم يجد دعماً من الحكومة، أمّا في مجلس النواب فقالوا أشياء عن الخطة، ولكنّ الحكومة لم يصدر عنها اي كلمة تقول «انّ هذا الكلام خطأ».
تصويت
وبعد مغادرة بيفاني، حصل نقاش داخل الجلسة حول قبول الاستقالة او رفضها، فطلب معظم الوزراء رفض الاستقالة وانقسم الرأي في ما بينهم فمنهم من أشار الى دقة توقيت الاستقالة في خضَمّ المفاوضات والوضع المالي الصعب في لبنان، ومنهم من طلب التريّث، ومنهم من طلب اعتبار المعلومات الدقيقة والمعطيات التي قدّمها بيفاني بمثابة إخبار ومراجعتها قبل اتخاذ القرار، واعتبروا أنّ انسحابه خطير وله تداعيات غير مقبولة كونه عضو أساس في الوفد اللبناني المفاوض. وتفرّدت وزيرة الاعلام بطلب قبول استقالة بيفاني، وقالت: «يجب ان نحترم ارادته بالاستقالة، وانا أشاطره واتفهّم هذا الهمّ الذي حمله على مدى سنوات». فطرحت 3 افكار: إمّا التريث، إما القبول او الرفض. ودرس المجتمعون كل حالة من الحالات بكافة جوانبها، وحصل نقاش طويل حول القانون الخاص بالموظفين الكبار، وخصوصاً الشق المتعلق بموجبات المدير العام لأنه بعد شهرين تعتبر استقالته مقبولة حكماً.
وقبل ان ينتهي النقاش الى قرار، طلب وزير المال الكلام فقال: أنا الوزير المعني واطلب التريّث بهذا القرار. فحصل تصويت على التريث او الرفض، فصوّتَ 11 وزيراً مؤيدين التريّث مقابل 9 رفضوا الاستقالة.
الايدروكربون
تصويت آخر حصل في مجلس الوزراء عند مناقشة بند تلزيم شركة Schlumberger لوضع دراسة تقدير ثروة الايدروكربون المحتملة في البر اللبناني وفي المياه الاقليمية، وحصل جدل طويل خصوصاً حول صلاحيات هيئة قطاع البترول وما إذا كانت تشمل البر والبحر، فأوضح وزير الطاقة أنّ الهيئة تُعنى فقط بالبحر، أمّا البر فهو من اختصاص المديرية العامة للنفط. واعترض الوزير عباس مرتضى على هذا التلزيم، كون هيئة قطاع البترول أبدت رأيها من دون ان تجتمع، واعتبر انّ في الامر مخالفة.
وسُئل غجر لماذا هذه الشركة دون سواها؟ فأوضح انّ هذه الشركة ستقدم دراسة لإجراء المسوحات وليس إجراء المسوحات وهذا هو اختصاصها.
وطرح الوزير عماد حب الله تأجيل البند كَون ديوان المحاسبة رفضه، وقال: «هناك اختلاف حول الاختصاص في المياه الاقليمية والبر ويجب ان يتوضح اكثر، وايضاً علينا اعطاء فرصة لربما كانت هناك عروض من شركات اخرى». فأكد غجر مجدداً «انّ هذه الشركة ستقدم فقط دراسة. ونفى ان تكون شريكة لشركة «توتال» او لها علاقة بالحفر في البلوك 4.
وسُئل غجر عن سبب رفض ديوان المحاسبة لهذا التلزيم؟ فأكد انه ارسل مجموعة اسئلة الى الوزارة لكنها لم تصل في الوقت المحدد، وكانت الوزارة قد تعاقدت مع الشركة، وعند أخذ رأي ديوان المحاسبة اعترض الديوان على عدم وصول اجوبة لهذه الاسئلة التي نفى الوزير ان تكون قد وصلت أصلاً.
وبعد جدل عقيم، طرح رئيس الحكومة التصويت فصوّت 11 وزيراً مع قراره، وهم وزراء «التيار الوطني الحر» إضافة الى الوزيرين رمزي مشرفية وطارق المجذوب، فيما رفض وزراء حركة «امل» و»حزب الله» و»المردة» القرار. وغرّدت وزيرة العدل ماري كلود نجم خارج «التيار» وصوّتت ضد القرار لانحيازها الى رأي الهيئات الرقابية.
«إبريق الزيت»
إلى ذلك علّقت مصادر معارضة للحكومة على كلام دياب في جلسة مجلس الوزراء، فقالت لـ»الجمهورية» انّ «على رئيس الحكومة أن يدرك انّ هجومه المتواصل على مجهول يعطي انطباعاً بأنه معلوم لم يعد يسري على أحد، بل أصبح يشكل إزعاجاً لدى الرأي العام الذي يرى في كلامه عن المؤامرات والمتآمرين محاولة فاشلة لحَرف الأنظار عن فشل الحكومة وإلهاء الناس بقصة «إبريق الزيت»، فهذه النغمة المُملّة لم تعد تنطلي على أحد، خصوصاً انّ مُرَدّدها يتحدث باستمرار عن خيانات وطنية يوحي بأنه يعلم تمام العلم من يقف خلفها، فإمّا ان يسمّي ويقدِّم ما لديه من معلومات إلى القضاء المختص الذي عليه أساساً ان يتحرّك فوراً، وإمّا أن يكفّ عن هذه النغمة الملازمة لمواقفه منذ تكليفه إلى اليوم».
واعتبرت هذه المصادر «أنّ أكثر ما أساء إلى الحكومة هو هذا الأداء الاتهامي غير المسند إلى شيء، فيما كان أمام رئيس الحكومة فرصة منحته إيّاها كل القوى السياسية، ولكنه بَدّدها بالهجمات العشوائية والانجازات القياسية بفرق العمل والمستشارين واللجان من دون ان يقدم على شيء، فلا خطوات عملية تعالج مسببات الأزمة المالية، والأسوأ من ذلك حديثه المتواصل عن إنجازات ورقية، فيما الناس تنتظر خطوات عملية في الكهرباء والمعابر والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي عَرّت السلطة أمام المجتمع الدولي وكشفتها على حقيقتها التي لا تخرج عن سياق التخبُّط والفشل». وقالت انّ «من يراقب المفاوضات مع الصندوق لا يسأل عن حال لبنان ولا عن أسباب المآسي التي حلّت به، لأنّ الانطباع الذي يخرج به هو انّ الدولة تتبع شعار «سيري والرب راعيك»، فلا أرقام موحدة ولا رؤية إصلاحية، ولا برنامجاً مالياً واقتصادياً، ولا خطوات عملية، فكيف كان يمكن تجنُّب الانهيار في ظل هذه الفوضى في كل شيء إلى درجة انّ المؤسسات شكلية وصورية والمصادفة وحدها جَنّبت وتجَنّب السقوط العظيم والكبير».
وأضافت المصادر «أما آن الأوان ليتّعِظ المسؤولون عندنا من المسار الذي أوصَل لبنان وشعبه إلى الهلاك؟ أما آن الأوان ليستدركوا قبل فوات الأوان؟ أما آن الأوان لنهج جديد وممارسة مختلفة؟ ويسألون عن انتفاضة الناس وغضبها بعدما وجدت نفسها في العراء، لا وظيفة ولا معيشة ولا مأكل ولا ملبس ولا من يطمئنها على حاضرها ومستقبلها». وختمت: «يخطئ من يظنّ انّ الناس اليوم تقف مع فلان ضد علتان، لأنّ الناس تبحث عن لقمة لأولادها، وعن فرصة عمل تحفظ بها كرامتها وكرامة عائلتها، وعمّن يقف إلى جانبها تَجنباً للجوع والعوز، وبالتالي الناس تريد أفعالاً لا هجومات ومواجهات وانقسامات، الناس تقف مع من يعمل على إنقاذها من هذا الوضع السيئ.
كرامي
من جهة ثانية، قال النائب فيصل كرامي لـ«الجمهورية» انّ «هناك بصيص امل في إمكان ان يحصل لبنان على جرعات اوكسيجين ليستمر في التنفس، لكنّ التفاؤل يبقى حذراً الى حين ان تؤكده الوقائع الحسية».
واشار كرامي الى انّ الأمل الذي تكلم عنه بعد زيارته الرئيس نبيه بري «ليس وليد التمنيات فقط، بل يستند أيضاً الى بعض التقاطعات الايجابية التي ستكون موضع اختبار في الأيام المقبلة، خصوصاً لجهة احتمال الحصول على دعم عراقي وكويتي في مجال النفط وميادين أخرى».
واشار كرامي الى «انّ التعديل النسبي في حدّة الموقف الأميركي معطوفاً على بعض الإشارات العربية يوحي بأنّ الضغط على لبنان لن يصل إلى حد كسره، على أن تُبين التطورات ما اذا كانت هذه المعادلة صحيحة ام لا».
زيارة لودريان
وفي هذه الاجواء تبلّغ لبنان تأخير موعد زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان إيڤ لودريان لبيروت، التي كانت منتظرة بعد غد الجمعة، الى الاسبوع المقبل، وذلك بعدما توسّعت جولته في المنطقة لتشمل الكويت غداً وبعد غد، لِيَليها العراق ومن ثم لبنان.
لبنان على جدول أعمال فرنسي
وفي معلومات لـ«الجمهورية» انّ لودريان، الذي وَسّع نطاق زيارته، وضع الملف اللبناني في رأس برنامج لقاءاته بالإضافة الى الوضع في منطقة الشرق الاوسط، وهو ملف يجمع في طيّاته، الى القضايا السياسية، المواضيع المتصلة بمساعدة لبنان على الخروج من ازمته الاقتصادية التي تهدد مصيره وربما أمنه الاجتماعي.
دولار متقلّب
مالياً، بدأ دولار السوق السوداء مرحلة جديدة من التقلبات التي تكاد تكون اسوأ من الارتفاع. وهكذا صار مألوفاً ان يفتح الدولار على سعر ويُنهي النهار على سعر مختلف صعوداً أو هبوطاً بنسَب تصل احياناً الى 30 في المئة، وهي نسبة مرتفعة تؤدي الى اختلالات. وأمس، فتح دولار السوق السوداء على حوالى 9200 ليرة، ومن ثم تقلّب مرات عدة خلال النهار، ليغلق على 7500- 8000 ليرة.
وفي السياق، يقول مصدر مالي انّ هذا النوع من التقلبات يؤدي الى اضطرابات في الاسواق. ولا يستبعد ان تكون احياناً مفتعلة وتقف وراءها مافيات منظمة تتحكّم بتحريك السعر لتحقيق ارباح كبيرة، في حين يتعرض المواطنون الى خسائر اضافية.
ويلفت المصدر نفسه الى انّ السوق السوداء صغيرة الحجم نسبياً، وبمجرد وجود مجموعة تملك كمية من الدولارات، تستطيع ان تؤثر على السوق، وان تتلاعب وتضارب لجني الارباح.
الفيول
وعلى صعيد أزمة الفيول اكد وزير الطاقة ريمون غجر لـ«الجمهورية» انّ الباخرة التي ستزوّد معمل الذوق العتيق والجية العتيق بالفيول ستصل مساء اليوم، وفي منتصف الاسبوع المقبل تصل باخرة «الغاز اويل»، وهو الاستهلاك الأكبر، ما سيؤدي الى رفع انتاج المعامل بقدرة 1000 ميغاوات اي زيادة التغذية بنسبة 10 ساعات. واوضح غجر انّ الكويت تؤمن للبنان 25 % من احتياجاته للغاز اويل، وقد تلقى اصداء ايجابية منها بأنها يمكن ان ترفع هذه الكمية. واضاف: «الناس يجب ان تعرف انّ الباخرة عندما تصل تحتاج الى 24 ساعة لإخراج حمولتها كما تحتاج الى يومين للانتقال من معمل الى آخر، أي 4 ايام لتنهي تفريغ حمولتها، عَدا عن الـ 48 ساعة انتظار لنتائج الفحوصات من دبي».
وعن المازوت كشف غجر «انّ لبنان اشترى 3 بواخر من الـ SPOT والـ»كول اوبشن»، وهذا الاسبوع ستصل باخرة ومطلع الاسبوع المقبل ستصل الاخرى، واواخر الاسبوع المقبل ستصل الباخرة الثالثة، أي نحن في انتظار ان نتسلّم 90 الف طن من المازوت». لكنه سأل: «هل ستتبخّر هذه الكمية كما حصل في السابق كون الطلب على المازوت يزداد وهو إمّا يذهب تهريباً أو للتخزين؟».
كورونا
على صعيد وباء كورونا تراجع أمس عدّاد الإصابات اليومية بهذا الوباء إلى 32 إصابة، 26 منها لمقيمين، مقابل 6 من الوافدين، بحسب ما ورد في التقرير اليومي لوزارة الصحة. ما رفع العدد التراكمي للإصابات إلى 1767.
المستشفيات والدواء
وقال وزير الصحة لـ«الجمهورية»: «وجهت كتاباً الى وزارة المال بدفع سلفة 3 اشهر عن عام 2020 للمستشفيات الخاصة، ومجلس النواب اتخذ قراراً بدفع 450 مليار ليرة لتجاوز الاسقف العالية. وهذا الامر يحتاج الى ترتيب، وأتمنى على المستشفيات الخاصة التعاون معنا وعدم تهديد المواطن بالتوقيف وعدم الاستمرار».
ورأى حسن «انّ ازمة الدواء مفتعلة ولا مشكلة في استيراد الدواء، انما ما نعاني منه هو عملية التهريب عبر المطار والموانئ لأنه مع فارق سعر الدولار اصبح الدواء في لبنان هو الأرخص، وهناك شركات تعاود تصديره تهريباً الى الخارج، وعلينا اتخاذ اجراءات لوقف هذا التهريب والتفلت».
وعن الموجة الثانية من كورونا أكد حسن «انها متوقعة في فصلي الخريف والشتاء»، ولكنه اكد «انّ لبنان تأهّل واصبح لديه ما يَقيه شر الموجة الثانية اذا بقي التعاطي بمسؤولية، لأنّ اي استهتار او استخفاف سيؤدي الى نتائج غير متوقعة».
الجمهورية